"تستوقفني أسماء الشوارع في رام الله والبيرة، وأتساءل كيف يتم اختيار هذه الأسماء؟ هل توجد معايير لذلك؟ ألا توجد وقائع وأحداث تاريخية في هذه الشوارع لتسمى باسمها؟ لماذا تحمل أكثرها أسماء أشخاص (والقليل منها يحمل أسماء مدن)؟ هل يرضى أصحاب هذه الأسماء أن تطلق أسماؤهم على مثل هذه الشوارع؟".
بهذه الأسطر بدأت الحكواتية هيام محمود منشوراً على صفحتها في موقع "فيسبوك"، تتساءل فيه عن آلية تسمية الشوارع في مدينة رام الله، وعن العلاقة بين الأسماء والشوارع ذاتها، طارحة تساؤلاً يتعلق بالأفكار التي دعا إليها أصحاب هذه الأسماء، والمكان الذي خلدت فيه بلدية رام الله ذكراها.
إذا ما سرت في شوارع مدينة رام الله فستجد أن معظم الشوارع والميادين تحمل أسماء شخصيات فلسطينية مثل السياسي حيدر عبد الشافي، أو الأديب خليل السكاكيني، وأخرى عربية وعالمية مثل رئيس جنوب أفريقيا السابق نيلسون مانديلا، أو عواصم عربية أو عالمية مثل دمشق وبرلين، وبعض هذه اللافتات تحمل تعريفاً عن سبب اختيار هذه الشخصية عبر كتابة نبذة عن حياتها وأبرز إنجازاتها وما إذا كان لها دور على الصعيد الفلسطيني، وفي بعض الأحيان تكون تسمية الشوارع مرتبطة بمكان ذي علاقة بهذا الشخص، فعلى سبيل المثال يتوسط ميدان نيلسون مانديلا في حي الطيرة تمثال ضخم لمانديلا، وفي شارع خليل السكاكيني في حي الماصيون يقع مركز خليل السكاكيني الثقافي.
كل الأسماء
تسمية الشوارع بهذه الأسماء جاءت ضمن مشروع أطلقته بلدية رام الله في فلسطين قبل أكثر من 10 سنوات لإعطاء اسم لكل شارع وميدان، ورقم لكل منزل، وربطها بالرموز البريدية من أجل تسهيل عملية المراسلات والطلبات الإلكترونية وغيرها من المعاملات التي تحتاج عنواناً واضحاً، ومن ثم أصبحت كل هذه العناوين رقمية بحيث يستطيع أي شخص الدخول إلى الخرائط الإلكترونية للبلدية واستخراج عنوان منزله بدقة كبيرة.
تنبع أهمية هذا المشروع من صعوبة تحديد العناوين بدقة في فلسطين، فليس لكل المنازل أرقام مسجلة يمكن الاستناد إليها عند وضع العنوان، بخاصة مع التطور التكنولوجي وازدياد التجارة الإلكترونية، وخدمات التوصيل وغيرها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
تقول مسؤولة وحدة الإعلام في بلدية رام الله مرام طوطح، إن عملية اختيار أسماء الشوارع والميادين لم تكن عشوائية، إذ تم تشكيل لجنة التسمية والترقيم التي تضم أساتذة جامعيين وأدباء وموظفين في البلدية، ووضع مجموعة من المعايير لاعتمادها، وأبرزها الأبعاد الوطنية والتاريخية والثقافية، ودعم القضية الفلسطينية عالمياً أو النشاط المحلي والأعمال الخيرية في المدينة بهدف تخليد هذه الأسماء، وتثقيف المارة بمعلومات عن هؤلاء الأشخاص أو المناطق عبر وضع تفاصيل عنهم سواء في لافتة تحت اسم الشارع أو كتابتها على حجر قرب الميدان.
روزا لوكسمبورغ الثرية
تتباين الآراء في ما يتعلق بتسمية هذه الشوارع ومدى أهمية هذا الأمر ودوره في زيادة معرفة الناس بأشخاص أو ربما أحداث في مناطق أخرى في العالم ترتبط بفلسطين، فبالنسبة إلى الكاتب أحمد جابر، فإن وجود هذه اللافتات يتيح للناس زيادة المعرفة بأسماء تاريخية وفنية وثقافية، بخاصة أنها ليست كلها معروفة للجميع، ويضيف أن مشروع التسمية أعطى للمدينة طابعاً خاصاً بحيث تستطيع من الأسماء معرفة ما إذا كان هذا الشارع في رام الله أم لا، كما أن التسمية تساعد على حفظ معالم المدينة بشكل أكبر.
لكن بالنسبة إلى آخرين، وعلى الرغم من أهمية هذا الأمر، فإن التسمية عشوائية ولم تتبع منهجية محددة وواضحة، أو ربما فضلوا التركيز على الأسماء الفلسطينية بشكل أكبر، وانتقاء أماكن التسمية بطريقة أكثر دقة، إذ تتساءل الحكواتية هيام محمود عن ما إذا كانت روزا لوكسمبورغ على سبيل المثال، ستحب وجود اسمها في حي راق بالمدينة، أو إذا ما كان الجاحظ في ظل تراجع التعليم سيفضل أن يكون شارعه بالقرب من شارعي المستقبل والجامعة.