Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إيلون ماسك يمكنه مساعدة أوكرانيا لكن ليس على هذا النحو

التدخل الفظ الذي ارتآه ليس أفضل من موقف أثرياء متنفذين كثر قبله تخبطوا في حماقاتهم

يمكن لماسك أن يصنع بعض الأسلحة المتطورة بهدف التبرع بها للمجهود الحربي الأوكراني  (غيتي)

ثمة تاريخ طويل ومخز من رجال الأعمال الكبار (يكونون عادة رجالاً) الذين يحشرون أنوفهم في شؤون السياسة. هنري فورد، مثلاً، لم يكن فقط مناهضاً شرساً للاتحاد العمالي، بل كان مؤيداً وداعماً لأدولف هتلر. كان هوارد هيوز بدوره أقل تطلباً - فقد مول الجمهوريين كما الديمقراطيين، وللغرض نفسه، طمعاً في القوة والنفوذ.

كثيراً ما سعى مصرفيون وأصحاب شركات تطوير عقاري، وبطبيعة الحال مالكو صحف، إلى الإعلان عن آرائهم بشكل مؤثر في الشعب و"استمالة" السياسيين لفهم وجهة نظرهم. يسعني ربما أن أذكر أيضاً دونالد ترمب، الذي في الأقل شارك في العملية الانتخابية.

إن تدخل إيلون ماسك الفظ في أوكرانيا، لا يختلف عن تدخلات أثرياء متنفذين سابقين كثر كانوا قبله وتخبطوا في حماقاتهم، وليس أفضل منها أيضاً. لعله حسن النية، ولكن هذا لا يهم. في ما يتعلق بالشكل الأنسب الذي ربما تكون عليه تسوية تبرم بين أوكرانيا وروسيا، لا يفقه ماسك شيئاً شأنه شأن أتعس مواطن في البلاد.

الثروة الطائلة، كما ينبغي أن يبدو جلياً الآن، لا تهب الحكمة لأي إنسان. اللجوء إلى استفتاء على "تويتر"، يعتبر على الأرجح الطريقة الأقل رشداً، أياً كانت مزاياها، لتحديد السياسة الخارجية للولايات المتحدة (وليست كافية بالنسبة إلى ماسك للمضي قدماً في خطته من أجل شراء المنصة). ومن المخزي أن نتعامل مع مأساة أوكرانيا كما لو أنها مسابقة ما على "تويتر". في الواقع، على حد قول الروسي غاري كاسباروف، الأستاذ الكبير والبطل في الشطرنج: "هذه بلاهة أخلاقية، إنها تكرار لبروباغندا الكرملين، وخيانة لشجاعة الأوكرانيين وتضحيتهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إنها كذلك لا ريب. سبق أن تعرض ملايين الأشخاص للقتل، والاغتصاب، والتشويه، والتعذيب، والنفي قسراً، والخطف، والتشرد، وقاسوا خسارة أقرب الناس إليهم والأعز إلى قلوبهم، ويليهم ملايين آخرون. عوض الاستخفاف بالحرب، التي تهدد الآن بالتصعيد النووي حتى، ربما يكون من الأفضل أن يستغل ماسك ملياراته لتقديم يد العون للاجئين، والمساعدة في إعادة بناء أوكرانيا عندما يفوز البلد أخيراً بالحرب ويحرر نفسه من الهجوم الروسي.

يمكن لماسك -كونه الصناعي الحديث العظيم- أن يصنع بعض الأسلحة المتطورة بغية التبرع بها للمجهود الحربي الأوكراني. إنه يستحق الثناء فعلاً على دعمه أوكرانيا بشبكة الأقمار الاصطناعية "ستارلينك"، بكلفة تصل إلى نحو 80 مليون دولار. إذا فعل بعضاً من ذلك، في المستطاع حينها صد الروس وضمان السلام الطويل الأمد لأوروبا برمتها.

أسوة بالحمقى المفيدين الذين ساعدوا القادة الروس في الماضي، يبدو ماسك ساذجاً إلى حد مفرط في شأن الطبيعة الماكرة والقاسية التي تتسم بها القيادة الحالية في الكرملين. في عالم مثالي، من منظوره، لن يكتفي بوتين حتى يعود إلى مكتبه القديم في مكتب جهاز الاستخبارات السوفياتي "كي جي بي" في شرق برلين. عليه، فإن الاسترضاء، وهو كل ما يقدمه ماسك، لن يجدي نفعاً.

ما لا يدركه ماسك كما يبدو أن السلام المشرف المقترن بالعدالة لن يتحقق إلا بعد هزيمة الروس وطردهم. كذلك في مقدور ماسك أن يصوغ بعض الخطط القائمة على التكنولوجيا الفائقة كي يجعل من أوكرانيا الجديدة الدولة الأكثر تقدماً وازدهاراً وأماناً على وجه المعمورة. يستطيع أن يتخذ هذه البلاد أرضاً لصناعة سيارات "تسلا" وروبوتاته الجديدة. في متناوله القيام بأي خطوة فعلية، بل أكثر فائدة من استطلاع رأي على "تويتر" حول خطة سلام غير ناضجة.

لا عجب إذاً في أن السفير الأوكراني في ألمانيا قد نعت ماسك بأكثر الكلمات خشونة، فيما رفض الرئيس زيلينسكي خطة ماسك للسلام، أياً كانت. واقترح زيلينسكي خياراً مختلفاً بالنسبة إلى إيلون ماسك [حسم قراره بين]: "واحد يدعم أوكرانيا" أو "واحد يدعم روسيا". إنه الخيار الذي لا يرغب ماسك في مواجهته، بيد أنه كل ما تتمحور حوله حرب بوتين. هيا، إيلون – فلنظفر بالانتصار في هذه الحرب!

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 4 أكتوبر 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء