Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يقلق الاقتصاديون من سياسة "الفيدرالي الأميركي" لمحاصرة التضخم؟

ركود عميق قد يكون على الأبواب بينما تحاصر زيادات أسعار الفائدة البنوك المركزية

المخاوف تحيط بسياسات "الفيدرالي الأميركي" تجاه التضخم  (رويترز)

يخشى بعض الاقتصاديين من أن الاحتياطي الفيدرالي بعد أن انتظر طويلاً لسحب دعمه لاقتصاد مزدهر العام الماضي يخاطر بخطأ فادح آخر، من خلال رفع أسعار الفائدة أكثر من اللازم لمكافحة التضخم المرتفع. 

وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة بمقدار 0.75 نقطة مئوية في كل اجتماع من اجتماعاته الثلاثة الماضية، مما رفع سعر الفائدة القياسي على الأموال الفيدرالية إلى نطاق يتراوح بين ثلاثة و3.25 في المئة الشهر الماضي، وهي أسرع وتيرة للزيادات منذ الثمانينيات. وأشار المسؤولون إلى أنهم يمكن أن يحققوا زيادة رابعة بمقدار 0.75 نقطة خلال اجتماعهم في الأول والثاني من نوفمبر (تشرين الثاني) ورفع المعدل فوق 4.5 في المئة خلال وقت مبكر من العام المقبل. 

وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن "البنك المركزي لا يحاول التسبب في ركود، لكنه لا يمكن أن يفشل في جهوده لخفض التضخم". مضيفاً "أتمنى لو كانت هناك طريقة غير مؤلمة للقيام بذلك".

ومع ذلك يشعر عديد من المحللين بالقلق من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي في طريقه إلى رفع أسعار الفائدة أعلى من المطلوب، مما قد يؤدي إلى انكماش أعمق من اللازم. 

وقال الخبير الاقتصادي بجامعة هارفرد جريج مانكيو، الذي كان مستشاراً للرئيس جورج دبليو بوش لـ"ـوول ستريت جورنال"، "لقد قاموا بقدر هائل من التشديد". وأضاف "الركود مؤلم لكثير من الناس. أعتقد أن باول محق في أن بعض الألم ربما لا مفر منه، لكنك لا تريد أن تسبب أكثر مما هو ضروري". 

وحتى يونيو (حزيران) لم يرفع المسؤولون أسعار الفائدة بمقدار 0.75 نقطة أو 75 نقطة أساس منذ عام 1994. وبدلاً من ذلك كانوا يفضلون عادة إجراء زيادات أصغر بمقدار ربع نقطة تمنحهم مزيداً من الوقت لمعرفة آثارها الاقتصادية. 

وقال مانكيو "أود أن أخفف قدمك ببطء عن الفرامل... هذا يعني على الأرجح بالنسبة إلى اجتماع معين، إذا كانوا يناقشون 50 أو 75 نقطة، فاذهب مع 50 نقطة بدلاً من 75". 

من جانبه يوافق نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي السابق دونالد كون على أن الوقت قد حان لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي لإبطاء زيادات أسعار الفائدة، "إنهم بحاجة إلى تغيير السرعة قريباً. إنهم بحاجة إلى خفض السرعة بطريقة أو بأخرى من دون التراجع". 

وكان قد ترك مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بالقرب من الصفر العام الماضي حين ركزوا على تحفيز انتعاش قوي في سوق العمل. وأدت الحرب في أوكرانيا هذا الربيع إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وغذت المخاوف من أن التضخم قد يصبح جزءاً لا يتجزأ من عقود الأجور والأسعار. 

وقال بريان ساك، الذي أدار مكتب الأسواق في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك من 2009 إلى 2012، وهو الآن مدير الاقتصاد في هيديج "كان التحرك في هذه الخطوات المكونة من 75 نقطة أساساً فعالاً عندما كان أمام الاحتياطي الفيدرالي طريق طويل ليقطعه". 

التضخم والاضطرابات العالمية 

يقول بعض منتقدي بنك الاحتياطي الفيدرالي إن "الارتفاع الحالي في التضخم نتيجة الاضطرابات العالمية وليست سوق العمل الأميركية المحمومة"، في إشارة إلى علامات على أن الأسعار بدأت في الانخفاض لمجموعة من السلع والخدمات، بما في ذلك السلع وشحن البضائع والسكن. 

فيما أسهمت تكاليف الإسكان بشكل خاص في التضخم خلال الأشهر الأخيرة وسط زيادات كبيرة خلال العام الماضي في إيجارات السكن، لكن الطلب على المساكن ينخفض ​​بشكل حاد، إذ يقترب معدل الرهن العقاري لمدة 30 عاماً من سبعة في المئة وهو أعلى مستوى خلال 16 عاماً نتيجة مباشرة لزيادة سعر الفائدة الفيدرالية. وكانت أسعار المنازل بدأت في الانخفاض هذا الصيف بمزيد من الأسواق الأميركية، ويتوقع الاقتصاديون في "غولدمان ساكس" انخفاض الأسعار بين خمسة و10 في المئة على الصعيد الوطني بحلول نهاية العام المقبل، كما زاد التباطؤ في إيجار الشقق.

وتعرضت أسعار الأصول أيضاً لضربة مما أدى إلى تقليل الإنفاق والاستثمار، إذ استثمرت المحافظ محفظة 60 في المئة بالأسهم و40 في المئة بالسندات التي تراجعت بنحو 20 في المئة هذا العام. 

وقال مانكيو "سوق الإسكان لا تبدو جميلة، وسينتشر ذلك في النهاية إلى بقية الاقتصاد". وأشار إلى أن انخفاض أسعار الأصول سيحدث أيضاً في مرحلة ما. 

أخطار حدوث اضطرابات اقتصادية 

في وقت يتوخى مسؤولو "الاحتياطي الفيدرالي" الحذر في شأن توقع انخفاض التضخم لأنه تحدى باستمرار مثل هذه التوقعات خلال العام الماضي. وأشار البعض إلى أخطار حدوث اضطرابات اقتصادية إضافية، على سبيل المثال ارتفاع أسعار الطاقة هذا الشتاء إذا أوقفت روسيا مبيعات النفط. 

في وقت تغذي سوق العمل القوية بالولايات المتحدة مخاوف عديد من المسؤولين من خلال تسهيل قيام العمال بتبديل وظائفهم سعياً وراء رواتب أعلى مما يضع ضغوطاً تصاعدية على الأجور. وقد يكون هذا هو الحال بشكل خاص إذا استمر الإنفاق الاستهلاكي في التحول بعيداً من السلع نحو مزيد من الخدمات كثيفة العمالة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويرى إريك روزنغرين، الذي ترأس بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن من 2007 حتى العام الماضي، أن "مسار السياسة المتوقع للاحتياطي الفيدرالي مناسب على نطاق واسع". وقال "إذا كان هناك أي شيء أعتقد أن الأخطار تظهر أنه سيتعين عليهم رفع أسعار الفائدة أكثر قليلاً مما يقترحون". وتابع "الاقتصاد الأميركي حتى الآن يبدو أكثر مرونة مما كنت أتوقعه بالنظر إلى زيادات المعدل التي حدثت بالفعل". 

تقليدياً، وضع بنك الاحتياطي الفيدرالي السياسة على أساس توقعات التضخم، التي تتخلف عن التغيرات في الإنتاج، لكن كبير الاقتصاديين العالميين في سيتي غروب ناثان شيتس، قال إن المسؤولين يتفاعلون الآن أكثر مع أحدث بيانات التضخم "لأنهم لا يثقون تماماً في قدرتهم على التنبؤ بالتضخم". وقال إنه يشعر بالقلق من أن الاحتياطي الفيدرالي سيبالغ في رفع أسعار الفائدة لكنه يسلم بأن التضخم في قطاع الخدمات مقلق للغاية. 

ويتمثل أحد الأخطار في أن النشاط الاقتصادي يتباطأ بشكل حاد ولكنه يتحول إلى مقاييس التضخم مع تأخير أطول من المعتاد. فعلى سبيل المثال انخفضت أسعار البيع بالجملة للسيارات المستعملة خلال الأشهر الأخيرة، ولكن هذا لم يظهر على نطاق واسع في مؤشرات الأسعار حتى الآن، كما يتم احتساب أسعار المساكن والإيجارات السكنية بطريقة متأخرة بشكل خاص. 

وقال شيتس إن انتظار دليل على أن التضخم أخذ في الانخفاض قبل ارتفاع معدل التباطؤ يعني أن السياسة النقدية "يمكن أن تكون رهينة لشيء تعرفه بثقة عالية سينعكس في الأشهر المقبلة". 

وقال رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز الأسبوع الماضي إنه يتوقع انخفاض أسعار السلع الأساسية وتخفيف الاختناقات لرفع التضخم إلى ثلاثة في المئة بحلول نهاية العام المقبل، مما يتركه بعيداً من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ اثنين في المئة. 

وكان صانعو السياسة الحكومية ركزوا بشدة العام الماضي على تجنب الأخطاء التي اعتقدوا أنها حدثت بعد الانكماش الاقتصادي في 2008. وقال البعض إنه سيكون من الأسهل خفض التضخم الذي تجاوز هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ اثنين في المئة بدلاً من رفع التضخم من دون هذا المستوى. 

واليوم يقول المسؤولون إنهم على استعداد للخطأ في جانب رفع أسعار الفائدة كثيراً لأنهم لا يريدون تكرار أخطاء أوائل السبعينيات، عندما بدأ المستهلكون والشركات في توقع ارتفاع التضخم مما تسبب في استمرار ارتفاع الأسعار. ورفع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نهاية المطاف أسعار الفائدة إلى مستوى أعلى بما يكفي لإحداث ركود حاد أوائل الثمانينيات لخفض الأسعار وكسر تلك النفسية. 

وقال باول الشهر الماضي "هناك سجل من المحاولات الفاشلة للسيطرة على التضخم، الأمر الذي لا يؤدي إلا إلى رفع التكاليف النهائية للمجتمع من أجل السيطرة عليه". 

وقالت كبيرة الاقتصاديين في شركة المحاسبة العملاقة "كي بي أم جي" ديان سونك "إن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أمضوا وقتاً طويلاً في دراسة السبعينيات وسيتجنبون ارتكاب هذه الأخطاء، لكن ذلك يفتح الباب أمام مجموعة كاملة من الأخطاء الجديدة." 

وأضافت أنها ترى أخطاراً ذات مغزى من كل من التشديد المفرط والقليل للغاية. قائلة "إنها ليست قصة من جانب واحد تماماً، فهناك أيضاً أخطار من استجابة الأسواق المالية بشكل مفاجئ لمعدلات أعلى، أو من تباطؤ النشاط الذي يبني على نفسه ويصبح من الصعب السيطرة عليه". 

اقرأ المزيد