أنواع عدة للسياحة البيئية تزخر بها مصر وتتنوع بتنوع مناطقها، ومن ضمنها رحلات مراقبة الطيور (bird watching) الآخذة في الانتشار خلال الفترة الأخيرة التي أصبح لها مهتمون من المصريين، إضافة إلى الأجانب بطبيعة الحال.
يعتمد هذا النوع من السياحة على التوجه في مجموعات إلى المناطق التي تتركز فيها الطيور لرصدها وتأملها، ويمكن تنظيم هذه الرحلات طوال العام، لكنها تنشط في فترات هجرة الطيور، إذ تكون مصر محطة رئيسة لكثير من الأنواع القادمة من أوروبا في طريقها إلى أفريقيا.
قدرت "اللجنة المصرية لتسجيلات الطيور النادرة" في تقريرها الأخير عدد أنواع الطيور الموجودة في مصر بنحو 482 نوعاً، وهو التقرير الذي يتم تحديثه سنوياً بإضافة أي أنواع جديدة يجري رصدها عن طريق المراقبين سواء من المصريين أو الأجانب.
"أمم أمثالكم"
تعتبر مصر ثاني أهم مسار للطيور المهاجرة الحوامة في العالم، إذ تتوافد بأعداد كثيفة في فصل الخريف خلال رحلتها من أوروبا إلى المناطق الدافئة التي تستقر فيها أثناء فصل الشتاء.
ولا يقتصر هذا النوع من الرحلات على محبي تأمل الطيور ورصدها، إذ يمثل فرصة عظيمة لمصوري الحياة البرية الذين يتوجهون إلى مناطق وجود الطيور للحصول على صور مميزة لأنواع مختلفة منها خلال فترات بعينها من العام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
عن رحلات مراقبة الطيور، يقول أحمد وحيد مصور الحياة البرية وعضو "اللجنة المصرية لتسجيلات الطيور النادرة" إن "سياحة مراقبة الطيور موجودة وقائمة في مصر بالفعل، وهي من المناطق المتميزة في هذا المجال، ويأتي سياح من الخارج للقيام بهذه الرحلات في البلاد، وهناك أشخاص لديهم اهتمام وشغف كبير بهذا المجال ويحرصون على السفر إلى دول مختلفة لرصد أنواع متنوعة من الطيور".
ويضيف "هذا النوع من الرحلات لو تم الترويج له بشكل جيد يمكن أن يضاف إلى أنواع السياحة المختلفة التي تشتهر بها مصر، بخاصة أنه بدأ يكون معروفاً بين الناس حالياً بدرجة كبيرة عن فترات سابقة، وهناك أشخاص مهتمون به من المصريين أنفسهم إضافة إلى الأجانب، وبدأت تظهر مجموعات مهتمة بمراقبة الطيور وشركات منظمة لهذا النوع من الرحلات في مناطق مختلفة".
باتجاه الفصول
تختلف أنواع الطيور باختلاف فصول السنة، وعن ذلك يشير وحيد إلى أن "موسم الخريف يشهد كثافة في الطيور المهاجرة القادمة من أوروبا وآسيا باتجاه أفريقيا، إذ تكون مصر واحدة من محطاتها التي تمر بها في طريقها، ويشهد موسم الربيع عودة أنواع الطيور نفسها إلى مواطنها، أما فصل الشتاء فتوجد فيه الطيور المتوطنة في مصر إضافة إلى بعض أنواع المهاجرة، في حين يشهد موسم الصيف وجود بعض أنواع الطيور التي تأتي للتكاثر، كما تختلف الطيور أيضاً بحسب البيئة التي يمكنها الوجود فيها، فهناك طيور تعيش في الصحراء، وأخرى على الشواطئ، وأنواع تعيش في المناطق الزراعية مثل دلتا النيل".
وبالنسبة إلى الوجهة الأفضل بحسب فترات العام، يضيف "في موسم الخريف تكون أفضل الوجهات مناطق سيناء وشرم الشيخ، وفي الشتاء تفضل المناطق المطلة على النيل والجزر النيلية وأماكن مثل القناطر الخيرية ومحافظة الفيوم، أما فصل الصيف فأفضل الوجهات خلاله هي أقصى جنوب مصر وتحديداً المنطقة بين السد العالي وخزان أسوان، والوجهات الأمثل في فصل الربيع هي مناطق الغردقة والعين السخنة والسويس".
ولع الحياة البرية
ضمن المهتمين بمثل هذا النوع من الرحلات مصورو الحياة البرية الذين تعد فترات وجود الطيور المهاجرة في مصر فرصة ذهبية لهم للحصول على صور مميزة لها، لكن هذه الرحلات تتطلب استعدادات خاصة للحصول على أفضل صورة ممكنة.
يشير وحيد إلى أنه "للحصول على أفضل صورة فإن الأمر لا يقتصر فقط على التصوير، بل يجب أن تكون هناك خطوات سابقة مثل التعرف على الطائر وجمع معلومات عنه من حيث شكله وسلوكه وطبيعة حياته للوصول إلى صورة مثالية، كما أن الأمر يحتاج إلى الصبر وانتظار اللحظة المناسبة والقيام ببعض رحلات مراقبة الطيور بغرض تصوير الحياة البرية وبخاصة في المناطق الصحراوية، فالأمر ليس سهلاً ويشوبه بعض العناء، لكن متعة المصور تكون في الرحلة بالأساس، وقد تتوج في النهاية بالحصول على الصورة التي يتمناها".
ويضيف "من أجمل الطيور التي قمت بتصويرها العقاب النساري ويعيش في جزر البحر الأحمر، ومن الطيور المهاجرة اللقلق الأبيض الذي يوجد بكثافة في مصر خلال وقت هجرته وتقدر أعداده في مصر بنحو 600 ألف طائر خلال موسم الربيع، إضافة إلى ذلك حرصت أكثر من مرة على تصوير الطيور مع القمر، وهي من أكثر اللقطات التي أفضلها".
نحو وعي بيئي
كثير من الناس يرى أن مثل هذا النوع من الرحلات التي يتفاعل فيها الناس مع الحياة البرية قد لا يكون في صالح الأخيرة نتيجة سلوكيات سيئة يقوم بها بعضهم وقد يكون لها مردود سلبي على البيئة والكائنات الحية، وهنا يقول وحيد "بالطبع هذا النوع من الرحلات يحتاج إلى درجة كبيرة من الوعي البيئي، فهو ذو طبيعة خاصة ويتطلب إجراءات معينة تضمن سلامة البيئة والحياة البرية فيها، والقائمون على تنظيم مثل هذا النوع من الرحلات التي لها طابع بيئي ومن بينها مراقبة الطيور يكونون غالباً على وعي كبير بهذا الأمر، ومن ثم ينقلونه إلى المشاركين من خلال تعريفهم بطبيعة المكان وأنواع الطيور وسلوكياتها، وما ينبغي أن يفعلوه أو يمتنعوا عنه خلال الرحلة حتى لا يتسببوا في أي أضرار للبيئة والحياة البرية في المنطقة التي يتوجهون إليها".