في وقت باتت فيه التغيرات المناخية تؤثر مباشرة في التفاصيل اليومية الدقيقة في الحياة، وبسببها يغير المزارعون خططهم، ويلغي المسافرون رحلاتهم، وحتى من يكتفي بالجلوس في منزله يجد نفسه فجأة وقد بات بحاجة إلى أجهزة مساعدة في التعايش، وأبسطها المكيفات الهوائية صيفاً ووسائل التدفئة شتاء، فلم تعد تلك الأجهزة ثانوية أبداً في ظل الانقلابات التي حدثت في مناخ العالم.
ولم يكن الفن منفصلاً يوماً عن مثل تلك القضايا، بخاصة في وقت بات يشكل التغير المناخي مسألة حيوية مهددة لسلامة الكوكب وقبلها سلامة سكانه.
وقد أخذ بعض المشاهير على عاتقهم أن ينذروا أنفسهم للتوعية بقضايا البيئة، بل إن بعضهم كان سباقاً للغاية، حتى قبل أن تتحول تلك القضايا إلى مشروع عالمي تتبناه أغلب الدول، وبالطبع فإننا نتحدث هنا عن نجوم العالم، فمشاركات المشاهير العرب في هذا المضمار تبدو ضئيلة للغاية.
اهتمام بالصدفة
المساهمات العربية في هذا الشأن جاء أغلبها بالمصادفة، ولم تكن ضمن مشروع طويل الأمد يتبناه الفنان في جميع أنشطته وينادي به مثلما يحدث عادة من مشاهير الفن في العالم، إذ تحدث المطرب العراقي كاظم الساهر بشكل عارض عن أزمة الاحتباس الحراري الذي أسهم في كوارث بيئية جمة خلال لقاء تلفزيوني ظهر فيه قبل أسابيع، ملقياً باللوم على البشر في تدمير الطبيعة، وفي هذه المستويات القياسية من التلوث، حتى إنه تطرق أيضاً إلى مشكلة إهدار المياه، لكن كان لافتاً أن المذيعة منى الشاذلي التي أدارت معه الحوار لم تعر كلامه كثيراً من الانتباه على رغم قيمته وعلى رغم ندرة تطرق مشاهير العرب بشكل عام في البرامج الترفيهية لمثل تلك المشكلات الجادة والمهمة التي تؤثر بشكل مباشر في سلامة وحياة الناس، إذ انتقلت المذيعة إلى موضوع مختلف وغيرت مسار الحوار سريعاً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما كان للفنانة هند صبري بعض المساهمات في هذا الصدد من خلال المشاركة في ندوات تهدف إلى رفع الوعي بأهمية البعد البيئي وضرورة الاعتماد على وسائل لتحقيق الاستدامة في شتى المجالات، وتقليل إهدار الموارد قدر الإمكان.
وأبدى الفنان أحمد حلمي سعادته بالمشاركة في "قافلة الشباب والمناخ" التي تنظمها وزارة الشباب والرياضة بمصر بمناسبة اقتراب انعقاد مؤتمر التغير المناخي (كوب 27) في مدينة شرم الشيخ المصرية، إذ حرص على الترويج للمبادرة التي تهدف إلى جعل الشباب أكثر وعياً بمحيطهم البيئي، ومحاولة إيجاد حلول للأخطار المناخية التي تهدد جميع المناطق، وكتب حلمي تعليقاً على هذا الحدث يقول "تغير المناخ بقى تحد مهم لازم نواجهه كلنا بكل جدية علشان نتجاوز مخاطره، مش علشانا بس علشان أطفالنا وكل كائن حي ليه الحق إنه يعيش ويتنفس في مناخ صحي لازم نحافظ عليه، ولازم يكون للأطفال والشباب دور مؤثر وصوت مسموع في القضية".
جاءت مساهمة حلمي باعتباره سفيراً للـ"يونيسف"، وشاركه تلك الاهتمامات نجوم آخرون أيضاً بينهم شيرين رضا، لكن الأمر في كل مرة يبدو موسمياً، فالمتابع بشكل عام لتلك المشاركات سيجد أنها مجرد مرور وليست توجهاً مخلصاً ومستمراً على الأقل في ما يظهر من الأنشطة العامة التي يشارك بها المشاهير، وعلى رغم أن أية مساهمة مهما كانت ضئيلة أفضل من عدمها، لكن في قضية مثل تلك يبدو الإلحاح أمراً محموداً للغاية بل هو ضرورة بخاصة من قبل الفئات التي تقع عليها مسؤولية مجتمعية.
وفي ظل تلك التأثيرات الكبرى التي تحدث بسبب سوء التعامل مع المحيط البيئي، لن يصنع التدوين عن المناخ "تريندات" جاذبة ورائجة، وعباراته ستبدو في نظر بعضهم مملة للغاية، لكن من قال إن الترفيه يخاصم الوعي؟
منازل صديقة للبيئة
من يلقي نظرة بسيطة على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الرسمية للممثل العالمي ليوناردو دي كابريو سيشعر للوهلة الأولى أن تلك المنصة تخص ناشطاً بيئياً فقط، وليس فناناً بارزاً ذائع الصيت، إذ يخلو "إنستغرام" دي كابريو تقريباً من أي تدوينات ترويجية لأعماله، وكل ما يحرص على وضعه على صفحاته يتعلق بتحركاته لإنقاذ الحياة البرية، ومشاركاته في المؤتمرات المتعلقة بأخطار التغيرات المناخية والاحتباس الحراري، بل إن لديه مؤسسة خيرية معنية بهذا الأمر، إضافة إلى عضويته في أكثر من منظمة للدفاع عن التنوع الأحيائي، وأخرى داعية إلى استخدام الطاقات المتجددة الصديقة للبيئة.
واللافت أن منزل دي كابريو في لوس أنجليس صديق كذلك للبيئة، كما شارك دي كابريو العام الماضي في مؤتمر التغير المناخي (كوب 26)، والتقى خلال فعالياته بتشارلز الثالث ملك إنجلترا الذي كان لا يزال أميراً حينذاك والمعروف أيضاً باهتمامه الكبير بتلك القضايا، وكان الممثل أصدر قبلها أيضاً بياناً مشتركاً مع الأمير هاري يدعو فيه إلى تعليق التنقيب عن النفط والغاز في حوض نهر أوكافانغو في أفريقيا الذي يعتمد عليه السكان للبقاء على قيد الحياة، ولا أحد ينسى أن النجم الشهير حينما حصل على جائزة "أوسكار" أفضل ممثل عام 2016 التي انتظرها طويلاً، استغل الفرصة وأشار في كلمته حينها إلى خطورة الاحتباس الحراري الذي يواجه الكوكب.
ذلك الموقف يذكر بخطاب خواكين فينيكس قبل عامين ونصف العام تقريباً حينما حصل على "أوسكار" أفضل ممثل أيضاً عن دوره في "الجوكر"، إذ ألقى خطاباً ملهماً عن موارد البيئة وحقوق الحيوان، ومما قاله "أعتقد أننا بحاجة إلى التضحية من أجل البيئة وجميع الكائنات الحية".
ويشارك فينكيس دوماً في تظاهرات ومبادرات تخدم تلك الأهداف، كما يحرص مشاهير العالم على التركيز على تلك القضية في جميع المحافل التي يظهرون بها، ويعتبرون تلك التصرفات بمثابة واجب يقع على عاتقهم، واهتمامهم بالأمر لا يأتي فقط حينما تتم دعوتهم إلى إلقاء كلمة في مبادرة ما أو نشاط ترويجي معين، بالتالي فتأثيرهم في هذا المجال يكون ملموساً.
تبرعات سخية
كذلك انخرطت رايتشل مكآدامز في نشاطات التوعية بضرورة حماية البيئة واتباع نظام حياة يحمي الموارد، وهي تحاول استخدام دراجتها الهوائية قدر الإمكان بدلاً من استعمال المركبات التي تعمل بالوقود، كما أسست حركة تساعد الجمهور في إيجاد طرق للعيش بأسلوب صديق للبيئة، وشاركت في مبادرات توعوية عدة بهذا الصدد، كما أنها تستغل فرص الظهور الإعلامي لمحاولة حث الناس على اختيار وسائل معيشية أفضل تسهم في حماية محيطهم الطبيعي.
وبجانب اهتمامها بكثير من القضايا الإنسانية ووجودها الدائم في مناطق الصراع لدعم المتضررين وأسر الضحايا، لا توفر أنجلينا جولي جهدها أيضاً للتوعية بأهمية الحفاظ على الموارد البيئية لمحاولة إنقاذ كوكب الأرض من التدمير، إذ تبدو منصاتها عبر "السوشيال ميديا" أيضاً بمثابة مبادرة طويلة الأمد تتعلق بالقضايا العامة، وبينها نداءاتها المتكررة للحفاظ على الحياة البرية المهددة بالانقراض، وشاركت في مبادرة لحماية النباتات والحيوانات في غابات كمبوديا، كما ظهرت جولي العام الماضي وقد غطت جسدها بالنحل في إطار تعاونها مع مؤسسة "ناشيونال جيوغرافيك" للتوعية بأهمية الحفاظ على النحل ودعم رائدات تربيته حول العالم، وهو الأمر الذي جاء في إطار برنامج تدعمه منظمة الأمم المتحدة.
كذلك يهتم طليقها النجم براد بيت بالحفاظ على الموارد البيئية ويدعو إلى محاولة التقليل من استخدام الطاقات الملوثة، إذ تبرع بـ55 مليون دولار من أجل بناء 150 منزلاً في نيوأورلينز بالولايات المتحدة الأميركية، وهي المنطقة التي تتعرض دوماً لأعاصير وظروف طبيعية قاسية، وأيضاً حول أورلاندو بلوم بيته في لندن إلى منزل صديق للبيئة، تأثراً بتداعيات ظاهرة الاحتباس الحراري، كما أصبح عضواً في أكثر من مؤسسة تكرس جهودها لمحاولات الحد من أخطار التغير المناخي، وبشكل عام حرص عدد كبير من مشاهير هوليوود على الانتقال إلى منازل صديقة للبيئة، وبينهم أيضاً جوني ديب وجوليا روبرتس وجيسيكا إلبا، إذ تعمل المنازل بالطاقة الشمسية ويتضمن تأسيسها مواد معاد تدويرها.