حذرت مجموعات حقوقية من أن الأنظمة الصحية في سوريا ولبنان قد ترزح تحت ضغط تفشي الكوليرا، بعد أن أعلنت الأمم المتحدة أنها رصدت أكثر من 13 ألف حالة مشتبه فيها خلال الأسابيع الأخيرة.
ويعتبر هذا التفشي الأول خلال ما يزيد على عشر سنوات.
وانتشرت مخاوف من أن ملايين الأشخاص في المنطقة أصبحوا اليوم معرضين لخطر الإصابة بالمرض الذي ينتشر من خلال تناول طعام ملوث وشرب مياه ملوثة ويمكنه أن يؤدي إلى الوفاة إذا لم يعالج.
وحاضراً، رصدت الكوليرا في 13 محافظة سورية من أصل 14 فيما سجلت منظمة الصحة العالمية آلاف الحالات المشتبه فيها.
وخلال الأسابيع القليلة الماضية، انتشرت الكوليرا عبر الحدود اللبنانية المجاورة حيث أكدت وزارة الصحة العامة في بيروت وجود 14 إصابة، مشيرة إلى أنها تحقق في عشرات الحالات الأخرى المشتبه فيها.
وحذرت المجموعات الإنسانية من احتمال انتشار المرض في منطقة الشرق الأوسط، إذ تقترب الأنظمة الصحية في البلدين [سوريا ولبنان] من حافة الانهيار بسبب النزاعات والأزمات الاقتصادية الحادة.
وفي سوريا، أعلنت "منظمة الصحة العالمية" أن 60 شخصاً لقوا حتفهم جراء المرض بيد أنها عبرت عن مخاوفها أن العدد أعلى بكثير بسبب محدودية القدرات في الفحوصات.
وبحسب "لجنة الإغاثة الدولية"، يعتمد أكثر من 70 في المئة من الشعب السوري البالغ عدده 12.2 مليون نسمة على مساعدات في الرعاية الصحية. ويقيم أكثر من نصف هؤلاء في شمال سوريا ضمن مخيمات مكتظة تضم النازحين في الداخل. وتشير "منظمة الصحة العالمية" إلى أن تلك المنطقة تشهد التفشي الأكثر حدة.
أما في لبنان المجاور، فترزح البلاد تحت وطأة أحد أسوأ الانهيارات الاقتصادية في العالم، الأمر الذي تسبب بانقطاع حاد في التيار الكهربائي ونقص في المياه وصعوبة الحصول على الأدوية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وسجلت السلطات الصحية اللبنانية أكثر من عشر حالات مثبتة في ما شكل أول تفش للمرض خلال حوالى 30 عاماً.
ورصدت أول حالة لدى لاجئ سوري في منتصف العمر يعيش في محافظة عكار الفقيرة في شمال لبنان، مما أثار مخاوف من انتشار سريع للمرض في أوساط مجموعات اللاجئين المنتشرة في أنحاء البلاد كافة، مع الإشارة إلى أن لبنان يستضيف أكثر من مليون لاجىء سوري، تعيش غالبيتهم الساحقة في ظل ظروف مزرية وقذرة.
وفي هذا السياق، ذكرت ليلى كيكي المديرة التنفيذية لمنظمة "حملة من أجل سوريا" The Syria Campaign الخميس، أن وباء الكوليرا السريع الانتشار قد يؤدي إلى تداعيات "كارثية" على سوريا ومنطقة الشرق الأوسط برمتها، إذا لم يجر التعامل معه بفاعلية. وأضافت، "من المثير للغضب أنه لم تتخذ سوى خطوات صغيرة ومحدودة لوقف التفشي. لا يجدر بالعالم أن يبقى مكتوف الأيدي".
وفي سياق متصل، أوضحت الدكتورة هالة الغاوي المديرة في فرع سوريا من منظمة "ميد غلوبال" MedGlobal، وهي منظمة طبية غير حكومية، أنه لم تحصل حتى الآن "استجابة ملموسة" لتفشي الكوليرا من المجموعات والهيئات الصحية التي تشرف عليها الأمم المتحدة.
وكذلك حذرت من أنه في سوريا على الأخص، "البنى التحتية الطبية والصحية هشة للغاية، وقد تنهار".
وقال بوجار هوكسا من مجموعة "كير" Care الحقوقية الدولية إن أكثر من ثلاثة أرباع الشعب اللبناني يعيش تحت خط الفقر، بالتالي فإن "تفشي المرض قد يكون فتاكاً وقاتلاً بالنظر إلى الاقتصاد اللبناني المنهار، ومع ثاني أعلى تضخم غذائي في العالم".
وفي سياق متصل، أكد وزير الصحة اللبناني فراس الأبيض تشخيص أولى الحالات في لبنان الأسبوع الماضي مشيراً إلى أن السلطات تعمل مع "صندوق الأمم المتحدة للأطفال" و"منظمة الصحة العالمية" بغية ضمان تمكن البلاد التي تعاني ضائقة مالية من التصدي لتفش محتمل للوباء.
وجاء ذلك بعد تحذيرات أطلقتها الأمم المتحدة في أوائل سبتمبر (أيلول) 2022 حينما رصدت أولى الحالات في سوريا.
وحينذاك، ذكر عمران رضا، المنسق المقيم للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سوريا، أن تفشي الكوليرا بوسعه أن يشكل "تهديداً جدياً" على الشرق الأوسط برمته. وأشار إلى أن تقديرات الأمم المتحدة تظهر أن مصدر العدوى أتى من لجوء أشخاص إلى شرب مياه غير آمنة من نهر الفرات واستخدام مياه ملوثة في ري المحاصيل مما أدى إلى تلوث الغذاء أيضاً.
نشر في "اندبندنت" بتاريخ 11 أكتوبر 2022
© The Independent