في إطار تداعيات العقوبات الغربية المتصاعدة على موسكو، وافقت اللجنة التنفيذية لشركة "نيسان" على بيع أصولها الروسية إلى جهة حكومية تتبع لوزارة الصناعة والتجارة الروسية. وكشف بيان رسمي أن شركة "نيسان" باعت أصولها في روسيا وهي شركة "نيسان مانيوفاكتشريج روس"، إلى معهد الأبحاث العلمي للسيارات والمحركات "نامي".
وأوضحت وزارة الصناعة والتجارة الروسية أن الصفقة تتضمن نقل كامل أصول "نيسان" في روسيا إلى "نامي"، ويشمل ذلك منشآت إنتاج وبحوث "نيسان" في سان بطرسبرغ، فضلاً عن مراكز البيع والتسويق. وتتضمن الصفقة خياراً لإعادة شراء الأصول الروسية لـ"نيسان" في غضون السنوات الست المقبلة. ووفقاً للاتفاق، فمن المقرر أن تتولى شركة السيارات الروسية "أفتوفاز" خدمة ما بعد البيع لسيارات "نيسان" وتوريد قطع الغيار.
وبعد إطلاق روسيا "عملية عسكرية خاصة" في أوكرانيا، فرضت الدول الغربية عقوبات على موسكو، كذلك أعلنت شركات غربية تعليق أعمالها أو خروجها من السوق الروسية. من جهتها، أكدت الحكومة الروسية دعمها الشركات الوطنية المتضررة من العقوبات، وأعلنت عن اتخاذ مجموعة من الإجراءات للحفاظ على الوظائف في الشركات المنسحبة.
جميع الأصول بـ1 يورو
وتجعل الصفقة شركة "نيسان" أحدث شركة كبرى تخرج من روسيا منذ أن أرسلت موسكو عشرات الآلاف من جنودها إلى أوكرانيا في فبراير (شباط) الماضي، وتعكس خطوة من جانب أكبر مساهم في شركة "نيسان"، وهي شركة "رينو"، التي باعت حصتها الأكبر في شركة "أفتوفاز" الروسية لصناعة السيارات إلى المعهد الروسي للبحوث وتطوير السيارات والمحركات في مايو (أيار) الماضي.
وقالت الوزارة، إن البيع إلى "نامي" سيشمل منشآت إنتاج وبحوث "نيسان" في سان بطرسبرغ إضافة إلى مركز مبيعات وتسويق في موسكو. فيما كشفت "نيسان" أنها تتوقع خسارة غير عادية بنحو 100 مليار ين (687 مليون دولار)، لكنها حافظت على توقعات أرباحها للسنة المالية المنتهية في مارس (آذار).
وكانت الشركة قد أعلنت في مارس الماضي تعليق الإنتاج في مصنعها في سانت بطرسبرغ بسبب تعطل سلسلة التوريد في أعقاب الهجوم الروسي على أوكرانيا. وأوضحت أنها مع وحدتها المحلية تراقبان الوضع منذ ذلك الحين، لكن "نيسان" قالت إنه "لم يكن هناك رؤية" للتغيير في البيئة الخارجية، مما دفعها إلى اتخاذ قرار بالخروج.
يأتي الخروج في الوقت الذي شرعت فيه "نيسان" في تحول كبير في علاقتها مع "رينو"، وقالتا إنهما تجريان محادثات في شأن مستقبل تحالفهما، بما في ذلك تفكير "نيسان" في الاستثمار في مشروع جديد للسيارات الكهربائية من قبل "رينو".
"تويوتا" اضطرت إلى إنهاء نشاطها في روسيا
وفي نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلنت شركة تصنيع السيارات اليابانية "تويوتا" إنهاء عمليات إنتاج السيارات في مصنعها في سانت بطرسبرغ بروسيا.
وقالت الشركة في بيان، إنها كانت مضطرة إلى تعليق العمليات في المصنع منذ 4 مارس الماضي، بسبب انقطاع توريد المواد والأجزاء الرئيسة للمصنع. ومنذ ذلك الحين، تتابع الشركة الوضع وتقوم بتقييم مدى الاستدامة المستقبلية لأعمالها في روسيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأوضحت الشركة أنها احتفظت بالعاملين جميعاً لديها منذ تعليق الإنتاج، وأنها حافظت على جاهزية المصنع بهدف بدء الإنتاج إذا ما "سمحت الظروف"، إلا أنها أكدت عدم قدرتها على استئناف الأنشطة العادية للمصنع ولا ترى أي مؤشر على إمكانية معاودة العمل به في المستقبل.
وذكرت الشركة أن قرار إنهاء إنتاج سيارات "تويوتا" في روسيا لم يصدر بسهولة، وأكدت أنها طورت علامتها التجارية وأعمالها على مدى 80 عاماً ماضية بالتعاون مع الشركاء في أنحاء العالم، وستعمل على "حماية المبادئ التي أسستها الأجيال السابقة للشركة بهدف نقلها إلى الجيل المقبل.
وأوضحت، أنها ستقوم بتحسين عمليتها في موسكو وستعمل على إعادة هيكلتها بهدف الاحتفاظ بمنظومة فعالة تضمن مواصلة دعم شبكة البيع بالتجزئة في البلاد.
إنقاذ الصناعة الروسية من التعثر
وفي منتصف مايو الماضي، كشفت مجموعة "رينو" أنها باعت حصتها الأكبر بنسبة 67.69 في المئة في مجموعة "أوتوفاز" الرئيسة في صناعة السيارات الروسية إلى جانب علامة "لادا"، إلى المعهد الروسي للبحوث وتطوير السيارات والمحركات.
وكانت شركة "رينو" قد انضمت إلى شركة "أوتوفاز" في عام 2008 لتصبح المساهم الأكبر في عام 2014 أثناء قيادة كارلوس غصن للمجموعة. ثم أنقذت شركة السيارات العملاقة المجموعة الروسية المتعثرة من الإفلاس، وأسهمت في ذلك بمشاركة مجموعة "روستك" العسكرية الصناعية الروسية.
وبعد استثمارات ضخمة ومشاركة تقنية مع شركة "داسيا"، العلامة التجارية الاقتصادية لـ"رينو"، بدأت "أوتوفاز" بجني الأرباح. وخلال عام 2021، باعت شركة "رينو" قرابة نصف مليون سيارة في روسيا، ثاني أكبر سوق للمجموعة الفرنسية بعد أوروبا.
وأبقت المجموعة الفرنسية لصناعة السيارات التي كانت أكثر انخراطاً في روسيا، الباب مفتوحاً، إذ سيكون بإمكانها شراء أسهم في "أوتوفاز" لمدة ست سنوات. ووفق بيان، قال رئيس المجموعة رينو لوكا دي ميو "اتخذنا قراراً صعباً ولكنه كان ضرورياً". وأكد حرصه على التصرف "بمسؤولية تجاه الموظفين البالغ عددهم 45 ألفاً في روسيا، مع الحفاظ على أداء المجموعة وقدرتنا على العودة إلى البلاد في المستقبل، في سياق مختلف".