Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معرض فرانكفورت يطرح سؤالا حول عالمية الكتاب العربي

إطلالة لزيلينسكي وكاتب أوكراني يفوز بجائزة السلام وبروز أزمة الورق

مشهد من معرض فرانكفورت (خدمة المعرض)

لأول مرة منذ جائحة كورونا يقام معرض فرانكفورت للكتاب في صورته القديمة بحضور الكتاب والناشرين والوكلاء الأدبيين والجمهور مع وجود مكثف لضيف الشرف هذا العام (إسبانيا)، وحضور أسماء شهيرة أبرزها عبدالرازق قرنح الحاصل على جائزة نوبل العالم الماضي، وذلك بعد عامين اقتصر فيهما المعرض على أنشطة إلكترونية أو بجمهور محدود للغاية.

لكن المتجول في أروقة المعرض يلاحظ على الفور أن الأمور لم تعد بعد إلى سابق عهدها وأن عالم النشر ما زالت تخيم عليه سحب ثقيلة تنذر بأزمة عميقة. ألقت الحرب الروسية على أوكرانيا بظلالها على أهم معارض الكتاب في العالم ليس فقط عبر الندوات والأنشطة بل عبر ظهور الرئيس الأوكراني زيلينسكي وزوجته عبر الإنترنت وتكريم الكاتب والمترجم والموسيقي الأوكراني سيرغي جادان بجائزة السلام التي يمنحها اتحاد الناشرين الألمان بل إن الحرب أثرت في العالم كله وتسببت في ندرة الورق. صحيح أن أزمة الورق لم تؤد إلى تناقص عدد الكتب الجديدة المطبوعة في ألمانيا، لكنها أدت إلى ارتفاع سعرها ارتفاعاً ملحوظاً.

والأزمة نفسها أصابت كذلك الناشرين العرب الذين تحدثت معهم في فرانكفورت، فكلهم يشكو مر الشكوى من الارتفاع الهائل في سعر الورق إلى جانب الشكوى التقليدية من قرصنة الكتب إلكترونياً التي تهدد صناعة الكتاب العربي بأكملها، التي لا يبدو أن أحداً مهتم بحلها حلاً حقيقياً.

حضور عربي

وإذا كان بعض الناشرين العرب قد حضروا إلى فرانكفورت، فإن الحضور العربي عموماً ظل كعادته، هامشياً. عندما يتجول المرء في أروقة المعرض، يجد-مثل كل عام- أجنحة الدور المختلفة تغص بالناشرين والمتعاقدين على ترجمة أعمال تلك الدار إلى لغات أجنبية. ليست هذه هي الحال في الأجنحة العربية التي تكاد تقتصر– مثل كل عام- على عرض بعض المنشورات الفاخرة الطباعة.

في كل دورة من دورات المعرض يتجدد السؤال: ماذا لدينا لتقديمه إلى العالم، وهل يتجاهل العالم الأدب العربي، وماذا يمكننا أن نفعل حتى نغير هذا الوضع؟

هذا الأسئلة كانت حاضرة أيضاً في الندوتين اللتين شاركت فيهما، الأولى مع الروائي السعودي يوسف المحيميد عن الأدب العربي ومكانته عالمياً الآن، والثانية عن كتاب الروائية والشاعرة الإماراتية ميسون صقر عن مقهى ريش الذي حاز جائزة الشيخ زايد هذا العام. في كلتا الندوتين كان السؤال الملح هو: أين أدبنا على الخريطة العالمية، ولماذا لا يترجم من الأدب العربي إلا النزر اليسير؟

وفي رأيي علينا ألا نجتر الشكوى من إهمال العالم لنا. نعم، هناك نزعة أوروبية مركزية وهناك صورة "نمطية" سائدة عن الأدب العربي والاهتمام بالأدب العربي غالباً ما تكون له أسباب سياسية. كل هذا صحيح، لكن السؤال في رأيي: ماذا نفعل نحن لتغيير ذلك، أليس علينا أن نهتم بتقديم الدعم لترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى؟

خطة ترويج

قبل عامين شهد معرض فرانكفورت للكتاب مبادرة اسمها "أصوات عربية"، قدمت "كتالوغاً" للناشرين في العالم، ضم 32 كتاباً من أبرز الكتب المصرية الصادرة خلال الأعوام الخمسة الأخيرة. ومن بين الأسماء التي كانت على القائمة: عادل عصمت، منصورة عز الدين، وحيد الطويلة، إيمان مرسال، طارق إمام، ومحمد خير. وتضمن "الكتالوغ" معلومات عن كل عمل مرشح، وأصداء نقدية له وطرق التواصل المباشر مع حامل حقوق العمل، سواء أكان الناشر أو المؤلف. كانت هذه المبادرة جيدة حقاً وهي خطوة طال انتظارها كي نستطيع السير على الطريق الصحيح للوجود في ساحة النشر العالمية، فالناشر الأجنبي لا يتابع حركة النشر في كل دول العالم وهو بالطبع بحاجة إلى "دليل" إلى أبرز الإصدارات، لينتقي منها– إذا أراد– ما يتماشى مع سياسته في النشر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه كانت خطوة أولى، لكنها لا تكفي مطلقاً. وعلينا أن نتساءل: هل حققت شيئاً، ولماذا لم تحقق شيئاً؟ وكيف يمكن إيجاد مبادرات فعالة طويلة الأمد لخدمة ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى؟

حتى لا نظل دائماً ندور في فلك الأسئلة نفسها، من دون محاولة تجاوزها أو تقديم إجابات عنها، أود هنا أن أقدم بعض الأفكار التي ألحت علي خلال جولتي في معرض فرانكفورت هذا العالم:

-أهمية إعداد مثل تلك القوائم بشكل دوري، وأن تغطي جميع "الآداب" العربية.

-إقامة برامج للمترجمين الأجانب وتوفير إقامات لهم في البلدان العربية حتى تزداد معرفتهم بأدب المنطقة العربية وثقافتها، وهو الشيء الشائع في معظم البلدان الأوروبية والأميركية. وكذلك منح جوائز للترجمات المتميزة وللمترجمين الذين أسهموا عبر عقود في التعريف بالأدب العربي في الثقافات الأخرى.

-تقديم دعم مباشر للناشرين الأجانب الذين يهتمون بالأدب العربي. لقد كانت دار لينوس السويسرية الصغيرة التي تأسست عام 1970 لسنوات طويلة، هي الدار شبه الوحيدة التي تترجم الأدب العربي إلى الألمانية، من دون أي دعم من أي جهة. هل من المستغرب أن يتراجع اهتمام "لينوس" بالأدب العربي الآن؟ ألا تستحق مثل هذه الدور أن تسهم جهات عربية داعمة في تحمل تكاليف الترجمة أو بعض التكاليف على الأقل؟

-أسهمت جائزة البوكر في تسليط الضوء على إصدارات عربية بارزة وشجعت على ترجمتها. ومن هنا نرى وبغض النظر عن أي سلبيات تقترن ببعض الجوائز العربية، أن الجوائز تنشط حركة الترجمة وتسلط الضوء على أعمال متميزة.

والحقيقة أن سؤال ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأخرى يستحق أن يناقش في ندوة مستقلة في أهم معارض الكتاب في العالم، أو في أحد المعارض العربية، وربما يسعى المنظمون العرب إلى إقامة ندوة كهذه في العالم المقبل، يدعى إليها كبار الناشرين في العالم من مختلف اللغات وكذلك كبار مترجمي الأدب العربي ليقدموا جميعاً إجابتهم عن السؤال: ما سبب قلة الترجمات عن اللغة العربية، وماذا نفعل لتغيير ذلك؟

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة