وسط حال من الغليان في الأسواق ومع ارتفاع معدلات التضخم، ثبتت الحكومة المصرية أسعار المحروقات السبت، 22 أكتوبر (تشرين الأول)، عند مستوياتها الحالية وحتى نهاية العام 2022، إذ أعلنت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية أسعار بيع منتجات البنزين بأنواعه الثلاثة في السوق المحلية عند ثمانية جنيهات (0.40 دولار أميركي) للتر "بنزين 80"، و9.25 جنيه (0.47 دولار) للتر "بنزين 92" و10.75 جنيه (0.55 دولار) للتر "بنزين 95"، و7.25 جنيه (0.37 دولار) للتر السولار، في حين سجل سعر بيع طن المازوت لغير استخدامات الكهرباء والمخابز 5 آلاف جنيه (256 دولاراً) للطن.
تذبذب أسعار "خام برنت"
وأشارت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية في بيان رسمي إلى أنه بدرس الظروف الاقتصادية العالمية وتأثيرها في سوق النفط نتيجة تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية التي أدت إلى تذبذب أسعار "خام برنت" وبعد مراجعة سعر الصرف، تقرر تثبيت الأسعار عند مستوياتها الحالية.
وبدأت القاهرة في يوليو (تموز) 2019 تطبيق آلية التسعير التلقائي على بعض المنتجات البترولية كما هو متبع في عدد من دول العالم، إذ تستهدف الآلية تعديل أسعار بيع بعض المنتجات البترولية في السوق المحلية ارتفاعاً وانخفاضاً كل ربع سنة، وفقاً للتطور الذي يحدث لأهم مؤثرين ومحددين لكلفة إتاحة وبيع المنتجات البترولية في السوق المحلية، وهما السعر العالمي لبرميل "خام برنت" وتغير سعر الدولار أمام الجنيه، بخلاف الأعباء والكلف الأخرى الثابتة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووصلت مستويات التضخم في مصر إلى أعلى مستوى خلال أربع سنوات عند 15 في المئة خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وفق بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي أعلن ارتفاع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن إلى أعلى مستوياته خلال أربعة أعوام.
وارتفع التضخم السنوي لأسعار المستهلكين إلى 15 في المئة خلال سبتمبر في مقابل 14.6 في المئة خلال أغسطس (آب) الماضيين.
وفي آخر اجتماعات لجنة التسعير التلقائي في يوليو (تموز) الماضي عدلت سعر بيع منتجات البنزين بأنواعها إلى ثمانية جنيهات (0.40 دولار) للتر "بنزين 80"، و9.25 جنيه (0.47 دولار) للتر "بنزين 92"، و10.75 جنيه (0.55 دولار) للتر "بنزين 95"، و7.25 جنيه لكل من السولار والكيروسين.
ومنذ بداية العام الحالي حركت الحكومة الأسعار مرتين، الأولى في فبراير (شباط) والثانية في أبريل (نيسان) الماضي بنسبة 3.5 في المئة، بما يعادل 25 قرشاً (0.0132 دولار أميركي)، مع تحريك سعر طن المازوت 400 جنيه (21.7 دولار)، وكانت المرة الأخيرة في يوليو الماضي قبل أن تثبت الأسعار السبت.
سياسي وليس اقتصادياً
واعتبر محللون تحدثوا إلى "اندبندنت عربية" أن قرار تثبيت أسعار المحروقات سياسي وليس اقتصادياً نظراً إلى حال الغلاء التي تضرب الأسواق منذ ستة أشهر، وقال رئيس هيئة البترول المصرية مدحت يوسف إن "قرار تثبيت الأسعار لم يستند إلى معايير اقتصادية في ظل حال الغلاء التي تعيش فيها الأسواق، علاوة على زيادة أسعار الغاز الطبيعي لمصانع الأسمنت منذ بداية الشهر الحالي"، وموضحاً أن "أسعار المحروقات ستستمر حتى نهاية العام الحالي وسط توقعات بارتفاع أسعار النفط عالمياً مع خفض ’منظمة أوبك‘ حجم إنتاجها، وهو ما يزيد الأعباء على الموازنة العامة للدولة، إذ إن كل زيادة بقيمة دولار واحد في سعر برميل النفط تزيد الكلفة على الموازنة بقيمة أربعة مليارات جنيه (204 ملايين دولار)".
وفي الأسبوع الأول من الشهر الحالي حركت الحكومة أسعار الغاز الطبيعي لمصانع الأسمنت بنسبة تخطت حدود الـ 100 في المئة ليرتفع من 5.75 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية إلى 12 دولاراً للمليون وحدة وفقاً لقرار مجلس الوزراء.
أبعاد القرار
وأكد المتخصص في قطاع هندسة البترول والطاقة رمضان أبو العلا أن "قرار تثبيت أسعار المحروقات اليوم لم يرتكز على أية معايير محاسبية أو مالية"، مضيفاً أن "لجنة التسعير التلقائي تعتمد على معيارين أساسيين خالفتهما بهذا القرار، الأول توقعات متوسط أسعار النفط عالمياً خلال فترة سريان القرار إلى جانب متوسط سعر صرف الجنيه المصري في مقابل الدولار الأميركي"، موضحاً أن "المعيار الأول يشير إلى ارتفاع في أسعار النفط لا محالة في ظل قرار ’منظمة أوبك‘ خفض الإنتاج، مما يعني تراجع المعروض في ظل طلب مرتفع يدفع أسعار النفط نحو تخطي حاجز الـ100 دولار لبرميل خام برنت".
وتابع، "المعيار الثاني يشير إلى أن العملة المصرية في مقابل العملة الأميركية تعيش أسوأ معدلاتها في التاريخ، ولا تزال تتجه صوب الـ 20 جنيهاً في مقابل كل دولار، في ظل خفض طوعي للعملة وفقاً لاتفاق القاهرة مع صندوق النقد الدولي للحصول على تمويل جديد"، موضحاً أنه "لو طبقت المعايير الاقتصادية فسيكون القرار تحريكاً جديداً لأسعار المحروقات من دون أدنى شك". واستدرك المتخصص في قطاع هندسة البترول والطاقة، "لكن القرار ليس اقتصادياً بالمرة، بل هو قرار اجتماعي بحت نظراً إلى الحال الاقتصادية التي تمر بها مصر وتأثر بها المواطنون وأهم مظاهرها مستويات التضخم المرتفعة".
وفي الأثناء اقتربت القاهرة من الحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي بعد اتفاق على مستوى الخبراء مع مسؤولي الصندوق، إذ أعلنت السلطات المصرية الأسبوع الماضي ومع نهاية زيارة الوفد الخاص بها إلى واشنطن، نجاح الزيارة والاجتماعات الفنية التي جرت بين الجانب المصري ومديري وخبراء صندوق النقد الدولي.
ووفقاً لبيان رسمي صدر عن وزارة المالية، "اتفقت القاهرة مع الصندوق على برنامج للإصلاح الاقتصادي يتضمن ثلاثة محاور رئيسة تتمثل في الإصلاحات والتدابير الخاصة بالسياسة المالية والنقدية والإصلاحات الهيكلية للاقتصاد المصري".
الجنيه يواصل التراجع
في غضون ذلك يواصل الجنيه المصري النزف في مقابل الدولار الأميركي على مدى سبعة أشهر، بعد أن تراجعت قيمة العملة المحلية من 15.50 جنيه خلال مارس (آذار) 2022 إلى 19.70 جنيه في مقابل كل دولار في الوقت الحالي، بنسبة لا تزيد على 25 في المئة، مع مغادرة 20 مليار دولار أميركي من الأموال الساخنة (استثمارات الأجانب في أدوات الدين السيادية المصرية) منذ بداية 2022، وتراجع حصيلة السياحة بعد اندلاع الحرب الروسية - الأوكرانية.
وفي الخامس من الشهر الحالي أعلنت منظمة "أوبك+" خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، وهو أكبر خفض منذ بداية وباء كورونا في خطوة تدفع بارتفاع أسعار النفط على المستوى العالمي.
وحققت أسعار النفط أكبر مكاسب أسبوعية، الجمعة، وصعدت عقود "خام برنت" 1.21 في المئة إلى 93.50 دولار للبرميل، مسجلة مكاسب بنسبة اثنين في المئة.