ما إن يحلّ فصل الخريف في السودان حتى يتجدّد قلق المواطنين، نظراً إلى ما يجلبه من مشاكل صحية في تصريف المياه والبعوض والأمراض، ومنها الملاريا، إذ تتحول العاصمة الخرطوم إلى برك من المياه المتجمعة.
تعود أسباب هذه المشاكل إلى سوء التخطيط العمراني وتضرّر محطات تفريق المياه وعدم صيانتها قبل فصل الخريف بوقت كافٍ. واستمرت هذه المشكلة طوال فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير.
موقف المسؤولين
وأعلنت وزارة البيئة السودانية أنها مستعدة لفصل الخريف وستتجهّز له، ولكن السؤال هو لماذا تتأخر الجهات المتخصّصة في التجهيز للخريف؟ ويجيب موظف في وزارة البيئة أن "مشكلة الأمطار وتكدس المياه في الخرطوم تعودان إلى سوء التصريف، وذلك بسبب العادات السيئة المنتشرة بين المواطنين الذين يرمون الأوساخ في أماكن تصريفها، ما يؤدي إلى تعطلها، والوزارة تعمل جاهدة لحل المشاكل حتى ينتهي الخريف بأقل أضرار".
يقول عمر أحمد الاختصاصي في الشؤون البيئية لـ "اندبندنت عربية" إن "مشاكل الخريف واحدة من أكبر وأخطر المشاكل التي يجهلها الناس، فالمياه الراكدة تحمل عدداً من الطفيليات، إضافة إلى مرض الملاريا الذي يهلك الجسد، وتكدس النفايات، يجعل المكان بيئة لانتشار البعوض والذباب التي تسبب مرض التيفوئيد، وهو من الأمراض المنتشرة في السودان".
ويدعو أحمد، للحفاظ على بيئة سليمة وصحة جيدة، إلى "التخلص الفوري من النفايات ودفن المياه الراكدة وعدم الأكل من المطاعم غير المصرح لها بالعمل، لأن حالات التسمم الغذائي تنتشر في فصل الخريف".
ويلاحظ الدكتور محمد إبراهيم أن "أبرز أسباب التسمم الغذائي في هذا الفصل هو الذباب والرطوبة وتعفّن الأكل نتيجتها. وعلى الأشخاص تخزين الأكل في مكان جاف ونظيف لضمان صحتهم، وعدم شرب المياه غير المعالجة، وإذا تم استخدام فلتر المياه فهذا يجنبهم العديد من الأمراض".
المشاكل المصاحبة
يعاني أهالي الأحياء من مشاكل البعوض الذي يجلب معه مرض الملاريا، إضافة إلى امتلاء الميادين والشوارع الداخلية فيها بالمياه. ما يؤدي إلى تعطيل الحركة وأحياناً الدراسة بسبب تهدم عدد من الغرف الدراسية أثناء فترة الخريف ليس داخل الخرطوم فحسب بل مناطق السودان كلها. ما يؤدي إلى إصابة عدد من الطلاب.
لهذه الأسباب أعرب المعلمون عن خوفهم على الطلاب في فصل الخريف نسبة إلى عدم تأهيل الغرف المدرسية. واقترح معلمون تأجيل الفصل الدراسي وعدم تزامنه مع الخريف، حيث شهدت البلاد العام الماضي مشاكل كثيرة.
وقالت المعلمة آسيا محمد لـ "اندبندنت عربية" إن "معاناة الطلاب تأتي من سوء الأحوال الجوية وعدم وجود غرف مؤهلة تضمن سلامتهم وأسلاك الكهرباء مكشوفة ينتج منها حالات تماس كهربائي تؤدي إلى كوارث تصل إلى الوفاة".
أضافت "هؤلاء التلاميذ أمانة في أعناقنا يجب أن نكون أكثر حرصاً، لست ضد تأجيل الفصل الدراسي وعدم تزامنه مع الخريف كي نتجنب حالة التشنج السنوية التي نمر بها في المؤسسات الدراسية".
الحلول
في ظل غياب المؤسسات المسؤولة وعدم اكتراثها لسنوات عدة، يرى المواطن محمد حاج أن "على لجان الأحياء لعب دور المنقذ وتجهيز الشوارع وتنظيف الميادين والقيام بكل الأدوار التي كانت مفروضة على الحكومة وعدم انتظارها لحل الأزمة، طالما أن المتضرر الأساس هو المواطن، لذا عليه أن يكون أكثر حرصاً على توفير سلامته والحفاظ على صحته".