يلتقي ممثلو عالم منقسم وفي خطر اعتباراً من الأحد، السادس من نوفمبر (تشرين الثاني)، ولمدة أسبوعين في شرم الشيخ بمصر للبحث في المواضيع التي تهدد كوكب الأرض مع ما يشهده من كوارث طبيعية وفيما لا يزال متجهاً إلى احترار كارثي.
وينتظر وصول أكثر من 100 من قادة الدول والحكومات الإثنين والثلاثاء للمشاركة في "قمة القادة" خلال مؤتمر الأطراف الـ27 حول المناخ (كوب 27)، وفق ما أفاد المنظمون المصريون في أجواء تشهد أزمات عدة مترابطة من حرب أوكرانيا والضغوط التضخمية واحتمال حصول ركود عالمي، فضلاً عن أزمات الطاقة والغذاء والتنوع الحيوي.
ويعول الكثير على نتائج المحادثات فيما العالم قلق على مستقبله جراء المشكلات المناخية، مع فيضانات قاتلة وموجات قيظ وعواصف في أنحاء مختلفة من العالم تعطي لمحة عن أسوأ السيناريوهات المحتملة.
كذلك تسيطر على مؤتمر الأطراف حول المناخ الذي يستمر من السادس من نوفمبر إلى الـ18 منه، حاجة الدول الفقيرة إلى المال لمواجهة التداعيات المستقبلية، لا بل تلك التي أصبحت من الآن تحصد أرواحاً وتعيث فساداً بالاقتصاد.
"العاصفة المثلى"
وحذرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي من "عدم توافر مسلك موثوق" راهناً لحصر ارتفاع حرارة الأرض بالهدف المحدد في اتفاق باريس للمناخ والبالغ 1.5 درجة مئوية.
ومع أن مسار الاحترار العالمي بات أفضل منذ بوشرت مفاوضات المناخ في الأمم المتحدة عام 1995، إلا أنه في ظل السياسات الراهنة يتوقع أن ترتفع حرارة الأرض 2.8 درجة مئوية، وهو أمر كارثي. وقد ترتفع الحرارة 2.4 درجة مئوية حتى لو احترمت الدول كل تعهداتها على صعيد خفض استخدام الكربون بموجب اتفاق باريس.
وقال ألدن ميير، كبير محللي "إي 3 جي" والخبير بشؤون المناخ منذ 30 سنة، "حصلت مراحل مشحونة في السابق"، ذاكراً حروباً أخرى ومشارفة عملية التفاوض برعاية الأمم المتحدة على الانهيار عام 2009 وانسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب.
وأكد "لكننا أمام العاصفة المثلى. وقد استُحدث مصطلح جديد لوصفها: أزمة متعددة الجوانب (بوليكرايسيس)".
الصراع الأميركي - الصيني
ويفيد خبراء كثر بأن ما يلقي بظلاله أكثر ولفترة أطول على المفاوضات في مصر ليس الهجوم الروسي على أوكرانيا، إنما التراجع المتواصل في العلاقات الصينية - الأميركية، فيما أسهم البلدان في السابق بحصول اختراقات على صعيد الدبلوماسية المناخية بما في ذلك اتفاق باريس.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال "كوب 26" في غلاسكو، حيد أكبر اقتصادين في العالم المناخ عن خلافاتهما الشائكة الأخرى العالقة، وأصدرا بياناً مشتركاً.
إلا أن زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان في أغسطس (آب) الماضي، أدت إلى وقف قنوات التواصل بين البلدين على صعيد المناخ. وقد تفاقم الوضع مع فرض إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قيوداً قاسية على تصدير الشرائح التكنولوجية المتطورة إلى الصين.
وقال لي شوو، المحلل السياسي مع "غرينبيس إنترناشيونال" ومقره بكين، "نحن في مرحلة مفصلية. إذا كان الوضع السياسي بهذا السوء بحيث لا تواصل بين أكبر مسببين للانبعاثات، لن نحقق 1.5 درجة مئوية".
ويتوقع أن يحضر الرئيس الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جينبينغ قمة مجموعة الـ20 في بالي قبل أيام من إنجاز المفاوضات في مصر. وأكد لي، "في حال التقى الزعيمان، فإن هذه الدينامية ستؤثر في ما يحصل في شرم الشيخ".
ثلاث أولويات
وستركز أعمال "كوب 27" على ثلاث أولويات متداخلة، هي الانبعاثات والمساءلة والمال.
وتتعلق المسألة الرئيسة التي تحدد نجاح المفاوضات من عدمه باستحداث صندوق منفصل خاص بـ"الخسائر والأضرار"، وهي تعويضات تدفع عن الأضرار المناخية التي لا عودة عنها.
وتماطل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي اللذان يخشيان اعتماد آلية مفتوحة للتعويضات، على صعيد هذه القضية منذ سنوات ويشككان في الحاجة إلى آلية مالية منفصلة، إلا أن صبر الدول المتضررة بدأ ينفد.
وقال منير أكرم، سفير باكستان لدى الأمم المتحدة ورئيس مجموعة "الـ77 + الصين"، وهي كتلة تفاوضية نافذة تضم أكثر من 130 دولة نامية، إن "التوصل إلى اتفاق حول آلية الخسائر والأضرار سيكون مقياس نجاح كوب 27 أو فشله". وأكد أكرم خلال مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية أن "الإرادة تصنع المعجزات".
كذلك يتوقع من الدول الغنية أن تضع جدولاً زمنياً لدفع 100 مليار دولار سنوياً لمساعدة الدول النامية على جعل اقتصادها أكثر مراعاة للبيئة وتعزيز مقاومتها للتغير المناخي في المستقبل.
وكان ينبغي البدء بدفع هذا المبلغ قبل سنتين ولم يجمع بالكامل، بحسب منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي (لا يزال يحتاج إلى 17 ملياراً).
خفض الكربون
وخلال "كوب 26" في غلاسكو العام الماضي، أعطيت الأولوية لخفض التلوث الكربوني خصوصاً عبر اتفاقات جانبية هندستها المملكة المتحدة مضيفة المؤتمر، لخفض انبعاثات غاز الميثان ولجم قطع أشجار الغابات والرفع التدريجي للدعم على الوقود الأحفوري وتعزيز الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة.
واتفقت الدول على مراجعة تعهدات خفض الكربون سنوياً وليس كل خمس سنوات، إلا أن حفنة من الدول قامت بذلك في عام 2022.
وستتواصل الجهود لخفض الانبعاثات في شرم الشيخ مع تقييم أعضاء الوفود والمراقبين التقدم المحرز على صعيد وعود العام الماضي.
وسيكشف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن تقييم حول تعهدات الشركات والمستثمرين والسلطات المحلية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن الحالي عموماً.
وقال الأسبوع الماضي "لا يمكن للعالم أن يتحمل مزيداً من الغسل الأخضر (تضليل المستهلكين حول الممارسات البيئية للشركة أو الفوائد البيئية لمنتج أو خدمة ما) أو التحركات الزائفة أو المتأخرة".