مع تشديد السلطات المصرية الخناق على تجار العملة للسيطرة على المضاربات التي كانت أحد أهم أسباب الفجوة في أسعار صرف الدولار بين التي تطرحها البنوك وأسعار السوق الموازية، لجأ عدد كبير من المضاربين إلى صفحات متابعة أسعار الصرف على منصات التواصل الاجتماعي، وبدأوا حرباً شرسة على البنك المركزي المصري بعد القرارات الأخيرة، وبخاصة ما يتعلق بخفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار في السوق الرسمية وتنفيذ سياسة الصرف المرن.
وأصبحت الصفحات التي تتابع أسعار الصرف تعج بمئات المنشورات التي يطرح أصحابها يومياً دولارات للبيع بأسعار أعلى من التي تطرحها البنوك، لكن من دون مشترين، في حين انتشرت حال من التشكيك في قدرة البنك المركزي المصري على السيطرة على أسعار الصرف، لكن مغردين على هذه الصفحات وجهوا اتهامات مباشرة لكل من يطرح دولارات للبيع خارج النطاق الرسمي بأنهم ينتمون إلى تجار أزمات ويفضلون مصالحهم الشخصية على المصلحة الوطنية.
في إطار حل أزمة المواد والبضائع المكدسة في الموانئ المصرية، بدأت البنوك إجراء اتصالات بالمستوردين لبحث توفير المبالغ المطلوبة لإتمام عملية الإفراج عن بضائعهم. وبالفعل أعلن "بنك مصر"، وهو ثاني أكبر بنك يتبع الحكومة المصرية، عن توفير المبالغ المطلوبة لمئات المستوردين، ما يشير إلى انفراجة وشيكة في أزمة تكدس البضائع في الموانئ والجمارك المصرية.
ارتفاعات مستمرة للدولار في السوق الرسمية
في سوق الصرف، اختتمت تعاملات أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري تعاملات الأسبوع الحالي على ارتفاع بين 10 و15 قرشاً، ليستقر سعر صرف الدولار عند أعلى مستوى على الإطلاق في السوق المصرية.
ففي أكبر بنكين من حيث الأصول والتعاملات، سجل سعر صرف الدولار لدى "البنك الأهلي المصري" و"بنك مصر" مستوى 24.15 جنيه للشراء، مقابل نحو 24.25 جنيه للبيع، في حين كان أعلى سعر لصرف الدولار الأميركي لدى "بنك قناة السويس" عند مستوى 24.20 جنيه للشراء، مقابل نحو 24.30 جنيه للبيع، كما صعد سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء لدى البنك المركزي المصري إلى مستوى 24.20 جنيه للشراء، مقابل نحو 24.29 جنيه للبيع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على صعيد العملات الرئيسة، سجلت العملة الأوروبية "اليورو" لدى "البنك الأهلي المصري" و"بنك مصر"، مستوى 23.50 جنيه للشراء و23.85 جنيه للبيع. وبلغ سعر صرف اليورو لدى البنك المركزي المصري مستوى 23.58 جنيه للشراء، و23.68 جنيه للبيع.
وسجل سعر صرف الجنيه الاسترليني لدى "البنك الأهلي المصري" و"بنك مصر" مستوى 26.96 جنيه للشراء، مقابل نحو 27.69 جنيه للبيع.
عربياً، سجل سعر صرف الريال السعودي مقابل الجنيه المصري لدى "البنك الأهلي المصري" و"بنك مصر" مستوى 6.42 جنيه للشراء مقابل نحو 6.45 جنيه للبيع، كما ارتفع سعر صرف الدرهم الإماراتي ليسجل مستوى 6.58 جنيه للشراء و6.60 جنيه للبيع. وسجل سعر صرف الدينار الكويتي مستوى 75.09 جنيه للشراء مقابل نحو 78.26 جنيه للبيع.
كم تبلغ خسائر الجنيه منذ تعويم مارس؟
ومنذ التعويم الأول للجنيه المصري مقابل الدولار، الذي أعلنه البنك المركزي المصري في مارس (آذار) الماضي، تواصل العملة المصرية خسائرها مقابل الدولار الأميركي، وبخاصة بعد أن قرر البنك المركزي المصري وللمرة الثانية خلال العام الحالي خفض قيمة الجنيه مع رفع أسعار الفائدة بنسبة اثنين في المئة.
ووفق البيانات التي أعدتها "اندبندنت عربية"، فإنه منذ التعويم الأول في مارس الماضي فقدت العملة المصرية نحو 54 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، حيث صعد سعر صرف الأخير من مستوى 19.60 جنيه قبل قرار التعويم إلى نحو 24.31 جنيه في الوقت الحالي.
لكن منذ صدور قرار التعويم الثاني خلال نهاية الأسبوع الماضي، بلغت خسائر الجنيه المصري مقابل الدولار نحو 24 في المئة، بعد أن قفز سعر صرف العملة الأميركية من مستوى 19.60 جنيه في تعاملات ما قبل القرار إلى نحو 24.31 جنيه في الوقت الحالي.
وعقب قرار رفع أسعار الفائدة وخفض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، كشف البنك المركزي المصري أنه سيتبنى نظام سعر صرف مرن، مع إعطاء الأولوية للهدف الأساس المتمثل في تحقيق استقرار الأسعار.
وأوضح أن سعر صرف قيمة الجنيه المصري مقابل العملات الأجنبية الأخرى سيخضع لقوى العرض والطلب، مؤكداً أنه سيعمل على بناء وتطوير سوق المشتقات المالية بهدف تعميق سوق الصرف الأجنبي ورفع مستويات السيولة الأجنبية.
وأشار "المركزي المصري" إلى أن سعر الصرف سيعكس قيمة الجنيه مقابل العملات الأخرى بواسطة قوى العرض والطلب في إطار نظام صرف مرن، مع إعطاء الأولوية للهدف الأساس للبنك والمتمثل في تحقيق استقرار الأسعار.
وأكد أنه تم اتخاذ إجراءات إصلاحية في ضوء ما سبق لضمان استقرار الاقتصاد الكلي وتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل.
انفراجة وشيكة لأزمة تكدس البضائع
في الوقت ذاته، رجحت مصادر مطلعة أن يقوم البنك المركزي المصري برفع حدود فتح مستندات التحصيل من 500 ألف إلى مليون دولار خلال الشهر الحالي، بعد الانتهاء من دراسة وتقييم تأثير المرونة في سعر الصرف التي أتاحها التعويم الأخير.
ويوم الخميس الماضي، أعلن البنك المركزي المصري عن حزمة من القرارات من بينها زيادة قيمة الشحنات المستثناة من قرار فتح الاعتمادات المستندية من خمسة آلاف إلى 500 ألف دولار أو ما يعادلها من العملات الأخرى اعتباراً من تاريخ صدور القرار، وهو ما أسهم في حدوث انفراجة في الإفراج عن البضائع المحتجزة في الموانئ.
ووفق بيان، قال محمد الإتربي رئيس مجلس إدارة "بنك مصر" ورئيس اتحاد البنوك المصرية، إن البنوك ستبدأ التحرك لتمويل مستندات التحصيل فوق 500 ألف دولار بعد الانتهاء من المستندات تحت 500 ألف دولار خلال الأسبوع الجاري.
وأشار إلى أن الموظفين في "بنك مصر" انتهوا من فتح 650 مستنداً تحت قيمة 500 ألف دولار خلال أول أربعة أيام عمل من قرار تحرير سعر الصرف من أصل 1150 مستنداً بالقيمة نفسها مما أسهم في الإفراج عن بضائع عديدة بالموانئ.
وأوضح أن الموظفين يكثفون من مجهوداتهم في العمل للانتهاء من إجراءات تمويل 500 مستند تحصيل المتبقية والتواصل مع العملاء لسرعة تغذية حساباتهم بقيمة المستند (يقوم التاجر بتغذية المستند بالجنيه مقابل توفير البنك ما يعادله بالدولار) حتى يتمكن من حصوله على (نموذج 4) للإفراج عن البضائع في الموانئ مما يسهم في وفرة السلع في السوق وتحقيق استقرار الأسعار.
وكان البنك المركزي المصري قرر إلغاء استخدام الاعتمادات المستندية في عمليات تمويل الاستيراد تدريجياً، على أن يكون الإلغاء الكامل في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ليكون هذا القرار حافزاً لدعم النشاط الاقتصادي على المدى المتوسط. وكانت الشركات تعتمد مستندات التحصيل التي يجري التعامل فيها بين المستورد والمصدر بشكل مباشر، على أن يكون البنك وسيطاً في هذه العملية أما التعامل بالاعتمادات المستندية فيعني أن العملية ستكون بين البنك المستورد والبنك المصدر.
وأكد الإتربي أن الموظفين في البنك يعملون بعد مواعيد العمل الرسمية للانتهاء من إجراءات فتح مستندات التحصيل للأقل من 500 ألف دولار، حيث يمر أي مستند مهما بلغت قيمته بسلسلة إجراءات العمل نفسها.
وأشار إلى وجود تحسن ملحوظ في بيع العملاء للدولار بعد قرار تحرير سعر الصرف مقارنة بما قبل القرار وهو ما رصدته البنوك خلال الأيام الأولى من التعويم.