يعلن وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، اليوم الاثنين 7 نوفمبر (تشرين الثاني) عن استثمارات تزيد على 100 مليون جنيه إسترليني (115 مليون دولار) لدعم الدول النامية في معركتها ضد آثار تغير المناخ.
وقالت وزارة الخارجية البريطانية "سيعلن كليفرلي أيضاً أن الازدهار طويل الأمد يعتمد على اتخاذ إجراءات بشأن تغير المناخ وزيادة الاستثمار في الطاقة المتجددة بجميع أنحاء العالم".
ووزير الخارجية البريطاني موجود حالياً في منتجع شرم الشيخ بمصر حيث يقام مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب27).
وقال كليفرلي في بيان "حان الوقت لكي تكثف جميع الدول إجراءاتها بشأن تغير المناخ وتحدث التغيير الملموس المطلوب".
تشديد فرنسي لدفع حصص دعم المناخ
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الاثنين في شرم الشيخ إنه يريد "ممارسة الضغوط" على "الدول الغنية غير الأوروبية" ولاسيما الولايات المتحدة، لتدفع "حصتها" في مساعدة الدول الفقيرة على مواجهة التغير المناخي.
وأوضح ماكرون خلال لقاء مع الشباب على هامش مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب27) المنعقد في مصر "يجب أن نحمل الولايات المتحدة والصين لتكونا على الموعد فعلاً" لأن الأوروبيين "هم الطرف الوحيد الذي يدفع". وأضاف "يجب ممارسة الضغوط على الدول الغنية غير الأوروبية والقول لها "يجب أن تدفعي حصتك".
ويتوافد قادة العالم إلى مؤتمر "كوب 27" في مصر في ما يتعرضون لضغوط كبيرة لتعزيز تعهداتهم المناخية إزاء الاحترار الآخذ بالارتفاع ولتوفير دعم مالي للدول الفقيرة أكثر المتضررين من التغير المناخي.
وسيقوم نحو 110 من قادة الدول والحكومات بمداخلات، الإثنين والثلاثاء، أمام المندوبين المجتمعين بشرم الشيخ في إطار المؤتمر.
وتأتي هذه المداخلات على خلفية أزمات متعددة مترابطة تهز العالم، وهي الهجوم الروسي على أوكرانيا والتضخم الجامح وخطر وقوع ركود وأزمة الطاقة مع تجدد الدعم لمصادر الطاقة الأحفورية وأزمة الغذاء في حين سيتجاوز عدد سكان العالم ثمانية مليارات نسمة.
"الأزمة متعددة الجوانب"
وهذه "الأزمة متعددة الجوانب" قد تدفع بأزمة التغير المناخي إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات على رغم أن تداعياتها المدمرة تجلت كثيراً عام 2022 مع فيضانات قاتلة وموجات قيظ وجفاف عاثت فساداً بالمحاصيل.
وفي بادرة يأمل كثير من الناشطين ألا تكون رمزية فقط، قرر المندوبون إلى "كوب 27" للمرة الأولى إدراج مسألة تمويل الأضرار الناجمة عن الاحترار على جدول الأعمال الرسمي للمؤتمر.
وتقدر هذه الأضرار بعشرات المليارات منذ الآن، ويتوقع أن تستمر بالارتفاع الكبير، فالفيضانات الأخيرة التي غمرت ثلث باكستان تسببت وحدها بأضرار قدرت بأكثر من 30 ملياراً.
في الأثناء، من المقرر أن يتحدث رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الإثنين، في قمة الأمم المتحدة المعنية بالمناخ "كوب 27" المنعقدة في مصر لإبلاغ زعماء العالم بضرورة الوفاء بوعودهم الخاصة بالمناخ.
وقال سوناك الذي أصبح رئيساً للوزراء الشهر الماضي في بادئ الأمر إنه سيكون منشغلاً للغاية في وضع خطة لإصلاح اقتصاد بريطانيا، ولن يتمكن من حضور القمة، مما أثار انتقادات من المعارضين السياسيين والنشطاء، لكنه قرر المشاركة في اللحظة الأخيرة لينضم إلى أكثر من 100 زعيم آخر سيتحدثون في القمة.
ومن المتوقع أن يناشد زعماء العالم الوفاء بوعودهم التي قطعوها في "كوب 26" في مدينة غلاسكو الاسكتلندية قبل عام، عندما توسطت الدولة المستضيفة بريطانيا في اتفاق للمناخ واسع النطاق لم ينفذ كثير منه بعد.
وسيقول سوناك، وفقاً لمقتطفات نشرها مكتبه قبل كلمته، "اجتمع العالم في غلاسكو بفرصة أخيرة لوضع خطة لعدم تجاوز ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية. السؤال اليوم: هل نستطيع استدعاء الإرادة الجماعية للوفاء بتلك الوعود؟".
وتبدو الفرص ضئيلة. وجاء في تقرير للأمم المتحدة في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) أن تعهدات الحكومات خفض انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري تضع الكوكب على مسار ارتفاع درجات الحرارة بمتوسط 2.8 درجة مئوية هذا القرن بعد تقدم "غير كافٍ على الإطلاق".
وسيلتقي سوناك نظيريه الفرنسي والإيطالي على هامش المؤتمر.
تحذيرات من "التقاعس"
وانطلق، الأحد، مؤتمر الأطراف الـ27 للأمم المتحدة حول المناخ في منتجع شرم الشيخ السياحي بمصر، فيما حذر الأمين التنفيذي لتغير المناخ بالأمم المتحدة سيمون ستيل من "التقاعس" عن الحد من الاحترار العالمي.
وقال خلال الجلسة الافتتاحية للقمة إنه لن يكون "وصياً على التقاعس" عن هدف خفض انبعاثات الاحتباس الحراري بنسبة 45 في المئة بحلول عام 2030 للحد من الاحتباس الحراري عند 1,5 درجة مئوية فوق مستويات أواخر القرن الـ19.
وشدد ستيل "سنحاسب الناس سواء كانوا رؤساء أو رؤساء وزراء أو رؤساء تنفيذيين"، مشيراً إلى أن "جوهر التنفيذ هو أن يبذل الجميع ما في وسعه كل يوم لمعالجة أزمة المناخ".
وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري رئيس الدورة الـ27 للمؤتمر أنه "حان الوقت للانتقال من المفاوضات والتعهدات إلى مرحلة يحظى فيها التنفيذ بالأولوية"، مشيراً إلى "أننا لا نملك ترف الاستمرار على هذا النهج".
غياب الرئيس الصيني
ويشارك نحو 200 دولة في المؤتمر، بعد عام قاسٍ شهد كوارث مرتبطة بتقلبات الطقس جعلت الحاجة ماسة إلى إجراءات ملموسة. ويلتقي أكثر من 100 من قادة الدول والحكومات، الإثنين والثلاثاء، في قمة من شأنها إعطاء دفعة لهذه المفاوضات التي تستمر أسبوعين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويغيب عن القمة الرئيس الصيني شي جينبينغ، في حين يحضر الرئيس الأميركي جو بايدن في محطة سريعة في 11 نوفمبر (تشرين الثاني)، بينما التعاون حيوي بين أكبر دولتين ملوثتين في العالم، اللتين تشهد علاقتهما توتراً شديداً، إلا أنهما قد يلتقيان في بالي في الأسبوع التالي على هامش قمة مجموعة الـ20.
وفي كلمته الافتتاحية قال رئيس النسخة الـ26 للمؤتمر ألوك شارما، "أتفهم ما واجهه الزعماء في جميع أنحاء العالم هذا العام من أولويات مختلفة، يجب أن نكون واضحين، فإن التقاعس عن العمل يمكنه فقط إرجاء كارثة المناخ".
وأضاف، "كم يحتاج العالم وقادة العالم من نداءات للاستيقاظ بالفعل".
وأفاد تقرير للأمم المتحدة، الأحد، تناول الارتفاع السريع في وتيرة الاحترار العالمي على مدى السنوات الثماني الأخيرة، في حال ثبتت التوقعات في شأن عام 2022، ستكون أكثر حراً من أي عام سابق لسنة 2015.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش معلقاً على التقرير، "مع انطلاق مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 27) يواجه كوكبنا نداء استغاثة"، واصفاً التقرير بأنه "سرد لفوضى مناخية".
وسيتطرق المؤتمر إلى مسألة تمويل "الخسائر والأضرار" الناجمة عن تغير المناخ، وفق جدول الأعمال الذي تم تبنيه، الأحد، بالإجماع عند افتتاح المؤتمر.
وأتي ذلك على خلفية نكث الدول الغنية بوعودها برفع مساعداتها إلى مئة مليار دولار سنوياً اعتباراً من 2020 للدول الفقيرة من أجل خفض الانبعاثات والاستعداد لتداعيات التغير المناخي.
وقال سامح شكري إن "الحالة الراهنة لجهود حشد وتوفير تمويل المناخ تثير كثيراً من الشواغل"، مضيفاً أن "تعهد توفير 100 مليار دولار سنوياً لم يجد بعد سبيله للتنفيذ". كما أعرب عن أسفه لأن معظم التمويل المناخي يعتمد على القروض. ومع السياسات المعتمدة حالياً يتجه العالم إلى زيادة قدرها 2,8 درجة مئوية في الحرارة، وهو مستوى كارثي.
تراجع أولوية المناخ
وأسف غوتيريش لأن المناخ تراجع إلى المرتبة الثانية في سلم الأولويات بسبب جائحة "كوفيد-19" والحرب في أوكرانيا والأزمات الاقتصادية وأزمات الطاقة والغذاء.
وقال سفير باكستان لدى الأمم المتحدة ورئيس مجموعة الـ77+الصين"، وهي كتلة تفاوضية نافذة تضم أكثر من 130 دولة نامية، منير أكرم، إن "التوصل إلى اتفاق حول آلية الخسائر والأضرار ستكون مقياس نجاح (كوب 27) أو فشله". وأكد أكرم خلال مقابلة سابقة مع وكالة الصحافة الفرنسية، "الإرادة تصنع المعجزات".
وقال الممثل الخاص للرئاسة المصرية في "كوب 27" وائل أبو المجد، "يتفق الجميع على القول بوجوب إيجاد سبيل لحل ذلك، لكن الصعوبة تكمن في التفاصيل". وقال غوتيريش، الأسبوع الماضي، "لا يمكن للعالم أن يتحمل مزيداً من الغسل الأخضر أو التحركات الزائفة أو المتأخرة".
ومن جهتها، خصصت مصر مضيفة المؤتمر باسم الدول الأفريقية مساحة للنشطاء في شرم الشيخ، فيما يتوقع غياب أي تظاهرات في الشارع، إذ إن التظاهر ممنوع في مصر إلا بتصريح من السلطات الأمنية. وكانت النسخ السابقة من مؤتمر الأطراف قد شهدت تظاهرات كبيرة للناشطين البيئيين.