طرحت الجزائر ورقة نقدية جديدة بقيمة 2000 دينار (13 دولاراً)، فأثارت موجة من الاعتراضات والانتقادات لأسباب شتى، فهناك من اعترض بسبب ما اعتبره خطأ لغوياً بإسقاط الهمزة من "ألفا" وعدم ترك مسافة بينها وبين دينار لتكتب هكذا "الفادينار"، وانتقد آخرون استخدام اللغة الإنجليزية بجانب العربية وتجاهل الأمازيغية اللغة الثانية في البلاد، بينما بكى فريق ثالث إسقاط الفرنسية من الذاكرة.
وأصدر بنك الجزائر الورقة النقدية الجديدة من صنف 2000 دينار جزائري تخليداً للذكرى الـ 68 لثورة التحرير، ولانعقاد القمة العربية في طبعتها الـ 31 بالجزائر العاصمة، وتوسع الجدل حولها من على شبكات التواصل الاجتماعي ليصل إلى الأكاديميين والسياسيين، وكانت كتابة "ألفا دينار" النقطة التي أثارت حوارات لغوية وتاريخية، إذ استغرب الشارع الجزائري غياب الهمزة فوق الألف، وبين من وصف الأمر بـ "الخطأ اللغوي" ومن اعتبر ما حدث كتابة صحيحة، يبقى مدى صحة الكلمة من الناحية اللغوية تنتظر التوضيح الرسمي.
صحيحة أم خطأ جسيم؟
ويرى أستاذ اللغة العربية محمد بورمي أن "الفادينار" مكتوبة بخط يسمى الكوفي الذي من قواعده أن الهمزة ليس لها وجود فوق الألف أو تحته، كونه أول الخطوط العربية ظهوراً في التاريخ، ولم تكن الهمزة توضع على الألف، كما أن من مميزاته عدم وضع مسافة بين الكلمات، منتقداً ما وصفه بـ "اللغط العقيم" الذي أثارته أطراف لا علاقة لها باللغة والتاريخ.
وأشار إلى أن الورقة النقدية قبل أن تصدر تصمم من قبل خبراء فنيين ملمين بكل أنواع الفنون والغرافيك، وتمر على عملية تدقيق من كل النواحي لأنها تمثل سيادة دولة وليست لوحة فنية تعرض في مزاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن ناحية الإعراب يوضح بورمي أن "الفا" خبر لمبتدأ محذوف مرفوع بالألف لأنه مثنى وحذفت النون للإضافة، أما "دينار" فهو مضاف إليه مجرور، وبالتالي فالعبارة ليس فيها خطأ بل هي صحيحة سليمة، مضيفاً أن القاعدة الأصولية أن الاسم إذا انفرد رفع غالباً لأنه في موضع الإسناد وأبرز أنه يجوز إسقاط الهمزة، "لأننا نقرأ الكلمة من دون همز، وتسهيل الهمز مشهور عن الإمام ورش ونحن أتباعه".
وفي المقابل يقول الأستاذ الجامعي أحمد السيد إن "’ألفا دينار‘ تكتب بهمزة القطع، والقائمون على بنك الجزائر كتبوها بهمزة الوصل وهذا خطأ جسيم، ناهيك عن عدم ترك مسافة بين الكلمتين"، معتبراً الأمر "فضيحة ترتكب في حق رمز من رموز الدولة الجزائرية ولا بد من الاستدراك".
صمت رسمي
وبين هذا وذاك لم يصدر بنك الجزائر توضيحات في شأن الملاحظات التي أثارت جدلاً واسعاً مما جعل النقاشات متواصلة، بل انتقلت إلى نقاط أخرى مثل استعمال الإنجليزية إلى جانب اللغة العربية بدلاً عن الأمازيغية اللغة الرسمية الثانية في البلاد، إضافة إلى انتقادات وجهتها أطراف سياسية بفرنسا في شأن "ضياع" اللغة الفرنسية بعد إسقاطها من العملة الجزائرية.
وجاءت الملاحظات ناقمة بخصوص عدم الاستعانة بالحرف "الأمازيغي" أو "التيفيناغ" بدلاً من الإنجليزية، مما أعاد إحياء "معركة" العربية والأمازيغية على مواقع التواصل الاجتماعي.
وقال الرئيس السابق لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية محسن بلعباس في منشور على صفحته عبر "فيسبوك"، إن من ميزات النقود أنها كانت دائماً ترمز إلى الهوية والسيادة، معتبراً ظهور اللغة الإنجليزية على الأوراق النقدية على حساب الأمازيغية شكلاً من أشكال التخلي الرمزي عن السيادة.
ولم يمر منشور بلعباس من دون أن يحدث ضجيجاً، بخاصة أنه كتبه باللغة العربية والفرنسية، إذ انتقدت التعليقات مطالبته باستعمال اللغة الأمازيغية في الأوراق النقدية في حين فشل هو نفسه في التعبير عن آرائه بهذه اللغة، وهو ما اعتبره متابعون تناقضاً يخفي وراءه الدفاع عن الفرنسية ليس إلا.
وفي المقابل علق رواد مواقع التواصل الاجتماعي أن العربية وحدها كافية ولا حاجة إلى إضافة أية لغة، فيما عبر آخرون عن استحسانهم لاستعمال اللغة الإنجليزية لأنها بمثابة التوجه الجديد الذي تبتعد به الجزائر عن اللغة الفرنسية.
وتعدى النقاش حدود الجزائر ليصل إلى فرنسا، إذ سخر المرشح الرئاسي السابق المعارض جون لوك ميلونشون من رئيس بلاده إيمانويل ماكرون ورئيسة الوزراء إليزابيث بورن، وكتب على حسابه الشخصي "هذه ورقة نقدية جزائرية، واللغة المشتركة لم تعد موجودة، وأي حزن، لقد فشل ماكرون وبورن وفي كل شيء".