حذر ديفيد ميليباند [وزير سابق في الحكومة البريطانية والمدير التنفيذي الحالي للجنة الإنقاذ الدولية IRC] من أن العالم أشاح بنظره طويلاً عن أزمة الجوع العالمية المتصاعدة، وبأن في الأفق "علامات تشي" بقرب وقوع مجاعة في شرق أفريقيا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فخلال الأسبوع الأول من الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 27) في مدينة شرم الشيخ المصرية سافر ميليباند إلى شرق أفريقيا لجذب الأنظار إلى كارثة إنسانية قد يتسبب بها الجفاف الناجم عن التغيرات المناخية.
فإثيوبيا والصومال وكينيا جميعها تمر بأطول فترة جفاف خلال الأربعين عاماً الماضية حيث جفت مصادر المياه وتضررت المحاصيل الزراعية ونفقت الثروة الحيوانية في مناطق ينتشر فيها صغار المزارعين مع حقولهم.
كما أن نداءات الاستغاثة الإنسانية لا تلقى الاستجابة المطلوبة وتعاني شح التمويل. ففي إثيوبيا، أدى عدم توفر التمويل اللازم للمساعدات الغذائية المخصصة للاجئين إلى خفضها إلى النصف، وهي مساعدات كانت غالبيتها تصل من الولايات المتحدة الأميركية.
ميليباند ذكر لـ"اندبندنت" أن "الولايات المتحدة تواصل تحمل مسؤولياتها واستجابت أخيراً لأزمة المجاعة في شرق أفريقيا مما يجعل الأميركيين في مقدمة الدول المانحة"، مضيفاً أن الحرب في أوكرانيا جعلت الولايات المتحدة تدرك أن عليها فعل المزيد لمساعدة المحتاجين في أماكن أخرى من العالم وسط تصاعد أزمة المجاعة.
الوزير البريطاني السابق شدد على أن المملكة المتحدة تبدو غائبة تماماً عن تقديم الدعم المالي لدول شرق أفريقيا و"كأن الدرس الذي تعلمته الحكومة البريطانية [من الحرب في أوكرانيا] هو عدم القيام بالمزيد، وهو ما انعكس على أداء المملكة المتحدة التي لا تقوم بواجبها في هذا الوقت المحفوف بالأخطار الحقيقية".
حديث السيد ميليباند جاء خلال وجوده على "طريق وعر جداً" شرق إثيوبيا بالقرب من حدودها مع جيبوتي حيث تنتشر نقاط التفتيش التي تقيمها جماعات محلية مسلحة، والتي قال عنها بأن "هذه المنطقة تكشف بوضوح عن حقيقة التغير المناخي"، حيث وصف المسير بجانب حقول الذرة الرفيعة، السلعة الرئيسة في المنطقة، والتي جفت واصفرت حتى جذورها، هذا بعد أن انحسرت مياه الأمطار للموسم الخامس على التوالي وفقاً للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية.
وأضاف ميليباند: "هنالك أيضاً تأثيرات غير مباشرة. فالنزاعات على الأرض في هذا الجزء من العالم هي أيضاً صراعات على الموارد".
هذا مع العلم أن شرق أفريقيا من أكثر المناطق تأثراً بشكل فريد بـ"الأزمة المتعددة" العالمية الناتجة عن تغير المناخ والجائحة والحرب في أوكرانيا، حيث تعتمد على أوكرانيا وروسيا في 90 في المئة من وارداتها من القمح، كما أن حالات الجفاف الشديد تحدث الآن بشكل أكثر تواتراً، حيث وقعت ثلاث حالات رئيسة في العقد الماضي فقط.
هذا العام، ولأول مرة في تاريخها، أضافت لجنة الإنقاذ الدولية تحذيراً عاجلاً بإمكان وقوع أزمة في شرق أفريقيا إلى قائمة مراقبة الطوارئ الخاصة بها للبلدان الأكثر عرضة لخطر حدوث حالة طوارئ جديدة أو أزمة إنسانية متفاقمة.
ومنذ إصدار ذلك التحذير، ساء الوضع في الصومال وإثيوبيا وكينيا، حيث يواجه 21 مليون شخص المجاعة.
الوضع لا يمكن اعتباره مجاعة بعد - على النحو الذي تحدده معايير التصنيف المعتمدة على البيانات اللازمة لمثل هذا الإعلان - لكن المجاعة تلوح في الأفق.
كما أشار ميليباند إلى أنه "في عام 2011، توفي 250000 شخص هناك، كان نصف هذا العدد سببه المجاعة التي لم يعلن عنها. لا ينبغي أن نختبئ وراء فكرة أن المستوى الثالث أو الرابع من انعدام الأمن الغذائي هو أمر مقبول. فكرة انتظارنا حتى المستوى الخامس - وهو المجاعة - قبل اتخاذ أي إجراء هو أمر مروع". وأضاف أن المجتمعات المحلية تدرك تماماً بأن الظروف من حولها لا تساعد على الاستقرار وتنذر بالخطر.
ويروي ميليباند أخيراً عن حديث دار مع امرأة في إحدى القرى التي تدير اللجنة الدولية فيها مشروعاً لتزويد سكانها بمياه الشرب حيث قالت: "أتذكر عندما كان المناخ مختلفاً. أتذكر عندما كان ضغط الماء أعلى، ما الذي تغير؟ بحيرة هرامايا جفت بشكل كامل. كانت مصدراً للصيد والطعام، من الواضح جداً أن هذا اتجاه قد وجد ليبقى".
© The Independent