تواجه الدول الأوروبية إضرابات واحتجاجات بسبب ارتفاع أسعار الطاقة وغلاء المعيشة في ظل أزمات اقتصادية عالمية على خلفية تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، مما أدى إلى تفاقم التضخم والغلاء، لا سيما على صعيد الطاقة والمواد الغذائية. وتتزايد المخاوف في أغلب الدول من ركود عالمي قد يفاقم الأزمة.
بريطانيا
ففي المملكة المتحدة التي تواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة قال اتحاد موظفي الجامعات والكليات في الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي إن أكثر من 70 ألف موظف في 150 جامعة بريطانية سيضربون عن العمل ثلاثة أيام هذا الشهر للمطالبة بتحسين الرواتب وظروف العمل ومعاشات التقاعد.
وقالت نقابة "جي أم بي" العمالية إن العاملين في مجموعة التغليف البريطانية "دي أس سميث" التي تضم قائمة زبائنها شركة "أمازون" صوتوا بأغلبية ساحقة على تنظيم إضراب بسبب نزاع في شأن الأجور.
وقالت نقابة عمال السكك الحديدية (آر أم تي) في الرابع من الشهر الحالي إن إضراباً لمدة ثلاثة أيام شارك فيه عشرات الآلاف من عمال السكك الحديدية البريطانيين هذا الأسبوع جرى تعليقه، بينما تجرى "مفاوضات مكثفة" في نزاع طويل الأمد في شأن الأجور وظروف العمل.
وأكدت نقابة "تي أس أس أي" الأصغر أنها ألغت أيضاً إضرابات مخططاً لها في أيام الخامس والسابع والثامن والتاسع من نوفمبر لإجراء محادثات مع مديرين من شركة شبكة القطارات وغيرها من مشغلي الخدمة. وكان من المقرر أن ينظم عمال مترو أنفاق لندن إضراباً منفصلاً في العاشر من الشهر نفسه.
بدورها، قالت نقابة "يونايت" العمالية في بريطانيا في الرابع من نوفمبر إن مئات العاملين في مطار هيثرو بلندن سينظمون إضراباً في الفترة التي تسبق كأس العالم لكرة القدم هذا الشهر بسبب مطالب بتحسين الأجور.
وقالت يونايت إن 700 عامل من المسؤولين عن خدمات المناولة الأرضية والنقل الجوي والشحن وتوظفهم شركتا "دناتا" التابعة لمجموعة الإمارات و"منزيس" سيضربون عن العمل لمدة ثلاثة أيام ابتداءً من 18 نوفمبر.
وكان بنك لويدز، أكبر بنك محلي في بريطانيا، قد عرض زيادة في الأجور على موظفيه في البلاد بمقدار ألفي جنيه استرليني (2242 دولاراً) على الأقل، وفقاً لما قاله مصدر مطلع على المحادثات لـ"رويترز"، وذلك بالتزامن مع بدء محادثات سنوية حول الأجور بين البنوك والموظفين على مستوى القطاع المصرفي، والتي قد تؤدي إلى ارتفاع فاتورة الرواتب.
وقال اتحاد عمالي بريطاني في الثاني من نوفمبر إنه حصل على زيادة 10 في المئة في الأجور لأكثر من 900 عامل حافلات في شرق لندن من مجموعة (ستيج كوتش) المشغلة للحافلات في خضم ارتفاع كلفة المعيشة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعلنت مجموعة البريد الملكي البريطاني أن أعضاء أكبر نقابة للعاملين لديها، وهي نقابة عمال الاتصالات، سينظمون إضرابين لمدة 48 ساعة في أواخر نوفمبر وأوائل ديسمبر (كانون الأول) قبل موسم عيد الميلاد.
وقالت نقابة عمالية بريطانية إنها توصلت إلى اتفاق لزيادة الأجور 12.5 في المئة لصالح ألف من سائقي توصيل المشروبات من شركة الخدمات اللوجيستية "جي أكس أو"، مما سيسمح بإلغاء الإضرابات المزمع إقامتها في الفترة التي تسبق نهائيات كأس العالم لكرة القدم.
وخلال زيارته أحد المستشفيات بلندن في 28 أكتوبر (تشرين الأول) قابل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك مريضاً مسناً أخبره بأنه من "المؤسف" أن الحكومة لا تدفع مزيداً للممرضين، وأن عليه أن "يبذل قصارى جهده" لتحقيق ذلك.
وبدأ أكبر اتحاد تمريض في بريطانيا التصويت على تنظيم إضراب في تصعيد لنزاع على الأجور في خضم تنامي التضخم، وهو الاقتراع الأكبر في تاريخه البالغ 106 أعوام.
فرنسا
في فرنسا، قال مسؤول في نقابة عمال الطاقة "سي جي تي" إن إضراباً لا يزال مستمراً في مصفاة نفط "فيزين" التي تديرها شركة "توتال إنرجيز" في شمال البلاد.
وأعلنت وزيرة الطاقة الفرنسية أجنيس بانييه روناتشر أن الإمدادات في محطات البنزين الفرنسية عادت لطبيعتها، وإن أقل من 10 في المئة فقط منها لا تزال تعاني مشكلات.
وكانت نحو 45 في المئة من طاقة مصافي النفط الفرنسية خارج الخدمة في الثاني من نوفمبر بعد إضراب للعمال الشهر الماضي، لكن الإمدادات بدأت في الزيادة بعد معاودة تشغيل مصفاة رئيسة، كما أن من المقرر أن تعود أخرى إلى طاقتها الكاملة بنهاية الأسبوع. وقالت شركة كهرباء فرنسا في 27 أكتوبر إنها وقعت رسمياً اتفاقاً مع جميع نقابات العمال في الشركة لزيادة الأجور على مستوى البلاد.
ألمانيا
وتطالب النقابات في أكبر اقتصاد في أوروبا بزيادة الأجور في ضوء ارتفاع التضخم. وقالت نقابة "آي جي ميتال" العمالية في ألمانيا إنها دعت آلاف العمال إلى الإضراب، الثلاثاء، في 15 موقعاً، بما في ذلك في شركة "إيرباص" في هامبورغ.
وتوصلت "لوفتهانزا" ونقابة "يو أف أو" إلى اتفاق لزيادة رواتب 19 ألفاً من أفراد أطقم الضيافة على الطائرات، بحسب ما قالت شركة الطيران الألمانية.
وقال مدير الموارد البشرية بشركة صناعة السيارات الألمانية "أودي" إنها تفضل تقديم مدفوعات معفاة من الضرائب للموظفين لمرة واحدة بدلاً من منحهم زيادات دائمة في الأجور.
إسبانيا
واحتشد الآلاف من الإسبان في ساحة بلاثا مايور التاريخية في مدريد يوم الثالث من نوفمبر للمطالبة بزيادة الأجور في أول احتجاج كبير في البلاد منذ بداية أزمة غلاء المعيشة. وذكرت نقابة "يو أس أو" العمالية في 28 أكتوبر أن العمال في شركة "أزول" للمناولة الأرضية التي تخدم شركة طيران "رايان إير" في 22 مطاراً إسبانياً، ألغوا خطة لتنظيم عدة إضرابات لمدة 24 ساعة في الفترة ما بين 28 أكتوبر والثامن من يناير (كانون الثاني) للمطالبة بتحسين ظروف العمل.
وبدأ المئات من سائقي الشاحنات التابعين لمنصة الدفاع عن النقل، وهو اتحاد عمالي غير رسمي، إضراباً، الاثنين، للمطالبة بتغيير قواعد الشحن البري والاحتجاج على غلاء المعيشة. وكان الاتحاد قد نظم إضراباً شل حركة النقل في إسبانيا في أبريل (نيسان)، وبعده، حصل سائقو الشاحنات على حزمة دعم بقيمة مليار يورو (1.03 مليار دولار) تضمنت خصومات على سعر وقود الديزل ومكافأة نقدية قدرها 1200 يورو، لكنهم يقولون إن زيادة أسعار الوقود بددت أثر هذه الخصومات منذ ذلك الحين.
البرتغال
يبدأ العاملون بمصنع شركة "فولكسفاغن" للسيارات، وهو أحد أكبر المصانع التي تركز على التصدير في البرتغال، إضراباً في أول ساعتين من كل من المناوبات الأربع ليومي 17 و18 نوفمبر للمطالبة بزيادة استثنائية في الأجور بسبب تصاعد التضخم. ولا تستبعد النقابات توسيع نطاق الإضراب إذا لم تلب مطالبهم. وتعرض الشركة تقديم مبلغ مالي لمرة واحدة بقيمة 400 يورو (402 دولار) فقط في نوفمبر.
النمسا
حصل عمال التعدين في النمسا في الرابع من نوفمبر على زيادة سنوية في الأجور بأكثر من سبعة في المئة في المتوسط، بما يتجاوز معدل التضخم البالغ 6.3 في المئة إبان فترة التفاوض. وينظر إلى المفاوضات على أنها نموذج قد تحتذي به القطاعات الأخرى في النمسا التي تتمتع بتقاليد قوية في التفاوض الجماعي وتسفر عادة عن تقديم زيادات سنوية في الأجور لتفادي التهديد بتنظيم إضرابات.