انطلقت مناورات عسكرية إسرائيلية في منطقة الجولان، مساء الأحد 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، بالتزامن مع كسب رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو فرصة تشكيل الحكومة الجديدة.
وبحسب الجيش الإسرائيلي المناورات التي ستستمر لمدة أسبوع تحاكي تفاصيل شن هجوم في العمق الإيراني.
مواقع حساسة على اللائحة
وتشي معلومات أولية كشف عنها تقرير استخباراتي رفعت الرقابة العسكرية السرية عنه حول استعداد أسراب من طائرات "أف 16" للتحليق على ارتفاع 300 قدم فوق بحيرة طبريا وصولاً إلى شرق طهران، في حين يتوقع الباحث الأكاديمي والمتخصص بالشأن السياسي والاستراتيجي الإيراني، نبيل العتوم، استهداف المنشآت النووية على رغم تحصينها الكبير. ويقول "في حال قررت إسرائيل الهجوم فستستهدف نقاطاً عدة، منها مصانع إنتاج الصواريخ والطائرات المسيرة وبعض الأهداف الحيوية، خصوصاً المتعلقة منها بمواقع إنتاج الأسلحة الذكية والدقيقة وقواعد الدفاع الجوي والمطارات التي تشل قدرة إيران على الرد".
ويرجح في الوقت ذاته عدم إمكانية الرد في حال نجاح إسرائيل في تدمير المطارات ومنظومات الدفاع الجوي الإيرانية ومصانع إنتاج ومخازن الصواريخ والأسلحة الحساسة، أو ما يطلق عليها "مدن الصواريخ" الموجودة تحت الأرض، وأردف بما يخص الضربة المزمعة "لن تحدث إلا بالتنسيق مع واشنطن التي لن تعطي الضوء الأخضر إلا في حال كانت ضربة إسرائيلية غير معلنة. ومن الممكن مشاركة طائرات مسيرة أو طائرات (أف 35) الشبحية الإسرائيلية التي تسلمتها من الولايات المتحدة في مناطق محددة".
ويتوقع الباحث المتخصص بالشأن الإيراني ألا يكون الهجوم واسع النطاق، بل هدفه كسب فرصة كسر هيبة بلد تعج به التظاهرات والاحتجاجات الداخلية، "ستقتصر على عملية نوعية خاطفة لن تكون على نطاق واسع، ومرجح أن تكتفي إيران بالكشف عن وجود ضربة من دون التطرق إلى الآثار التدميرية لها على غرار ما حدث بعدد من المنشآت الحساسة الإيرانية، حينها وجهت الاتهامات لأطراف خارجية من دون أن تسميها، باستثناء اغتيال محسن فخري زادة العالم الإيراني النووي، الذي حملت إسرائيل مسؤولية قتله بالتعاون مع أميركا".
الضربة والرد
وفي غضون ذلك، نشرت القناة 12 الإسرائيلية ملخصاً عن تدريبات طيارين على الإفلات من رصد رادار أنظمة الدفاع الجوية السورية والانزلاق تحتها، تعبر المقاتلات الحدود وترتفع إلى 20 ألف قدم وتنقلب على ظهرها وبعدها تتعرف إلى أهدافها على الأرض.
وذكر التقرير "الطائرات المهاجمة تعرف جيداً استخدام الأنظمة الإلكترونية لحماية نفسها من إطلاق الصواريخ، وطرق الدخول والخروج وارتفاع الطيران لتقليل فرص اكتشافها وإلحاق الضرر بها".
وبحسب خبراء عسكريين لا تعد هذه الضربة مفاجأة لإيران التي تتوقعها، بالتالي لديها إجراءات وقائية دفعتها إلى جعل غالب قواعدها ومراكزها الحساسة تحت الأرض. وكشفت تقارير إيرانية عن "رد سيكون مفاجئاً كاستهداف قواعد أمنية وعسكرية تمثل ثقلاً للكيان الإسرائيلي، ومن بينها إمكانية قصف قاعدة الاستخبارات (أوريم) المعنية بالتجسس، وجمع المعلومات وصولاً إلى ضرب أكبر المفاعلات النووية (ديمونة)".
في المقابل، يخفف المتخصص في الشؤون السياسية الإيرانية من حجم الرد على الهجوم، ويعتقد لجوء طهران إلى عملية عسكرية عبر فصائل حوثية في اليمن، واستغلال مناطق جغرافية محددة من العراق لإطلاق صواريخ أو استهداف الطاقة والسفن وناقلات النفط بمحاولة لفت الأنظار وإشغال الرأي العام الإقليمي والدولي بذلك، وتوجيه رسائل لخصوم إيران ومنافسيها.
وإزاء هذا التطور يرجح الباحث العتوم وجود عملية اختراق هائلة في العمق الإيراني مع إعلان إسرائيل سرقة وثائق النووي الإيراني وأرشيفه. وقال "المثير انتقال تل أبيب من سياسة الغموض وعدم إعلان تبني العمليات ضد إيران إلى سياسة الإعلان المباشر، وهو ما أحرج طهران". وأضاف "أستبعد نشوب حرب شاملة، وتل أبيب ما زالت تخترق الأمن الإيراني باستهداف منشآته واغتيال عشرة من علمائه النوويين، منهم عراب برنامج الصواريخ، ولا يزال الأمن الإيراني يحتفظ بحق الرد".
وقد هبطت ثلاث طائرات من طراز "أف 35" الأحد 13 نوفمبر الحالي بقاعدة نفاطيم الجوية في بئر السبع بالنقب، لتنضم إلى سرب "النسر الذهبي". ومن الممكن أن تشارك بالعمليات الجوية التي تبدأ في الأسابيع المقبلة وفق بيان للجيش الإسرائيلي، الذي يعد الوحيد في الشرق الأوسط المزود بهذه المقاتلات بتقنيات خاصة. وتفيد المعلومات بأنها الدولة الأولى التي اختارت "أف 35" جزءاً من صفقة مبيعات عسكرية عام 2010 ولديها 36 طائرة من طراز "آدير".
الساحة السورية وتعقيدات المشهد
وأمام ذلك، ليس بوسع خطوط خريطة الاشتباك على الأرض السورية أن تعود كما كانت قبل الحرب في أوكرانيا أو حتى قبل اندلاع الصراع الأهلي المسلح على مدى عقد من الزمن.
وكانت المقاتلات الإسرائيلية تستهدف مواقع إيرانية كان آخرها قصف مطار الشعيرات العسكري في ريف حمص وسط البلاد، والذي أعلن خبراء ميدانيون أنه "كان يستخدم في وقت سابق من قبل القوات الجوية الإيرانية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكثف الطيران قصفه وبلغ عدد الضربات الجوية 29 منذ مطلع العام الحالي، آخرها في 27 أكتوبر (تشرين الأول) جنوب شرقي العاصمة دمشق، علاوة على ضربات لممر بري ينقل صهاريج الوقود والإمداد ويمر من العراق وسوريا وصولاً إلى لبنان، كما طال القصف المتكرر أيضاً منطقة الديماس ومواقع الدفاعات الجوية في الكسوة بالقرب من المطار وغيره، في الوقت الذي لم يلاحظ أي رد حتى إعلامي أو رسمي من أي جهة إيرانية.
الدور الروسي
وفي هذه الأثناء، يفسر خبراء في الشأن السوري إجراء تدريبات لضرب إيران بالعمق إلى ضغط موسكو على تل أبيب للحد من تزايد القصف المتواصل في سوريا، "بعد وقوف روسيا الاتحادية موقف المتفرج أمام الضربات المتكررة، وهو ما دفعها إلى التفكير بالهجوم المباشر".
من جهة ثانية تخشى إسرائيل من الاصطدام مع روسيا على الأرض السورية لا سيما بعد توتر العلاقات بين البلدين في أعقاب الحرب الأوكرانية. وكان الباحث السياسي الروسي، رولاند بيغاموف، كشف عن "إمداد تل أبيب كييف بأسلحة وعتاد ثقيل وصواريخ، مع تورط جهاز الموساد في عمليات استخباراتية منذ اندلاع الحرب في فبراير (شباط) الماضي وإعلان تل أبيب تأييدها أوكرانيا".
ملعب للصراع الدولي
"وقبل سبع سنوات إلى اليوم، منذ دخول التحالف الدولي بزعامة الولايات المتحدة من جهة وروسيا وإيران من جهة ثانية، ووجود جيوش غربية على الأرض السورية، باتت الحرب تأخذ اتجاهاً مختلفاً، وأضحت ملعباً تتشاطر أجزاؤه الدول ومناخاً لتصفية الحسابات بين الدول المتصارعة"، بحسب الباحث العتوم، الذي يرى أن دول الجوار كالعراق وسوريا ستكون ساحة لتبادل الرسائل. إيران ستستخدم أذرعها لاستهداف إسرائيل بضربات عبثية لن تصل إلى مرحلة المواجهة المسلحة".