تبذل السلطات الصينية أكبر جهد حتى الآن لإنهاء الأزمات التي تواجه قطاع العقارات بشكل واسع، التي أثرت بشدة على الاقتصاد خلال العام الماضي.
وخلال الفترة الماضية، ارتفعت أسهم شركة "كونتر غاردن"، وهي أكبر شركة تطوير عقاري في الصين، بنسبة تصل إلى 52 في المئة في هونغ كونغ بعد أن كشفت الحكومة الصينية قبل أيام، عن خطة من 16 نقطة تخفف بشكل كبير من الإجراءات الصارمة على الإقراض للقطاع.
وتشمل التدابير الرئيسة التي أعلنتها السلطات الصينية لدعم القطاع العقاري أربعة إجراءات أهمها السماح للبنوك بتمديد القروض المستحقة للمطورين، ودعم مبيعات العقارات عن طريق تقليل حجم الدفعات المقدمة وخفض معدلات الرهن العقاري، وتعزيز قنوات التمويل الأخرى مثل إصدارات السندات، وضمان تسليم المنازل المباعة مسبقاً للمشترين.
يقول كبير الاقصاديين الصينيين في مجموعة "ماسكوير غروب"، لار هو "في الأساس، طلب صانعو السياسة المالية والنقدية في البلاد، من البنوك أن تبذل قصارى جهدها في دعم قطاع العقارات". فيما وصف كبير الاقتصاديين الصينيين في مجموعة "يو بي أس" تاو وانغ حزمة الإجراءات الأخيرة، بأنها "نقطة تحول" لقطاع العقارات في الصين. وقدر أنه إلى جانب السياسات الأخرى التي تم الإعلان عنها في وقت سابق من هذا العام، قد تضخ أكثر من تريليون يوان (142 مليار دولار) في قطاع العقارات.
أسهم الشركات تقفز بعد الإجراءات الأخيرة
وفق البيانات المتاحة، فقد قفزت أسهم شركات التطوير العقاري المدرجة في بورصة "هونغ كونغ" بنحو 11 في المئة خلال التعاملات الأخيرة، وهو ما أدى إلى ارتفاع السوق على نطاق واسع. وقفزت أسهم مجموعة "لونغ فور بروبرتيز"، وهي أحد كبار المطوري العقاريين في الصين، بنسبة 17 في المئة. وصعدت أسهم شركة "ديسكين تشاينا" وهي واحدة من أكبر شركات التطوير العقاري في "هانغتشو"، بنسبة 151 في المئة.
في الوقت نفسه، ينظر عديد من المحللين إلى حزمة الإنقاذ الجديدة، على أنها أقوى إشارة حتى الآن من السلطات الصينية على أن الحملة التي استمرت عامين على القطاع قد انتهت الآن. في أغسطس (آب) من عام 2020، بدأت الحكومة الصينية في محاولة كبح جماح الاقتراض المفرط من قبل المطورين للحد من أسعار المنازل الجامحة.
وتصاعدت حدة المشاكل والأزمات التي تواجه القطاع العقاري خلال العام الماضي وذلك عندما تخلفت شركة "إيفرغراند"، وهي ثاني أكبر مطور عقاري في البلاد- في سداد ديونها. ومع انهيار قطاع العقارات، طلبت عديد من الشركات الكبرى الحماية من دائنيها. وأدت الأزمة النقدية إلى تأجيل أو تعليق العمل في عديد من مشاريع الإسكان المباعة مسبقاً في جميع أنحاء البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وخلال موسم الصيف الماضي، دخلت الأزمة مرحلة جديدة عندما رفض مشترو المنازل الغاضبون دفع قروض عقارية على منازل غير مكتملة، مما أدى إلى اضطراب الأسواق المالية وإثارة مخاوف من انتشار الظاهرة على نطاق واسع. ومنذ ذلك الحين، حاولت السلطات الصينية نزع فتيل الأزمة من خلال حث البنوك على زيادة دعم القروض للمطورين حتى يتمكنوا من إكمال المشاريع. كما خفض المنظمون أسعار الفائدة في محاولة لاستعادة ثقة المشترين.
ركود مستمر ومخاوف المستثمرين قائمة
لكن الركود في سوق العقارات مستمر، حيث تراجع عدد المشترين بسبب الاقتصاد الضعيف والقيود الصارمة التي تتبعها الحكومة الصينية في شأن الوصول إلى "صفر كوفيد". وخلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تقلصت مبيعات أكبر 100 مطور عقاري بنسبة 26.5 في المئة مقارنة بأرقام نفس الفترة من العام الماضي.
ووفقاً لمسح خاص أجرته شركة "تشاينا إندكس أكاديدي"، وهي شركة أبحاث عقارية كبرى، فقد تراجعت أحجام المبيعات في قطاع العقارات بشكل عام بنسبة 43 في المئة منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية أكتوبر الماضي.
وجنباً إلى جنب مع سياسة عدم انتشار فيروس كورونا الصارمة التي قلصت الإنفاق التصنيعي والاستهلاكي، فقد أثرت مشاكل العقارات على الاقتصاد الصيني. وخلال الربع الثالث من العام الحالي، نما الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 3.9 في المئة مقارنة بأرقام نفس الفترة من العام الماضي، مما جعل النمو الإجمالي للأشهر التسعة الأولى عند مستوى ثلاثة في المئة فقط، وهو أقل بكثير من الهدف الرسمي البالغ نحو 5.5 في المئة والمحدد في مارس (آذار) الماضي.
وبينما رحب المحللون بالإجراءات الأخيرة التي أعلنتها الحكومة الصينية، لكنهم ظلوا حذرين في شأن تأثيرها على ثقة المشتري. ويقول محللو "نومورا" في مذكرة بحثية حديثة، إن "سوق العقارات لم تظهر علامات الانتعاش بعد"، مضيفين أن الإجراءات الأخيرة قد يكون لها "تأثير مباشر ضئيل" على تحفيز شراء المنازل.
وأضافوا أن "استراتيجية بكين للقضاء على كوفيد، على الرغم من بعض التعديلات الأخيرة، سوف تستمر في إلقاء العبء على قطاع العقارات".