أعلنت السلطات المغربية أن المحامي والوزير السابق محمد زيان الذي عرف في الأعوام الأخيرة بآرائه المعارضة أودع مساء الإثنين 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، السجن بعد تأييد محكمة الاستئناف بالرباط حكماً بسجنه ثلاثة أعوام في دعوى رفعتها ضده وزارة الداخلية.
وكان زيان البالغ 79 عاماً قد دين بهذه العقوبة ابتدائياً في 23 فبراير (شباط)، فاستأنف الحكم وأطلق سراحه بكفالة، لكن محكمة الاستئناف أيدت الحكم، الإثنين، وأمرت "بإلقاء القبض على المعني بالأمر وإيداعه السجن بناءً على ملتمس تقدمت به النيابة العامة"، وفق ما أعلنت الأخيرة في بيان.
وحوكم الوزير السابق في هذه القضية بناءً على شكوى تقدمت بها الوزارة رداً على اتهامه جهاز الاستخبارات الداخلية "بفبركة" فيديو مخل نشره موقع إخباري محلي.
وقال مكتب الوكيل العام للملك في بيان، إن زيان دين بتهم من بينها إهانة "القضاء وموظفين عموميين ونشر أقوال بقصد التأثير على قرارات القضاء قبل صدور حكم غير قابل للطعن وتحقير مقررات قضائية، وبث اداعاءات ووقائع كاذبة ضد امرأة بسبب جنسها والتشهير بأشخاص عن طريق الأنظمة المعلوماتية والتحريض على خرق التدابير الصحية عن طريق أقوال منشور على دعامة إلكترونية والمشاركة في الخيانة الزوجية والمشاركة في مغادرة شخص للتراب الوطني بصفة سرية والتحرش الجنسي".
تنديد
وقال ابنه علي رضا زيان، وهو أيضاً محاميه، لوكالة الصحافة الفرنسية إن محكمة الاستئناف بالرباط "أيدت هذا الحكم، الإثنين، على رغم أنه لم يمثل أمام المحاكمة ولم يدافع عن نفسه. لم يسبق لي أن رأيت مثل هذا الانتهاك". وأوضح أن والده "دين بجميع التهم الموجهة إليه".
وكان محمد زيان قال لوكالة الصحافة الفرنسية قبل إيداعه السجن، "أنا لم أتلق أي إشعار بانعقاد محاكمتي أمام الاستئناف"، مضيفاً "أنا أحاكم بسبب آرائي".
من جهتها، قالت "الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي" التي تضم نشطاء حقوقيين، إن هذه "المحاكمة عقدت لها جلسة واحدة لم تتح فيها الفرصة للنقيب زيان أن يدافع عن نفسه حيث لم تستمع المحكمة لا إليه ولا إلى دفاعه".
ولم يشر بيان النيابة العامة إلى هذه النقطة، مؤكداً أن مصالح الأمن المتخصصة "قامت بناءً على تعليمات النيابة العامة، بإلقاء القبض على المعني بالأمر وإيداعه بالسجن تنفيذاً لمنطوق القرار الاستئنافي".
القضية
وتعود هذه القضية إلى أواخر عام 2020 عندما ندد زيان بتعرضه لحملة تشهير على أثر بث موقع إخباري مقطع فيديو صور داخل غرفة فندق وقدم على أنه يظهره عارياً مع إحدى موكلاته.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على الأثر، اتهم زيان المدير العام للأمن الوطني والاستخبارات الداخلية عبداللطيف حموشي بالوقوف خلف "فبركة" هذا الفيديو، الذي أثار بثه حينئذ ضجة واسعة النطاق على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية.
ورداً على هذا الاتهام، أعلنت وزارة الداخلية مطلع عام 2021 مقاضاة زيان "تبعاً للتصريحات والاتهامات الخطرة التي أدلى بها في حق مؤسسة وطنية"، و"مهاجمته مؤسسات الدولة عبر الترويج لاتهامات وادعاءات باطلة".
وأكدت الوزارة حينها أن "لجوءها إلى القضاء نابع من التزامها القوي بحماية موظفيها من التهجمات والإهانات والتشنيع الذي قد يستهدفهم بمناسبة القيام بمهامهم".
الاعتقال
لكن نجل الوزير السابق اعتبر، الإثنين، أن والده "كان مستهدفاً منذ دفاعه عن نشطاء حراك الريف"، الحركة الاحتجاجية التي شهدتها مدينة الحسيمة ونواحيها شمال المملكة بين عامي 2016 و2017، "إضافة إلى دفاعه عن الصحافي توفيق بوعشرين"، المسجون منذ عام 2018 تنفيذاً لحكم بالسجن 15 عاماً صدر بحقه بعد أن دين بارتكاب "اعتداءات جنسية" بحق ثماني نساء، وهي تهم ينفيها مندداً بـ"محاكمة سياسية".
بدورها، دانت "الهيئة الوطنية لمساندة معتقلي الرأي" سجن زيان "تعسفياً"، موضحة أنه "ألقي عليه القبض من طرف أزيد من 20 عنصر أمن بزي مدني اقتحموا مكتب محاميه أثناء تخابره معه، من دون تقديم أي قرار قضائي يسمح باعتقاله، وهو ما يعد انتهاكاً جسيماً لقانون المسطرة الجنائية وللدستور وللمواثيق الدولية ذات الصلة".
وقبل هذه الملاحقات القضائية، عرف زيان الذي تولى وزارة حقوق الإنسان بين عامي 1995 و1996، وهو أيضاً مؤسس الحزب المغربي الحر ونقيب سابق للمحامين، بقربه من دوائر السلطات لسنوات طويلة، كما عمل محامياً للحكومة في التسعينيات، لكنه اشتهر في السنوات الأخيرة بآرائه المعارضة في عدد من القضايا وبانتقاداته للأجهزة الأمنية.