حصدت أوكرانيا، السبت 26 نوفمبر (تشرين الثاني)، وعوداً جديدة بالحصول على دعم في مواجهة موسكو، وذلك في الذكرى الـ90 للمجاعة (هولودومور) التي تسبب فيها النظام الستاليني عمداً في ثلاثينيات القرن الماضي ويتردد صداها بشكل أكبر منذ الحرب الروسية.
وأكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن شعبه سيصمد في وجه الهجمات الروسية التي تتسبب بانتظام في انقطاع كبير للكهرباء والمياه مع حلول فصل الشتاء، وقال في مقطع فيديو على تطبيق "تيليغرام" إن "الأوكرانيين مروا بأمور رهيبة. وعلى رغم كل شيء احتفظوا بالقدرة على عدم الانصياع وبحبهم للحرية. في الماضي أرادوا تدميرنا بالجوع واليوم بالظلام والبرد"، مؤكداً "لا يمكن كسرنا".
خطة لتصدير حبوب بقيمة 150 مليون دولار
وبالتزامن مع إحياء ذكرى مجاعة (هولودومور) استضاف الرئيس الأوكراني، السبت، قمة في كييف للدول الحليفة لإطلاق خطة لتصدير حبوب بقيمة 150 مليون دولار إلى الدول الأكثر عرضة لخطر المجاعة والجفاف. وقال زيلينسكي إن مبادرة "الحبوب من أوكرانيا" أثبتت أن الأمن الغذائي العالمي بالنسبة إلى كييف "ليس مجرد كلمات جوفاء".
ويقول الكرملين إن الصادرات الأوكرانية عبر البحر الأسود خلال الحرب لا تصل إلى الدول الأكثر عرضة لخطر المجاعة والجفاف.
وتابع زيلينسكي أن كييف جمعت نحو 150 مليون دولار من أكثر من 20 دولة ومن الاتحاد الأوروبي لتصدير الحبوب لدول مثل إثيوبيا والسودان وجنوب السودان والصومال واليمن. وأضاف، "نعتزم إرسال 60 سفينة على الأقل من الموانئ الأوكرانية إلى الدول الأكثر عرضة لخطر المجاعة والجفاف".
وحضر القمة شخصياً رئيس المجر ورؤساء وزراء بلجيكا وبولندا وليتوانيا، بينما ألقى رئيسا فرنسا وألمانيا ورئيسة المفوضية الأوروبية كلمات عبر الفيديو.
وذكر بيان مشترك صدر عقب القمة أنه منذ الهجوم الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط)، سجل العالم واردات من المنتجات الزراعية أقل بـ10 ملايين طن مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.
وأضاف أن "هذا يعني أن الأمن الغذائي لملايين البشر في أنحاء العالم مهدد بشكل خطر"، وألقى باللوم على الحصار الروسي للموانئ الأوكرانية في وقت سابق من الصراع.
وقال القادة في البيان، "نحن مقتنعون بأننا سنتغلب معاً على العواقب الإنسانية والاقتصادية الخطيرة لأزمة الغذاء العالمية التي سببتها الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا".
وتضاف المبادرة، التي أعلنت عنها كييف هذا الشهر، إلى اتفاق بوساطة الأمم المتحدة سمح بمرور بعض شحنات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، وهو طريق أساسي لصادرات منتجي القمح الرئيسين تم غلقه.
وأعلن الرئيس الفرنسي في كلمته عن مساهمة بقيمة ستة ملايين يورو (6.24 مليون دولار) من أجل اضطلاع برنامج الأغذية العالمي بنقل وتوزيع الحبوب الأوكرانية إلى اليمن والسودان. وقال، "يجب ألا تدفع الدول الأكثر عرضة للخطر ثمن حرب لم ترغب فيها".
مساعدات إضافية ألمانية وفرنسية وبلجيكية
وأجرى رئيسا حكومة بولندا وليتوانيا ماتوش مورافيتسكي وإنغريدا سيمونيت محادثات مع نظيرهما الأوكراني دينيس شميغال وأصدر المسؤولون الثلاثة بياناً مشتركاً بعد الاجتماع أكدوا فيه مواصلة دعم أوكرانيا واستنكار تصرفات روسيا.
وذكرت وكالة الأنباء البلجيكية (بيلغا) أن رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو يحمل معه إلى كييف دعماً مالياً إضافياً بقيمة 37.4 مليون يورو موجهاً خصوصاً لمساعدة السكان في التكيف مع فصل الشتاء في ظل انقطاع التيار الكهربائي.
وكتب دي كرو على "تويتر"، "وصلنا إلى كييف. بعد القصف العنيف خلال الأيام الأخيرة، نقف إلى جانب الشعب الأوكراني اليوم أكثر من أي وقت مضى".
أما المستشار الألماني أولاف شولتز، فأعلن في مقطع فيديو مساعدة إضافية بقيمة 15 مليون يورو لدعم صادرات الحبوب الأوكرانية المتأثرة بالحرب.
وتعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين دعم من الاتحاد الأوروبي، متهمة روسيا "باستخدام الغذاء سلاحاً".
الحد الأقصى لسعر النفط الروسي
قال زيلينسكي، السبت، إن سعر النفط الروسي المنقول بحراً ينبغي أن يتراوح بين 30 و40 دولاراً للبرميل كحد أقصى، وهو أقل من المستوى الذي اقترحته مجموعة الدول السبع.
وتنقسم حكومات الاتحاد الأوروبي التي تسعى إلى الحد من قدرة موسكو على تمويل حربها في أوكرانيا من دون التسبب في صدمة لإمدادات النفط العالمية في شأن اقتراح مجموعة السبع بفرض حد أقصى يتراوح بين 65 و70 دولاراً للبرميل ومن المقرر أن يدخل الحد الأقصى حيز التنفيذ في الخامس من ديسمبر (كانون الأول).
وقال زيلينسكي الذي دفع الحلفاء باستمرار إلى فرض عقوبات أكثر صرامة من جميع الأنواع على روسيا "الحد قيد البحث اليوم، وهو 60 دولاراً تقريباً، أعتقد أنه مصطنع". وأضاف خلال مؤتمر صحافي، "نود أن تكون العقوبات فاعلة جداً في هذه المعركة مع حد أقصى عند مستوى 30 إلى 40 دولاراً حتى تشعر روسيا بها (العقوبات)".
وتتمثل فكرة الحد الأقصى في منع شركات الشحن والتأمين وإعادة التأمين من التعامل مع شحنات الخام الروسي في أنحاء العالم، إلا إذا تم بيعها بأقل من السعر الذي تحدده مجموعة السبع وحلفاؤها.
وتضغط بولندا وإستونيا وليتوانيا من أجل فرض حد أقصى يقل كثيراً عن مستوى 65 إلى 70 دولاراً للبرميل، بينما تريد اليونان وقبرص ومالطا مستوى أعلى.
تواصل تبادل الأسرى
على الجبهة تواصل تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا، السبت، مع استعادة الأخيرة 12 شخصاً، فيما أعلنت موسكو استرداد تسعة أشخاص.
وفي دنيبرو بوسط أوكرانيا تسبب قصف روسي في جرح 13 شخصاً في الأقل وفق حاكم المنطقة فالنتين ريزنيتشينكو.
وقال مكتب المدعي العام الإقليمي إن غارة أخرى على شاسيف يار شرق البلاد خلفت قتيلاً في الأقل وجريحين.
أما في العاصمة، حيث قضى جزء من السكان الأيام الثلاثة الماضية من دون كهرباء بعد الضربات الروسية الواسعة، الأربعاء، فأعلنت البلدية أنها أصلحت 75 في المئة من شبكة الكهرباء و90 في المئة من شبكة التدفئة مع اقتراب درجات الحرارة من الصفر.
مقتل 32 شخصاً جراء القصف الروسي لمنطقة خيرسون
من جانبه، قال قائد الشرطة الأوكرانية إيهور كليمينكو، السبت، إن ما لا يقل عن 32 شخصاً قتلوا في منطقة خيرسون بجنوب البلاد جراء القصف الروسي منذ انسحاب القوات الموالية لموسكو قبل أسبوعين.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأكملت القوات الروسية انسحابها من مدينة خيرسون في 11 نوفمبر بعد احتلال استمر قرابة تسعة أشهر وتتمركز تلك القوات الآن على الضفة الشرقية لنهر دنيبرو وتقصف المدينة من هناك من حين لآخر.
وكتب كليمينكو في منشور على "فيسبوك"، "القصف الروسي اليومي يدمر المدينة ويقتل السكان المحليين المسالمين. إجمالاً، قتلت روسيا 32 مدنياً في منطقة خيرسون منذ انتهاء الاحتلال".
وتابع، "كثير من الناس يغادرون بحثاً عن ملاذ آمن في مناطق أكثر هدوءاً بالبلاد، لكن كثراً من السكان لا يزالون في منازلهم، وعلينا توفير أقصى قدر ممكن من الأمن لهم". وأضاف أن الشرطة عادت لممارسة عملها في المنطقة.
وقال مساعد كبير للرئيس في وقت سابق اليوم إن الكهرباء عادت في المدينة. وذكر كليمينكو أيضاً أن المحققين سجلوا 578 مما وصفها بجرائم حرب ارتكبتها القوات الروسية وشركاؤها في المنطقة في وقت نفت موسكو مراراً ارتكاب قواتها انتهاكات بحق المدنيين.
قصف روسي بصواريخ منزوعة الرؤوس النووية
قالت الاستخبارات العسكرية البريطانية، السبت، إن روسيا غالباً ما تزيل رؤوساً نووية من صواريخ "كروز" متقادمة وتطلقها على أوكرانيا.
وذكرت وزارة الدفاع أن صوراً مفتوحة المصدر تظهر حطام صاروخ "كروز" أطلق من الجو على أوكرانيا يبدو أنه كان مصمماً في الثمانينيات من القرن الماضي كنظام قصف نووي. وأضافت أنه يجري على الأرجح وضع ثقل مكان الرؤوس الحربية.
ومثل هذا النظام سيحدث دماراً من خلال الطاقة الحركية للصاروخ والوقود غير المستهلك، وأفادت الوزارة في نشرتها اليومية للاستخبارات المنشورة على "تويتر" بأن من غير المرجح تحقيق نتائج موثوقة ضد الأهداف.
وقالت الوزارة، "أياً كان هدف روسيا فإن هذه التصرفات المرتجلة توضح مستوى نفاد مخزوناتها من الصواريخ طويلة المدى".