Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المغرب يبحث استعادة أرشيفه التاريخي المفقود

يقدر بـ16 مليون وثيقة تكشف حقائق عن فترات الاستعمار

وزير العدل المغربي مع نظيره الفرنسي أثناء الاتفاق على استعادة وثائق مغربية لدى الأرشيف الفرنسي (أ ف ب)

يبحث المغرب عن استعادة كامل أرشيفه التاريخي الموجود خارج البلاد والخاص بالفترة الاستعمارية سواء المتعلقة بفرنسا أو إسبانيا، حيث يأمل الحصول على زهاء 16 مليون وثيقة بعد أن استرجع نحو أربعة ملايين في السنوات الأخيرة.

وكشف وزير الثقافة والشباب والاتصال محمد المهدي بنسعيد، في جواب له أخيراً، على سؤال بمجلس النواب حول الموضوع ذاته، عن سعي مؤسسة "أرشيف المغرب" الحكومية التواصل مع دول أجنبية لإقناعها بإعادة آلاف الوثائق التاريخية، بعد أن استطاعت جمع ملايين النسخ المرقمنة لوثائق وخرائط تتعلق بفترات من تاريخ المملكة.

استرجاع ملايين الوثائق

وتقوم مؤسسة "أرشيف المغرب"، وفق لائحة المهام الموكلة إليها رسمياً، بمهمة صيانة التراث الأرشيفي الوطني، وتكوين أرشيف عام وحفظه وتنظيمه وتيسير الاطلاع عليه، ووضع معايير لعمليات جمع الأرشيف وفرزه وتصنيفه ووصفه وحفظه الوقائي وترميمه ونقله في حوامل مخصصة للأرشيف.

وتوفر مؤسسة "أرشيف المغرب"، بحسب موقعها الإلكتروني الرسمي، أرشيفاً عمومياً تاريخياً يتعلق أساساً بفترة الحماية الفرنسية في المغرب، وأرشيفات خاصة للأفراد بهدف ضمان جردها ومعالجتها وحفظها وإتاحتها للجمهور.

وتتم عملية جمع الأرشيف النهائي بطريقتين مختلفتين، الأولى: تسلم الأرشيف العام الذي يتوفر على قيمة علمية أو إحصائية أو تاريخية أو تراثية، بعد انقضاء فائدته الإدارية، والثانية: اقتناء أرشيف الخواص الذي يكتسي أهمية تاريخية ويمثل مصلحة عمومية، مثل أرشيف العلماء والشخصيات العمومية، والأسر والجمعيات والنقابات والأحزاب السياسية.

ودشن المغرب برنامجاً سماه "استرجاع الأرشيف الوطني"، تمكن بفضله من استعادة ثلاثة ملايين و952 ألف وثيقة تاريخية، معظمها يعود إلى حقبة الاستعمار الفرنسي والإسباني، وتتضمن تقارير وخرائط وصوراً ومراسلات أيضاً تم توقيعها في الفترة الزمنية الممتدة بين عامي 1912 و1954.

وحري بالذكر أن المغرب خضع للحماية الفرنسية في 30 مارس (آذار) 1912 إلى حين الحصول على استقلاله في 1956، فيما خضعت المناطق الشمالية والصحراوية للاستعمار الإسباني، أما مدينة طنجة فكانت تحت وصاية حماية دولية بين فرنسا وإنجلترا وألمانيا وإسبانيا.

تحرير الوثائق

المؤرخ المغربي الدكتور إبراهيم القادري بوتشيش قال لـ"اندبندنت عربية" إن "المغرب تعرض كغيره من البلدان التي خضعت للاستعمار إلى سلب وثائقه ونهب كنوز تراثه الفكري، مما جعل استقلاله غير مكتمل، ما دامت وثائقه لا تزال أسيرة الأرشيفات الأجنبية".

ومنذ سنة 2004، يضيف بوتشيش، تبنى المغرب مشروعاً وطنياً يروم استعادة وثائق الذاكرة لإعادة تجميع وتوثيق الأرشيف الوطني، وارتفعت وتيرة المطالبة باسترجاع وثائقه بعد تأسيس أرشيف المغرب سنة 2007 بالتواصل مع الدول الأجنبية، بخاصة فرنسا وإسبانيا وبعض بلدان الغرب بالوسائل الدبلوماسية، وبعقد اتفاقيات تعاون لتبادل الوثائق.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي بداية العام الحالي، تكثفت مطالبة المغرب للسلطات الفرنسية باسترجاع أرشيف المقاوم الشهير الراحل محمد بن عبدالكريم الخطابي والوثائق التي استحوذت عليها جيوش الاحتلال الإسباني عام 1926، عقب انتكاسة حرب الريف.

وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان (مؤسسة رسمية تعنى بحقوق الإنسان) قد وجه بمناسبة الذكرى المئوية لمعركة أنوال، مذكرة كتابية عن طريق السلك الدبلوماسي إلى الأرشيف الدبلوماسي الإسباني يطالب فيها باسترجاع وثائق بطل الريف.

بوح بالحقائق

وبخصوص أهمية هذه الوثائق القابعة في الأرشيفات الأجنبية، يرى المؤرخ بوتشيش أن أهميتها ذات أوجه كثيرة، تتجلى في بوحها بحقائق جديدة حول الحركة الوطنية في شمال المغرب، وتقريبها من الباحثين المغاربة.

وفق المؤرخ بوتشيش، تتلخص أهمية الوثائق الأجنبية في إظهار حقائق تاريخية جديدة، إذ يتميز الأرشيف الإسباني، وبخاصة أرشيف المقيم العام الإسباني الجنرال باريلا، بتوفره على عدد مهم من التقارير التي كتبها جواسيس مغاربة، ممن كانوا يتعاملون مع إدارة الحماية الإسبانية كالجاسوس المسمى بـ"الكسكاسي"، وهذا ما ساعد الجنرال بريلا على أن يحيط بكل ما كان يجري من حوارات بين المقاوم عبدالخالق الطريس والأعضاء المنتمين لحزبه.

واسترسل المتحدث بأن هذا الأرشيف يتضمن وثائق مغربية وعربية تلقي أضواء جديدة حول مسألة تحرير المجاهد محمد بن عبدالكريم الخطابي بالقاهرة في يونيو (حزيران) 1947، وتكمن أهمية إحدى وثائقه في التمييز بين تاريخ اتخاذ فرنسا قرار ترحيله إلى مرسيليا في فبراير (شباط) 1947، وتنفيذ القرار خلال الأسبوع الأخير من مايو من العام نفسه.

ووفق المصدر، تلقي وثائق أرشيف باريلا أضواء جديدة على شخصيات لم تذكر في وثائق أخرى بكثرة، فضلاً عن كونها وثائق سرية وضعت تحت إشراف إدارة المقيم العام الإسباني الجنرال باريلا، وهذا الذي أكسبها أهمية في كشف حقائق لم تكن معروفة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير