وضعت الحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني تعديل قانون الانتخابات على منهاجها الوزاري المقدم إلى مجلس النواب، إذ تسعى الكتل والقوى السياسية إلى تغيير قانون الانتخابات بعد أن أثير الجدل حوله وتسببه بأزمة سياسية استمرت عاماً كاملاً، لا سيما أن البرلمان أقر القانون في 24 ديسمبر (كانون الأول) 2019 على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها بلاد الرافدين تجاه حكومة رئيس وزراء العراق الأسبق عادل عبدالمهدي.
مرهون بقرار البرلمان
وأشار القانون الجديد إلى 83 دائرة انتخابية للوصول إلى المقاعد النيابية البالغ عددها 329 مقعداً. في السياق، أكد النائب السابق جاسم محمد جعفر أن غالبية الأحزاب الموجودة داخل البرلمان تقف إلى جانب تغيير قانون الانتخابات، لافتاً إلى أن التغيير مرهون بقرار البرلمان ولا يحتاج إلى نيل الموافقة من طرف سياسي معين بل هو قرار برلماني. وقال جعفر في تصريح صحافي إن "تغيير نظام الانتخابات وقانونها قائم، إذ لن تجرى الانتخابات المقبلة بالطريقة نفسها التي أجريت بها العام الماضي، وسيكون البرلمان هو صاحب القرار بإجراء التعديلات على القانون". وأضاف "تعديل قانون الانتخابات لا يحتاج إلى معرفة موافقة طرف معين من عدمها، ولكن بالإمكان التشاور مع جميع الأطراف السياسية حول هذا الأمر ومن ضمنها التيار الصدري، وعلى رغم ذلك فإن مجلس النواب يمتلك سلطة القرار بتغيير القانون"، وبين أن "مجمل الأحزاب في مجلس النواب ومن مختلف المكونات الموجودة تقف إلى جانب تغيير قانون الانتخابات والعودة إلى المحطة الواحدة بدلاً من نظام الدوائر المتعددة".
إنصاف الدوائر المتعددة
بدوره، قال النائب عن "إشراقة كانون" مصطفى الكرعاوي "لا يوجد أي كلام رسمي بخصوص قانون الانتخابات المقبل، سواء من حيث الرؤية أو المشهد القانوني، وما متداول هو فقط مقترحات وتسريبات خلف الكواليس، والآراء متداولة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي". ورأى الكرعاوي في تصريح صحافي أن "القانون الأنسب للانتخابات هو القانون الذي تم اعتماده في الانتخابات السابقة عام 2021، وهو اعتماد الدوائر المتعددة والذي يعد أكثر إنصافاً، على اعتبار أنه حصل توزيع عادل لتمثيل المناطق، ويفوز المرشح بأصواته وليس اعتماداً على أصوات رئيس كتلته، بالتالي سيكون مديناً له لأنه فاز بأصوات غيره"، منوها بأهمية "من يفوز بالأصوات، والذي يكون استحقاقه أكثر، خصوصاً من له سيرة ذاتية وشعبية ستكون فرصته أكبر بالفوز بالانتخابات بالتالي وجود تمثيل حقيقي لرأي الشعب".
وانتقد الكرعاوي "بعض الأشخاص الذين لديهم إمكانية عالية في الحصول على أصوات عالية، يقومون بتصعيد أشخاص لا يستحقون الفوز بالانتخابات، وهذا الأمر غير منصف"، معتبراً أن "بقاء القانون على وضعه هو الحل الأنسب".
مقترحات قانونية
لكن الخبير القانوني علي التميمي أشار إلى أن هذه التعديلات من أهم المطالب السياسية والاجتماعية الضاغطة في هذه المرحلة كون النظام الانتخابي هو الساند للديمقراطية نحو الأهداف السياسية. وتابع "أوصت المحكمة الاتحادية العليا في قرارها 159 لسنة 2022 باعتماد العد والفرز اليدوي كلاحق للعد والفرز الإلكتروني، وهذا هو المقترح الأول"، مبيناً أن حصص المكونات أو الأقليات المختلفة تحتاج إلى أن تكون لها دائرة واحدة في كل العراق بسبب انتشارها في عموم المحافظات، وهذا يحقق العدالة في الانتخاب وليس جعلها دوائر متعددة. وأضاف أن "الانتخاب الفردي الحر المباشر هو الأفضل برأيي كونه سهل العد وينهي هيمنة الأحزاب ويكون تمثيلاً حقيقياً للناخبين". وشدد على أن يكون المرشح من أبناء المحافظة ويحتاج إلى أن ينص التعديل على إضافة عبارة ومقيم في المحافظة مدة لا تقل عن خمس سنوات في الأقل.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ورأى التميمي أن التحصيل الدراسي مهم، مقترحاً أن تكون الشهادة الجامعية بالنسبة إلى البرلمان و"ممكن أن تكون الإعدادية في مجالس المحافظات، لأن البرلمان يحتاج إلى تشريع وبحوث في حين مجالس المحافظات تحتاج إلى ارتداء البزة العسكرية"، ولفت إلى أن كوتا النساء تحتاج إلى أن تكون امرأة في كل دائرة انتخابية ولا علاقة لذلك بالمرأة التي تفوز أولاً على الدائرة. وكشف عن حق إعادة انتخابات الخارج لأن منعها يخالف المادتين 14 و15 من الدستور ووجود شبهة التزوير ليس مشكلة الناخب بل الأجهزة الرقابية.
فتيل أزمة
من جهته، كشف الباحث السياسي نبيل جبار التميمي عن أن فكرة إجراء انتخابات جديدة مبكرة بدأت بكثير من التشكيك وعدم اليقين من إجرائها، خصوصاً بعد أحداث المنطقة الخضراء الدموية الأخيرة التي سعى من خلالها الصدريون إلى فرض إرادتهم بمطالبتهم بإجراء انتخابات مبكرة وحل البرلمان بصورة مبكرة، لافتاً إلى تصريحات رئيس الوزراء الحالي حول إجراء انتخابات خلال مدة سنة من تشكيل الحكومة، وضمن السوداني الأمر في منهاجه الوزاري، إلا أنه بعد ما يقارب الشهر على تشكيل الحكومة بدأ الإعلام السياسي والحكومي ببث إشارات تخص الانتخابات المقبلة، وأهمها كان حول إجراء انتخابات لمجالس المحافظات، وليست تلك الانتخابات الخاصة بمجلس النواب، مما قد يشعل فتيل الأزمة من جديد عبر استثارة الصدريين أو القوى الناشئة والمحتجين معتبرين إياه نوعاً من التحايل والالتفاف على الوعود.
أيضاً، الإعلام السياسي للقوى السياسية التقليدية والمهيمنة اليوم على السلطة بعث برسائل خاصة حول قانون الانتخابات الذي يتم إعداده حالياً، كاشفاً عن ملامح هذا القانون الذي يشابه القوانين السابقة ما قبل 2021، من حيث طبيعة الدوائر الانتخابية الكبيرة أو تلك المتعلقة بآليات احتساب المقاعد ومنحها، مما ترك انطباعاً سيئاً عند المحتجين والقوى الناشئة، بحسب التميمي.