Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

احتضار شوارع التسوق في بريطانيا قد يخبرنا عن الفائز بالانتخابات المقبلة

بات مرجحاً على ما يبدو أن يقرر الجزء الأكبر من ناخبي "الجدار الأحمر" أن الوعود بتحسين أوضاع مناطقهم لم تترجم واقعاً ملموساً البتة

تجار التجزئة التقليديين في شوارع التسوق يقومون بإغلاق متاجرهم والاتجاه نحو "التركيز على تنمية أعمالهم عبر الإنترنت" (غيتي)

لم يعد رثاء تداعي شوارع التسوق (الشوارع الرئيسة التي تحتضن متاجر التجزئة) في مدن المملكة المتحدة معزوفة غير معهودة، إذ بات صداها منتشراً في جميع أنحاء الشمال البريطاني، ومناطق "ويست ميدلاندز"، والأجزاء الأكثر حرماناً من بقية أنحاء البلاد، لأعوام متوالية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

فقصة واجهات المتاجر المغلقة وتزايد السلوكيات المعادية للسلم المجتمعي وتراجع الاعتزاز بالهوية المدنية، عوامل مجتمعة شكلت ركيزة أساسية للخطاب المتمحور حول تحسين أوضاع المناطق منذ ما قبل انتخابات عام 2019.

فلقد تسبب مزيج من توجه الناس للتسوق عبر الإنترنت وجائحة "كوفيد" في انهيار مبدأ مدينة ما بعد عصر الصناعة البريطانية ومراكز المدن إلى الأبد، في حين أدت مناطق التسوق الخالية من المشترين، وانتشار المتاجر الخيرية، وسكون الشوارع المقفرة، إلى ما يشبه أزمة ثقة في كثير من مجتمعاتنا.

في الواقع، كانت هذه إحدى القضايا التي ظهرت مراراً في النقاشات السياسية المصغرة، قبل وبعد انقلاب "الجدار الأحمر" Red Wall (معاقل كانت تقليدياً تؤيد حزب "العمال" في ميدلاندز وشمال إنجلترا وشمال شرقي ويلز) إلى تأييد حزب "المحافظين".

لكن ما يحدث الآن مثير الاهتمام، فنحن نشهد اليوم انتشار هذه المشكلة إلى ما وراء مناطق البلاد التي يصفها بعض خبراء السياسة والاستراتيجيون السياسيون بأنها "مهملة". ما ستشاهده إذا كنت تغامر بالتسوق استعداداً لعيد الميلاد في نهاية هذا الأسبوع، هو عدد متزايد من المحال التجارية المقفلة، في البلدات والمدن التي كانت تعد حتى الآن محصنة إلى حد كبير من الأزمة الراهنة. وتوازياً، تشهد كبرى المقاطعات وأبرز الضواحي الغنية للعاصمة لندن الآن تراجعاً ملموساً في حركة التسوق في شوارعها الرئيسة أيضاً.

واتضح أنه يوجد عدد محدود من المتاجر القادرة على الصمود، والسبب هو أن تجار التجزئة التقليديين في شوارع التسوق يغلقون في الحقيقة متاجرهم ويتجهون إلى "التركيز على تنمية أعمالهم عبر الإنترنت".

صادف أن وجدت نفسي في شارع أكسفورد في لندن الأسبوع الماضي. فقد كنت أعمل في المنطقة قبل نحو 15 عاماً، وفي الفترة التي سبقت عيد الميلاد، كانت الأرصفة عبارة عن كتلة كثيفة من البشر. في ذلك الوقت، كان الانتقال بسرعة من مكتبي إلى شمال الطريق الرئيس وصولاً إلى شارع سوهو مرهقاً حقاً بسبب التدفق المستمر والكثيف للمتسوقين. لكن على رغم أنه لا يمكن القول إن شارع أكسفورد كان مقفراً حقاً مساء الخميس الماضي، إلا أن التباين كان لافتاً للنظر. فعدا عن متاجر السجائر الإلكترونية، أو ما يسمى بـ "متاجر الحلوى"، والمحال الخاصة بالحقائب والأمتعة التي ظلت مفتوحة، فإن لا شيء آخر يذكر.

حتى مركز عاصمتنا العظيمة، هو في ما يبدو على وشك الانهيار. لست أنا فقط من يثير هذا الأمر. فقد نشرت "بي بي سي" هذا الأسبوع تفاصيل دراسة رئيسة، أكدت ما كنا نعرفه من قبل - ألا وهو أن البنوك ومحال الملابس والمتاجر الكبرى تفر من شوارعنا الرئيسة.

ولا يشكل تدهور وسط المدينة سوى جزء واحد فقط من مشكلة أوسع نطاقاً. فهذا النوع من الأمور يصعب قياسه، لكن في مجموعات التركيز التي أديرها، يبدو أن جمهور بريطانيا العظمى يعتقد أن هناك انقطاعاً في الإمدادات التي تجعل حياته أسهل وأفضل وأكثر أماناً.

فالقطارات بالكاد تعمل، حتى عندما لا تكون في حال إضراب. وما زالت هناك وظائف شاغرة، لكنها متوافرة بشكل أساسي في مستودعات البيع بالتجزئة عبر الإنترنت. وتيرة الجريمة في تصاعد. أما أسعار البقالة والفواتير المنزلية فهي ترتفع بشكل صاروخي. ونعم، تشكل شوارعنا المحلية الرئيسة انعكاساً مؤسفاً لحال مجتمعاتها.

ماذا يعني كل هذا بالنسبة إلى السياسة؟ وهل هناك أي خطر من قيام أحد الحزبين السياسيين بعكس مسار هذا التدهور في نوعية النمط المعيشي، أو حتى مجرد تدهور مستوى الحياة في وسط المدن؟

من وجهة نظر حزب "المحافظين"، يبدو من المحتمل جداً أن يقر سكان "الجدار الأحمر" بأن تحسين أوضاع مناطقهم لم يحقق واقعاً ملموساً على الإطلاق (كشوارع رئيسة أكثر نظافة وسعادة وازدحاماً)، بالتالي يتعين عليهم العودة لدعم حزب "العمال" في الانتخابات المقبلة. وبما أن المشكلات نفسها المرتبطة بالمدن في الشمال ما بعد التصنيع بدأت تظهر في مجتمعات الجنوب الغنية، فإن هذا يمثل أيضاً تحدياً لـ "المحافظين" في ما كانت تعد في السابق مقاعد آمنة للغاية، مع الشعور المتزايد بأن ما يسمى "الجدار الأزرق" قد ينقلب لتأييد حزب "العمال" أو "الديمقراطيين الأحرار" في عام 2024.

في المقابل، ينبغي ألا يدفع ذلك بحزب "العمال" إلى التراخي والاستكانة لواقع الحال. ربما يكون غوردون براون رئيس الوزراء السابق قد قدم خطته لنقل السلطات الاقتصادية إلى المجتمعات المحلية ومنحها صلاحيات في وقت سابق من هذا الأسبوع (وهو رد زعيم حزب "العمال" السير كير ستارمر على تحسين مستوى المناطق، في ما يبدو)، لكنني ما زلت لا أشعر بأي مقدار من الرؤية لدى حزب "العمال" من شأنه أن يعيد نبض الحياة إلى شوارع تسوقنا ومراكز مدننا، أو أن يعكس أثر أعوام من التدهور الحضري على أرض الواقع. كما أن الناخبين العاديين يتشاطرون السخرية في شأن ما يمكن أن يقدمه حزب "العمال" بقيادة السير كير في هذا المجال.

هذه المسألة مهمة للغاية للسكان في كل من الشمال والجنوب، حيث تشعر مجتمعات عدة الآن بأنها متروكة ومهملة وأن شوارعها الرئيسة باتت مصدراً للخزي وليس للفخر المدني. هذا التراجع ما زال ممكناً لا بل يتعين إصلاحه. لكن هل لدى أي سياسي الإرادة أو الدافع لتحقيق ذلك؟

إد دوريل هو مدير في وكالة "بابليك فيرست" Public First  لأبحاث السياسات العامة

© The Independent

المزيد من تقارير