شهدت مدن وجامعات الإيرانية، الثلاثاء 13 ديسمبر (كانون الأول)، تجمعات وشعارات للتنديد بإعدام النظام الإيراني للمتظاهرين واستخدام العنف لقمع الانتفاضة الشعبية للإيرانيين، على الرغم من الانتشار المكثف لقوات الأمن.
وقال موقع "إيران إنترناشيونال"، إن القوات الأمنية منعت المواطنين في مشهد من الدخول إلى مراسم جنازة مجيد رضا رهناورد الذي تم إعدامه، الإثنين، فيما تجمع المحتجون أمام المسجد الذي تقام فيه المراسم وقاموا برفع شعارات منددة بإجراءات النظام الإيراني.
وشهدت مدينة جوانرود بمحافظة كرمانشاه أجواء أمنية مشددة. وفي الوقت نفسه تجمع الطلاب في مختلف الجامعات الإيرانية واحتجوا على عمليات الإعدام المرتبطة بالاحتجاجات.
وعقب الاحتجاجات التي شهدتها المدينة، مساء الإثنين، فرضت السلطات منذ صباح الثلاثاء إجراءات أمنية في المدينة فيما تعطلت خطوط الهواتف والإنترنت. واستمرت، الثلاثاء، تجمعات وإضرابات الطلاب في مختلف الجامعات الإيرانية تضامناً مع التحركات الشعبية واحتجاجاً على عمليات الإعدام.
لاعب كرة قدم يواجه خطر الإعدام
ويواجه لاعب كرة القدم الإيراني المحترف أمير نصر آزاداني خطر الإعدام شنقاً في بلاده بسبب ارتباطه بحركة الاحتجاجات المتواصلة في البلاد منذ نحو ثلاثة أشهر، عقب وفاة مهسا أميني بعد أيام من توقيفها لدى شرطة الأخلاق لانتهاكها المزعوم قواعد اللباس الصارمة، إذ تشكل هذه الموجة أكبر تحد للنظام منذ إطاحة الشاه عام 1979.
وذكر تقرير لمنظمة العفو الدولية أن آزاداني (26 سنة) لاعب نادي إيران جوان المحلي ضمن ستة أفراد ربما ينتظرون أو يخضعون للمحاكمة بتهم عقوبتها الإعدام.
صدمة دولية
وأعلنت النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيبرو)، الثلاثاء، رفضها التام لممارسات السلطات الإيرانية ودعمها التام لآزاداني.
وجاء في تغريدة لـ "فيفبرو" عبر حسابها الرسمي على "تويتر"، "تشعر فيفبرو بالصدمة والاشمئزاز تجاه التقارير التي تفيد بأن لاعب كرة القدم المحترف أمير نصر آزاداني يواجه خطر الإعدام في إيران بعد حملة من أجل حقوق المرأة والحريات في بلاده، نتضامن مع أمير وندعو إلى إلغاء عقوبته فوراً".
وسبق لأمير آزاداني اللعب لأندية سيبهان وراه آهن وتراكتور قبل الانتقال في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 إلى إيران جوان، كما سبق له تمثيل المنتخب الإيراني تحت 16 سنة.
ثاني عملية إعدام
ونفذت السلطات الإيرانية الإثنين ثاني عملية إعدام على ارتباط بحركة الاحتجاجات، بحسب ما ذكر موقع "ميزان"، إذ أفاد الموقع التابع للسلطة القضائية الإيرانية أن مجيد رضا رهناورد أعدم في مدينة مشهد بعدما دين بقتل عنصرين من القوى الأمنية.
وحثت منظمة العفو الدولية المجتمع الدولي على اتخاذ الإجراءات اللازمة للضغط على السلطات الإيرانية لوقف عمليات الإعدام وإلغاء الأحكام وممارسة الولاية القضائية العالمية على جميع المسؤولين الذين يشتبه بشكل معقول في مسؤوليتهم الجنائية عن الجرائم المنصوص عليها في القانون الدولي، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وشهدت المباراة الافتتاحية للمنتخب الإيراني لكرة القدم خلال نهائيات كأس العالم المقامة حالياً في قطر عدم ترديد اللاعبين النشيد الوطني، في إشارة دعم واضحة للاحتجاجات في بلادهم.
وصمت كل عناصر التشكيلة الأساس لإيران المكونة من 11 لاعباً أثناء عزف النشيد الوطني في إستاد خليفة الدولي قبل مواجهة إنجلترا التي انتهت بهزيمة إيران بنتيجة (6-1).
وقبل أربعة أيام من المباراة كان قائد المنتخب علي رضا جهانبخش قد أشار إلى أنه تتم مناقشة مسألة أداء النشيد الوطني من عدمه، وأن القرار سيتخذ جماعياً.
وحجب التلفزيون الإيراني صور اللاعبين خلال البث الحي لعزف النشيد الوطني قبل المباراة.
وودع المنتخب الإيراني المونديال من دور المجموعات بعد احتلاله المركز الثالث في المجموعة الثانية خلف إنجلترا وأميركا.
تنديد أميركي
إلى ذلك نددت الولايات المتحدة الاثنين بتنفيذ إيران ثاني عملية إعدام بحق متظاهر أوقف خلال الاحتجاجات المتواصلة في البلاد منذ ثلاثة أشهر، معتبرةً أن أحكام الإعدام هذه تظهر أن القيادة في إيران "تخشى شعبها".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس للصحافيين إن "هذه الأحكام القاسية، والآن أول إعدام علني (مرتبط بالاحتجاجات)، القصد منها تخويف الشعب الإيراني. إنها تهدف إلى إسكات المعارضة وتُظهر ببساطة إلى أي حد تخشى القيادة الإيرانية شعبها".
وحُكم على مجيد رضا رهناورد (23 سنة) بالإعدام لقتله بسلاح أبيض عنصرين من القوى الأمنية وتسببه بجرح أربعة آخرين، وفق موقع "ميزان أونلاين" التابع للسلطة القضائية. وأُعدم شنقاً علناً في مشهد بشمال شرقي إيران.
وهذه ثاني عملية إعدام مرتبطة بالاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني في 16 سبتمبر (أيلول)، لكنها الأولى التي تتم علناً بعدما شُنق محسن شكاري (23 سنة) في 8 ديسمبر (كانون الأول) بعدما أدين بجرح عنصر من قوات الباسيج.
من جهته، اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الظروف المحيطة بإعدام رهناورد "بالغة القسوة"، ودعا السلطات الإيرانية إلى وقف تطبيق عقوبة الإعدام، وفق ما ذكر متحدث باسمه للصحافة.
وأثارت عمليات الإعدام هذه موجة غضب في أنحاء العالم.
سجن 400 متظاهر بسبب الاحتجاجات
وقال مسؤول قضائي إيراني الثلاثاء، 12 ديسمبر، إن محاكم طهران حكمت على 400 شخص بالسجن مدداً تصل إلى 10 سنوات لمشاركتهم في احتجاجات اندلعت على خلفية وفاة مهسا أميني.
وتشهد إيران منذ ما يقرب من ثلاثة أشهر احتجاجات وصف المسؤولون معظمها بأنها "أعمال شغب"، إثر وفاة أميني بعد أن احتجزتها شرطة الأخلاق بتهمة انتهاك قواعد اللباس الصارمة في البلاد.
وقال رئيس قضاة محافظة طهران علي القاصي مهر إنه "خلال جلسات الاستماع الخاصة بقضايا مثيري الشغب في محافظة طهران، حُكم على 160 شخصاً بالسجن لمدد تتراوح بين خمس و10 سنوات، وعلى 80 شخصاً بالسجن من سنتين إلى خمس سنوات، و160 شخصاً لمدد تصل إلى عامين"، وفق ما نقل عنه موقع "ميزان أونلاين".
وقوبل النظام الإيراني بإدانة دولية واسعة النطاق بعد إعدام رجلين خلال أسبوع على خلفية الاضطرابات، وهما مجيد رضا رهناورد ومحسن شكاري، وكلاهما يبلغ من العمر 23 عاماً، وقد أعدم الأول الخميس الماضي والثاني الإثنين، بعد إدانتهما بتهمة "الحرابة".
وقبل تنفيذ حكمي الإعدام قال القضاء الإيراني إنه أصدر أحكاماً بالإعدام على 11 شخصاً بسبب الاحتجاجات، لكن نشطاء يقولون إن نحو 12 آخرين يواجهون تهماً قد تؤدي إلى الحكم بالإعدام عليهم.
واعتقل آلاف الأشخاص منذ اندلاع الاحتجاجات في الـ 16 من سبتمبر (أيلول)، وقالت أعلى هيئة أمنية إيرانية في الثالث من ديسمبر الحالي إن أكثر من 200 شخص قتلوا خلال الاضطرابات.
عقوبات أوروبية على رجل دين
وفرض الاتحاد الاوروبي الإثنين عقوبات على رجل دين كبير ومسؤولين في مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية لتورطهم في حملة القمع في إيران بعد تنفيذ السلطات ثاني عملية إعدام على ارتباط بحركة الاحتجاجات التي تهز البلاد.
وقال مسؤول الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في مؤتمر صحافي عقب صدور الإجراءات التي اتخذها وزراء خارجية الاتحاد، "تواصل السلطات الإيرانية قمع التظاهرات وتقوم بإعدام المتظاهرين. نحن نستهدف المتورطين في هذه الحملة".
ووضع الاتحاد الأوروبي رجل الدين الشيعي الكبير سيد أحمد خاتمي و15 مسؤولاً عسكرياً وأربعة من أعضاء "شبكة الجمهورية الإسلامية الإيرانية" للإذاعة والتلفزيون الحكومية، على اللائحة السوداء للأشخاص الممنوعين من دخول الاتحاد الأوروبي.
وقالت وزيرة خارجية ألمانيا آنالينا بيربوك الاثنين إن الاعدامات الأخيرة في إيران "محاولة سافرة لترهيب" المحتجين لكي لا يتمكنوا من "التعبير عن آرائهم في الشارع والمطالبة بالعيش بحرية".
كذلك فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على إمداد روسيا بالمسيرات الإيرانية المستخدمة ضد أوكرانيا. وأضاف الوزراء أربعة أشخاص إلى القائمة السوداء بينهم مدير شركة "مادو" المصنّعة للمسيرات، وكيانان: شركة "داما" المصنعة للمسيرات، وشركة تابعة للحرس الثوري متخصصة في تطوير صواريخ باليستية.
وقال بوريل إنه أبلغ وزير الخارجية الإيراني بالعقوبات الجديدة التي أقرها الاتحاد الأوروبي. وأضاف "يجب أن نواصل التحدث والحفاظ على قنوات اتصال على رغم خلافاتنا".
ويحاول الاتحاد الأوروبي إنقاذ الاتفاق النووي المبرم مع طهران في 2015. وقال بوريل "الوضع صعب، لكن لا توجد طريقة أفضل لتجنب امتلاك إيران أسلحة نووية". وشدد على أن "العقوبات والنووي ملفان منفصلان".
رد إيراني
من جانبها، فرضت إيران الاثنين عقوبات على جهاز الاستخبارات الداخلية البريطاني "أم آي 5" ومسؤولين عسكريين بريطانيين وشخصيات سياسية ألمانية رداً على "العقوبات غير القانونية" التي فرضها الأوروبيون عليها، وفق ما أفاد المتحدث باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني.
واتهم كنعاني الأوروبيين والبريطانيين خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي بـ"التدخل في شؤوننا" مؤكداً أن العقوبات "تدخل حيز التنفيذ اليوم". وانتقدت المملكة المتحدة وألمانيا بشدة إيران لقمعها الاحتجاجات.
وفرضت إيران العقوبات على 32 شخصية وكياناً قبل انعقاد اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وتستهدف العقوبات الإيرانية بصورة خاصة المدير العام لوكالة الاستخبارات الداخلية البريطانية كين ماكالوم ورئيس الأركان الأدميرال السير توني راداكين. وبين الشخصيات الأخرى المستهدفة أعضاء سابقون وحاليون في البرلمان البريطاني ومعهد توني بلير للتغيير في العالم.
واستهدفت إيران أيضاً شخصيات سياسية ألمانية أبرزها الرئيسة السابقة للاتحاد المسيحي الديمقراطي أناغريت كرامب كارنباور ومفوضة الحكومة الفيدرالية للثقافة والإعلام كلاوديا روث، فضلاً عن شركات ألمانية.
كما فرضت عقوبات على مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية الهزلية وعلى الفرع الفارسي لإذاعة أوروبا الحرة (فري يوروب). ويحظر على هؤلاء الأشخاص دخول إيران كما يتم تجميد أي أصول لهم في هذا البلد.
ووسعت بريطانيا والاتحاد الأوروبي الشهر الماضي العقوبات المفروضة على مسؤولين ومنظمات إيرانية على خلفية قمع التظاهرات في هذا البلد. وأعلنت المملكة المتحدة الجمعة عن عقوبات جديدة بعدما نفذت طهران أول عقوبة إعدام على ارتباط بالتظاهرات.