قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي، الجمعة 16 ديسمبر (كانون الأول)، إن التحقيقات جارية في مقتل جندي أيرلندي في بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان لكشف ملابسات الحادث، "ومن الضروري تحاشي تكراره مستقبلاً".
وقال إن "لبنان ملتزم بتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي 1701، ويحترم القرارات الدولية، ويدعو الامم المتحدة إلى إلزام إسرائيل بتطبيقه كاملاً ووقف اعتداءاتها المتكررة على لبنان، وانتهاكاتها لسيادته براً وبحراً وجواً".
زيارة تضامن
وزار ميقاتي المقر العام لقيادة قوة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب لبنان "اليونيفيل" في بلدة الناقورة، في زيارة تضامن، برفقة قائد الجيش العماد جوزيف عون. وكان في استقبالهما القائد العام للـ"يونيفيل" الجنرال أرولدو لاثارو. وعقد اجتماع تم خلاله البحث في الحادثة وملابساتها والوضع في الجنوب، إضافة إلى شرح حول عمليات اليونيفيل والأنشطة التي تضطلع بها بالتعاون مع الجيش.
وفي خلال الاجتماع قدم الرئيس ميقاتي تعازيه الى قيادة اليونيفيل بالجندي التابع للكتيبة الإيرلندية الذي قتل في حادثة "العاقبية" (جنوب)، وتمنى الشفاء العاجل للجنود الثلاثة الذين أصيبوا في الحادثة أيضاً.
وتقدّم قائد الجيش، أيضاً، بأحرّ التعازي بوفاة الجندي الإيرلندي متمنّيا الشفاء للجرحى. وثمّن تضحيات عناصر "اليونيفيل" الشريك الاستراتيجي للجيش في المحافظة على الأمن والاستقرار في الجنوب، مؤكّدا استمرار التنسيق والتعاون بينهما.
سبع طلقات
وأعلنت قوات الدفاع الإيرلندية في بيان، أن جندياً إيرلندياً من بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب لبنان (يونيفيل) قتل، في وقت متأخر من مساء الأربعاء 14 ديسمبر، وجرح ثلاثة آخرون عندما تعرضت قافلة مكونة من مركبتين مدرعتين، تقل ثمانية جنود وكانت متجهة صوب العاصمة بيروت، لنيران أسلحة خفيفة. وأضاف البيان أن فرداً آخر من قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) حالته خطيرة بعد أن خضع لعملية جراحية إثر الواقعة بينما يتلقى جنديان آخران العلاج من إصابات طفيفة.
واخترقت سبع طلقات من رشاش حربي آلية تابعة للكتيبة الإيرلندية، وأصابت إحداها السائق في رأسه من الخلف، وفق ما أفاد مصدر قضائي وكالة الصحافة الفرنسية الخميس.
وذكر المصدر أن السائق توفي على الفور، فيما "ارتطمت العربة بعامود حديدي وانقلبت، ما أدى إلى إصابة العناصر الثلاثة الآخرين"، موضحاً أن القضاء العسكري وضع يده على التحقيق.
وقد كلف مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي، وفق المصدر، استخبارات الجيش والأجهزة الأمنية المعنية اتخاذ الإجراءات اللازمة وجمع المعلومات وطلب الأدلة الجنائية. وأشار المصدر إلى أن القوى الأمنية تطارد "أشخاصاً يشتبه في علاقتهم بالحادثة"، متوقعاً أن يبدأ تحقيق مشترك مع قوات "اليونيفيل" كون الأجهزة اللبنانية غير مخولة الاستماع إلى عناصر قوة الأمم المتحدة.
The impact of the problem that occurred between a mechanism of #UNIFIL forces and a number of residents belonging to #Hezbollah in the town of #Al-Aqabiya, who opened fire on a patrol of the Irish battalion in the international forces, according to #Reuters #Lebanon pic.twitter.com/YikQMrRi8U
— Dublin News Live (@DublinNewsLive) December 15, 2022
"حزب الله" يعزي
في المقابل، قال مسؤول وحدة التنسيق والارتباط في "حزب الله"، وفيق صفا لوكالة "رويترز"، "نتقدم بالتعزية لقوات اليونيفيل لسقوط قتيل"، متمنياً الشفاء للجرحى "في الحادث غير المقصود الذي وقع بين أهالي بلدة العاقبية وأفراد من الكتيبة الإيرلندية". ودعا صفا إلى عدم إقحام "حزب الله" في الحادثة.
من جهتها، قالت قوات الدفاع الإيرلندية "نؤكد ببالع الأسى مقتل أحد جنودنا في قوات حفظ السلام في واقعة خطرة في لبنان الليلة الماضية".
وأعلن وزير الخارجية والدفاع في الحكومة الإيرلندية سايمون كونفني في بيان أن عنصراً من الكتيبة الإيرلندية قتل وأصيب آخرون بجروح في الحادثة التي وصفها بـ"الخطيرة".
من جهتها، ذكرت "يونيفيل" في بيان أن الحادثة وقعت خارج منطقة عملياتها في جنوب البلاد، من دون أن تحدد ظروفها. وأضافت أنها تنسق مع القوات المسلحة اللبنانية وأن تحقيقاً فُتح في مقتل الجندي الإيرلندي.
وأفاد الناطق الرسمي باسم اليونيفيل أندريا تيننتي أن "جندي حفظ سلام قُتل الليلة الماضية وأصيب ثلاثة آخرون في حادث وقع في العاقبية بالقرب من الصرفند، خارج منطقة عمليات اليونيفيل في جنوب لبنان". وتقدّم تيننتي بأحر التعازي لأصدقاء وعائلة وزملاء الجندي الذي لقي حتفه، متمنياً "الشفاء التام والعاجل للمصابين". وأكد أن "أفكاره مع سكان المنطقة الذين ربما أصيبوا أو شعروا بالخوف في الحادث". وختم "حتى الآن، التفاصيل حول الحادث متفرقة ومتضاربة، ونحن ننسّق مع القوات المسلحة اللبنانية، وفتحنا تحقيقاً لتحديد ما حدث بالضبط".
ولم تتضح ظروف الحادثة التي وقعت وفق مصور وكالة الصحافة الفرنسية على طريق يربط مدينة صور بمدينة صيدا جنوب لبنان. وشاهد آلية تابعة لليونيفيل منحرفة عن مسارها وقد دخلت متجراً على الطريق، قبل أن يتم رفعها لاحقاً.
وتحدث شهود عيان تحدثت إليهم الوكالة في العاقبية عن اعتراض عدد من السكان آلية تابعة لليونيفيل لدى سلوكها الطريق بشكل غير اعتيادي. ولدى محاولة سائقها المغادرة كاد أن يدهس أحد المواطنين المعترضين، ما أدى الى حالة من التوتر، قبل أن تنحرف عن مسارها. وذكر شهود آخرون سماع دوي رشقات نارية في المكان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
صدمة إيرلندية
وقال رئيس الوزراء الإيرلندي مايكل مارتن لصحافيين لدى وصوله إلى قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل "نحن مصدومون جميعاً وحزناء للغاية لفقدان أحد جنودنا من قوات حفظ السلام لحياته في لبنان"، مشيراً إلى عملهم "في بيئات معادية أحياناً وخطرة للغاية".
وأضاف "ربما يكون من الحكمة أن ننتظر تحقيقاً كاملاً وتحليلاً لما حدث".
وحضرت دوريات تابعة لقيادة اليونيفيل والكتيبة الإيرلندية والجيش اللبناني الذي فرض طوقاً أمنياً في المكان ومنع الصحافيين من التصوير. وتولّت وحدات تابعة للجيش اللبناني أخذ كاميرات المراقبة المثبتة في المكان.
وأبدى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أسفه لما جرى. وشدّد في بيان على "ضرورة إجراء السلطات المعنية التحقيقات اللازمة لكشف ملابسات الحادث وعلى تحاشي تكراره مستقبلاً".
وأدانت وزارة الخارجية اللبنانية "بأشد العبارات الحادث المؤسف". وقالت إنها "تتابع باهتمام كبير مع كافة السلطات اللبنانية المعنية واليونيفيل التحقيقات التي باشرتها للتمكن من محاسبة المسؤولين عنه".
وقوة اليونيفيل موجودة في لبنان منذ العام 1978، وتضم نحو عشرة آلاف جندي وتنتشر في جنوب لبنان للفصل بين إسرائيل ولبنان بعد نزاعات عدة.
وجدّد مجلس الأمن الدولي في 31 أغسطس (آب) الماضي، تفويضها لسنة واحدة. وتضمن قراره تعديلاً يتعلق بحركتها لناحية أنها لا تحتاج إلى "إذن مسبق أو إذن من أي شخص للاضطلاع بالمهمات الموكلة إليها، ويُسمح لها بإجراء عملياتها بشكل مستقل".
وأثار هذا التعديل انتقادات صدر أبرزها عن "حزب الله"، بعدما كانت قيادة اليونيفيل تنسّق خلال السنوات الماضية دورياتها وتحركاتها في منطقة انتشارها مع الجيش اللبناني.
وإثر الانتقادات، أكدت قيادة اليونيفيل في لبنان أنها تعمل "بشكل وثيق مع القوات المسلحة اللبنانية بشكل يومي، وهذا لم يتغير".
ونبّه الأمين العام لحزب الله في خطاب ألقاه في 17 سبتمبر (أيلول) الماضي، عناصر اليونيفيل من أنهم "إذا أرادوا أن يتصرفوا بعيداً عن الدولة وعن الجيش اللبناني المعني بالحركة في جنوب الليطاني، فإنهم يدفعون الأمور إلى مكان ليس لمصلحتهم".
وتُعدّ هذه الحادثة الأبرز في جنوب لبنان خلال السنوات الأخيرة، وتأتي في خضم أزمتين سياسية واقتصادية يشهدها لبنان، الذي فشل برلمانه الخميس للمرة العاشرة على التوالي، في انتخاب رئيس للبلاد.