برز دور المجلس الانتقالي الجنوبي في السنوات الأخيرة كمكون فاعل في المعترك السياسي والعسكري اليمني الملتهب. وأثار بروزه هذا جدلاً عندما كان يتقدم الساحة السياسية بسرعة تماثل سرعة ظهوره على سطح الأحداث كممثل للقضية الجنوبية، كما يردد أنصاره، في واحدة من أعقد الفترات في عمر البلاد. ليتهم لاحقاً بتشتيت جهود جبهة الشرعية والتحالف العربي المناهضة للمشروع الحوثي بإضعاف حال التماسك السياسي والشعبي ضد الانقلاب المدعوم من إيران.
كانت محافظة شبوة النفطية (شرق البلاد) في قلب تلك التفاعلات التي شهدت صراع المعسكر الواحد في السباق نحو الغلبة على المحافظات الجنوبية المحررة، وهو ما تم للكيان الجديد الذي يتبنى مهمة إنجاز مشروع "استعادة الدولة" و"فك الارتباط" متهماً الشرعية بالفشل والفساد والتخاذل في قتال الحوثي، ويتمكن لاحقاً من تكوين قدراته السياسية والعسكرية الأمر الذي أثار حوله كثيراً من الجدل كما أثار كثيراً من الخصوم.
دفعت هذه التطورات المتلاحقة بالسياسي والقائد الأمني الرفيع علي أحمد الجبواني، في واجهة الأحداث التي ظل مرتبطاً بمعتركها وخيوطها حتى ما قبل تعيينه نهاية العام الماضي رئيساً للهيئة المحلية للمجلس الانتقالي في محافظة شبوة، كتتويج لمواقفه الثابتة مع مكونه الجنوبي، بدأها بالالتحاق بالحراك المدني السلمي في عام 2007 الذي أطلقه الضباط والجنود الجنوبيون المسرحون من أعمالهم عقب حرب صيف 1994، لتتوالى الأحداث فتقفز به في منصب قيادة للمجلس الفتي الذي لا يمكن النظر إلى وضع المحافظة الراهن بمعزل عنه.
ولد الجبواني في منطقة جباه التابعة لمديرية الصعيد (جنوب المحافظة) في عام 1976، وتلقى تعليمه فيها ثم التحق بالعمل الأمني في وزارة الداخلية وتدرج في إدارات الإمداد والتموين في عدد من المحافظات وعرف عنه نزاهته وتفانيه.
حال رفض للتغيير
في حوار مع "اندبندنت عربية"، سألناه بداية عن الوضع الأمني والاقتصادي في محافظة شبوة بعد عام على تحريرها من ميليشيا الحوثي، وتقديره لدور المجلس الانتقالي وعلاقته بالسلطة المحلية والمجتمع والداعمين الإقليميين والدوليين، مؤكداً أن حال شبوة معقدة ومليئة بالتحديات "فهناك حائط رفض لقوى تشعر أن مصالحها قد تم تهديدها عبر التغيير لذلك تحاول إرباك المشهد ما بين فترة وأخرى، إضافة إلى التصعيد الحوثي بالهجمات على الموانئ لإيقاف عجلة الاقتصاد والإضرار به".
ويستدرك "لكن عموماً قوات دفاع شبوة وقوات العمالقة الجنوبية وجميع المؤسسات العسكرية والأمنية بالمحافظة بدعم من التحالف العربي ومعهم جميع أبناء محافظة شبوة الشرفاء، يقومون بدور كبير في التصدي لأعمال الإرهاب وكل محاولات تكدير الأوضاع بالمحافظة". وأما عن دور المجلس الانتقالي "فهو إلى جانب السلطة المحلية ممثلة بالمحافظ الشيخ عوض بن الوزير من أجل أن تمضي المحافظة قدماً في مسار آمن نحو المستقبل والعمل على تصحيح الأوضاع المختلة وإصلاح الجهاز الإداري والمدني وإصلاح المنظومة الأمنية لترتقي بدورها لحماية المحافظة وتأمينها وتأمين سواحلها وثرواتها من الأطماع، وهذا واجب ومسؤولية الجميع وليس المجلس فقط".
سلطة ثورية أم شريكة؟
في ظل المتغيرات السياسية والعسكرية التي طرأت على شبوة هناك من اعتبر تصرفكم كطرف يريد أن يكون حاكماً مستقلاً في حين يرد الجبواني بأنهم "شركاء السلطة المحلية"، استناداً إلى كون الانتقالي "شريك في اتفاق ومشاورات الرياض ونحن جزء من المجتمع والنسيج السياسي والاجتماعي في المحافظة ومن تطلعاته، ولا ندعي لأنفسنا التميز ونترك تقييم عملنا يأتي من أبناء شبوة الذين يدركون أهمية أن نستفيد من سلبيات الماضي ونؤسس لثقافة قائمة على الاعتدال والوسطية ونبذ العنف وإرساء قيم التسامح والاعتراف بالآخر واحترام الرأي والرأي الآخر".
تحرك القطار
لوصف طريقة أداء العمل المؤسسي والخدمات العامة في ظل جملة من التحديات على الصعيد الخدمي والإنساني والصحي وغيره يصف علاقتهم بمحافظ شبوة عوض الوزير العولقي بالإيجابية التي "يسودها الانسجام والوئام ووحدة الهم والمصير الذي نطمح إليه جميعاً في الانتقال إلى مستقبل أفضل، والسلطة المحلية وفي طليعتها المحافظ تبذل جهوداً جبارة في إنجاز عملية التحول، وغالباً مراحل التحول هي صعبة ومعقدة ومليئة بالعراقيل لكن في تصوري أن القطار انطلق ولن يتوقف".
الفكرة ذاتها
عن نقطة التحول تلك وإلى أي مدى يسعى الانتقالي إلى الوصول بها في ظل ما يشاع عن وقوفه على النقيض من أهداف ومبادئ الحراك الجنوبي السلمي حين انطلق في عام 2007، يرد "المجلس هو امتداد نضالي وتاريخي للحراك الجنوبي والحراك نفسه هو امتداد لسياقات نضالية وثورية سابقة، فالانتقالي يحمل الأدبيات نفسها والفكرة ذاتها، وهو نتاج تطور تاريخي واستحقاق لحركة شعبية ووطنية في الجنوب تستهدف استعادة هويته وسيادته واستقلاله وترتكز على مبادئ التصالح والتسامح والوئام الجنوبي". يصف هذه المبادئ بأنها "هي من مهد الطريق إلى قيام كيان يستقطب كل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي في بوتقة واحدة ومن أجل هدف واحد، وينهي عهد الشتات والفرقة ويحظى بتأييد شعبي واسع، فتشكيل المجلس ككيان سياسي يحمل هم الجنوب وقضيته جاء بتفويض شعبي من قلب ساحات وميادين الحراك الجنوبي".
استقطبنا الجميع
مع غض النظر عن التأثير الخارجي، يمكن القول إن المجلس الانتقالي الجنوبي جاء نتيجة لسلسلة تفاعلات شعبية غاضبة بدأها "الحراك الجنوبي السلمي" في عام 2007 بالدعوة "إلى إصلاح مسار الوحدة والشراكة" عقب اتهامات لنظام صالح بإقصاء شركاء دولة الوحدة التي تمت في 22 مايو (أيار) في عام 1990 بين جمهورية اليمن الديمقراطية (الجنوبية) ذات المرجعية السياسية اليسارية ممثلة بالحزب الاشتراكي اليمني، والجمهورية العربية اليمنية (الشمالية) ذات المرجعية السياسية القبلية ممثلة بحزب المؤتمر الشعبي العام الذي انبثق عنه لاحقاً حزب الإصلاح، إلا أن مشروعها تطور نحو المطالبة بفك الارتباط واستعادة الدولة التي يقول قطاع واسع من سكانها إنهم افتقدوا كثيراً من القيم الإيجابية التي كانت سائدة فيها كالأمن والعدالة الاجتماعية والخدمات بعد.
وزادت وجوه "قادة الحراك" لتظهر لاحقاً قوى منضوية تحت شعاره، تتوشح علم الدولة السابقة على رغم بقاء الدولة الحالية في كيان وطني رسمي واحد ومعترف به دولياً، ثم اعترت هذه المكونات حال من الصراع البيني بناء على اختلاف واضح في الرؤى والأهداف سواء الآنية أو المرحلية، وأبرزها ما يتعلق بالحامل السياسي لمشروعها السياسي حتى بات كثير ممن شارك في تأسيس الحراك خارج المجلس الانتقالي، أو من يوصف بأنه "الحاكم الفعلي" في المحافظات الجنوبية المحررة، يرى أن "الحراك الجنوبي حراك شعبي عريض ومكوناته عديدة ولكن غالبية المكونات تم تمثيلها، والقول إن غالبية الحراك غير موجود قول غير منصف فهناك من يوجد في صفوف المجلس، وهناك من انخرط في حوار مع الانتقالي للتنسيق والاستيعاب وبقيت بعض الشخصيات ترى أنها ستخدم القضية بشكل أفضل بما لا يتعارض مع وحدة الصف الجنوبي". بل يذهب إلى أن "ولادة الانتقالي كانت مفصلية وأنهت عهود التشتت والخلافات".
في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2018، أصدر الرئيس اليمني السابق عبدربه منصور هادي، قراراً بتعيين محمد بن عديو محافظاً لشبوة، الذي اتهم بأنه أدار المحافظة النفطية بناء على الولاء الحزبي المطلق والترضيات القبلية، بتعيينات واسعة لشخصيات قبلية موالية له ولمرجعيته، ولقي إثرها انتقادات شعبية واسعة انتهت بإقالته. يصف ضيفنا هذا الإرث بـ"الكارثي". ويوضح وجهة نظره بالقول "حين يتم بناء منظومة مصالح تكرس نفسها بمرور الوقت تصبح التركة صعبة ونحن لا ندعو إلى الإقصاء بل إلى الشراكة وفق إرادة أبناء شبوة والثوابت التي خرجوا وضحوا من أجلها".
تقييمنا من الناس
في المقابل يعلق على تجربتهم بقوله "نحن لا ندعي الكمال ولكننا نبذل أقصى جهودنا لإيصال قضية شعبنا إلى أرفع المستويات بما يليق بها سياسياً كقضية شعب ووطن وهوية وتعزيز أواصر التلاحم والوئام بين أبناء شبوة والجنوب عامة، ونظن أننا قطعناً شوطاً كبيراً في هذا والشعب صاحب المصلحة هو الذي يقيم الأداء في نهاية المطاف".
كنا دولة ذات سيادة
ما يزيد من تعقيدات القضية اليمنية مسألة لم شمل الجبهة المناهضة للحوثي ممثلة بالحكومة الشرعية المعترف بها دولياً، والمجلس الانتقالي. إذ يتسمك الطرفان بقضايا يرانها وجودية، فالشرعية لديها مبادئ "وحدوية" تسعى من خلال ما تقوم به إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية وتحرير ما تبقى منها تحت سيطرة الميليشيات التي انقلبت على السلطة في 2014، في حين يصر الانتقالي على إيجاد صيغة سياسية ينهي بموجبها شكل الدولة الموحدة: الجمهورية اليمنية.
يتفق الجبواني مع هذا الطرح، فمن وجهة نظر الانتقالي العامة فإن غياب سلطة الدولة قد ترك "فراغاً هائلاً"، ولهذا بات "من حق أبناء الجنوب أن يعملوا لاستعادة أرضهم وبناء دولتهم الجنوبية الفيدرالية المستقلة بعد أن فشل مشروع الوحدة".
وبالحديث عن المشروع السياسي للانتقالي، فهو يتبنى علناً مشروع "استعادة الدولة وفك الارتباط"، وهنا سألته عن الظروف الموضوعية حيال تحقيق هذه الغاية عقب أكثر من 32 سنة على قيام "دولة الوحدة": الجمهورية اليمنية، وحال الاندماج السياسي والاجتماعي، فيرد بأن "الجنوب كان دولة ذات سيادة وله مقاعده في المؤسسات الدولية والإقليمية ومنها الأمم المتحدة ودخل في وحدة سلمية مع الجمهورية العربية اليمنية عام 90، ونقض الشريك في الوحدة كل العهود والمواثيق والاتفاقات وشن علينا حرباً في عام 94 بمشاركة جماعات القاعدة وتم إعلان فك الارتباط في 21 مايو (أيار) 94، ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم وشعب الجنوب يقدم أنهاراً من الدماء من أجل استعادة دولتهم على حدود ما قبل 21 مايو (أيار) 1990، وهذا حق مشروع في كل القوانين والشرائع والأعراف.
بشيء من التفاؤل يضيف "يسير أبناء الجنوب بخطى حثيثة وثابتة من أجل استعادة دولتهم وبنائها بشكل جاد لمواكبة التحديات".
تم تفويضنا
غير أن الانتقالي يواجه اتهامات من داخل قوى جنوبية أخرى ترى أنه ليس وصياً ولا مفوضاً للتحدث باسم "كل الجنوبيين" سواء في التمثيل السياسي أو في ما يتعلق بفرض الرؤى السياسية التي يتهم بانتهاج العنف لفرضها. إذ تقف قوى جنوبية مع مشروع الانفصال وبعضها مع دولة يمنية اتحادية وفقاً لمخرجات الحوار الوطني (شاركت فيه المكونات السياسية والمدنية كافة خلال 2013 – 2014 وحظي بدعم وتأييد محلي ودولي واسع)، وأخرى ترى أن الحل يكمن في دولة يمنية من إقليمين شمالي وجنوبي وغيرها، ولكن الجبواني يرد بـ"أن الشعب الجنوبي فوض المجلس للعمل من أجل هذا الهدف (فك الارتباط) وقدمنا تنازلات كبيرة لرأب الصدع ومحاولة توحيد الجهود لردع الخطر الإيراني على رغم أن هناك أطرافاً تبين أنها غير جادة وتتخادم مع الحوثي ضد الجنوب وضد التحالف العربي (في إشارة إلى حزب الإصلاح)". يتابع "لدينا قناعة أن استرداد الحق الجنوبي هو أهم عوامل السلام الشامل وفاتحة لحل سياسي مستدام، أما مسألة من خولكم فإن كل الأطر السياسية ينبغي أن تعود إلى شعب الجنوب في هذه القضية المحورية ليقول كلمته مع أنه قد أعلنها مراراً".
لدى اليمنيين مرجعيات ثلاث رئيسة للحل السياسي كما اتفقوا عليها وهي، المبادرة الخليجية 2011، ومخرجات الحوار الوطني 2014، وقرار مجلس الأمن 2216، إلا أن مشكلة الانتقالي معها هي أنها تضع وحدة التراب اليمني ضمن شروط الحلول التي تستند عليها الصيغ المقترحة للحل السياسي الشامل.
جنوب لا يمن
يرفع الانتقالي علم دولة "جمهورية اليمن الديمقراطية" الجنوبية الذي يمتد من طرفه المثلث الأزرق الذي تتوسطه النجمة الحمراء المستوحاة من شعار الحزب الاشتراكي اليمني، وفي الوقت ذاته يتحدث عن استعادة دولة "الجنوب العربي"، وهي التسمية التي أطلقتها قوى تتهم بموالاتها للاستعمار البريطاني خلال فترات تاريخية معينة وقفت على النقيض من دولة الاستقلال الوطني ومبادئها. هنا يصف هذه الازدواجية بأنها "لا تنتقص من الحق الجنوبي ومن عدالة قضية شعب الجنوب فقد دخل الوحدة بهذا الشعار ومثل فترة زمنية مهمة من تاريخ الجنوب، والانتقالي يتفهم إرادة الشعب الجنوبي في استرداد هويته التي تمثلها الجنوب العربي".
ويدافع عن وجهة نظرهم بالتأكيد أن الجنوب يختلف عن اليمن برمته "لا يمكن طمس أية مرحلة من تاريخ الجنوب فقد ثبت أن (اليمننة) وما رافقها من فرض مشاريع لا تمت بصلة إلى ثقافة شعب الجنوب وتجاوز إرادته، كان خطأ كبيراً أدخلنا إلى نفق مظلم، ومع هذا نرى أن اختيار اسم الدولة وعلمها من الإجراءات التي سيفصل فيها شعبنا عند استعادة أرضه وسيادته".
الرئاسي... شكل مرحلي
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
هذا الطرح يقودنا للسؤال عن مستقبل الشراكة مع الحكومة الشرعية وفقاً لاتفاق الرياض. إذ يشارك الانتقالي بعدد من الوزراء في حكومة معين عبدالملك ولكنه لا يعتبر نفسه من الشرعية، وتقييمه وفقاً لمقتضى التوافق السياسي الحاصل ممثلاً بمجلس القيادة الرئاسي الذي حظي بدعم إقليمي ودولي واسع، فهو يرى أن "المجلس الرئاسي جاء لترتيب أوضاع القوى المؤيدة للتحالف العربي والمناهضة للمشروع الإيراني الذي يقوده الحوثي"، ولكنه اعتبر أن الرئاسي "شكل مرحلي تتمثل مهمته في التوصل إلى حل سياسي مع الحوثي أو حسم المعركة على رغم كل الإشكالات التي تحدث بين وقت وآخر بسبب التخاذل عن هذه الأهداف". ويعتقد أن المجلس الرئاسي الذي يعلق عليه اليمنيون وجيرانه آمالاً عريضة لإخراج البلد من وضعها المأسوي "سلماً أو حرباً" كما قال رئيسه رشاد العليمي، قد "حظي بدعم دولي وإقليمي كبير وعليه الاستفادة من هذا والعمل بجدية من أجل تنفيذ الاتفاقات السابقة وبخاصة اتفاق الرياض".
تركة ثقيلة
تعد شبوة ثاني محافظة منتجة للنفط في اليمن بعد حضرموت بمعدل إنتاج 60 ألف برميل يومياً، وكما تعد ثاني محافظة في البلاد إنتاجاً للغاز بعد مأرب، والأولى من حيث احتياطي الغاز، كما تمثل بيئة خصبة لاستكشافات النفط والغاز قليلة الكلفة، إلى جانب الموانئ النفطية.
وخلال فترة المحافظ السابق، كثر الحديث لدى الانتقالي وأنصاره عن فساد ينهش هذه الموارد يقابله اتساع لدائرة الفقر وتردي الخدمات وانهيار الأمن مع اتهامات تتحدث عن صراعات خفية حول إدارة هذه الموارد وتشغيلها لصالح قوى نافذة بداخل الشرعية. يرى ضيفنا أن شبوة "ورثت تركة ثقيلة من الفساد والمحسوبية أوجدته قوى الاحتلال التي غزت الجنوب عام 94 وشنت الحرب عليه (في إشارة للقوات الموالية للرئيس الراحل علي عبدالله صالح) من أجل السيطرة على ثرواته وخيراته ومن الذين أداروا المحافظة في أوقات سابقة، ومن الطبيعي أن تكون له إفرازات ونتائج فمنظومة المصالح تتشبث بما تراه حقاً حصرياً لها"، من وجهة نظرهم فإن "تفعيل القانون وبسط هيبة النظام كفيل بإعادة الأمور إلى نصابها".
تحديات عسكرية
تمكنت قوات العمالقة التي توالي الانتقالي مطلع العام الحالي، من تحرير كامل محافظة شبوة من سيطرة ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران، خلال مدة قياسية لم تتجاوز الشهر بعد سنوات من العجز لقوات "الجيش الوطني" المحسوبة على قوى سياسية تعادي الانتقالي وخيارات الجنوبيين، ولكن تهديدات الحوثي للمحافظة ما تزال قائمة باستخدام الطيران المسير والصواريخ بعيدة المدى، ولكن "تم إجهاضها وإسقاط الطائرات عبر القوات الجنوبية ونحن نعتبر هذا الأسلوب إفلاس كبير من قبل الميليشيات الحوثية الإيرانية التي تحاول إيذاء المواطن في مصادر معيشته وضرب الاقتصاد وحركة الموانئ والملاحة الدولية".
عن مستوى الجاهزية العسكرية لهذه التحديات يؤكد أن "قواتنا الجنوبية بمقدورها الرد لكن لدينا أسساً أخلاقية واستراتيجية وقانونية لهذا لأننا لسنا ميليشيات، بل نمثل الدولة ومؤسسات توشك أن تستقل كلياً في إطار دولة جنوبية جديدة ستكون عامل أمن واستقرار في المنطقة وتأمين المصالح الدولية". وبالتطرق إلى مستوى التنسيق المشترك مع قوات الجيش في مأرب ووزارتي الدفاع والداخلية في الحكومة الشرعية "فنحن جزء من المجلس الرئاسي وشركاء في الحكومة ومن الطبيعي التنسيق مع هذه الجهات أو الصحيح هم من ينسق معنا لأننا في أرض محررة بالكامل، وهذا التحرير بذل أبناء شبوة والجنوب عامة من أجله أثماناً باهظة".
القبيلة... الابتلاع والقانون
يلعب البعد الاجتماعي في اليمن بشكل عام وشبوة على وجه الخصوص دوراً بارزاً في مشهد الأحداث العام، إذ يجري استدعاؤها لإحداث التوازنات السياسية، واليوم يتهم الانتقالي الذي ثار على القيم القبلية التي أرساها نظام صالح بتبني السياسة ذاتها، إلا أن رئيسه في شبوة يعترض لكون "الجنوب مجتمعاً سلمياً ومدنياً ودور القبيلة هو دور أصيل باعتبارها وعاء للقيم الفاضلة والأخلاق العظيمة". يوضح بأن "مفهوم القبيلة يختلف كلياً عن الشمال الذي استطاعت فيه القبيلة ابتلاع الدولة، أما هنا فهي جزء من المشروع الجنوبي في الغالب الأعم، واليوم في كثير من المناطق التي تتعرض للعسكرة والنهب خرج أبناء القبائل في اعتصامات سلمية للتأكيد على حقوقهم المدنية في إدارة شؤونهم".
الفرحة بالسلاح
عقب سيطرة الانتقالي على العاصمة الموقتة عدن، في أغسطس (آب) 2019، كان واضحاً حال الانتشاء التي اعترت خطابات الكيان الجنوبي إذ تطورت إلى خطاب متشنج يلوح، لأي سبب، بانتهاج القوة والعنف، فسر على أنه انتشاء بما بات يقع تحت يده من قوة. يرفض الجبواني هذا الطرح لاعتبارات عدة من ضمنها أن "الانتقالي جاء من رحم النضال السلمي لشعب الجنوب الممتد منذ 2007، ولم يكن منتهجاً لأي نهج مسلح على رغم أن شعب الجنوب يباد بقوة السلاح منذ عام 94 (وهو العام الذي شهد اشتعال الحرب الأهلية بين القوات الجنوبية والشمالية عقب خلاف استمر سنوات، انتهت باجتياح الأخيرة للجنوب وتثبيت الوحدة بالقوة) بواسطة قوى متعددة ومتلونة بأساليب متعددة منها العسكري ومنها الاقتصادي والخدماتي الذي نعيشه اليوم".
ويتابع "على رغم أننا في مناخ حرب وأمام خصم يفتقر للحكمة والأخلاق ويسيطر عليه الطيش والتهور إلا أن خطاب التجييش والعنف والعداء يصدر من خصوم الجنوب المتعددين".
شركاء التحالف
يصف دور التحالف العربي بقيادة السعودية في شبوة واليمن "بالفعال والإيجابي والملموس سواء على الصعيدين العسكري والأمني أو في المجالات التنموية والاقتصادية والإنسانية". أما العلاقة بهم فهي "تنطلق من علاقة المجلس الانتقالي الجنوبي بشكل عام باعتباره حليفاً وشريكاً أساسياً مع التحالف العربي في مواجهة خطر المشروع الإيراني وفي التصدي للأعمال الإرهابية كافة، وكل ما يهدد أمن واستقرار المنطقة العربية".
ندير الخلاف بالحوار
برده على مستقبل المجلس مع ذاته ومع المختلف معه في الآراء السياسية فيؤكد أن الانتقالي "هو إطار سياسي جنوبي جامع قائم على التعدد والتنوع ومستوعباً للجميع". واختتم في هذا الإطار بالتذكير بأن "هناك حواراً جنوبياً قد انطلق منذ فترة برعاية الرئيس القائد عيدروس قاسم الزبيدي يهدف إلى خلق اصطفاف وتوافق جنوبي تقتضيه ظروف المرحلة ومستقبل دولة الجنوب القادمة".