وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي لم يغادر بلاده منذ الهجوم الروسي على بلاده في 24 فبراير (شباط)، الأربعاء 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلى واشنطن التي أعلنت أنها ستزود بلاده بمنظومة باتريوت الأكثر تطوراً للدفاع الجوي.
وسيستقبل الرئيس جو بايدن نظيره الأوكراني في البيت الأبيض قبل أن يخاطب الأخير الكونغرس الأميركي في إطار هذه الزيارة التاريخية.
منظومة باتريوت للدفاع الجوي
وفي السياق أعلن وزير الخارجية الأميركي انتوني بلينكن الأربعاء أن بلاده ستزود أوكرانيا بمنظومة باتريوت الأكثر تطوراً للدفاع الجوي بالتزامن مع وصول الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى العاصمة الأميركية.
وقال بلينكن في بيان إن "رزمة المساعدة اليوم تشمل للمرة الأولى منظومة باتريوت للدفاع الجوي القادرة على إسقاط صواريخ عابرة للقارات وصواريخ بالستية قصيرة المدى وطائرات تحلق على علو يتجاوز في شكل واضح قدرة المنظومات الدفاعية التي تم تسليمها إلى الآن".
ولاحقاً أوضحت الخارجية أن واشنطن لم ترسل حتى الآن سوى واحدة من منظوماتها السريعة التحرك، في وقت تواجه أوكرانيا تكثيفاً للضربات الروسية.
ومنظومة باتريوت تشكل جزءاً من رزمة مساعدة عسكرية أميركية جديدة لأوكرانيا بقيمة نحو 1.85 مليار دولار، بينها مليار على شكل أسلحة لكييف من مخزونات الجيش الأميركي، أي يمكن تسليمها سريعاً، و850 مليوناً من الطلبيات لدى الصناعة الدفاعية، مما يعني مهلاً تمتد أشهراً عدة وربما أعواماً.
وكرر الرئيس فولوديمير زيلينسكي خلال الأسابيع الأخيرة مطالبة العواصم الغربية بأنظمة دفاع جوي متطورة. وتكثف روسيا منذ أكتوبر (تشرين الأول) قصفها للبنى التحتية الأوكرانية في مجال الطاقة.
ومنظومة باتريوت التي أثبتت فاعليتها بشكل كبير خلال الأعوام الأخيرة في العراق والخليج، سلاح من شأنه المشاركة بفاعلية في احتواء هذه الهجمات.
كذلك سترسل واشنطن ذخائر إضافية للمدفعية الأوكرانية، خصوصاً صواريخ هيمارس وآليات مدرعة وقذائف هاون وصواريخ دقيقة عيار 155 ملم.
وبين الأسلحة التي طلبت من القطاع الصناعي الأميركي، ذخائر بعيارات مختلفة ومحطات اتصال عبر الأقمار الاصطناعية، إضافة إلى أموال مخصصة لتدريب القوات الأوكرانية.
وهذه المساعدة الجديدة ترفع إلى 21.3 مليار دولار قيمة المساعدة العسكرية الإجمالية التي قدمتها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا منذ الهجوم الروسي على هذا البلد أواخر فبراير (شباط) الماضي، وإلى 21.9 مليار منذ تولي جو بايدن الرئاسة في يناير (كانون الثاني) 2021.
بوتين يتوعد بتطوير النووي
من جهته وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأربعاء، بمواصلة تطوير قدرات جيشه وقوته النووية، متنصلاً من أية مسؤولية له عن "المأساة المشتركة" في أوكرانيا.
وفي مداخلة ألقاها خلال اجتماع موسع مع الضباط الكبار، أعلن بوتين أن صواريخ فرط صوتية جديدة عابرة للقارات طراز زيركون ستدخل الخدمة بداية يناير (كانون الثاني)، مؤكداً عزمه على زيادة عديد الجيش الروسي إلى 1.5 مليون جندي.
وقال وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إن إحدى "الأولويات" ستكون "مواصلة تنفيذ العملية الخاصة في أوكرانيا حتى تحقيق كل أهدافها".
واعتبر شويغو أنه في أوكرانيا "يواجه العسكريون الروس قوات الغرب المتضافرة"، مضيفاً أن "وجود الغرب المتنامي عند حدودنا وحدود بيلاروس ونية الغرب تمديد العمليات العسكرية في أوكرانيا إلى الحد الأقصى بهدف إضعاف بلادنا يثيران قلقاً خاصاً".
دعم أميركي متواصل
وكانت المتحدثة الرئاسية الأميركية كارين جان بيار أعلنت في بيان أن زيارة زيلينسكي تؤكد أن الولايات المتحدة ستدعم أوكرانيا "طالما اقتضت الضرورة".
فيما أعلن الكرملين الأربعاء أن شحنات أسلحة أميركية جديدة إلى أوكرانيا لن تؤدي سوى إلى "تفاقم" النزاع مع روسيا. وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف إن "كل هذا يؤدي بالتأكيد إلى تفاقم النزاع، ولا يبشر بالخير لأوكرانيا" في إشارة إلى شحنات أسلحة جديدة إلى كييف.
وأكد الرئيس الأوكراني في تغريدة صباح الأربعاء أنه "في طريقه إلى الولايات المتحدة لتعزيز الصمود والقدرات الدفاعية" لأوكرانيا.
يشار إلى أنه في الأول من سبتمبر (أيلول) 2021، استقبل الرئيس جو بايدن في المكتب البيضاوي زيلينسكي ووعده بدعمه في مواجهة روسيا.
زيارة تاريخية
والأربعاء التقى الرجلان في المكان نفسه لكن في اجتماع يأخذ بعداً تاريخياً مختلفاً كونه أول لقاء حضوري منذ اجتاحت روسيا أوكرانيا. وخلال الزيارة التي تحيط بها إجراءات أمنية مشددة ولن تستغرق سوى "ساعات قصيرة"، سيعقد الرئيس الأوكراني أولاً اجتماعاً مع الرئيس الأميركي وأجهزته في البيت الأبيض، قبل عقد مؤتمر صحافي كما أوضح مسؤول أميركي كبير خلال لقاء مع الصحافيين.
ويستعد البرلمانيون الأميركيون للتصويت على حزمة جديدة من المساعدات لأوكرانيا بقيمة حوالى 45 مليار دولار.
سيستمعون إلى خطاب زيلينسكي فيما سيتغير الكونغرس جزئياً لينقلب إلى ضفة المعارضة الجمهورية في يناير (كانون الثاني)، مما يثير بعض التساؤلات حول السياسة المستقبلية للولايات المتحدة بشأن أوكرانيا.
وخلال زيارة الى الجبهة الثلاثاء، في مدينة باخموت (شرق) أعطى الرئيس الأوكراني إشارة عند تسلمه العلم من المقاتلين قائلاً "سنعطيه للكونغرس الأميركي وللرئيس الأميركي. نحن ممتنون لدعمهم لكن هذا ليس كافياً".
وتعد الولايات المتحدة هي المانح الأكبر لكييف بفارق كبير، وقدمت بحسب تقديرات الخبراء حوالى 50 مليار دولار من المساعدات لأوكرانيا بينها 20 ملياراً كأسلحة ومساعدة عسكرية.
تواصل القصف الروسي
ميدانياً، استمر القتال الأربعاء إذ تحدثت هيئة الأركان العامة الأوكرانية عن هجمات وقصف روسي في الشرق والشمال الشرقي.
وقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وجرح 14 آخرون في ضربات على منطقتي دونيتسك وخيرسون، بحسب السلطات المحلية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وقال الجيش الروسي إنه استولى على "مرتفعات جديدة وخطوط أساسية" بالقرب من دونيتسك معقل الانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا.
بعد سلسلة من الانتكاسات العسكرية الروسية في شمال شرق وجنوب أوكرانيا ، يتركز الجزء الأكبر من القتال حالياً في الشرق. وتشن روسيا قصفاً مكثفاً للبنية التحتية الأوكرانية منذ أكتوبر، مما تسبب في انقطاع الكهرباء والمياه.
ويهدف تسليم أنظمة باتريوت إلى الرد على هذه الهجمات.
الصين تدعو لضبط النفس
كانت روسيا قد حذرت من أن العتاد الذي تزود به الولايات المتحدة أوكرانيا سيكون أهدافاً مشروعة للضربات الروسية.
ومن جهتها، أرسلت رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، أمس الثلاثاء، رسالة إلى أعضاء المجلس تحضّهم فيها على المشاركة "حضورياً" في جلسة ستُعقد مساء اليوم الأربعاء، من دون أن تكشف عن طبيعة هذه الجلسة.
وكتبت بيلوسي، في رسالتها إلى النواب، "من فضلكم احضروا مساء الأربعاء لجلسة سيتمّ فيها التركيز بشكل خاص على الديمقراطية".
من جانبه قال الرئيس الصيني شي جينبينغ لرئيس حزب روسيا المتحدة ديمتري ميدفيديف خلال لقائهما اليوم الأربعاء في بكين إن بلاده تأمل في أن يحافظ جميع الأطراف المعنية بالأزمة الأوكرانية على ضبط النفس وإزالة المخاوف الأمنية من خلال الطرق السياسية.
وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الرسمية الصينية أن شي أبلغ ميدفيديف أيضاً بآماله في أن يتمكّن الحزب الشيوعي الصيني وحزب روسيا الموحدة من تعزيز التواصل وتقديم خبراتهما لتعميق التعاون الاستراتيجي بين الصين وروسيا.
هجوم شتوي
وقال مسؤول أميركي كبير، الثلاثاء، إن القادة الروس منقسمون بشأن شنّ هجوم شتوي واسع النطاق في أوكرانيا، وسط مخاوف من أن تحاول موسكو مرة أخرى السيطرة على العاصمة كييف.
وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم كشف هويته في حديثه إلى وكالة الصحافة الفرنسية، متحدثاً عن المداولات الجارية داخل الحكومة الروسية، "أعتقد أننا أمام وجهات نظر متباينة".
وتابع "من الواضح أن هناك من يؤيدون مواصلة الهجوم في أوكرانيا. وهناك آخرون لديهم تساؤلات حقيقية حول قدرة روسيا على القيام بذلك".
وأكد أن الولايات المتحدة سوف "تعدّل وتكيّف بسرعة" أهدافها إذا تقرر شنّ مثل هذا الهجوم الواسع.
وأردف المسؤول الأميركي الكبير "ما نقوم به وما نواصل القيام به هو ضمان أن يكون للأوكرانيين وسائل الدفاع عن أنفسهم بشكل فعّال ضد العدوان الروسي".
ولا يُظهر الأوكرانيون وفقاً له أي علامة على رغبتهم في "التباطؤ وأعتقد أن الروس يجب أن يأخذوا ذلك في الاعتبار".
الأمم المتحدة غير متفائلة
ووسط هذه الأجواء أبدى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عدم التفاؤل بإمكان أن تنتهي الحرب التي تشنها روسيا في أوكرانيا قريباً، لكنه أمل أن تنتهي العام المقبل. وقال في مؤتمره الصحافي السنوي لنهاية العام في نيويورك، "لست متفائلاً بإمكان عقد محادثات سلام في المستقبل القريب"، مضيفاً، "أعتقد أن المواجهة العسكرية ستستمر". وتابع "أعتقد أن علينا أن ننتظر (حلول) لحظة تكون فيها المفاوضات الجدية من أجل السلام ممكنة"، لافتاً إلى أنه لا يرى مؤشرات تدل على مفاوضات من هذا النوع "في الأفق" الراهن.
وعدد الأمين العام "التداعيات" على الشعب الأوكراني والمجتمع الروسي والاقتصاد العالمي الذي يشهد ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية وموارد الطاقة من جراء الحرب، معتبراً أن الأزمة ستستمر ما لم يتم التوصل إلى اتفاق، مشدداً على أن "هذه كلها أسباب تدفعنا لبذل كل ما أمكن من جهود من أجل التوصل إلى سلام قبل نهاية عام 2023".