مع التحركات الأخيرة للبنك المركزي المصري بالتعاون مع الحكومة والأجهزة الأمنية، تراجعت الفجوة السعرية بين أسعار صرف الدولار في البنوك المصرية وأسعاره في السوق السوداء أو الموازية، وقبل أسبوع، كانت الفجوة السعرية تبلغ ما يقرب من 15 جنيهاً، وكان يجري تداول الدولار في السوق السوداء عند مستوى 38 جنيهاً، بينما كان يتم تداوله في البنوك العاملة في السوق المصرية عند مستوى 24.60 جنيه. لكن في الوقت الحالي، هوى سعر صرف الدولار في السوق الموازية إلى مستوى 29 جنيهاً بفارق أقل من خمسة جنيهات عن السعر الرسمي للورقة الأميركية الخضراء.
مصادر مطلعة كشفت لـ"اندبندنت عربية" أن البنوك العاملة في السوق المصرية تلقت تعليمات من البنك المركزي المصري بضرورة التحرك والإفراج عن كميات كبيرة من العملة الصعبة اللازمة للإفراج عن البضائع المكدسة في الموانئ المصرية. وبعد تطبيق التعليمات الجديدة، زادت حصيلة الدولار الذي يتم توفيره للمستوردين بنسب تفوق 100 في المئة.
وكانت الحكومة المصرية، قد أعلنت أن قيمة البضائع المكدسة في الموانئ المصرية وتنتظر إنهاء الاعتماد المستندي للتمكن من الإفراج عنها، تبلغ نحو 14 مليار دولار، وتمكن البنك المركزي مع البنوك العاملة في السوق المصرية من توفير نحو 5.5 مليار دولار خلال ثلاثة أسابيع، في وقت يجري الإفراج عن كميات كبيرة من البضائع وسط توقعات بأن تنتهي الأزمة خلال الأيام المقبلة، وفق ما صرح به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مؤكداً أن الأزمة سوف تنتهي خلال أربعة أيام فقط.
تحركات مكثفة لتوفير الدولار للمستوردين
في تصريحاته الأخيرة، قال الرئيس المصري إن الحكومة ستنتهي من مشكلة المستلزمات بالموانئ خلال الأسبوعين المقبلين، مؤكداً أهمية الانتهاء سريعاً من الإفراج عن البضائع بالموانئ. وأشار في كلمته، خلال افتتاح مصنعي إنتاج الغازات الطبية والصناعية ومحطة توليد الطاقة الثلاثية بمجمع الصناعات الكيماوية، إلى أن الحكومة حرصت خلال الفترة الماضية على عدم رفع أسعار الكهرباء للمصانع لضمان عدم انعكاس ذلك على السلع بالأسواق.
ونوّه إلى أنه يجري العمل على ضمان توافر الأسمدة في الأسواق المحلية بأسعار معقولة، نظراً لانعكاس ارتفاع أسعارها على أسعار الغذاء التي تشهد ارتفاعات كبيرة منذ فترة، مشدداً على أن الحكومة لن تخفض الإنفاق على المشاريع القومية بحجة تخفيف الضغط على الدولار.
وفي تعليقه على الأزمة، قال رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي إن الحكومة جاهزة للإفراج عن بضائع في حدود أربعة إلى 4.5 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، بما فيها شهر رمضان، وفق خطة تستهدف عدم توقف المصانع والإنتاج، على أن يتم الإعلان أسبوعياً عن قيمة السلع المفرج عنها. وأوضح أنه تم الإفراج عن بضائع بقيمة خمسة مليارات دولار من إجمالي بضائع بقيمة 15 مليار دولار بالموانئ المصرية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن في المقابل، شكا عدد من المستوردين من رفض البنوك قبول الدفعات الدولارية من شركات الشحن وقطاع اللوجستيات من دون مبرر. ووفق بيان، قال عمرو السمدوني سكرتير شعبة النقل الدولي واللوجستيات بغرفة القاهرة التجارية إن هذه المبالغ هي دفعات تخص نوالين شحن مستحقة لشركات الطيران، شركات شحن وملاحة.
وأوضح أن قيمة الدفعات تتراوح بين 50 و150 ألف دولار يومياً بخاصة بالشركات صغيرة الحجم، ما يؤدي إلى طول أمد توريد أجرة نولون شحنة واحدة في رسالة واحدة تتراوح قيمتها بين 15 و20 ألف دولار إلى ثلاثة أو خمسة أيام لإيداع المبلغ للمورد الأجنبي، لافتاً إلى أنه في الوقت ذاته تقبل البنوك المبالغ الدولارية الأكبر بمئات الألوف من التوكيلات الملاحية الأجنبية يومياً من دون أي عوائق.
وقف السحب
وبالتوازي مع تحركات توفير الدولار للمستوردين، فقد بدأت السلطات المصرية تتحرك بقوة لضبط التجار والمضاربين على العملات الصعبة وبخاصة الدولار. وبالفعل تمّ ضبط عدد منهم خلال الأيام الماضية. كما تحرك البنك المركزي لوقف عمليات السحب من بطاقات الخصم المباشر والبطاقات الائتمانية في الخارج، في إطار ضبط المخالفات التي تسببت بشكل مباشر في إحداث شح في العملات الصعبة داخل السوق المصرية.
وكشف البنك المركزي عن زيادة كبيرة في استخدامات بطاقات الائتمان والخصم خارج البلاد على رغم تواجد العملاء أصحاب البطاقات بالداخل، بلغت ذروتها في منتصف الأسبوع الماضي، إذ وصلت 55 مليون دولار في يوم واحد بزيادة أكثر من خمسة أضعاف عن المتوسط اليومي في الربع الأخير من العام السابق. وقال إنه سيتخذ إجراءات للتحقق من سفر العميل من عدمه، وحال عدم سفر العميل أو إساءة استخدام البطاقات فسيتم إيقاف التعامل على البطاقة، وإبلاغ الشركة المصرية للاستعلام الائتماني، وكذلك الجهات المعنية، لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
ووفق تعليمات، فقد حذر البنك المركزي المصري البنوك بضرورة وضع حدود كافية لتلبية الحاجات الفعلية للعملاء من النقد الأجنبي بخاصة لأغراض التعليم والعلاج من خلال البطاقات مع الإبقاء على الحدود السابقة للعملاء الموجودين بالخارج قبل صدور الضوابط الجديدة في 22 ديسمبر (كانون الأول) 2022. وأكد عدم وضع حدود على بطاقات العملاء الذين لديهم حسابات بالعملة الأجنبية ويتم سداد استخداماتها بالعملة ذاتها.
وقال إنه رصد مخالفات إذ يتم تحويل الأموال من المصريين بالخارج، عبر قنوات غير مشروعة وغير مصرّح لها بالقيام بهذه التحويلات، منوهاً إلى أن عقوبة هذه المخالفات السجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات ولا تزيد على 10 سنوات وبغرامة لا تقل عن مليون جنيه (40.485 ألف دولار) ولا تتجاوز خمسة ملايين جنيه (202.4 ألف دولار) أو المبلغ المالي محل الجريمة أيهما أكبر. وأعلن أنه تم رصد قيام البعض بتأسيس شركات ذات طبيعة خاصة خارج البلاد تقوم بالوساطة لا سيما في مجالي التصدير والسياحة، وتستهدف الاحتفاظ بالنقد الأجنبي خارج البلاد والتعامل فيه خارج الإطار القانوني. وأوضح المركزي المصري أن تلك الشركات تطلب تدبير النقد الأجنبي من القطاع المصرفي المصري على رغم احتفاظها بحصيلة متراكمة من النقد الأجنبي في الخارج، وأنه في حال ثبوت ذلك يتم اتخاذ الإجراءات المقررة حيال تلك الشركات ومساهميها.