دفعت قفزة في أسعار السلع الأساسية في بريطانيا إلى ارتفاع أسعار الملابس والأحذية وكلفة وسائل النقل في 2022، كما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في المملكة المتحدة بنسبة 11.1 في المئة على مدى 12 شهراً حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول)، وهو أعلى مستوى له منذ 40 عاماً، وأكثر من خمسة أضعاف النسبة البالغة اثنين في المئة التي يستهدفها بنك إنجلترا، وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، تراجعت أسعار المستهلكين في المملكة المتحدة إلى 9.3 في المئة، وكانت هناك مؤشرات أقوى في الولايات المتحدة على أن التضخم قد بدأ في الاعتدال، وكان قد ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بمعدل سنوي قدره 7.1 في المئة انخفاضاً من نسبة 7.7 في المئة المسجلة في أكتوبر في قت كان يتوقع اقتصاديون قراءة 7.3 في المئة.
قصة مؤلمة
ووفقاً لصحيفة "التايمز" التي رصدت القصة المؤلمة للاقتصاد البريطاني لعام 2022، حيث حاول محافظو البنوك المركزية على جانبي المحيط الأطلسي ترويض التضخم المرتفع لعقود عدة من خلال رفع أسعار الفائدة من أدنى مستوياتها التاريخية، عندما رفع بنك إنجلترا المعدل إلى 3.5 في المئة قبل نهاية 2022 من 0.25 في المئة وحسب في بداية العام.
في غضون ذلك، توقعت الأسواق زيادة أخرى في أسعار الفائدة العام المقبل، إذ بلغت ذروتها عند 4.7 في المئة تقريباً في نوفمبر قبل أن تنخفض إلى 4.6 في المئة في ديسمبر (كانون الأول)، كما شرع بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أيضاً في سياسته المتشددة التي نتج منها ارتفاع المعدلات.
ارتفاع معدلات الرهن العقاري
كما دفع التضخم المكون من رقمين لجنة السياسة النقدية في بنك إنجلترا إلى زيادة أسعار الفائدة، الأمر الذي جعل الاقتراض العقاري أكثر كلفة، كما أغلق متوسط الرهن العقاري الثابت لمدة عامين عند 5.84 في المئة عبر نسب القرض إلى القيمة، وفقاً لبيانات "موني فاكتس" وهو يعادل أكثر من ضعف متوسط 2.34 في المئة المسجل في يناير (كانون الثاني)، وبالتزامن، ارتفعت معدلات الرهون العقارية لخمس سنوات بشكل حاد إلى 5.66 في المئة من 2.64 في المئة في بداية العام.
في الأثناء، تسببت الاضطرابات في سوق السندات التي كانت مدفوعة بالميزانية المصغرة لوزير الخزانة السابق كواسي كوارتنغ في سبتمبر (أيلول) 2022، كما أدت التخفيضات الضريبية غير الممولة إلى تفاقم ارتفاع تكاليف الاقتراض وتسببت في انخفاض حاد في الإقراض العقاري إلى أدنى مستوى له منذ عام تقريباً في أكتوبر قبل إقالة كوارتنغ.
معركة قانونية
وأثرت معركة قانونية تتعلق بعلاج حرقة المعدة "زانتاك" سابقاً لشركة "غلاكسو سميث كلاين" على الأسهم في كل من شركة الأدوية العملاقة، وكذلك "هيليون" ذراع الرعاية الصحية الاستهلاكية الذي أسسته "غلاكسو"، في يوليو (تموز) من هذا العام، على رغم أن ذلك الذراع لم يكن طرفاً في أي مطالبات من "زانتاك" ولم يقم مطلقاً بتسويق العقار في الولايات المتحدة، فقد تم إخطاره بطلبات من "غلاكسو" و"بي فايزر"، الشريكة في مشروع مشترك في مجال الرعاية الصحية الاستهلاكية، للحصول على تعويض وهو ما رفضته الشركة في سبتمبر.
وخلال الشهر الحالي، رفضت محكمة فيدرالية في فلوريدا حوالى 50000 قضية تزعم أن "زانتاك" تسبب في الإصابة بالسرطان، ما أدى إلى تجمع إغاثة في كل من "غلاكسو" و"هيليون"، ولكن تظل الحالات على مستوى الولايات في الولايات المتحدة، وهو ما ردت عليه "غلاكسو" أنها "تعتزم الدفاع عن نفسها بقوة".
مطار هيثرو
في غضون ذلك، تعافت أعداد المسافرين عبر المطارات البريطانية جزئياً هذا العام مع تخفيف القيود المفروضة على تفشي الوباء في أنحاء كثيرة من العالم، وعلى رغم ذلك، فإن القيود المستمرة على المسافرين والتأخير والإلغاء الناجم عن نقص الموظفين بعد الإغلاق يعني أن أعداد الركاب ظلت أقل بكثير من مستويات 2019، وسط توقعات أن يصل عدد الركاب الذين يسافرون عبر مطار هيثرو إلى 61.4 مليون هذا العام، مقارنة بـ 80.9 مليون في العام الذي سبق الوباء، في حين اضطرت شركات الطيران إلى إلغاء الرحلات الجوية بعد أن أدخل أكبر مطار في بريطانيا سقفاً يتسع لـ 100 ألف راكب للسيطرة على الاضطراب الناجم عن نقص الموظفين خلال الصيف الذي تم تمديده لاحقاً حتى 29 أكتوبر الماضي.
مبيعات السيارات
وكانت مبيعات السيارات الجديدة في طريقها إلى أسوأ عام لها في المملكة المتحدة منذ عام 1982، وفقاً لأحدث أرقام التسجيل من جمعية مصنعي وتجار السيارات (SMMT)، إذ بلغ إجمالي التسجيلات 1.49 مليون خلال الأشهر الـ 11 الأولى من العام، في حين أدت أزمة كلفة المعيشة إلى تفاقم انخفاض أرقام الإنتاج، كما عدلت الجمعية توقعاتها للتسجيلات الجديدة هذا العام إلى 1.57 مليون، أي أقل من 1.65 مليون سلمت عام 2021. في حين بقي إنتاج المركبات أقل من مستويات 2019 بعد معوقات نقص الرقائق وتعطل سلاسل التوريد التصنيع، وبلغ عدد السيارات التي أنتجت خلال الأشهر الـ 10 الأولى من العام أقل بقليل من 644000 سيارة وفقاً لـ "SMMT"، وهو ما يقل بنحو 11 في المئة عن الفترة نفسها عام 2021 وأقل بقليل من 1.3 مليون سيارة صنعت عام 2019.
أسعار المساكن
في غضون ذلك، انخفضت أسعار المنازل في نوفمبر بأعلى معدل منذ أن كانت المملكة المتحدة في قبضة الإغلاق، إذ أدى الارتفاع الحاد في تكاليف الرهن العقاري إلى زيادة القدرة على تحمل التكاليف للمشترين ومالكي المنازل لأول مرة، وتراجعت أسعار المبيعات في نوفمبر بنسبة 1.4 في المئة مقارنة مع الشهر السابق وفقاً لبيانات من "نيشن وايد"، ما يمثل تسارعاً في الانخفاض الشهري بنسبة 0.9 في المئة في أكتوبر على أساس سنوي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في الأثناء، ارتفعت أسعار المنازل بنسبة 4.4 في المئة في نوفمبر، وهو ما يمثل انخفاضاً عن النمو الذي بلغ 7.2 في المئة المسجل في أكتوبر، في حين كان أكبر انخفاض في القدرة على تحمل التكاليف في ويلز، وفقاً لتحليل أجراه المقرض، إذ يقع المشتري النموذجي الآن في الشريحة المئوية الستين للدخل مقارنة مع 40 في المئة عام 2019.
خام برنت
وفي وقت سابق من هذا العام، وصل سعر خام برنت إلى أعلى مستوى خلال أكثر من سبع سنوات، عند ما تخطى قليلاً حاجز 120 دولاراً للبرميل على خلفية قيود العرض التي سببتها الحرب في أوكرانيا، في حين أدى الارتفاع الحاد في أسعار النفط إلى أرباح وفيرة لشركات الطاقة الكبرى مثل "شل" و"بريتيش بيتروليوم"، ما دفع الحكومة البريطانية إلى فرض ضريبة غير متوقعة على منتجي النفط والغاز في بحر الشمال لتمويل مساعدة المستهلكين الذين يعانون من ارتفاع الفواتير، وعلى رغم ذلك، ومع مطلع الشهر الحالي، تخلى النفط عن مكاسبه طوال العام، إذ أدت البيانات الاقتصادية الضعيفة من الصين والمخاوف من الركود إلى إعاقة الطلب على النفط بعدما أنهى سعر العقود الآجلة لخام برنت العام عند 80 دولاراً للبرميل.
نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين
وكان من المتوقع أن يتباطأ النمو في الاقتصاد الصيني بشكل كبير هذا العام من قبل صندوق النقد الدولي، إذ ألقت سياسات بكين الخاصة بعدم انتشار الجائحة "صفر كوفيد" بظلالها على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وكان "النقد الدولي" قد خفض مرة أخرى توقعاته للناتج المحلي الإجمالي للصين بعد تعديله لمراعاة التضخم إلى 3.2 في المئة هذا العام، بانخفاض من 4.4 في المئة توقعها اقتصاديون في أبريل (نيسان) 2022، في حين أدى التراجع في قطاع العقارات، الذي يمثل نحو خمس النشاط الاقتصادي في البلاد إلى تفاقم التباطؤ، ومن المتوقع أن يتعافى النمو في العام المقبل إلى 4.4 في المئة، لكن ذلك سيظل أقل من معدلات النمو السنوية التي لا تقل عن ستة في المئة قبل عام 2020.
أسهم العقارات الأسوأ
وتعرضت أسواق الأسهم للاضطراب هذا العام، إذ أدى التضخم من رقمين والركود الوشيك إلى تراجع شهية المستثمرين للمخاطرة، وأنهى مؤشر "فوتسي 100" العام منخفضاً مع وجود عدد قليل من القطاعات في المنطقة الإيجابية، وكانت أسهم العقارات هي الأسوأ أداء بعدما سجلت خسارة إجمالية قدرها 34 في المئة منذ بداية العام، إذ استعد المستثمرون لانخفاض قيم العقارات مع ارتفاع عائدات السندات، كما بدأت الأسواق بالتسعير في انخفاض بالتصنيع، ما أدى إلى انخفاض أسعار الأسهم للمتخصصين في الصناعة، في حين دفع الارتفاع في أسعار النفط والغاز أسهم شركات الطاقة، التي كانت الأفضل أداء هذا العام وحققت عائداً إجمالياً يزيد قليلاً على 45 في المئة.