Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"يونس"... معصرة زيوت مصرية تتحدى الزمن والتكنولوجيا

عمرها 250 عاماً وتعمل بقرص حجري يدار عن طريق "بقرة" ومسجلة على قوائم التراث الشعبي

تعمل المعصرة من دون تدخل أية وسائل تكنولوجية (اندبندنت عربية)

عبر وسائل بدائية، تخلو من استخدام الكهرباء أو الوقود، وبقرص حجري دائري يدار بعد ربطه في بقرة لتطوف به، طاحنة بذور السمسم والخص وحبة البركة على مدى ساعات عدة، تعمل معصرة يونس للزيوت الطبيعية، التي تشهد منتجاتها رواجاً داخل الأسواق الشعبية في صعيد مصر.

250 عاماً هي عمر تلك المعصرة التي لم تلتفت يوماً إلى التغيرات التي أصابت العالم والصناعة من تكنولوجيا وتطور، بينما هي تعمل على طريقتها الخاصة البدائية، لتظل قبلة أهالي الجنوب في مصر، خصوصاً مدينة قوص في محافظة قنا، بحثاً عن منتجات طبيعية خالصة من البذور، من دون أية إضافات كيماوية.

تراث شعبي

يقول محمد يونس، أحد ورثة المعصرة، "قوص كانت من أبرز المدن الصناعية المتخصصة في صناعة زيوت الطعام، كانت تضم 23 معصرة لإنتاج زيوت الطعام، المستخلصة من السمسم والخص وحبة البركة. لكن لم يتبق من معاصر جنوب صعيد مصر سوى اثنتين، يونس في قوص، وأخرى في مدينة إسنا، توقفت أخيراً عن العمل".

ويضيف "معصرة يونس لم تتوقف عن العمل منذ 250 عاماً منذ تأسيسها لإنتاج الزيوت بفضل الصيانة الدورية للأجزاء الخاصة بها، والإقبال المتزايد على إنتاجها من الزيوت لكفاءتها العالية وجودتها، بخاصة بعد انتشار جائحة كورونا لقيمتها العلاجية العالية، وعلى رأس هذه الزيوت زيت حبة البركة المعروف بقدرته على تعزيز جهاز المناعة وطرد الفيروسات".

وبحسب الباحث في شؤون تراث صعيد مصر بسام عبد الحميد، فإن المعصرة مسجلة على قوائم التراث الشعبي لمحافظة قنا، وجرى تسجيل عشرات الأفلام الوثائقية بوصفها معصرة عتيقة لإنتاج الزيوت الطبيعية تعمل من دون تدخل أية وسائل تكنولوجيا، سواء في طريقة الإنتاج، أو في محتوى الزيوت المنتجة التي تخلو من أية مواد كيماوية.

 

مراحل إنتاج الزيوت

وعن مراحل إنتاج الزيوت داخل المعصرة، يقول أحمد يونس، أحد أحفاد مؤسس المعصرة، "إنتاج الزيوت يتكون من ثلاث مراحل: الأولى توضع البذور بمقدار 30 كيلو داخل أسفل قرص الحجر، وبعدها تطحن جيداً، ثم تربط بقرة أو جمل بهذا القرص، بحيث تدور البقرة بالقرص ثلاث ساعات مع شروق الشمس، لنضمن طحن البذور تماماً من أسفل القرص الصخري الصلب، سواء كانت البذور سمسماً أو خساً أو حبة البركة أو زيتوناً أو نعناعاً، بعد ذلك نضع المياه على البذور لرفع نسبة الرطوبة عنها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف "المرحلة الثانية توضع خلالها البذور المطحونة داخل مكابس من الحلفة، ويجري عصر البذور بشكل جيد بشكل يدوي من العاملين من دون استخدام أية طاقة، ومن دون إضافة أية مواد كيماوية، بنظام التبريد وليس التسخين، للحفاظ على جودة الزيوت الطيارة بعدها يخرج الزيت بشكل طبيعي خالص".

أما المرحلة الأخيرة فيجري بها تعبئة الزيوت داخل عبوات مختلفة الأحجام لبيعها، لافتاً إلى أن شهرة المعصرة امتدت خارج مصر من خلال تسويق منتجاتها في الأسواق السياحية بالأقصر وأسوان والغردقة، كما تتوافد بعض الأفواج السياحية لزيارتها، وتصوير مراحل العمل بها، مؤكداً أن المعصرة باتت عصية على تقلبات الزمن والتكنولوجيا.

فوائد صحية واقتصادية

يقول عبد الله حسين أستاذ التغذية بكلية الطب جامعة جنوب الوادي، "الزيوت الطبيعية التي تخلو من المواد الكيماوية ومكسبات اللون والطعم لها قيمة غذائية عالية، إذا جرى تخزينها وتناولها بشكل معتدل، لذا يقبل كثيرون على تلك المنتجات لثقتهم في فاعليتها". مؤكداً أنه "ينبغي خضوع الزيوت المنتجة طبيعياً للفحص من قبل متخصصين في سلامة الغذاء لضمان جودتها".

 

وعن إقبال الأهالي على شراء منتجات المعصرة، يقول أحمد عبدالرحيم أحد الزبائن، "أسعار الزيوت الجاهزة تضاعفت أضعافاً عدة تحت وطأة الغلاء الاقتصادي الناجم من تعويم الجنيه المصري، وباتت الزيوت المنتجة محلياً ملاذاً لمتوسطي الدخل مع جودتها العالية، سواء أكانت زيوت طعام أو زيوتاً للبشرة والشعر، فالعبوات المتوفرة بسعر لا يتجاوز 10 جنيهات أقل من دولار أميركي للعبوات الصغيرة، التي لا يقل سعرها داخل الصيدليات وشركات التجميل عن 80 جنيهاً ( 2.6  دولار أميركي)".

وعن أكثر أنواع الزيوت مبيعاً داخل المعصرة، يوضح محمود يونس أن "زيت حبة البركة هو المتصدر، بخاصة خلال موسم الشتاء وعقب جائحة كورونا، لقدرته العالية على رفع المناعة، وكونه طارداً للميكروبات والفيروسات الصدرية، كما يشهد زيت الجرجير مبيعات مرتفعة لعلاج تساقط الشعر، بينما يوصف زيت السمسم لمرضى الضغط والسكر".

وتؤكد لمياء رجب، إحدى الزبائن المترددات على المعصرة، أن الزيوت الطبيعية "مذاقها خاص داخل الطعام لجودتها العالية، علاوة على عدم وجود أي مخاوف من استخدامها بعكس الزيوت المهدرجة كيماوياً، التي ثبت تسببها في عديد من الأمراض، لكن الزيوت الطبيعية الخالية من المواد الكيماوية ومكسبات اللون سهلة الهضم ولذيذة المذاق والرائحة".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات