دانت بريطانيا السبت إعدام إيران للمسؤول السابق في وزارة الدفاع الإيرانية علي رضا أكبري الإيراني البريطاني المتّهم بالتجسس لحساب الاستخبارات البريطانية، مؤكدةً أنها "لن تمر بلا رد".
وقال وزير الخارجية البريطانية جيمس كليفرلي إن "هذا العمل الهمجي يستحق الإدانة بأشد العبارات الممكنة. لن يمر دون رد".
كما وصف رئيس الوزراء ريشي سوناك إعدام أكبري بـ "المروَّع"، معتبرا أنه "عمل قاسٍ وجبان نفذه نظام همجي لا يحترم حقوق الإنسان لشعبه".
وكانت وكلة ميزان للأنباء التابعة للسلطة القضائية الإيرانية أعلنت في وقت مبكر من صباح السبت، إعدام البريطاني الإيراني على رضا أكبري شنقاً بعدما وجهت له تهمة "الإفساد في الأرض، للمس بالأمن الداخلي والخارجي للبلاد عبر نقل معلومات استخبارية" إلى المملكة المتحدة.
وأشارت الوكالة الى أن "نشاطات جهاز الاستخبارات البريطاني في هذه القضية أظهرت قيمة المدان، وأهمية الاطلاع الذي كان يتمتع به وثقة العدو به".
ولا تعترف طهران بازدواجية الجنسية لمواطنيها وتعاملهم كإيرانيين حصراً.
وخرجت قضية أكبري الى الضوء هذا الأسبوع، مع إعلان السلطة القضائية في 11 يناير (كانون الثاني) الحالي، عن إصدار حكم بالإعدام بحقه لإدانته بالتجسس.
ولم يقدّم موقع "ميزان أونلاين" في حينه تفاصيل بشأن دور أكبري أو تاريخ توقيفه أو الحكم عليه، مكتفيا بتأكيد مصادقة المحكمة العليا عليه.
ونشر الإعلام الرسمي الإيراني في اليوم التالي، تفاصيل متعلّقة بأكبري، مشيراً الى أنه سبق أن شغل مهمات في وزارة الدفاع والمجلس الأعلى للأمن القومي.
وأوردت وكالة الأنباء الرسمية "إرنا" أن أكبري شغل مناصب عدة في هيكيلية الدفاع والأمن في إيران، منها "معاون وزير الدفاع للعلاقات الخارجية" و"مستشار لقائد القوات البحرية" ورئاسة قسم في مركز بحوث وزارة الدفاع، إضافة الى عمله "في الأمانة العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي"، من دون تقديم تفاصيل إضافية بخصوص أدواره.
وقالت الوكالة إن أكبري من قدامى الحرب مع العراق (1980-1988)، وتم توقيفه عام 1398 (وفق التقويم الهجري الشمسي المعتمد في إيران، أي بين مارس/ آذار 2019 ومارس 2020).
وأجرت صحيفة "إيران" الحكومية في فبراير (شباط) 2019 مقابلة مع أكبري، وقدّمته على أنه "نائب سابق لوزير الدفاع في حكومة محمد خاتمي"، الإصلاحي الذي تولى رئاسة الجمهورية الإيرانية بين عامي 1997 و2005.
مناشدة أميركية - بريطانية
وكانت الولايات المتحدة ضمت الجمعة صوتها إلى المملكة المتحدة في دعوة إيران إلى عدم تنفيذ حكم الإعدام الصادر في حق المواطن الإيراني - البريطاني علي رضا أكبري بتهمة التجسس الذي قد يكون "وشيكاً".
وقال نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية فيدانت باتيل إن "التهم الموجهة لأكبري والحكم عليه بالإعدام له دوافع سياسية وسيكون إعدامه غير مقبول"، مشيراً إلى "احتمال أن يكون التنفيذ وشيكاً".
ودعا خلال مؤتمر صحافي إلى "الإفراج الفوري عنه" واستنكر ما ورد في تقارير "أفادت أن أكبري قد خُدِر وعُذب أثناء احتجازه واستجوب لآلاف الساعات وأجبر على الاعتراف".
وأكدت وكالة "إرنا" الرسمية للأنباء الخميس أن علي رضا أكبري (61 سنة) تقلد مناصب رفيعة في جهاز الأمن والدفاع الإيراني.
وكان وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي قد ندد بالحكم ودعا طهران إلى عدم إعدام المواطن البريطاني الإيراني، واعتبر أن الحكم "له دوافع سياسية".
عودة عام بولندي
من جهة أخرى، عاد عالم أحياء بولندي إلى بلاده في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعدما احتُجز لأشهر عدة في إيران، على ما أفاد الناطق باسم وزارة الخارجية البولندية الجمعة.
وجاء في بيان رسمي أن البروفسور ماتشي فالكاك الباحث في علم الأحياء في جامعة نيكولاس كوبرنيك في تورون بوسط بولندا، "سليم مع عائلته".
وأوضح المتحدث ووكاش ياسينا لوكالة الصحافة الفرنسية في رسالة نصية أن العالم عاد إلى بولندا "منذ ديسمبر" بدون إضافة أي تفاصيل.
وكان المتحدث باسم "جامعة تورون" مارتشين تشينييفسكي أعلن قبل أشهر رداً على أسئلة حول مصير عالم الأحياء أنه محتجز في إيران منذ سبتمبر (أيلول) 2021.
حكمة شطرنج
في سياق آخر، قالت حكمة الشطرنج الإيرانية شهرة بيات إن لفتة التضامن التي أبدتها مع مواطناتها في بطولة أقيمت بأيسلندا تسببت في خلاف مع الاتحاد الدولي للعبة وطردها من لجنة التحكيم.
وارتدت بيات قميصاً مكتوباً عليه "المرأة، الحياة، الحرية" في بطولة أقيمت في أكتوبر (تشرين الأول)، وذلك بعد قليل من انطلاق احتجاجات إيران إثر وفاة مهسا أميني (22 عاما) في الحجز لدى الشرطة بتهمة مخالفة قواعد الزي الصارمة في البلاد.
وقالت بيات (35 عاماً) لوكالة "رويترز" في مقابلة عبر الفيديو، "لا أعتقد أن من الطبيعي التزام الصمت تجاه هذا الأمر".
وتعد بيات من ضمن مجموعة من الشخصيات الرياضية التي اصطدمت بالسلطات بسبب الحجاب والتعبير عن التضامن مع المتظاهرين المناهضين للحكومة. وأضافت، "هذه مسألة كبيرة تخص حقوق الإنسان. أعتقد أنه إذا التزمنا الصمت تجاه هذه الأمور، فلن نستطيع أن نغفر لأنفسنا".
وذكرت بيات، التي اتهمتها إيران أيضاً بانتهاك قاعدة ارتداء الحجاب في إحدى البطولات في 2020، أن الاتحاد الدولي للشطرنج استبعدها من لجنة التحكيم بعدما أثارت غضب رئيسه أركادي دفوركوفيتش.
وقالت إن دفوركوفيتش طلب منها تغيير زيها في أيسلندا بعد أن أثار مسؤول شطرنج آخر الأمر. وعادت للظهور مرة أخرى في البطولة مرتديةً حلة صفراء وقميصاً أزرق، وهما لونا العلم الأوكراني.
وأكد الاتحاد الدولي للشطرنج أن دفوركوفيتش طلب منها عدم ارتداء القميص الذي كانت مكتوبة عليه عبارات عن حقوق المرأة. وقال إنه يحترم أنشطة بيات السياسية لكنها "تجاهلت التعليمات المباشرة لها بالتوقف عن وضع الشعارات على ملابسها".
وقال الاتحاد في بيان لـ"رويترز"، "مهما كان السبب نبيلاً أو لا خلاف عليه، فإن القيام بنشاط من هذا النوع غير مناسب وغير مهني".
"رسالة جميلة"
واتهمت بيات دفوركوفيتش، الذي كان نائباً لرئيس الوزراء الروسي من عام 2012 إلى 2018، بالخضوع لأحكام السياسة.
وقالت، "إيران وروسيا متحدتان جداً في الحرب ضد أوكرانيا... كان هذا هو السبب على الأرجح عندما طلب مني دفوركوفيتش أن أخلع قميصي... قميصي لم يكن له مغزى سياسي على الإطلاق... إنه يحمل أحد أجمل الرسائل بشأن حقوق المرأة في العالم".
ووفقاً لرسالة اطلعت عليها "رويترز"، قال مسؤول كبير في الاتحاد الدولي للشطرنج لبيات إنه تم استبعادها من اللجنة لأن دفوركوفيتش كان "غاضباً" منها.
ولم يرد دفوركوفيتش على طلب للتعليق.
وقال الاتحاد إنه لم يناقش اتخاذ أي إجراء تأديبي ضد بيات ويقدرها كحكم.
وتعيش بيات في لندن خوفاً على سلامتها بعد أن أثارت صور لها في بطولة 2020 بروسيا انتقادات في وسائل الإعلام الإيرانية الرسمية.
وقالت بيات في ذلك الوقت إنها ارتدت الحجاب خلال المباريات الأولى للبطولة على رغم أنها لا توافق عليه لكنه كان فضفاضاً ولم يظهر من بعض الزوايا في الصور.
ومنذ الثورة في إيران، يتعين على جميع النساء ارتداء الحجاب في الأماكن العامة، وكذلك النساء الرياضيات في الخارج. وقد تتعرض السيدات اللواتي يخالفن قواعد الزي إلى التوبيخ علناً أو الغرامة أو القبض عليهن.
ونالت بيات جائزة المرأة الشجاعة الدولية من الولايات المتحدة في عام 2021 واستخدمت منصتها منذ ذلك الحين للدفاع عن النساء الإيرانيات. وقالت، "عندما أستطيع، عندما تسنح الفرصة، يتعين علي رفع صوت الشعب الإيراني".
إعدام المحتجين
في الأثناء، تواصلت الإدانات في إيران والعالم ضد إعدام المتظاهرين على خلفية الاحتجاجات المتواصلة في أنحاء البلاد.
وتشهد إيران منذ 16 سبتمبر (أيلول) تظاهرات إثر وفاة الشابة مهسا أميني. وقتل المئات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، خلال الاحتجاجات التي تخللها رفع شعارات مناهضة للسلطات. كما تم توقيف الآلاف على هامش التحركات التي يعتبر مسؤولون إيرانيون جزءاً كبيراً منها بمثابة "أعمال شغب" يقف خلفها "أعداء" البلاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي السياق، نشرت أكثر من 700 شخصية أدبية وفنية وثقافية من دول مختلفة بياناً بعنوان "انتفاضة ضد جرائم القتل التي يرتكبها النظام الإيراني"، أدانوا فيه إعدام المواطنين المتظاهرين على خلفية التظاهرات، وطالبوا مؤسسات حقوق الإنسان والشخصيات الثقافية حول العالم بوقف عمليات الإعدام، وفقاً لما ذكره موقع "إيران إنترناشيونال".
من بين هؤلاء أسماء مشاهير الكتاب الأميركيين مثل بول أوستر، وسيري هاستوت، وتشارلز بيرنشتاين، وكتاب أعضاء في فروع رابطة القلم العالمية (PEN) في ألمانيا وفرنسا والدنمارك والنرويج وفنلندا، إلى جانب شخصيات فنية وثقافية إيرانية داخل البلاد وخارجها.
وجاء في البيان: "اليوم نقف عند نقطة مؤلمة في التاريخ، عندما تضطر أمة إلى أن تصرخ في الشوارع مطالبةً بالحياة كمطلب ثوري وكجزء أساسي من شعارها، أي المرأة، الحياة، الحرية، تصرخ في الشوارع وتدفع ثمن الحصول على هذه الجوهرة الثمينة".
وأشارت الشخصيات الأدبية والفنية بالعالم في رسالتها إلى 40 حكماً قضائياً ثقيلاً بتهم وهمية وغير قانونية مثل "الإفساد في الأرض" و"الحرابة" وقتل المحتجين "بأقسى طريقة" يمكن تخيلها "وتكرار المحاكم الصورية من دون محامين للمعتقلين".
وطالب البيان المؤسسات الدولية لحقوق الإنسان والفنانين والمثقفين وكذلك الرأي العام العالمي بمنع استمرار "هذا القتل" من خلال الاحتجاج العام بأي طريقة ممكنة.
لوقف عمليات الإعدام
وطالبت منظمة العفو الدولية النظام الإيراني بوقف كل عمليات الإعدام المتعلقة بالاحتجاجات التي تشهدها البلاد فوراً، ودانت المنظمة، في بيان، ما وصفته بالإعدام "التعسفي" لكل من محمد مهدي كرامي وسيد محمد حسيني محذرة من أن هناك آخرين يواجهون المصير نفسه.
كما وقع 500 ناشط أكاديمي ومدني وحقوقي في إيران على رسالة تطالب بوقف إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام بحق المعتقلين خلال الاحتجاجات.
إيطاليا تدين أحكام الإعدام
من جانبه، وبخ الرئيس الإيطالي سيرجو ماتاريلا، السفير الإيراني الجديد في بلاده أثناء تقديمه أوراق اعتماده، معرباً عن "استيائه من القمع الوحشي للاحتجاجات" في إيران.
وخلال استقبال ماتاريلا الدبلوماسي بمقر الرئاسة في روما "عبر عن إدانة إيطاليا الشديدة واستيائه الشخصي للقمع الوحشي للتظاهرات وإصدار أحكام الإعدام بحق الصحافيين وعديد من المتظاهرين"، وفق ما جاء في بيان للرئاسة.
تصنيف الحرس الثوري منظمة إرهابية
قال وزير الدولة بوزارة الشؤون الخارجية البريطانية ليو دوكيرتي أمام البرلمان الخميس إن بريطانيا تدرس تصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، لكنها لم تتخذ بعد قراراً نهائياً في هذا الشأن.
وقال دوكيرتي خلال مناقشة للوضع في إيران دعا خلالها بعض الأعضاء إلى حظر الحرس الثوري "سأكون مخطئاً إذا قدمت تكهنات... في شأن نتيجة الدراسة التي تجريها الحكومة في الوقت الراهن لهذه القضية، وهي دراسة تجري بجدية".
وأضاف "لكن، يمكنني القول إنني أعتقد أن الدعوات في جميع أركان هذا المجلس، والوحدة التي يتم بها توجيه هذه الدعوات من جميع الأطراف ستكون موضع اعتبار لدى الحكومة وهذا أمر نأخذه بدرجة كبيرة من الاهتمام".
وفي حالة تصنيف الحرس الثوري الإيراني جماعة إرهابية فسيترتب على ذلك توصيف الانتماء له وحضور اجتماعاته وحمل شعاره في الأماكن العامة بأنه جريمة جنائية في بريطانيا. ويخضع الحرس الثوري بالفعل لعقوبات بريطانية.