مع تفاقم أزمة مرافق "خدمة الصحة الوطنية" (أن إتش أس) NHS، عانى عدد قياسي من المرضى في المملكة المتحدة من "ضرر بالغ"، نتيجة تأخيرات سيارات الإسعاف في شهر ديسمبر (كانون الأول)، بحيث زادت هذه التأخيرات بنسبة 50 في المئة تقريباً في شهر واحد فقط.
وقد لحق ضرر صحي دائم أو طويل الأجل بنحو ستة آلاف شخص، نتيجة فترات الانتظار الطويلة لتسليم المرضى خارج أقسام "الحوادث والطوارئ" A&E، في وقت كان فيه هذا الرقم في حدود أربعة آلاف في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت.
واستناداً إلى تحليل أجرته "اندبندنت" لبيانات خدمات الإسعاف التابعة لـ "أن إتش أس" وتقديرات الأضرار التي وضعتها "جمعية الرؤساء التنفيذيين لخدمات الإسعاف" Association of Ambulance Chief Executives (AACE) ، يرجح أن يكون نحو 14 ألف مريض إضافي قد عانوا من "ضرر معتدل" نتيجة هذا الواقع.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتشمل الأرقام الحوادث التي تسببت في حاجة المرضى لمزيد من العلاج، أو الإجراءات، أو إلغاء العلاج، أو نقلهم إلى منطقة أخرى.
في غضون ذلك، ينفذ العاملون في مرافق " خدمة الصحة الوطنية" إضراباً غير مسبوق هذا الشتاء، بما فيه يوم السادس من فبراير (شباط) المقبل، الموعد الذي يتهيأ له أكثر من 10 آلاف عامل من موظفي الإسعاف، للانضمام إلى الممرضات المضربات في التوقف عن العمل. وقد وصفت هذه الأزمة بأنها "الأسوأ على الإطلاق" في رعاية الطوارئ.
ميريام ديكين مديرة السياسات والاستراتيجية في "أن إتش أس بروفايدرز" NHS Providers التي تمثل المستشفيات ومؤسسات الإسعاف التابعة لـ "هيئة خدمة الصحة الوطنية"، رأت أن الأرقام تعد بمثابة "تذكير مثير للقلق بالضغط الهائل الذي يواجهه القطاع".
وأشارت إلى أن "القيمين على المؤسسات الصحية يقومون بما في وسعهم لمنح المرضى رعايةً آمنةً وعالية الجودة، لكنهم يدركون أن المرضى يواجهون تأخيرات طويلةً في إدخالهم إلى المستشفيات في كثير من الأحيان، الأمر الذي يتسبب بإلحاق أضرار بهم، يمكن تجنبها".
وتبين تقديرات "جمعية الرؤساء التنفيذيين لخدمات الإسعاف" للأضرار، المستندة إلى مراجعة سريرية، أن تسعة في المئة من التأخيرات في تسليم المرضى، التي تدوم لأكثر من 60 دقيقة، تلحق "ضرراً شديداً" بالأفراد، في حين أن 23 في المئة من تلك التأخيرات تؤدي إلى "ضرر معتدل".
وأظهرت أرقام الأسبوع الفائت أن أوقات استجابة سيارات الإسعاف قد سجلت مستويات منخفضة في ديسمبر، بحيث اضطر المرضى الذين يعانون من حالات هي الأكثر إلحاحاً وتهديداً للحياة، للانتظار لمدة 10 دقائق لكل سيارة إسعاف في المتوسط، في وقت يتعين فيه أن تكون أوقات الاستجابة لهؤلاء المرضى سبع دقائق.
أما المرضى في الفئة الثانية الأكثر إلحاحاً، الذين يشتبه بإصابتهم بجلطات دماغية، فقد انتظروا لنحو 90 دقيقة - وهي المدة الأسوأ على الإطلاق المسجلة حتى الآن.
وبحسب آخر البيانات الصادرة عن "هيئة خدمة الصحة الوطنية في إنجلترا" (أن إتش أس إنغلاند) NHS England، انتظر نحو 64 ألف مريض أكثر من ساعة، ليجري نقلهم من سيارات الإسعاف إلى أقسام "الحوادث والطوارئ". ويعد هذا الرقم الأسوأ على الإطلاق، وهو أعلى بكثير من الرقم القياسي الذي سجل في شهر أكتوبر (تشرين الأول) البالغ 52 ألفا، وفقاً لأرقام "جمعية الرؤساء التنفيذيين لخدمات الإسعاف"
تأتي هذه الأرقام في وقت أظهر فيه استطلاع حصري أجرته مؤسسة "سافانتا كومريس" Savanta ComRes لاستشارات أبحاث السوق، بناءً على طلب "اندبندنت"، أن 71 في المئة من المرضى لم يكونوا واثقين من أنه سيتم إدخالهم إلى وحدات "الحوادث والطوارئ" في غضون فترة زمنية معقولة، وأن نحو 70 في المئة منهم لم يكونوا واثقين من أن سيارة إسعاف ستصل لنقلهم في الوقت المحدد.
في المقابل، أعرب نصف عدد الذين شملهم الاستطلاع فقط، عن ثقتهم في أنهم حصلوا على رعاية منقذة للحياة في الوقت المحدد.
وكانت لجنة الخدمات العامة في "مجلس اللوردات" البريطاني قد نشرت تقريراً يوم الخميس الفائت، يطالب الحكومة بتشكيل "لجنة كوبرا" Cobra Committee (تؤلف عادةً لتنسيق إجراءات الهيئات الحكومية عند الاستجابة للأزمات الوطنية أو الإقليمية أو لخطر خارجي) تكون مهمتها التعامل مع أزمة أقسام "الحوادث والطوارئ" وتأخيرات سيارات الإسعاف. ورأى التقرير أن "الخدمات الصحية" في البلاد تواجه "أزمة"، وأن المرضى الذين يتأخرون في كل نقطة من نقاط الرعاية الصحية، إنما يتعرضون "لخطر غير مقبول".
وأبلغت إحدى النساء اللجنة أن والدتها انتظرت 21 ساعةً على أرضية مطبخ بارد، حتى تصل سيارة إسعاف لنقلها إلى المستشفى.
وقال التقرير: "إن الأزمة في الرعاية الصحية في حالات الطوارئ، هي أحد أعراض نقاط الضعف الأساسية الناجمة عن عدم كفاية القدرات في مرافق الرعاية الصحية الأولية والمجتمعية والاستشفائية والاجتماعية".
رئيسة لجنة الخدمات العامة في "مجلس اللوردات" هيلاري جاين آرمسترونغ بارونة "هيل توب" قالت: "طالبنا الحكومة بالتعامل مع هذه الأزمة بالإلحاح الذي تستحقه، وبمعالجتها كحال طوارئ وطنية. إن الإحالة إلى ’لجنة كوبرا‘ للنظر فيها، تعد الطريقة المناسبة الوحيدة للمباشرة في معالجة الأزمات، ونحض الحكومة على الإقدام على هذه الخطوة أولاً واتباع التوصيات الأخرى الواردة في تقريرنا".
وكانت "اندبندنت" قد كشفت في وقت سابق من هذا الشهر، أن نحو 50 ألف مريض في الأسبوع، انتظروا أكثر من 12 ساعةً في أقسام "الحوادث والطوارئ" خلال شهر ديسمبر الفائت.
© The Independent