تسببت الإجراءات المكثفة التي تقوم بها الحكومة المصرية بالتعاون مع البنك المركزي، في خفض قيمة البضائع المكدسة في الموانئ المصرية بسبب أزمة شح الدولار خلال 55 يوماً، إلى نحو 2.3 مليار دولار، مقارنة بنحو 14 مليار دولار في بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
ووفق البيانات الصادرة عن وزارة المالية في الحكومة المصرية، فقد تم الإفراج عن أكثر من 83 في المئة من إجمالي البضائع المكدسة خلال أقل من شهرين. ومنذ مارس (آذار) الماضي، تشهد سوق الصرف في مصر أزمة حادة وعنيفة تتعلق بشح الدولار، ما تسبب في أزمة كبيرة للمستوردين.
وخلال الفترة الماضية، أقر البنك المركزي المصري إجراءات عدة لتوفير العملة الصعبة، أبرزها التوصل إلى اتفاق تمويلي مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثلاثة مليارات دولار، إضافة إلى حزمة تمويل مع شركاء دوليين بقيمة ستة مليارات دولار. كما تقرر طرح شهادات استثمار في عدد من البنوك التابعة للحكومة المصرية، وذلك في إطار القضاء على الدولرة والقضاء على السوق السوداء التي تشهد في الوقت الحالي تراجعاً عنيفاً في حجم وقيم العمليات التي يتم تنفيذها من خلال التجار والمضاربين.
تعديلات على لائحة قانون الجمارك
وفق بيان، كشف وزير المالية المصري محمد معيط أن حكومة بلاده بادرت بحزمة إجراءات لتيسير الإفراج عن الواردات لتخفيف الأعباء عن المستثمرين والمستوردين في مواجهة الأزمة الاقتصادية العالمية. وأكد أن الحكومة نجحت في إنهاء جزء كبير من مشكلة السلع والبضائع المتراكمة في الموانئ وتقليص قيمتها من 14 مليار دولار إلى 2.3 مليار دولار.
وشدد على أن الحكومة المصرية ما زالت تبذل قصارى جهدها لسرعة الإفراج عن بقية السلع لضمان استدامة دوران عجلة الإنتاج بكامل طاقتها، وتوفير الحاجات الأساسية للمواطنين، وأشار إلى أنه تم إجراء تعديلات على لائحة قانون الجمارك لتيسير الاستثمار وتنشيط حركة التجارة الداخلية والخارجية، ومنها إتاحة قبول الضمانات للشركات العاملة وفقاً لنظام السماح الموقت بنسبة لا تقل عن 60 في المئة من قيمة الضريبة الجمركية وغيرها من الضرائب والرسوم المستحقة بالنسبة للأقمشة الجاهزة منها 30 في المئة ضمانات نقدية أو مصرفية بدلاً من 100 في المئة.
وأوضح معيط أنه تم السماح لهذه الشركات بالتصالح مع مصلحة الجمارك نظير سداد المستحق عليها من تعويضات وضرائب ورسوم مقررة من دون أن يؤثر ذلك في استمرار تمتعها بالمزايا التي قررها هذا النظام بخاصة تقديم التعهدات والضمانات المخفضة، وتابع "تم كذلك خفض مقابل التخزين بالمخازن والمستودعات والساحات التي تديرها مصلحة الجمارك لخفض العبء على المتعاملين معها".
ولفت الوزير المصري إلى أنه تم خلال الفترة الماضية تعديل التعريفة الجمركية لخفض فئة "ضريبة الوارد" على أكثر من 150 صنفاً من مستلزمات ومدخلات الإنتاج، بما يساعد في تحقيق التوازن المطلوب بين الضريبة المفروضة على السلع تامة الصنع، والسلع الوسيطة والمواد الخام الأولية التي تدخل جزئياً أو كلياً في إنتاجها، بما يحمي الصناعة الوطنية، ويحافظ على معدلات التشغيل والعمالة.
إجراءات لتخفيف الأعباء على المستوردين
وفي إطار عدم تكرار مثل هذه الأزمة، شدد وزير المالية المصري على الاستمرار في تطوير المنظومة الجمركية وفقاً لأحدث النظم العالمية، على نحو يسهم في تخفيف الأعباء عن المستوردين والمواطنين، وحماية الأسواق المحلية من البضائع الرديئة وغير المطابقة للمواصفات، وأوضح أنه تم إنجاز الكثير من المستهدفات الجمركية لتقليص زمن الإفراج الجمركي وتقليل تكاليف عملية الاستيراد والتصدير وتحفيز الاستثمار ومن ثم الإسهام في الحفاظ على أسعار السلع والخدمات بقدر الإمكان في ظل التحديات الاقتصادية العالمية الراهنة.
وأشار معيط إلى أن وزارة المالية في الحكومة المصرية تستهدف أن تكون الموانئ بوابات للعبور فقط وليست أماكن للتخزين مع اكتمال منظومة التسجيل المسبق للشحنات التي تم تطبيقها بحرياً بشكل إلزامي في أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2021، وجوياً تجريبياً، لتتكامل مفردات مشروع تحديث وميكنة المنظومة الجمركية بما تضمنه من استحداث للمراكز اللوجستية. كما تم ربط الموانئ بالمنصة الإلكترونية الموحدة "نافذة"، إذ تم تشغيل منظومة النافذة الواحدة للتجارة الخارجية عبر 14 مركزاً لوجيستياً بما يغطي أكثر من 99 في المئة من حركة الواردات والصادرات، ويتم العمل على استكمال حوكمة بقية الموانئ الجمركية المتبقية على نحو يمكِننا من الرصد اللحظي للواردات والصادرات المصرية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتابع "حريصون على تعزيز حوكمة المنظومة الجمركية بنظم أكثر تطوراً لإدارة المخاطر والاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحليل ومعالجة البيانات، بما يسهم في تحديد مواطن الخطر لكل عنصر من عناصر العملية الاستيرادية، على نحو يساعد في ضمان سرعة الإفراج عن البضائع، والحفاظ على أعلى جودة ممكنة بالأسواق المصرية"، وشدد على أن تنمية القدرات البشرية ستظل محوراً مهماً في استراتيجية تطوير العمل الجمركي.
توطين التجارب الدولية في قطاع الجمارك
كشف رئيس مصلحة الجمارك المصرية الشحات غتوري عن حرص المصلحة على توطين التجارب الدولية المتميزة في تطبيق الأنظمة الرقمية، من خلال التنفيذ المتقن لروافد المشروع القومي لتحديث وميكنة المنظومة الجمركية، الذي يرتكز على بنية تشريعية أكثر تطوراً، وأشار إلى ربط كل الموانئ البرية والبحرية والجوية بمنصة إلكترونية عبر منظومة "نافذة"، التي تلعب دوراً محورياً في التيسير على مجتمع الأعمال واستحداث المراكز اللوجستية للخدمات الجمركية إلى جانب تطبيق نظام التسجيل المسبق للشحنات على نحو يسهم في تبسيط الإجراءات وتسهيل حركة التجارة الدولية.
وأعرب كونيو ميكوريا الأمين العام لمنظمة الجمارك العالمية، عن تقديره للمبادرات التي تبنتها مصلحة الجمارك المصرية بهدف تبسيط الإجراءات وخفض زمن الإفراج، من خلال الاعتماد على تحديث وميكنة الإجراءات وتبسيطها للمتعاملين بما يؤدى إلى وضع مصر بمصاف الدول المتقدمة. ودعا إلى مشاركة الممارسات الجيدة للجمارك المصرية على المستوى الإقليمي، على نحو يسهم في تعزيز تبادل المعرفة الجمركية، بحيث تكون ثقافة راسخة، وأشار إلى أن النظام المتكامل لإدارة المخاطر يجعل مصر أكثر قدرة على استهداف الشحنات الخطرة وحماية البلاد منها، فضلاً عن القضاء على الممارسات التي تضرّ بحركة التجارة الدولية، باعتبارها نظاماً متكاملاً يعتمد على أحدث التقنيات الحديثة.