تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إجراءات "قوية" وسريعة في أعقاب هجومين نفذهما فلسطينيان في القدس الشرقية المحتلة، أسفر أحدهما عن مقتل سبعة أشخاص قرب كنيس يهودي.
وأصيب إسرائيليان بجروح، صباح أمس السبت، في إطلاق نار في حي سلوان نفذه فتى فلسطيني في الـ13 من عمره، أصيب بدوره برصاص الشرطة.
وجاء ذلك غداة عملية إطلاق نار قرب كنيس يهودي في حي استيطاني أوقعت سبعة قتلى وقتل منفذها البالغ 21 سنة، مما يفاقم المخاوف من حدوث تصعيد على رغم الدعوات الدولية إلى التهدئة.
البابا يدين تصاعد العنف
ودان البابا فرانسيس الأحد تصاعد العنف في الشرق الأوسط، داعياً طرفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إلى الانخراط في "بحث صادق عن السلام".
وقال البابا بعد صلاة التبشير الملائكي في ساحة القديس بطرس، إنّ "دوّامة الموت التي تتصاعد يوماً بعد آخر تُغلق (الباب على) القلة القليلة من الثقة الموجود بين الشعبين".
وأشار إلى غارة جوية اسرائيلية الخميس على مخيم فلسطيني في الضفة الغربية أسفرت عن مقتل عشرة أشخاص، وإلى هجوم نفذه فلسطيني الجمعة وأدى إلى مقتل سبعة اشخاص بالقرب من كنيس يهودي في القدس.
وقال "منذ بداية العام قتل عشرات الفلسطينيين في مواجهات مع الجيش الإسرائيلي"، داعياً "الحكومتين والمجتمع الدولي إلى إيجاد حلول أخرى دون تأخير، وبينها الحوار والبحث الصادق عن السلام".
مجلس الوزراء المصغر
وأعلن مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، ليل السبت/ الأحد اتخاذ، إجراءات لحرمان "عائلات إرهابيين" من حقوق معينة بعد هجومي القدس الشرقية.
وفي اجتماع طارئ، مساء أمس السبت، اتخذ مجلس الوزراء المصغر "سلسلة إجراءات لجعل الإرهابيين ومن يدعمهم يدفعون الثمن"، بحسب بيان رسمي.
ويذكر النص إلغاء الحق في الضمان الاجتماعي لـ"عائلات الإرهابيين الداعمة للإرهاب"، مشيراً إلى أن مجلس الوزراء سيناقش، اليوم الأحد، مشروع قانون يهدف إلى سحب "بطاقات الهوية الإسرائيلية" من هذه الفئة من العائلات.
وجاء في إعلان مجلس الوزراء الأمني أن منزل خيري علقم (21 عاما) الذي أردته الشرطة بعد اعتداء الكنيس الجمعة "سيُغلق فورا قبيل هدمه".
وشاهد مراسل لوكالة فرانس برس القوات الإسرائيلية اليوم الأحد على شرفة المبنى بعدما أغلقت مداخله بينما كان فلسطينيون يجمعون قربه أغراضا أخلوها على الأرجح منه.
وقرّر مجلس الوزراء الأمني أيضا تسهيل الإجراءات اللازمة للحصول على تراخيص حمل الأسلحة النارية.
وقال وزير الأمن القومي اليميني المتطرّف إيتمار بن غفير لصحافيين السبت "عندما يحمل المدنيّون مسدّسات، يمكنهم الدفاع عن أنفسهم".
بالتوازي، تم رفع درجة تأهب القوات الإسرائيلية، بينما أعلن الجيش تعزيز قواته في الضفة الغربية، في وقت توالت الدعوات الدولية لضبط النفس.
كذلك، وافق مجلس الوزراء الأمني على "إجراءات لتعزيز المستوطنات سيجري تقديمها هذا الأسبوع"، وفق البيان الحكومي الذي لم يورد مزيداً من التفاصيل.
وأصيب في هجوم أمس السبت رجل يبلغ من العمر 47 سنة وابنه البالغ 23 سنة بجروح ناجمة عن إطلاق النار، ونقلا إلى المستشفى، وفق ما ذكرت الشرطة ومسعفون.
وأعلنت الشرطة في وقت سابق توقيف 42 شخصاً على خلفية هجوم الجمعة الماضي الذي استهدف كنيساً، وكان من بين الاعتداءات الأكثر دموية في القدس منذ سنوات. وتزامن الهجوم مع اليوم الدولي لإحياء ذكرى المحرقة.
مواجهات ومداهمات
يأتي ذلك في ظل تصعيد في المواجهات في الأراضي الفلسطينية بعد مداهمات دامية نفذها الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية هي الأعنف منذ نحو 20 عاماً. وقد أعقبها إطلاق فصائل فلسطينية صواريخ من غزة ردت عليها إسرائيل بشن غارات على القطاع المحاصر الذي تسيطر عليه حركة "حماس".
وقال نتنياهو في تصريحات متلفزة نشرها مكتبه قبيل اجتماع حكومي، أمس السبت، "سيكون ردنا قوياً وسريعاً ودقيقاً. لا نسعى إلى التصعيد، لكننا مستعدون لأي سيناريو". وأضاف أنه سيبحث في مزيد من الإجراءات "لمكافحة الإرهاب".
وتفقد نتنياهو، مساء الجمعة، موقع الهجوم، حيث تجمعت حشود هتفت "الموت للعرب".
أما في الضفة الغربية وقطاع غزة وبعض المخيمات الفلسطينية في لبنان، نزل عشرات الفلسطينيين إلى الشوارع وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية.
وحذر النائب الإسرائيلي المعارض ميكي ليفي من حزب "يش عتيد" الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق يائير لبيد من أن ارتفاع منسوب العنف يعيد إلى الأذهان الانتفاضة الفلسطينية الثانية (2000-2005).
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية إن "ما حدث قبل 20 عاماً بدأ الآن. علينا الجلوس والتفكير في الطريقة التي سنمضي قدماً من خلالها ونوقف هذا الوضع".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
دعوة إلى حمل الأسلحة
في السياق، جددت الشرطة الإسرائيلية الدعوة لمن يملكون تراخيص، لحمل أسلحتهم معهم، في حين اعتبر وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير أن على مزيد من الإسرائيليين الحصول على تصاريح لحمل السلاح.
وقال بن غفير لصحافيين خارج مستشفى في القدس، أمس السبت، "عندما يحمل المدنيون مسدسات يمكنهم الدفاع عن أنفسهم".
كما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه سيعزز عديد قواته في الضفة الغربية.
مواقف محلية ودولية
في المقابل، أكدت السلطة الفلسطينية في بيان أنها تحمل الحكومة الإسرائيلية "المسؤولية الكاملة عن التصعيد الخطر الذي وصلت إليه الأوضاع"، من دون التعليق على الهجومين.
ووصف مفوض الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي الهجوم على الكنيس بأنه "أحد أسوأ الاعتداءات التي واجهناها في السنوات الأخيرة".
ودانت دول عربية، بينها مصر والأردن والإمارات، إطلاق النار قرب الكنيس.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتز إنه أصيب بـ"صدمة عميقة" إزاء الهجومين "الرهيبين"، مؤكداً وقوف بلاده "إلى جانب إسرائيل".
ودعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بدوره عبر "تويتر" إلى "تجنب دوامة العنف"، فيما حضت روسيا أيضاً على "ممارسة أقصى درجات ضبط النفس".
ودان البيت الأبيض أيضاً العنف، فيما ينتظر أن يجري وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن زيارة إلى المنطقة تبدأ اليوم الأحد، ويتوقع أن يدعو خلالها إلى خفض التصعيد.
وينتظر أن يلتقي بلينكن قادة فلسطينيين على أن يجري محادثات مع نتنياهو ستكون الأولى للأخير مع مسؤول أميركي منذ عودته إلى السلطة الشهر الماضي على رأس الحكومة الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل.
تظاهرات ضد نتنياهو
من جهتهم، واصل معارضو نتنياهو احتجاجاتهم، أمس السبت، وتظاهر الآلاف في تل أبيب احتجاجاً على خطته لإصلاح القضاء المثيرة للجدل والهادفة إلى منح السياسيين مزيداً من السيطرة على المحكمة العليا.
يذكر أن تسعة فلسطينيين قتلوا، الخميس الماضي، الماضي في مخيم جنين للاجئين، في واحدة من أعنف عمليات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية.
وقالت إسرائيل إن العملية استهدفت عناصر من "حركة الجهاد الإسلامي" التي تعهدت مع حركة "حماس" الرد.