في عام 2016 لعبت الفنانة الأميركية كريستين ستيوارت بطولة فيلم فرنسي حمل اسم "بيرسونال شوبر" عرضت فيه حياة المتسوقة الشخصية التي تعمل لصالح المشاهير والأثرياء، حيث تقوم باختيار ملابسهم وأكسسواراتهم ومجوهراتهم، متنقلة بين العواصم الأوروبية على نفقتهم الخاصة، إذ ارتبطت هذه الوظيفة بالنخبة والأغنياء الذين يؤهلهم وضعهم الاقتصادي للاستعانة بهم، بخاصة ممن يعيشون تجارب حياتية مليئة بالأعباء أو الأشغال، ويتعين عليهم الاهتمام بمظهرهم بصفتهم شخصيات عامة.
لكن، أخيراً بدأت كل هذه الفوارق بالتلاشي، فلا تستغرب عندما تسأل شخصاً عن مظهره وعن لباسه، ليجيب بأن من تولى تنسيقها "بيرسونال شوبر"، ففي الوقت الراهن لم تعد وظيفة المتسوق الشخصي مقتصرة على المجتمعات الغنية ونجوم السينما في الخليج، بل صار شيئاً يشبه السائق والخادمة اللذين صارا جزءاً من حياة أي طبقة اجتماعية في الدول العربية. فقد ذاع صيت هذه المهنة في السعودية أخيراً مقابل رسوم معقولة تتراوح بين سبعة دولارات و27 دولاراً فقط.
مشاغل الحياة للمرأة العاملة
تعرض المتسوقة الشخصية ندى السبيعي تجربتها التي بدأتها من لندن بعد أن أنهت دراسة الماجستير في مجال إدارة الأعمال، حتى صارت اليوم توظف فريقاً كاملاً من المتسوقين الشخصين في جميع البلدان. وكانت طبيعة بداية عملها بطلب السلع غير المتوفرة بسهولة لدى العميل أو علامات تجارية غير متوفرة في بلد العمل. وأشارت السبيعي إلى أنه مع "ازدحام مشاغل الحياة" أصبحت المرأة العاملة لا تمتلك الوقت، فتلجأ إلى المتسوقات الشخصيات لاختيار اللباس وطلب ذوقهن باستعراض جديد الأسواق مقابل عمولة بسيطة.
وأضافت السبيعي "أصبح لنا عملاء دائمون، فالبعض يرسل لنا أرقام القياسات وطبيعة أجسامهم وميزانيتهم، ويتم التسوق لصالحهم من جميع العلامات التجارية المعروفة".
عمولة لا تتجاوز 7 دولارات
كما وضعت المتسوقة الشخصية هتون محمد شروطها في حسابها عبر "تويتر"، ومنها عدم تقديم الخدمة في حال كان اللباس "لا يوافق الشرع"، وإذا كانت المنتجات من مواقع فرنسية.
وعند سؤال هتون، قالت، "بعمولة 25 ريالاً (7 دولارات) فقط أقوم بالتسوق من أي موقع، سواء كان غربياً أو صينياً، بحيث أقدم خيارات متعددة للعميلة وفقاً لميزانيتها"، مشيرة إلى أن المعلومات التي تطلبها وصف مناسبة للباس، أو اختيار شنطة جامعية مثلاً، أو لون معين تفضله العميلة، وتقوم بدورها بالبحث عن المنتج وخيارات أخرى بعمولة قليلة توفر وقتاً وجهداً لها.
وعن سبب لجوء النساء إليها، تقول، "أحياناً لا تثق المرأة بذوقها في مناسبات معينة، أو لا يكون لديها الوقت للتسوق الإلكتروني، وأحياناً يريد بعضهن تغيير مظهرهن عن اختيارهن المعتاد"، مؤكدة أن أكثر مقدمات الطلبات نساء عاملات.
مهمة المتسوقات إرسال روابط الأزياء للعميلة
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أما المتسوقة الشخصية منى الدوسري، والتي تزيد عمولتها على هتون (25 ريالاً إلى 100 ريال/ 7 دولارات إلى 27 دولاراً)، مشيرة إلى أن الأمهات هن معظم من يشغلنها بطلبات لأطفالهن، وتقول، "توضح الأم نوع المناسبة، وأقوم باختيار ملابس مناسبة، سواء باختيار ملابس رسمية أو لشخصيات خيالية". وأضافت، "بدأت عملي في البداية بتوفير القطع النادرة في بلد العميلة، إلا أنني لاحظت أخيراً طلبات الاستشارة في الأزياء، لذلك دخلت المجال، وحددت الأسعار لذلك، وكل ما أقوم به هو البحث في المواقع الإلكترونية، وأقوم بإرسال الروابط للعميلة".
التشبه بمظهر وحياة المشاهير
لم تكن النساء فقط من اقتحمن وظيفة الـ"بيرسونال شوبر"، بل ذكر المتسوق خالد باكرمان أنه في بداية الأمر، وبحكم ابتعاثه في أميركا كان يجلب الطلبات من الماركات بعمولة بسيطة، لكن مع الوقت باتت تأتيه طلبات واستشارات في الأزياء. وأضاف، "أقدم النصيحة بشكل مجاني، إلا أنني لاحظت أنه بعد تقديم النصيحة تذهب الزبونة إلى المواقع الرخيصة، وتقوم بتنفيذه منه، لذلك أعلنت أنني أقوم بهذه الخدمة مقابل رسوم بسيطة، كما أقوم بالبحث عنها في جميع المواقع بحسب ميزانية الزبونة".
وأشار باكرمان إلى أن "عديداً من النساء، سواء الغنيات أو الطبقة المتوسطة، يلجأن إليه حتى يقدم لهن النصيحة، أو يبحث عن قطع معينة"، مضيفاً، "أصبح للمتسوق الشخصي أهمية بالغة بالنسبة إلى الأشخاص العاديين الذين يرغبون في الظهور بمظهر أنيق، الأمر الذي ربما ارتبط بصورة كبيرة باتساع قدرتهم على الاطلاع على حياة المشاهير ممن يرغبون أن يمتلكوا أسلوب حياة مشابه لهم".
معرفة المتسوقات بمستجدات السوق
شرحت بشري الجهني، وهي امرأة عاملة تشتغل كاستشارية نساء وولادة، تجربتها في التعامل مع الـ"بيرسونال شوبر"، بالقول، "بحكم طبيعة عملي ومتطلبات الأسرة، لا أجد الوقت في الظهور بمظهر أنيق، وبحكم معرفة المتسوقات الشخصيات الواسعة بمستجدات الأسواق والخدمات والابتكارات الحديثة، أقوم بالاستعانة بهن بمقابل مادي بسيط".
وقالت الجهني، "استعنت بهن في البداية في لباس أطفالي، ومن ثم بدأت استشارتها في مظهري وما يناسبه من أكسسوارات، وبالفعل تقوم المتسوقة بالبحث في المواقع وإرسال أفضل الخيارات لي".
أما المعلمة هديل المحميد فقد لجأت إلى المتسوقات لتوفير بعض القطع من الماركات العالمية، وعند عدم توفرها، تطلب منها تنسيق اللباس من أي موقع تراه أو أي متجر لديها. وتضيف، "بسبب خوضهم في المجال من وقت طويل، سواء بالتسوق أو البحث، أصبحت ترضيني تنسيقاتهم، وأصبحت أتجه لهم مباشرة وكل ما علي هو تحديد المناسبة ومقاس ملبسي وميزانيتي بشكل واضح".