على رغم الزيادات التي أقرها البنك المركزي المصري في أسعار الفائدة منذ اجتماع مارس (آذار) من العام الماضي، وفيما تشير بعض التوقعات إلى استمراره في تشديد السياسة النقدية وإقرار زيادات جديدة خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية، فإن شركات وبنوك استثمار ترى أن السقف الحالي لأسعار الفائدة أصبح كافياً لمواجهة التضخم المرتفع، مرجحة أن يتم تثبيت أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل.
وفيما استقر معدل التضخم بالقرب من مستوى 22 في المئة خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لكنه أقل من المستوى الذي بلغه عقب قرار أول تعويم للجنيه المصري مقابل الدولار في أول نوفمبر (تشرين الثاني) من عام 2016 حينما بلغ مستوى 35 في المئة. وتسببت الزيادات المتتالية التي أقرها البنك المركزي المصري في أسعار صرف الدولار مقابل الجنيه المصري منذ الربع الأول من العام الماضي، في تغذية معدل التضخم الذي يبلغ في الوقت الحالي أعلى مستوى في أكثر من أربع سنوات، لكن الحكومة المصرية تعول على تمكنها من قرب إنهاء أزمة البضائع المكدسة في الموانئ المصرية، حيث كان إجمالي قيمة البضائع المكدسة قد بلغ في بداية ديسمبر الماضي نحو 14 مليار دولار، لكن مع التحركات والقرارات الأخيرة التي أعلنها البنك المركزي المصري انخفض هذا الرقم إلى مستوى ملياري دولار فقط بنهاية الأسبوع الثالث من الشهر الحالي.
كانت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري قد قررت خلال الاجتماع الأخير في 2022 رفع سعر الفائدة على الودائع والإقراض لليلة واحدة بواقع 300 نقطة أساس إلى 16.25 في المئة و17.25 في المئة بالترتيب. وأدى هذا القرار إلى تسريع وتيرة السياسة التشديد النقدي بمقدار 500 نقطة أساس في الربع الرابع من عام 2022، حيث رفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 800 نقطة أساس خلال عام 2022. وفي الوقت نفسه ارتفع التضخم إلى 21.3 في المئة خلال شهر ديسمبر 2022، بمتوسط 13.8 في المئة خلال عام 2022.
تباين توقعات المحللين حول مصير أسعار الفائدة
في مذكرة بحثية حديثة رجحت إدارة البحوث بشركة "أتش سي" للأوراق المالية والاستثمار، أن تبقي لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري على أسعار الفائدة دون تغيير. وقالت محللة قطاع البنوك والاقتصاد الكلي بالشركة، هبة منير، أن قرار الإبقاء سيكون في إطار السماح للسوق باستيعاب رفع سعر الفائدة بنحو 300 نقطة أساس خلال الاجتماع الأخير للجنة السياسة النقدية. كما أعلن البنك المركزي أن الاستثمارات الأجنبية في السوق المصرية تجاوزت 925 مليون دولار في الأسبوع الذي أعقب التحرك في سعر الجنيه المصري في مقابل الدولار الذي تم في 11 يناير (كانون الثاني) 2023. وأشارت إلى أن التدفقات المستفيدة من فرق الأسعار أصبحت أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب. ورجحت تسارع التضخم ليصل إلى 23.5 في المئة خلال شهر يوليو (تموز) 2023 قبل أن يتراجع إلى 18.2 في المئة خلال شهر ديسمبر 2023 بمتوسط 21.5 في المئة خلال عام 2023. وتوقعت أن يبلغ متوسط عائد أذون الخزانة لأجل العام نحو 20.6 في المئة خلال عام 2023 (باحتساب معدل ضرائب قدره 15 في المئة للمستثمرين الأميركيين والأوروبيين)، مع الأخذ في الاعتبار توقعات رفع سعر الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس خلال بقية العام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووضعت الشركة في الاعتبار التقلبات في مبادلة مخاطر الائتمان في مصر لعام واحد، والتي سجلت حالياً 504.7 انخفاضاً من ذروتها عند 1774 في 27 يوليو (تموز) 2022، لكنها لا تزال مرتفعة مقارنة بمستوياتها القياسية المنخفضة التي بلغت 181 في 17 سبتمبر (أيلول) 2021.
وأشارت إلى انخفاض قيمة الجنيه المصري بنسبة 17 في المئة خلال الشهر الماضي، مسجلاً 29.9 جنيه لكل دولار أميركي، بسبب الضغوط المتراكمة على ميزان المدفوعات في مصر والتزامات الدين الخارجي المرتفعة، على رغم وجود تحسن طفيف في صافي الاحتياطي الأجنبي الذي ارتفع بنسبة 1.4 في المئة على أساس شهري للمرة الأولى منذ ديسمبر 2020 مقابل انخفاض بنسبة 16.9 في المئة على أساس سنوي إلى 34.0 مليار دولار في ديسمبر 2022، إضافة إلى تقلص صافي مركز التزامات القطاع المصرفي من العملة الأجنبية، باستثناء البنك المركزي، بنسبة 16.7 في المئة على أساس شهري إلى 13.7 مليار دولار في نوفمبر 2022 لأول مرة منذ يوليو (تموز) 2022، بينما اتسع بنسبة 93 في المئة على أساس سنوي. تقدم أذون الخزانة أجل الـ12 شهراً في الطرح الأخير عائداً قدره 18.57 في المئة، والذي يترجم إلى عائداً حقيقياً بنسبة 0.57 في المئة (موجب)، باحتساب معدل ضرائب بنسبة 15 في المئة للمستثمرين الأميركيين والأوروبيين، وبناءً على توقعنا للتضخم بنسبة 18.0 في المئة في يناير 2024، مما يعزز وجهة نظرنا بالحاجة إلى زيادة أسعار الفائدة حتى نهاية العام.
في المقابل، كان استطلاع حديث أجرته وكالة "رويترز" قد رجح أن يقوم البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة لليلة واحدة 150 نقطة أساس خلال الاجتماع المقبل للجنة السياسة النقدية. وكان متوسط التوقعات في استطلاع للرأي قد شمل 13 محللاً هو أن البنك سيرفع سعر الفائدة على الودائع إلى 17.75 في المئة وسعر الإقراض إلى 18.75 في المئة خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية الدوري.
وتوقع المتخصص في الشأن الاقتصادي لدى بنك الكويت الوطني نعمان خالد أن يرفع البنك المركزي أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل بما لا يقل عن 100 نقطة أساس، مضيفاً أن من المهم أن يتحرك البنك قبل صدور بيانات التضخم الأسبوع المقبل، متوقعاً أن يكون تقريباً بين 23 في المئة و24 في المئة.
الدولار يواصل الارتفاع ويخترق مستوى 30 جنيهاً
في سوق الصرف ارتفع سعر صرف الدولار الأميركي أمام الجنيه المصري، في التعاملات الأخيرة، لدى البنك المركزي المصري والبنوك المصرية. ولدى البنك المركزي المصري، سجل سعر صرف الدولار الأميركي مستوى 29.92 جنيه للشراء و30.03 جنيه للبيع. وفي بنكي "الأهلي المصري" و"مصر" بلغ سعر صرف الورقة الأميركية الخضراء مستوى 29.90 جنيه للشراء و30 جنيهاً للبيع، فيما بلغ أعلى سعر صرف للدولار في مصرف أبوظبي الإسلامي عند مستوى 30.07 جنيه للشراء و30.10 جنيه للبيع.
وعلى صعيد شهادات الاستثمار ذات العائد المرتفع البالغ نحو 25 في المئة، والتي أعلنت بعض البنوك التابعة للحكومة المصرية عن طرحها يوم 4 يناير، فقد بلغت الحصيلة المجمعة في بنوك "الأهلي المصري" و"بنك مصر" و"بنك القاهرة" نحو 460 مليار جنيه (15.384 مليار دولار)، وذلك منذ طرحها وحتى نهاية عمل يوم 30 يناير الحالي.
ووفق بيان، قال "بنك القاهرة" المملوك للدولة، إنه سيوقف العمل بشهادات الادخار ذات عائد 25 في المئة و22.5 في المئة، اليوم الثلاثاء، كما أعلن البنك "الأهلي المصري" و"بنك مصر"، أنها سيقومان بوقف طرح شهادات الـ25 في المئة بنهاية عمل يوم 31 يناير الحالي. وجرى طرح شهادات الادخار مرتفعة العائد في وقت سابق من هذا الشهر قبيل تخفيض قيمة الجنيه. ولم يعلن كل من البنك التجاري الدولي، وبنك قطر الوطني الأهلي، عن موعد وقف العمل بشهادات الادخار مرتفعة العائد الخاصة بهم بعد.
وبلغت حصيلة "البنك الأهلي المصري" من بيع هذه الشهادات نحو 260 مليار جنيه (9.698 مليار دولار)، فيما بلغت حصيلتها لدى "بنك مصر" نحو 160 مليار جنيه (4.784 مليار دولار)، لكن تمكن "بنك القاهرة" من جمع نحو 10 مليارات جنيه (0.334 مليار دولار) من بيع هذه الشهادات.