على رغم هدوء آلة الحرب المتبوع بجهود دولية متفائلة تهدف إلى إنهاء الصراع في اليمن، إلا أن قوافل الإمداد الحوثية ما زالت تتقاطر عبر المياه بشحنات أسلحة نوعية ومتطورة.
ومع ما يتردد عن مساع دولية حثيثة لتوصل إلى حل سياسي ينهي الحرب الدائرة منذ ثماني سنوات، تشهد المياه الدولية تدفقاً مستمراً لشحنات الأسلحة والممنوعات التي كانت في طريقها لميليشيا الحوثي، بحسب اتهامات دولية تشارك في حماية المياه، كان آخرها ما ضبطته قوات البحرية الفرنسية من شحنة أسلحة إيرانية مهربة في خليج عمان، تشمل رشاشات آلية وكمية ضخمة من الذخائر والصواريخ الحرارية الموجهة، كانت في طريقها لذراعها الحوثي.
في الوقت المناسب
وأعلنت القيادة المركزية للجيش الأميركي أمس الأربعاء مصادرة شحنة أسلحة إيرانية في خليج عمان كانت في طريقها إلى الحوثيين في اليمن الشهر الماضي، مكونة من أكثر من ثلاثة آلاف بندقية هجومية، و578 ألف طلقة و23 صاروخاً موجهاً مضاداً للدبابات الشهر الماضي".
وأوضح البيان أن أفراد القيادة المركزية "قدموا معلومات قيمة في الوقت المناسب إلى القوات الدولية التي أجرت عملية الاعتراض"، في إشارة إلى عمليات الرصد والمتابعة التي تتم في مثل هكذا عمليات مع ما ينتهجه مهربو هذا النوع من الشحنات من عمليات تخف وتمويه متعددة.
خط المقاومة الممتد
من جانبها أصدرت الخارجية الإيرانية اليوم بياناً ردت فيه على التقارير التي تتهمهم بتزويد حليفهم الحوثي بالأسلحة. ووصفته بأنه "اتهام ذو دوافع سياسية مضللة للرأي العام في العالم".
إلا أن حلفاءهم بصنعاء لا يخفون العلاقة بينهم.
أربع عمليات مماثلة
البيان كشف عن أن العملية التي جرت في يوم 15 يناير (كانون الثاني) الماضي، تعتبر "واحدة من أربع عمليات اعتراض تمت خلال الشهرين الماضيين"، التي حالت دون نقل أكثر من خمسة آلاف قطعة سلاح و 1.6 مليون طلقة من الذخيرة إيرانية إلى الحوثيين.
وأكد المتحدث باسم الأسطول الخامس تيم هوكينز، أن الأسطول ساعد القوات الشريكة (في إشارة للبحرية الفرنسية) في عملية ضبط الأسلحة، التي تمت في خليج عمان يوم 15 يناير.
ولم يصدر عن الحوثيين تعليق حول الاتهام الأميركي الأخير.
إمداد لا ينقطع
وتوضيحاً لاستمرارية ضخ الإمدادات إلى الحوثيين، قالت القيادة المركزية الأميركية إن عملية المصادرة هذه جاءت بعد خمسة أيام فقط من إعلانها اعتراض شحنة مكونة من 2116 بندقية هجومية إيرانية متجهة إلى الحوثيين.
وفي بيان منفصل يوم الأربعاء، أعلنت القيادة المركزية أيضاً أن قوات الأمن اليمنية ضبطت أخيراً 100 محرك للطائرات من دون طيار كانت متجهة إلى مقاتلي الحوثيين، على رغم عدم تحديد موعد العملية.
جهد دولي
من جانبها قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن البحرية فرنسية ضبطت زورقاً محملاً بالأسلحة والذخائر الإيرانية في خليج عمان، كان متجهاً إلى جماعة الحوثيين في اليمن، وذلك في إطار جهد دولي لمنع تهريب الأسلحة للجماعة المدعومة من النظام الإيراني.
وأضافت على لسان مسؤولين مطلعين، أن القوات الفرنسية "أوقفت في 15 يناير الماضي زورقاً بحرياً وعثرت بداخله أكثر من ثلاثة آلاف بندقية ونصف مليون رصاصة و20 صاروخاً مضاداً للدبابات".
ووفقاً لـ"وول ستريت" جاءت "العملية التي تم تنسيقها مع الجيش الأميركي، في وقت باتت فيه فرنسا والمملكة المتحدة تلعبان دوراً أكبر في عمليات التصدي لتهريب الأسلحة في المنطقة، بعد أن كانت الولايات المتحدة تتصدر المهمة".
وتشير العملية الأخيرة إلى أن إيران تواصل تزويد الحوثيين في اليمن بالأسلحة، على رغم الجهود والمحادثات السياسية التي تبذل لضمان وقف إطلاق النار، وفقاً للصحيفة ذاتها.
مضبوطات ونفي
وعلى رغم القرارات الدولية التي تشدد على منع إيران توريد الأسلحة لميليشيات الحوثي الانقلابية وإذكاء الصراع في اليمن، فإن قوافل إمدادهم بأنواع شتى منها تضاعفت أخيراً عبر مساراتها المعتادة في عرض البحر بين اليمن وعمان في تهديد صارخ للأمن الإقليمي والدولي وهو ما قال مراقبون إنه استغلال حوثي إيراني لحالة الهدوء الذي أضفته الجهود الدولية بغية التوصل لحلول دبلوماسية للأزمة هناك.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي يوليو (تموز) أعلنت المملكة المتحدة أن البحرية الملكية صادرت صواريخ (أرض – جو) ومحركات صواريخ "كروز" من قارب قبالة الساحل الجنوبي لإيران.
ولطالما وجهت الحكومة اليمنية الشرعية ودول التحالف العربي الداعم لها وكذا الغرب بما في ذلك الولايات المتحدة، اتهامها للنظام الإيراني بتزويد ميليشيا الحوثي بصواريخ وطائرات مسيرة وأسلحة أخرى، لكن طهران على رغم المضبوطات القادمة منها، تنفي تلك الاتهامات على رغم إقرارها بتقديم الدعم السياسي الصريح لذراعها الحوثية.
أولاد المقاومة
ففي الثالث من يناير من عام 2021، اعترفت إيران مجدداً بدعمها الصريح لميليشيات الحوثي.
ووصف قائد "فيلق قدس" الذراع الدولية للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني الحوثيين بأنهم "أولاد ثقافة المقاومة"، في إشارة إلى الميليشيات التي تدعمها طهران في عدد من البلدان العربية ومنها لبنان والعراق وسوريا.
وقال إن "الحوثيين لم يملكوا في السابق غير أسلحة من نوع كلاشنيكوف وآر بي جي، لكنهم قاتلوا خلال الأعوام الماضية بشكل جميل. إنهم يصنعون الآن صواريخ يصل مداها إلى أكثر من 1000 كيلومتر وكذلك طائرات من دون طيار".
خبراء على الأرض
وقبالة النفي الحوثي بعدم تبعيتهم لإيران وتنفيذ أجندتها، كشف التسجيل المرئي الذي نشره التحالف العربي في 26 ديسمبر (كانون الأول) 2021 عن وجود خبراء من "حزب الله" يتولون إطلاق الطائرات والصواريخ الباليستية من السواحل الغربية للبلاد، وتأكيد الضابط التابع لـ"حزب الله" اللبناني الذي ظهر في الفيديو أنه "لولا الأمم المتحدة لكانوا خسروا الحديدة والبحر وخسروا تدفق الأسلحة والمقاتلين"، فيما ردت الميليشيات إنه تسرب عن طريق برامج تجسس استخدمها التحالف ضد هواتف القيادات.