في إطار جولة استهلها من #العراق قبل أن يتوجه إلى مالي وصل وزير الخارجية الروسية #سيرغي_لافروف أمس الثلاثاء إلى #موريتانيا في زيارة تستمر يومين، حيث كان في استقباله نظيره الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق في مطار #نواكشوط الدولي.
وبحسب الخارجية الموريتانية من المقرر أن يجري الوزير الروسي محادثات في العاصمة مع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.
سياق الجولة
تمثل #نواكشوط محطة مهمة من جولة لافروف في المنطقة، فالوزير الروسي الآتي من مالي، الحليف الجديد لموسكو في #الساحل_الأفريقي بعد تراجع الدور الغربي عموماً في الدولة التي تتقاذفها الانقلابات والتي حدت من علاقاتها مع فرنسا بشكل خاص بعد خروج قواتها العسكرية من أراضيها، يأمل في أن تسهم زيارته لنواكشوط في رفع مستوى العلاقات مع دولة وازنة في منطقة الساحل وتحظى بمكانة خاصة في مختلف عواصم المنطقة.
وتأتي زيارة لافروف لموريتانيا في وقت تبحث روسيا عن تحالفات في شمال أفريقيا وغربها بعدما وسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) علاقاته في دول المنطقة، وعلى رغم أن نواكشوط تحظى بمكانة خاصة في "الناتو" والغرب عموماً، إلا أن مراقبين يرون أن من مصلحتها "تقارباً مع موسكو لا يؤثر في تحالفاتها السابقة مع الولايات المتحدة وأوروبا والناتو".
وبحسب مركز دراسات واستشارات موريتاني، "شرعت روسيا في حملة نفوذ واسعة في أفريقيا بعد حربها على أوكرانيا، معتمدة سياسة تثبيت الوجود في أفريقيا من وجود عسكري لمرتزقة ’فاغنر‘ والنشاط الدبلوماسي الرسمي الذي يستهدف أفريقيا".
وخلص التقرير إلى أن "روسيا تدخل أفريقيا اليوم بدافعين رئيسين، هما نشر وجهة نظر الروس حول مهاجمة أوكرانيا ومحاولة كسب الجبهة الأفريقية من خلال إقناعها بالموقف الروسي، أما الدافع الثاني، فيتمثل في صياغة اتفاقات اقتصادية وعسكرية وأخرى في مجال الطاقة".
ولد الغزواني يلتقي لافروف
استهل لافروف اليوم الأربعاء زيارته بلقاء الغزواني في القصر الرئاسي في نواكشوط، وبحسب صفحة الرئاسة الموريتانية على "فيسبوك"، "تناول اللقاء التعاون بين البلدين والسبل الكفيلة بتعزيزه والقضايا ذات الاهتمام المشترك".
وحضر اللقاء من الجانب الموريتاني، وزير الشؤون الخارجية والتعاون في الخارج محمد سالم ولد مرزوق ومدير ديوان رئيس الجمهورية اسماعيل ولد الشيخ أحمد وسفير موريتانيا في موسكو محمد محمود ولد داهي. كما شارك من الجانب الروسي نائب وزير الخارجية والممثل الخاص لرئيس الجمهورية للبلدان الوسطى والأفريقية ليونيد بوغدانوف وسفير روسيا الاتحادية في نواكشوط بوريس زيلكو ومدير قسم الشرق الأوسط ألكزانر كينشك ونائب مدير إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا أكور بلياف.
وضع متأزم
وتكتسي زيارة لافروف طابعاً خاصاً فرضته الظروف الدولية التي يمر بها العالم بعد الحرب الروسية - الأوكرانية، كما أنها تأتي في وضع متأزم لمنطقة الساحل التي تتابين فيها مواقف الدول المؤسسة لهذا التجمع الإقليمي.
ويرى الباحث الحسين محمد عمر أن الزيارة "تأتي في جو عالمي معقد، فموسكو دخلت غرب أفريقيا عبر بوابة مالي وبوركينا فاسو اللتين طلبتا من الفرنسيين الانسحاب من أراضيها، وكل ذلك يعزى إلى تدخل روسي بأشكال مختلفة منها الأمنية والاقتصادية. كذلك تلعب العقوبات الغربية بسبب الحرب على أوكرانيا دوراً محورياً في التحرك الجديد للدبلوماسية الروسية، فهي تسعى إلى إيجاد منافذ اقتصادية مهمة".
ويضيف "بعد دخول الروس إلى مالي لم يبق لهم قبل الوصول إلى الأطلسي إلا موريتانيا، وبذلك تكون روسيا أصبحت على تماس مباشر مع المصالح الغربية. فبعد تنامي الحديث عن مسعى الناتو لاتخاذ موريتانيا كإحدى قواعده بحيث يمنع روسيا المتمركزة في مالي عبر فاغنر من الاستفراد بالغرب الأفريقي، تأتي هذه الزيارة لاستمالة موريتانيا، لكنني أرى أنه من الصعب عليها المجازفة بعلاقاتها مع الغرب مقابل علاقات مع دولة في وضع متأزم بسبب مقاطعة أهم القوى المالية العالمية".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
حصار إعلامي
وانتقدت وسائل إعلام موريتانية حالة التكتم التي فرضتها السلطات الموريتانية على تحركات الوزير الروسي في العاصمة، إذ لم يسمح لمراسلون دوليين عدة بدخول مبنى الخارجية الموريتانية، ولم تتمكن وسائل الإعلام المحلية من تغطية زيارة لافروف بسبب منع الوسائل المستقلة والدولية من مرافقة الضيف الذي يزور نواكشوط للمرة الأولى، على رغم علاقات نواكشوط مع موسكو الممتدة منذ القدم.
ولاحظ مراقبون في نواكشوط غياب تغطية زيارة لافروف في الإعلام الرسمي الموريتاني الذي تجاهل تماماً خبر وصوله إلى العاصمة، الأمر الذي فسرته بعض الأوساط الصحافية بخشية أن تحرج تصريحات قد يدلي بها رئيس الدبلوماسية الروسية حلفاء نواكشوط، على غرار تصريحاته في باماكو التي قال فيها إنه على "الدول الغربية قبول حقيقة أن العالم يتغير مع ضرورة احترام البلدان الأخرى"، مؤكداً أن "ردود الفعل السلبية لدول الغرب على تعزيز التعاون مع مالي هو أحد مظاهر نهجها الاستعماري".
الأوراق الموريتانية
ينتظر من موريتانيا وفق معنيين بعد هذه الزيارة أن تبدأ بلعب أوراقها الرابحة لكسب أكبر عدد من النقاط، وعلى نواكشوط أن تحدد علاقاتها مع الحلف الغربي ممثلاً بفرنسا الحليف التقليدي لها وكذلك مع أميركا و"الناتو"، كما أن الوقت مناسب لنواكشوط بحسب مراقبين لتضبط علاقاتها مع موسكو انطلاقاً من رؤيتها لمصالحها مع روسيا.
ويرى الصحافي أحمد محمد المصطفى أن "موريتانيا تمتلك كثيراً من الأوراق وأدوات التأثير في منطقتها، لا سيما أنها تتمتع باستقرار سياسي وأمني في محيط ملتهب، وبمقدرات اقتصادية قابلة للاستغلال، كما تنعم بتنوع شعبي قابل للاستثمار وعلاقات خالية من العقد والترسبات مع دول مجموعة الساحل. ومع ذلك فهي تبدو كمن لا يمتلك أي أوراق، أو لا يعرف كيف يستخدمها، وترهن نفسها في مواقف ومواقع تكبلها وتبدد عليها كثيراً من الفرص".
ويذهب الباحث الحسين محمد عمر إلى القول إنه "وضع معقد توضع فيه دول العالم الثالث، لكن الاختيار لن يكون صعباً على موريتانيا، إذ لا أعتقد بأنها تملك خياراً للمناورة في صراع القوى العالمية هذا".
علاقات تجارية
وسبق للرئيس الموريتاني أن زار روسيا عام 2019 للمشاركة في القمة الروسية - الأفريقية.
وفي أواخر شهر يوليو (تموز) الماضي، زار وزير الدفاع الموريتاني حنن ولد سيدي روسيا، ووقع اتفاقاً للتعاون العسكري مع نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين.
وترتبط موريتانيا بعلاقات تجارية مع روسيا، بخاصة في مجال الحبوب إذ تستورد نواكشوط ما قيمته 31 مليون دولار من القمح، بينما تصدر إلى موسكو ما قيمته 95 مليون دولار سنوياً من المنتجات السمكية.
وبلغ مجموع الصادرات الروسية إلى موريتانيا 37.6 مليون دولار، بحسب أرقام 2020.