قالت المديرة العامة لـ#صندوق_النقد الدولي كريستالينا غورغييفا إن "التطورات السلبية لا تزال هي الكفة الراجحة في ميزان الأخطار الاقتصادية حول العالم". وأضافت غورغييفا خلال كلمتها على هامش المنتدى المالي العربي في #دبي أنه "من الممكن تعطل مسيرة التعافي في الصين، وقد يظل #التضخم متجاوزاً للتوقعات مما سيقتضي مزيداً من التشديد النقدي الذي قد يؤدي إلى عمليات إعادة تسعير مفاجئة في الأسواق المالية، وربما تتصاعد الحرب الروسية في أوكرانيا مخلفة اقتصاداً عالمياً أكثر تفككاً".
النمو العالمي لا يزال ضعيفاً
وأوضحت مديرة الصندوق أن النمو العالمي لا يزال ضعيفاً، وقالت بأنه قد شهد ارتفاعاً بنسبة 3.4 في المئة خلال العام الماضي، لكنه يتراجع اليوم إلى 2.9 في المئة خلال العام الحالي ليسجل تحسناً طفيفاً في 2024، إذ يصل إلى 3.1 في المئة على حد قولها.
وأشارت غورغييفا إلى أحدث التنبؤات التي أطلقها الصندوق منذ أسبوعين، ووصفتها بأنها أقل قتامة مقارنة بأكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكنها نوهت إلا أن تلك الأرقام لا تزال تشير إلى تراجع النمو، كما شددت على أن مكافحة التضخم تظل من الأولويات لعام 2023.
النمو في منطقة الشرق الأوسط
وأضافت أنه مع تباطؤ الاقتصاد العالمي يتوقع تراجع النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أيضاً من 5.4 في المئة عام 2022 إلى 3.2 في المئة هذا العام، قبل أن يرتفع إلى 3.5 في المئة عام 2024.
وفي البلدان المصدرة للنفط قد يؤدي خفض الإنتاج وفق اتفاق "أوبك+" إلى تراجع إيرادات النفط الكلية، وستتواصل التحديات في البلدان المستوردة للنفط، في حين يمثل الدين العام مصدر قلق كبير، إذ تواجه اقتصادات عدة في المنطقة ارتفاعاً في نسب الدين إلى إجمال الناتج المحلي التي تقارب 90 في المئة في بعض الاقتصادات.
التضخم العالمي
وعلى الجانب الإيجابي قالت غورغييفا "نشهد حالياً تراجع التضخم من 8.8 في المئة عام 2022 إلى 6.6 في المئة هذا العام، و4.3 في المئة عام 2024، وإن كان سيظل متجاوزاً مستويات ما قبل الجائحة في معظم البلدان.
وترى المديرة العامة لصندوق النقد أن من العوامل المساعدة إعادة فتح الصين وصلابة أسواق العمل والإنفاق الاستهلاكي في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وللعام الرابع على التوالي توقعت كريستالينا غورغييفا أن يتجاوز التضخم في منطقة الشرق الأوسط 10 في المئة، وهو ما يزيد على المتوسط العالمي على حد قولها.
وفي اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات منخفضة الدخل في المنطقة يعكس ذلك التداعيات الممتدة لارتفاع أسعار الغذاء وانخفاض أسعار الصرف في بعض الحالات.
وأضافت، "بحسب توقعاتنا يتراجع التضخم تدريجياً مع استقرار أسعار السلع الأولية وتحقق الأثر المرجو من تشديد السياسة النقدية وسياسة المالية العامة، ونتوقع استمرار بلدان مجلس التعاون الخليجي في احتواء التضخم".
عجز الغذاء
وحذرت المديرة العامة لصندوق النقد من أخطار عدة تستدعي القلق في المنطقة أيضاً، فالحرب الروسية في أوكرانيا والكوارث المناخية قد تؤدي إلى تفاقم عجز الغذاء في البلدان الأكثر عرضة للأخطار، ويضاف إلى ذلك الارتفاع المزمن في معدلات البطالة بين الشباب، مما يضعنا أمام خطر هائل يهدد الاستقرار الاجتماعي.
وكذلك يمكن أن تؤدي زيادة تشديد الأوضاع المالية العالمية أو المحلية إلى ارتفاع كلفة الاقتراض ونقص التمويل في بعض الحالات، ومن شأن تأخر الإصلاحات المحلية الملحة أن يفرض عبئاً على الآفاق الإقليمية والموارد الحكومية، على حد قول غورغييفا.
وقالت مخاطبة الحضور الكبير "كما ترون فنحن نشهد عاماً صعباً آخر، ولكن هناك أسباباً للتفاؤل، ولا تخلو جعبتنا من الحلول لجعله عاماً أفضل". وتابعت "في هذه المنطقة بإمكاننا جميعاً أن نستلهم كثيراً من الروح الجماعية لأسود الأطلسي المغاربة وإصرارهم في بطولة كأس العالم في قطر".
ثلاثة مبادئ
وألقت غورغييفا الضوء خلال كلمتها على ثلاثة مبادئ قالت بأنه يمكن للبلدان الاسترشاد بها في توظيف سياسات المالية العامة لبناء الصلابة مع التركيز لاحقاً على سبل التعاون من أجل تسديد الأهداف في مرمى القضايا التي لن يتسنى لنا مواجهتها إلا سوياً.
وتحدثت المديرة العامة لصندوق النقد عن بناء الصلابة من خلال السياسات المالية العامة، قائلة إن المبدأ الأول يتمثل في وضع إطار قوي لإدارة سياسة المالية العامة والتعامل مع الأخطار المحيطة بها، مضيفة "أنه وفي عالم اليوم المعرض للصدمات ويكتنفه عدم اليقين، أصبحت إدارة سياسة المالية العامة أكثر أهمية، ولكن أكثر تعقيداً أيضاً"، داعية إلى النظر في تقلبات أسعار الطاقة والغذاء في المنطقة والتي تتطلب من الحكومات التدخل لحماية الفئات الضعيفة مع مواصلة خطط التنمية والاستثمارات، ومشددة على أن ذلك يقتضي التخطيط الدقيق وتوافر الموارد اللازمة.
التجربة المغربية
ونوهت بالتجربة المغربية في هذا الجانب قائلة "هذا ما يفعله المغرب من خلال إلغاء الدعم المكلف غير الموجه تدريجياً لمصلحة توفير الدعم الاجتماعي الذي يستهدف الفئات المستحقة".
كما استشهدت بالتجربة الموريتانية، إذ وضعت نواكشط ركيزة مالية لمواجهة تقلبات إيرادات تصدير المعادن، كما رفعت أسعار الوقود بنسبة 30 في المئة من خلال خفض الدعم، وتعمل بعض البلدان المستوردة للطاقة على بناء احتياطاتها عندما ترتفع الأسعار استعداداً لمواجهة تقلبات أسعار النفط".
أما المبدأ الثاني، على حد قول غورغييفا، فيتمثل في التخطيط والاستثمار على المدى الطويل لمواجهة تحديات المناخ، فمن شمال أفريقيا إلى آسيا الوسطى تبلغ مستويات الاحترار في المنطقة ضعف معدلها في باقي أنحاء العالم.
وبخلاف ضرورة الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في كل مكان، أكدت غورغييفا الحاجة إلى العمل عبر جبهات عدة، فعلى سبيل المثال يمثل الاستثمار في البنية التحتية المقاومة لتغير المناخ ونظم الإنذار الباكر عاملاً أساسياً لتعزيز صلابة المنطقة، وينطبق ذلك أيضاً على استثمارات الطاقة المتجددة وجهود الحد من كثافة الكربون في مختلف اقتصادات المنطقة.
حاجات تمويلية
وقالت المديرة العامة لصندوق النقد إن حكومات المنطقة أعلنت حاجات تمويلية لسنوات عدة بقيمة تتجاوز 750 مليار دولار لاتخاذ هذه التدابير، وتعتمد تلبية هذه الحاجات على توفير بيئة مواتية للتمويل المناخي الخاص من خلال السياسات والحلول المالية السليمة.
وأضافت، "هنا أيضاً يضطلع الصندوق بالدور المنوط به، فقد أصبح المناخ من صلب عملنا ونتعاون حالياً مع شركائنا على إحراز التقدم المرجو في تنفيذ خطة تمويل العمل المناخي، ويتضمن ذلك الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة الجديد الذي يهدف إلى تحسين السياسات وتوفير تمويل طويل الأجل بكلفة معقولة لمواجهة التحديات المناخية".
وكشفت عن مناقشات جارية بالفعل مع مصر وبلدان أخرى للاستفادة من تمويل الصندوق الاستئماني للصلابة والاستدامة.
أما المبدأ الثالث كما تقول غورغييفا فهو تعزيز الإيرادات الضريبية، فهي ترى أن الاستثمار في مستقبل أكثر صلابة مرهون بمواصلة تعزيز سياسات الضرائب والإدارة الضريبية، مشيرة إلى إحراز بلدان عدة في المنطقة تقدماً كبيراً في تعزيز قدراتها الضريبية، ومع ذلك فإن متوسط نسبة الضرائب إلى إجمال الناتج المحلي، ما عدا الإيرادات المرتبطة بالهيدروكربونات، لا يزال 11 في المئة تقريباً، أي أقل من نصف الحصيلة الممكنة.