Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تنجح البنوك في تمردها على الدولة اللبنانية؟

يحاول أعضاء في جمعية المصارف الدفع باتجاه رفع دعاوى قضائية ضد الدولة والحجز على أملاكها

متظاهرون لبنانيون أمام مصرف لبنان المركزي (رويترز)

عقب #احتجاجات_أكتوبر (تشرين الثاني) 2019، احتجزت #المصارف_اللبنانية أموال ما يقارب من 700 ألف مودع، على خلفية #الانهيار_الاقتصادي الذي شهده #لبنان، وذلك بعد تعثر الدولة عن تسديد مستحقاتها المتراكمة للمصارف، التي قدرها #البنك_الدولي حينها بـ73 مليار دولار.

وبعد أكثر من ثلاثة أعوام ونصف العام على الأزمة لم تستطع السلطات اللبنانية إنجاز خطة اقتصادية لانتشال البلاد من الانهيار، إذ وخلال حكومتين متتاليتين لم تقر القوانين والمراسيم الإصلاحية المطلوبة لتحويل الخطة المبدئية للحكومة إلى المؤسسات لتطبيقها، وذلك نتيجة التجاذبات السياسية واعتبار شرائح سياسية واقتصادية واسعة تلك الخطة مجحفة وتقضي على ما تبقى من اقتصاد متهالك في البلاد، في حين تدافع الحكومة ورئيسها عن خطتهم ويسوقون أن مبادئها مرتكزة على شروط وضعها صندوق النقد الدولي.

حصار المصارف

إلا أنه في المرحلة الأخيرة بدأت دعاوى قضائية عديدة تحاصر المصارف، إذ نجح عدد كبير من كبار المودعين بمقاضاة مصارف لبنانية وإلزامها دفع ودائعهم المحجوزة، إضافة إلى وابل من الدعاوى أمام النيابة العامة الاستئنافية في جبل لبنان، حيث تحقق القاضية غادة عون مع 15 مصرفاً، وسبق لها أن أصدرت قراراً بمنع التصرف بأملاك 15 مصرفاً وأموال رؤساء وأعضاء مجالس إداراتها، ومنع رؤساء مجالس إدارة خمسة مصارف من السفر. 

إضافة إلى المواجهات شبه اليومية التي تشهدها المصارف مع المودعين، سواء من خلال تنظيم تظاهرات أو من خلال سلسلة "الاقتحامات" التي تشهدها بعض المصارف من مودعين غاضبين يسعون لاسترداد وديعتهم بمختلف السبل.

عزلة اقتصادية

وبالعودة إلى مستجدات الأزمة المصرفية، قررت جمعية المصارف المضي في إضرابها للأسبوع الثاني على التوالي، واضعة القضاء أمام مسؤولياته والتنبه للخطر المحدق بالمصارف وبلبنان جراء التسرع بالادعاء على بنك عوده (أحد أبرز البنوك اللبنانية) بتهمة تبييض الأموال على الرغم من تعاون المصرف بشكل كامل ومن دون تحفظ، باستثناء رفضه مخالفة القانون ومنح معلومات مصرفية بصورة رجعية. 

واعتبرت في بيان "أن هذا القرار، إذا تم تعميمه على مصارف أخرى كما يعد به التهديد الذي وصلها، قد يدفع بالمصارف الكبرى العالمية إلى وقف تعاملاتها بشكل تام مع لبنان عبر إقفال حسابات المصارف اللبنانية لديها. عندها لن ينفع الندم إذا ما تم عزل لبنان مالياً عن العالم وتوقفت التجارة الخارجية وفُقِدَت المواد الأساسية التي ما زالت تُستورد حالياً عبر القطاع المصرفي، إلا إذا كان هذا هو الهدف من هكذا قرار؟".

حرب المصارف والدولة

وفي هذا السياق دعا مصدر في جمعية المصارف اللبنانية، طلب عدم ذكر اسمه، إلى انعقاد فوري لمجلس القضاء الأعلى ووضع معالجة للاستنسابية الحاصلة لدى المحاكم تجاه الدعاوى المقدمة من بعض المودعين، كاشفاً عن وجود ازدواجية في الأحكام، إذ إنه في وقت تلزم تلك الأحكام المصارف قبول تسديد المواطنين لديونهم بالشيك المصرفي أو بالليرة اللبنانية على السعر الرسمي، تمنع تلك الأحكام التعامل بالمثل في تسديد استحقاقاتها للمودعين وترفض اعتبار "الشيك" وسيلة إيفاء. 

وفند أنه خلال السنوات الأربع الماضية تم تسديد 28 مليار دولار ديوناً للمصارف سواء عبر الشيك المصرفي أو الليرة اللبنانية، وفي نفس الوقت خسرت رأسمالها المكون من 22 مليار دولار، وبالتالي تكبدت المصارف اللبنانية خسائر فادحة أمام أعين السلطة التي لم تبادر لاتخاذ أي إجراء يحمي المصارف ومن خلالها المودعين، إذ برأيه لو صدرت تشريعات تلزم تسديد الديون بالدولار النقدي لكانت المصارف استطاعت الحفاظ على نسبة كبيرة من أموال المودعين. 

وعن السبب الذي يمنع المصارف من اتخاذ إجراءات قضائية لمقاضاة الدولة والحجز على ممتلكاتها بقيمة الفجوة المالية التي تقدر 70 مليار دولار، كشف عن وجود رأيَين داخل الجمعية، إذ يشجع بعض الأعضاء على هذه الخطوة، في حين يعتبرها آخرون غير مجدية، باعتبار أن "السلطة" هي من تمسك القرار الأمني والقضائي، وبالتالي تلك الخطوة قد يكون لها رد فعل انتقامي وكيدي تجاه أصحاب المصارف. 

قانون "الكابيتال كونترول"

وانتقد المصدر التأخير في إقرار قانون "الكابيتال كونترول" ما أدى إلى مزيد من الاستنزاف لأموال المودعين، إضافة إلى كشف المصارف أمام الدعاوى القضائية محلياً ودولياً، معتبراً أن كبار المودعين هم من لديهم قدرة على رفع دعاوى قضائية ضد المصارف لدى المحاكم الأجنبية وبالتالي تسديد ودائعهم سيكون على حساب صغار المودعين. مؤكداً أن أزمة المصارف هي مسؤولية وطنية ومعالجتها لا تتم عبر الدعاوى القضائية، إنما من خلال سلسلة تشريعات قانونية ضمن خطة اقتصادية متكاملة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وانتقد الخطة التي أقرتها الحكومة، التي في رأيه تقضي على المصارف والمودعين، إذ يشدد على أن مصلحة المودعين والمصارف متلازمة، فالمصارف لا تستطيع أن تنمو بلا مودعين، وكذلك الدورة الاقتصادية تحتاج للقطاع المصرفي، معتبراً أن "شعبوية" السياسيين ومحاولاتهم تبرئة أنفسهم عن الأزمة وضعت المودعين ظلماً بوجه المصارف، في حين أن سبب الانهيار بات معروفاً من الجميع وهو أن عدداً من المصارف وضعت أموالها في المصرف المركزي الذي بدوره كان يغطي عجز الموازنات طيلة السنوات الماضية. 

وأكد أن إيداع المصارف أموالها لدى المصرف المركزي لم يكن ذنباً ارتكب، إنما كان له مفعول اقتصادي وطني مهم أسهم بالاستقرار الاقتصادي طيلة السنوات التي سبقت الانهيار، إنما "الذنب" ارتكب من قبل السلطة التي ترفض إعادة الأموال التي استدانتها وتريد من خلال خطتها تحميلها للمودعين والمصارف. 

وأشار إلى أن الدليل على أن وضع بعض المصارف أموالها في المصرف المركزي وإقراض الدولة لم يكن سبب الأزمة، هو أن بنوكاً أجنبية عاملة في لبنان لم تقم بإقراض الدولة والبنك المركزي هي أيضاً لم تستطع التسديد لمودعيها. 

تعطيل مرفق عام 

في المقابل هدد العضو المؤسس في رابطة المودعين الصحافي هادي جعفر، بمقاضاة المصارف في حال صعدت إضرابها ولجأت إلى توقيف الصرافات الآلية، بجريمة تعطيل مرفق عام وحيوي يمس بالمصالح المباشرة للمواطنين، واعتبر أن تعطيل كل الخدمات المصرفية يعني عدم قدرة التجار على القيام بتحويلات خارجية، وعدم إمكانية المواطنين من الحصول على رواتبهم.

ورداً على ما يعتبره البعض عنفاً من المودعين تجاه المصارف، قال إن في بعض الدول حصلت أزمات مشابهة إذ قام المودعون بمهاجمة فروع المصارف بالجرافات، مؤكداً أن معظم المصارف استثمرت 70 في المئة من أموالها بالدين العام اللبناني، وبالتالي هي مسؤولة عن ودائع المواطنين. 

وأشار إلى أن "إضراب المصارف هدفه كسر يد القضاة الشرفاء الذين يصدرون أحكاماً ضد المصارف، وبالتالي تتهرب تحت ذريعة الإضراب من تنفيذ الأحكام وجر القضاء إلى تسوية"، متهماً القيمين على المصارف بضرب العدالة ومنع القضاة من تنفيذ أحكامهم.

حرب قانونية

وفي نفس السياق أعلن رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور، شن "حرب" قانونية على المصارف اللبنانية، إذ وصف "استمرار احتجاز أموال المودعين في لبنان" بأنه "قرصنة مستباحة لأرزاق الناس من قبل مصرفيين فاسدين ومتواطئين معهم حللوا لأنفسهم هذا النهب"، متسائلاً "هل يُعقل في أيامنا هذه حيث تتحكم الحوكمة وقوانين الشفافية الدولية بكل التحركات المالية أن يستمر ذلك؟ إلى متى؟ أما من رادع لهذه الجريمة؟".  

 

وتحت عبارة "الساكت عن الحق شيطان أخرس"، كتب الحبتور "إن لم نتحرك كمودعين ومستثمرين لمقاضاة المسؤولين عن سرقة أموال اللبنانيين فلن يعتبروا"، مشيراً "نقوم حالياً بتجهيز ملف دعوى جماعية مع مكاتب قانونية عالمية لمقاضاة كل المتورطين بهذه الجريمة. وإن لم يتحقق الحق من الداخل، سنسعى لتحقيقه بكل السبل القانونية المتاحة".

وكشف رئيس جمعية المودعين حسن مغنية، أن الحبتور تواصل معه من أجل التنسيق في الدعوى القضائية التي يزمع رفعها في وجه المصارف اللبنانية، وضم مودعين آخرين إليها في إطار عمل جماعي ضد المصارف، إذ تشير مصادر مصرفية إلى أن وديعة الحبتور تتجاوز 200 مليون دولار. 

وكان رجل الأعمال الأردني طلال أبوغزالة، سبق الحبتور في اتخاذ قرار رفع دعوى جماعية ضد المصارف اللبنانية، بهدف المطالبة بتحصيل أمواله المجمدة وفوائدها المتراكمة منذ عدة سنوات في البنوك اللبنانية.

المزيد من تقارير