Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مهرجان برلين متاهة جميلة لا تخلو من 300 فيلم

شون بن صور الحرب الروسية على أوكرانيا و3 مخرجين عرب وفيلم عن غولدا مائير

من فيلم "سماء حمراء" في المسابقة الرسمية (خدمة المهرجان)

دورة جديدة، تحمل الرقم 73، من #مهرجان_برلين السينمائي (16 - 26  شباط) تنطلق هذا المساء في العاصمة الألمانية، ببرنامج حافل وتشكيلة متنوعة من الأفلام، في نسخة حضورية بالكامل، بعد دورتين كان مهرجان الـ"#برليناله" (الاسم الألماني للمهرجان) انعُقد خلالهما إما افتراضياً أو في ظل الاجراءات الاحترزاية التي أفقدت رونقهما. تتأهب المدينة، منذ أمس، لاستقبال عدد من صنّاع السينما المعاصرين، في مقر المهرجان في ساحة بوتسدامر، وفي أماكن أخرى كثيرة موزعة داخل المدينة الكبيرة. فضلاً عن الناس العاديين الذين يتوافدون بالآلاف إلى العروض. فهذا المهرجان عرف على مر السنوات، كيف يورط الناس فيه، وكيف يشغلهم بالعروض والنشاطات الموازية والتكريمات. ويمكن القول ان الجمهور هو السبب الأول لوجوده. تفاعل الناس مع المهرجان كبير جداً، ويُسجَّل في كل دورة رقم قياسي جديد. في آخر دورة "طبيعية" أُقيمت، أي في العام 2020، وهي كانت الدورة التي بدأ يزحف فيها الوباء الينا، سجّلت الصالات دخول 479365 مُشاهداً اليها، في حين بلغ عدد التذاكر التي بيعت 330681. الألمان يحبون السينما ومهرجانهم هذا الذي ساهم في الماضي في لمّ شمل مدينة كانت مشطورة شطرين، دليل على ذلك.

أكثر ما يلفت هذا العام هو المسابقة الرسمية التي أُسنِدت رئاسة لجنة التحكيم الخاص بها إلى الممثلة الأميركية كريستن ستيورات (32 عاماً). هذه المسابقة التي هي قلب هذا المهرجان النابض وقلب كل مهرجان كبير، من المفترض ان تكون أرضاً لآخر الصيحات في عالم الفن السابع، وملاذاً لأسماء كبار من صنّاع الأشكال على الشاشة وأكثر المبتكرين جرأةً وتجديداً. يحرص مهرجان "كان" مثلاً على تقديم مسابقة فيها "القليل من كل شيء" لإحداث توازن بين النخبوي والجماهيري، بين المشهور والأقل شهرةً، بين السهل والصعب، وبين ما يعتمد على لغة سينمائية مستهلكة إلى حد ما، وما يبحث عن الابتكار في هذا المجال بأساليب بديلة. مسابقة هذه الدورة من برلين لا يمكن قول هذه الصفات عنها. فهي بعيدة تماماً عن الاثارة والبهرجة ولا تولّد الحماسة. لكن هذه مجرد انطباعات أولى. إعتدنا على ألا نعول على مجرد أسماء نُشرت على صفحة الكترونية، فلا يجوز الحكم إلا بعد المشاهدة. فكم مسابقة مؤلفة من أسماء كبيرة أثارت الترقب والحماسة عند الإعلان عنها، ثم انهارت فوراً بعد المشاهدة كبيوت رمال على شاطئ.

 

في المقابل، أفلام لم تكن في الحسبان لأسماء جديدة غير معروفة صنعت مفاجآت ضخمة. وقد تكون مسابقة هذا العام من الصنف الثاني. الانتظار واجب. تبقى مشكلة الصحافة غير المتخصصة بالسينما والتي يعتمد عليها المهرجان بصورة كبيرة للترويج عن نفسه. 3447 وسيلة إعلامية غطت المهرجان في دورة عام 2020، معظمها لا يهتم بكتابة مقالات نقدية عن الأفلام، بل بنشر الأخبار والتقارير السطحية، وهؤلاء يجدون ضالتهم في حضور النجوم والمشاهير لجذب القراء. ومسابقة هذا العام في نظر البعض منهم، تخلو من عناصر الجذب. تقول صحافية بولندية: "لا توجد في بولندا اليوم مجلات سينمائية، والصحف أو المواقع الالكترونية لن تنشر مقالات عن الفن فقط لأنه ذا قيمة أو طليعي، بل يجب ان ينطوي على إثارة معينة أو تيمة تهم الجمهور العريض". وتضيف الصحافية أن المهرجان يتحول إلى "روتردام ثانٍ" بمعنى انه يتخصص أكثر فأكثر بسينما المؤلف التي ينجزها مخرجون لم يكرَّسوا بعد على أرفع المنابر السينمائية. 

 

كي نفهم هذا الاتجاه الجديد في المهرجان، علينا أن نعرف مَن يدير المهرجان ومن أين يأتي. بعد عقدين من الحكم، أقيل المدير السابق للمهرجان ديتر كوسليك وعُيّن مكانه كارلو شاتريان مديراً فنياً. الأخير، إيطالي، سبق ان ترأس الادارة الفنية لمهرجان لوكارنو. شاتريان  له رؤية أخرى عن السينما غير تلك التي كانت مهيمنة في عهد كوسليك، وهي كانت رؤية شديدة الإمعان في السياسة إلى حد اتهامها بالتدليس أحياناً. شاتريان له خلفية ثقافية مختلفة، فهو قبل أن يكون سينيفيلياً، كان مأخوذاً بالقراءة والكتب والأدب، وهكذا صنع ثقافته الواسعة. لم يباشر في مشاهدة الأفلام بعمر مبكر. ما إن أصبح في السابعة عشرة، حتى صار يرتاد نادي السينما في بلدته. هناك اكتشف أفلاماً مغايرة، وتعزز اهتمامه بها مع التحاقه بمعهد السينما والمسرح. الا ان مهرجان لوكارنو هو الذي فتح له الطريق إلى المشاهدة النهمة. سنوات التأهيل الأكاديمي يتذكّرها شاتريان على النحو الآتي: "كانت هناك شلّة بدأ أعضاؤها بنشر مجلة سينمائية وفيها كتبتُ مقالاتي النقدية الأولى. النقاش بيننا كان مهماً". 

 

هذا لا يعني ان المسابقة بأكملها تضم 19 فيلماً لمبتدئين، بل تضم بعض الأسماء المخضرمة من مثل الفرنسي فيليب غاريل الذي يأتينا بـ"العربة الكبيرة" والألمانية مارغريت فون تروتّا العائدة بعد سنوات عدة  من الغياب بـ"إنغبورغ باخمان - رحلة إلى الصحراء". من دون أن ننسى حضور المخرج الوثائقي الكبير الفرنسي نيكولا فيليبير، صاحب "أن تكون وأن يكون لديك"، الذي يشارك بـ"على آدامان" داخل المسابقة التي اعتادت بشكل منهجي ضم أفلام وثائقية. ونجد في المرتبة الثانية بعد هؤلاء، بعض الأسماء التي سبق وأكدت جدارتها من دون أن ترتقي إلى أهمية الأسماء الثلاثة المذكورة آنفاً. على سبيل المثال، نجد المخرجة الألمانية الفرنسية (من أصل إيراني) إميلي آتف بجديدها "يوماً ما سنكشف كل شيء لأنفسنا"، بالإضافة إلى الألماني الآخر، القدير كريستيان بتزولد الذي أبهرنا بفيلمه الأخير "أوندين"، وها هو يقدم لنا "سماء حمراء"، هذا فضلاً عن زميلته في حركة "مدرسة برلين"، أنغيلا شلنك التي تنافس على الدب الذهبي بـ"موسيقى". أما الأوسترالي رولف دوهر، فهو أيضاً سينمائي معروف قدم أعمالاً بارزة منذ ثمانينيات القرن الماضي ولم ينجز شيئاً جديداً منذ "حرب تشارلي" الذي أخرجه قبل عشر سنوات. بقية العناوين في المسابقة رهن للإكتشاف في برلين طوال الأيام العشرة القادمة. 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في القسم غير التنافسي، "برليناله خاص"، لدينا أعمال من مختلف الأنواع والإهتمام: أفلام عن ديزني ومئة عام من التحريك وعن لاعب التنس الشهير بوريس بيكر أو عن حصار ساراييفو، أو بورتريه عن الممثل الراحل ماسّيمو ترويتسي (بكاميرا ماريو مارتوني) تجاور أفلاماً روائية منتظرة لريبيكا ميلر، "جاءت اليّ" الذي يُعرض في الافتتاح، أو "قوة عظمة" لشون بن الذي صوره في أوكرانيا في بداية الحرب الروسية عليها، مع أيرون كوفمان. أما الفيلم المنتظر في هذا القسم فهو "غولدا" للمخرج الإسرائيلي غاي ناتيف الذي أسند إلى الممثلة البريطانية الكبيرة هيلين ميرن دور رئيسة الوزراء الإسرائيلية غولدا مائير والدور الذي لعبته في حرب أكتوبر.

قسم "لقاء" الذي تم تأسسيه بعد وصول الإدارة الحالية، يضم أفلاماً يصعب حصرها في إطار معين. الكوري الجنوبي الغزير جداً هونغ سانغ سو يعود بفيلم عن تصوير فيلم. أما الإيطالي ستيفانو سافونا فتوجه إلى مقاطعة بيرغامو في شمال إيطاليا ليصور ظهور جائحة كورونا فيها قبل 3 سنوات. أخيراً، في "بانوراما"، ثاني قسم تنافسي بارز بعد المسابقة، نجد بعض الأفلام العربية: "المرهقون" لليمني عمرو جمال (إنتاج يمني سوداني سعودي مشترك) و"الوحش في الأدغال" للبناني الكندي باتريك شيحا و"تحت سماء دمشق" للسوريين طلال دركي وهبة خالد وعلي وجيه. هذا بالإضافة إلى قسمي "فوروم" و"فوروم ممتد" اللذين يضمان ما هب ودب من أعمال فيها نفس تجريبي. فمهرجان برلين في النهاية متاهة كبيرة يمكن العثور بين ممراتها على كمية لا تقل عن 300 فيلم في كل دورة.  

اقرأ المزيد

المزيد من سينما