منحت "لجنة المساواة وحقوق الإنسان" في المملكة المتحدة Equality and Human Rights Commission (EHRC) (وهي هيئة مسؤولة عن تعزيز قوانين المساواة وتطبيقها ومنع التمييز في إنجلترا واسكتلندا وويلز) حزب "العمال" المعارض، شهادة حسن أداء، معتبرة أن الحزب الذي أنتمي إليه، عاد من جديد كياناً سياسياً آمناً ومرحباً بالمجتمع اليهودي. إنها بلا شك لحظة مهمة، وتشكل مصدر ارتياح كبير للجالية اليهودية بأسرها.
نحن جميعاً نتفهم أن إخراج حزب العمال من التدابير الخاصة التي وضع تحتها، لا يعني أنه تم القضاء تماماً على معاداة السامية في صفوفه. فعندما يسمح للكراهية المعادية لليهود بالانتقال من الأطراف إلى صميم التيار الرئيس لمنظمة ما، فإن الوضع يتطلب جهداً حازماً للتخلص من هذا السرطان.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
قد يتطلب الأمر وقتاً وصبراً لإعادة بناء الثقة مع مجتمع يهودي شعر بالرعب، على نحو مفهوم، من الطريقة التي تحول فيها بسرعة حزب سياسي كبير إلى معاداة السامية. وسيستغرق التعافي من هذا الجرح بعض الوقت.
لكن، لو قيل لي في تلك الفترات الحالكة لشهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2020 - عندما نشر تقرير "لجنة المساواة وحقوق الإنسان" لأول مرة - إن حزبنا سيقدم على إحداث تغييرات أساسية، في غضون فترة تزيد بقليل على سنتين، لاعتبرت ذلك منافياً للعقل، فقد قادتني تجربتي في مواجهة مجموعة ناشطي اليسار المتشدد في الثمانينيات إلى الاعتقاد بأننا بحاجة إلى ما بين خمس إلى 10 سنوات للتخلص من معاداة السامية. أما اليوم، فأنا فخورة بالإقرار بأنني كنت مخطئة.
منذ إعلان كير ستارمر زعيماً لحزب العمال لأول مرة، بدا عازماً على أن يظهر من خلال أفعاله أنه سيقتطع هذه العنصرية من صلب الحزب.
ومن خلال اعتماد نهج عدم التسامح المطلق بدءاً من أعلى الهرم الحزبي، باشرنا بإصلاح نظام الشكاوى في الحزب، ووضعنا مساراً مستقلاً وشفافاً. عملنا على إزالة التراكم في الشكاوى، ونتحرك الآن على وجه السرعة لمعالجة مزاعم العنصرية وطرد المسؤولين عنها. أما "الحركة العمالية اليهودية" Jewish Labour Movement، التي أفتخر بأن أكون رئيسة لها في البرلمان، فقدمت تدريبات مرتبطة بمواجهة معاداة السامية لجميع أعضاء مجلس النواب من حزب العمال، وأعضاء المجالس المحلية، وآلاف الناشطين الذين يتولون مناصب رئيسة في الدوائر الانتخابية المحلية.
من المحتم أن دور جيريمي كوربين (الزعيم السابق للحزب) سيصبح موضع تساؤل مرة جديدة، بعد أخبار اليوم، لذا كان كير ستارمر محقاً في تأكيده أن كوربين لن يكون مرشحاً لحزب "العمال" في الانتخابات العامة المقبلة.
في الواقع، كان كوربين مسؤولاً عن المصير الذي لقيه. وفي اعتقادي أن رفضه العنيد للإقرار بدوره في السماح بتفشي معاداة السامية، وتأكيده أن خصومه داخل الحزب قد بالغوا في الموضوع، يعني أنه سيظل جزءاً من المشكلة وليس الحل.
لقد تغير حزب "العمال" تغيراً جذرياً في ظل كير ستارمر. ولا يرجع السبب فقط إلى نهج عدم التسامح المطلق مع كراهية اليهود، بل أيضاً إلى المقاربة الاقتصادية، فنحن نريد تحقيق الازدهار والنمو من خلال العمل مع الشركات والمؤسسات الاقتصادية وليس ضدها. وبصفتنا وطنيين، نريد أن نكون في صلب مواجهة "حلف شمال الأطلسي" (ناتو) للتحديات العالمية، وليس الاكتفاء بالاحتجاج من خلف الخطوط الجانبية. لقد مضى الحزب قدماً وكذلك البلاد.
في المقابل، لم يعد بإمكان جيريمي كوربين أن يدعي لنفسه امتياز تمثيل الحزب الحديث والمتسامح والمتطلع إلى الخارج، الذي أصبحنا عليه اليوم. لأن كوربين أصبح من مخلفات الأمس.
لا شك في أن الضرر الذي أحدثته مرحلة جيريمي كوربين لا يمكن إصلاحه، إلا أنه يمكننا اليوم أن نقول بفخر إنه لن يتكرر على الإطلاق.
مارغريت إيف هودج التي تحمل لقبي "دام" Dame of the British Empire (DBE) و"ليدي"، تتولى تمثيل دائرة باركينغ شرق العاصمة البريطانية في البرلمان منذ عام 1994
© The Independent