ملخص
منذ ترؤسه #الحكومة_البريطانية، بذل #ريشي_سوناك قصارى جهده لتجنب المواجهة مع نواب حزبه فنفذ تراجعات تكتيكية في أمور عدة حفاظاً على هدنة هشة، فكيف سيكون الحال بالنسبة لـ#بروتوكول_أيرلندا_الشمالية
منذ توليه رئاسة الحكومة البريطانية، بذل ريشي سوناك قصارى جهده لكي يتجنب المواجهة مع نواب حزبه، فنفذ تراجعات تكتيكية في شأن مسائل مثل بناء البيوت وتوليد طاقة الرياح على السواحل بغية الحفاظ على هدنة هشة.
كان يعلم أن حذره لا يمكن أن يدوم إلى الأبد، وأنه في نهاية المطاف يجب أن يتخذ موقفاً صلباً، والآن حلت لحظة الحقيقة إذ يحاول عن حق إبعاد الغيوم السوداء التي تخيم على العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي من خلال حل النزاع الذي طال أمده في شأن بروتوكول إيرلندا الشمالية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لقد جرى التوصل إلى اتفاق تسوية بالخطوط العريضة مع بروكسل وأقر الاتحاد الأوروبي بأن ممرات خضراء وحمراء منفصلة ستُنشأ للبضائع التي تنتقل من بريطانيا العظمى إلى إيرلندا الشمالية، وهذا يعني عدم إجراء فحوص روتينية للمنتجات (بما في ذلك الأغذية الزراعية) التي ستظل في الإقليم (الممرات الخضراء) بدلاً من الذهاب إلى جمهورية إيرلندا والسوق المشتركة للاتحاد الأوروبي (الممرات الحمراء).
وفي المقابل تقر المملكة المتحدة بأن محكمة العدل الأوروبية ستكون الحكم المطلق في النزاعات المتعلقة بالبروتوكول على رغم أنه من غير المرجح أن تصل معظم القضايا إلى هذا الحد، كما أن سوناك سيتخلى عن مشروع القانون المثير للجدل الذي من شأنه أن يسمح للحكومة بتجاوز أجزاء من البروتوكول من جانب واحد، وليس الاتحاد الأوروبي ما يقلق سوناك وإنما تسويق مسودة الاتفاق محلياً.
سيستلهم النواب المحافظون المشككون في أوروبا من الحزب الوحدوي الديمقراطي (DUP) الذي يريد "أن تحل محل البروتوكول ترتيبات تحمي مكانة إيرلندا الشمالية داخل المملكة المتحدة"، وحدد لذلك الغرض سبعة اختبارات.
ستكون الجائزة الكبرى لسوناك أن يحكم الحزب الوحدوي الديمقراطي أن اختباراته قد تم تلبيتها بالفعل، وأن يعاود الانضمام إلى إدارة إيرلندا الشمالية الإقليمية التي أصابها الشلل منذ خرج الحزب منها قبل سنة بسبب البروتوكول.
لكن الحزب الوحدوي الديمقراطي يتذمر كالمعتاد، فهو يشعر بأنه مغيب عن المفاوضات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، وسوناك حاول تهدئته خلال محادثات مع الأحزاب السياسية في إيرلندا الشمالية في بلفاست الجمعة الفائت، لكن لم يتم الكشف عن التفاصيل الكاملة للاتفاق المقترح. ووفق دوغ بيتي، زعيم حزب أولستر الاتحادي المنافس (Ulster Unionist Party)، قال سوناك إن "المفاوضات تسير بأسرع مما توقعه ربما، لكن ثمة طريقاً طويلاً لا بد من قطعه".
وتعد المحادثات بداية لبضعة أيام من الدبلوماسية المحمومة في شأن الاتفاق، ويتوقع بعض المطلعين في الحكومة اتفاقاً ممرحلاً، إذ يرفض الحزب الاتحادي الديمقراطي في مستهل الأمر العرض ثم يعود سوناك للاتحاد الأوروبي فيفوز ببعض التعديلات (ولو أن مصادر الاتحاد الأوروبي تنبئني بأنه من "غير المرجح على الإطلاق" التحرك إلى ما هو أبعد من ذلك كثيراً).
لقد سنحت لرئيس الوزراء الفرصة للتحدث إلى زعماء الاتحاد الأوروبي بمن فيهم رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ومستشار ألمانيا أولاف شولتز، خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي على هامش "مؤتمر ميونيخ الأمني"، وقد يُبرم اتفاق نهائي اليوم الإثنين ويُعلن في اليوم التالي بعد موافقة مجلس الوزراء عليه.
لكن حتى الدور المخفف الذي تؤديه محكمة العدل الأوروبية قد يكون خطوة أبعد مما ينبغي في نظر الحزب الاتحادي الديمقراطي، وبالتالي في نظر مجموعة البحوث الأوروبية المؤلفة من محافظين مؤيدين لـ "بريكست" يرون مؤامرات تقوض "بريكست" في كل مرحلة، وهم على يقين من وجود مؤامرات كهذه حتى على رغم أن الاتفاق من شأنه أن يدور بعض زوايا "بريكست".
لا شك في أن بعض المشككين في أوروبا لا يثقون بسوناك وسيستمتعون بتوجيه ضربة إليه، وبعضهم يستمتع بالدقائق الخمس التي يسلط خلالها الإعلام عليهم [لتوجيه النقد]، وقال لي أحد الأعضاء البارزين في مجموعة البحوث الأوروبية "يتمثل الشك في أن ريشي سيذعن بقدر أعظم مما ينبغي للاتحاد الأوروبي، لأنه يريد إبرام اتفاق حول البروتوكول بأي ثمن".
ومما يزيد الطين بلة علم سوناك بأن بوريس جونسون وليز تراس قد ينضمان إلى الثورة التي تلوح في الأفق، وقد يختار التوأم المشاغب سوء التصرف (مرة أخرى)، وقد يكون هناك كثير من النقد الذي يمكن توجيهه إلى جونسون، ذلك لأن سوناك يحاول إزالة الحدود التجارية القائمة في البحر الإيرلندي التي طبقها جونسون بعد وعد كان قد قطعه بعدم تطبيقها.
أما بالنسبة إلى تراس فيبدو أنها تتمتع بالضوء المسلط عليها بعد دخولها المعترك من جديد، ففي حديث لها في اليابان الجمعة الفائت دعت إلى سياسة أكثر تشدداً ضد الصين، وهي تدرك تمام الإدراك أن بعض أعضاء مجلس النواب المحافظين يتصورون أن سوناك أكثر ليناً مما ينبغي في التعامل مع المسألة.
يتعين على سوناك أن يتخذ القرار الصعب وأن يبرم الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي حتى من دون دعم من الحزب الاتحادي الديمقراطي أو من مجموعة البحوث الأوروبية، وإذا لزم الأمر يتعين عليه أن يواجه النواب غير المنضبطين، وسيحاولون فرض تصويت في مجلس العموم على الاتفاق حتى مع أمل الحكومة في ألا تدعو الحاجة إليه، لكن سوناك لديه ما يكفي من الأصوات للفوز بالتصويت لأن دعم حزب العمال للاتفاق مضمون.
وعلى رغم الضجيج الذي يمكن توقعه من مؤيدي "بريكست" المتشددين سيكون معظم النواب المحافظين إلى جانب الاتفاق على الأرجح، ومن شأن تحقيق الاستقرار للعلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يوافر دفعة مطلوبة بشدة لاقتصاد المملكة المتحدة من خلال الحد من الاحتكاكات التجارية وتمهيد الطريق إلى مجالات أخرى من التعاون لتحقيق المنفعة المتبادلة، مثل برنامج البحوث العلمية (أفق) البالغة قيمته 80 مليار جنيه إسترليني (96 مليار دولار).
وينبغي لاحتمال تحقق مكاسب كهذه أن يقنع سوناك بعدم الانصياع إلى أولئك النواب المحافظين أصحاب الأصوات الأعلى، كما فعل كل من ديفيد كاميرون وتيريزا ماي.
وعلى حد تعبير أحد كبار وزراء ماي السابقين، "لقد حان الوقت الآن في حزب المحافظين لتتوقف الأقلية المشككة في أوروبا عن التحكم بالأكثرية".
© The Independent