ملخص
يؤكد المتخصصون في #علم_الإجرام أن أبسط الأشياء الموجودة في #مسرح_الجريمة كفيلة بالكشف عن مرتكبيها ولو بعد حين
تحولت مقاطع فيديو تظهر عملية سطو مسلح على أحد محال الصرافة في الأردن قبل أسابيع إلى وسيلة للتندر والتهكم عبر منصات التواصل الاجتماعي بسبب طرافتها وارتكاب منفذيها أخطاء قاتلة سرعان ما قادت إلى كشفهم، ما حدا ببعض المتابعين إلى وصفها بأنها "جريمة لم تبدأ".
ووفقاً لما ذكرته وسائل إعلام أردنية، فقد حاول شخصان سرقة محل الصرافة بـمسدس بلاستيكي وعندما فشلت محاولتهما، أضرما بالنار بالمحل ثم لاذا بالفرار.
وبعد فترة وجيزة، تمكنت أجهزة الأمن الأردنية من القبض عليهما، بحيث ضبط في حوزتهما السلاح البلاستيكي المستخدم في محاولة السرقة الفاشلة.
وبالتحقيق معهما اعترفا بالتخطيط لتنفيذ عملية "السطو المسلح"، إلا أنهما لم يتمكنا من سرقة أية مبالغ مالية وأشعلا النار داخل المحل ولاذا بالفرار.
ولم تكن هذه الحادثة الوحيدة من نوعها، فجولة سريعة على وسائل التواصل الاجتماعي كفيلة بالحصول على آلاف اللقطات المشابهة لجرائم لم تكتمل، ولا تخلو أيضاً من طرافة أو غباء منفذيها الذين يستعجلون الحصول على غنائم سرقاتهم وجرائمهم من دون تخطيط.
من هذه الجرائم ما حدث قبل نحو عام ونصف العام حين قبضت الأجهزة الأمنية الأردنية على شخصين أثناء تنفيذ عملية سطو مسلح على أحد البنوك في منطقة طريق المطار جنوب العاصمة الأردنية.
وقال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام عامر السرطاوي وقتها إن بلاغاً ورد بدخول شخصين مسلحين لفرع أحد البنوك في منطقة طريق المطار، وطلبا مبالغ مالية من الموظفين تحت تهديد السلاح، وأثناء ذلك قام أحدهما بإطلاق عيارات نارية أصاب بها شريكه في الجريمة وأحد الموظفين.
هل من جريمة كاملة؟
لا وجود لجريمة كاملة، بخاصة مع تقدم البحث الجنائي، فاليوم ثمة علم قائم بأكمله يسمى علم الإجرام ويقوم على رصد السلوك الإجرامي ومعرفة أسبابه وكيفية السيطرة عليه، وهو مجال يتداخل بشكل كبير مع العلوم الاجتماعية وعلم النفس.
وهكذا فمسرح الجريمة يظل شاهداً على ما حدث فيه، بحيث يخلف كثير من المجرمين وراءهم آثاراً تدل على جريمتهم.
يقول متخصصون إن إحدى أبسط النظريات في علم الجريمة نظرية تبادل المواد وتشكل حجر الأساس في اكتشاف أية جريمة مهما حاول مرتكبها إخفاءها، ومفاد هذه النظرية بأنه عند احتكاك أي جسمين صلبين ببعضهما بعضاً ينشأ تبادل للمواد المكونة من هذين الجسمين، وبسهولة يمكن تطبيق ذلك في إطار البحث الجنائي على مسرح الجريمة.
لكن آخرين ممن لا يؤمنون بهذه النظرية يشيرون إلى أن هناك عدداً من جرائم القتل البشعة على مستوى العالم التي لم يتم اكتشافها حتى اليوم.
يطرح المتخصص الجنائي يوسف الرنتيسي ما يسمى "البصمة النفسية" للمجرم التي تقوم على مبدأ جمع البصمات النفسية الإجرامية لكل من سبق أن ارتكب مخالفة قانونية وتوثيقها، فلكل مجرم بصمة نفسية وطقوس معينة يقوم بها خلال تنفيذ جريمته، ويتم من خلالها تقليص عدد المشتبه فيهم وسرعة الوصول إلى الجناة.
في المقابل يتحدث آخرون عما يسمى "الجريمة الخائبة" في علم الإجرام وهي الجريمة التي لا تتحقق نتيجتها على رغم استغلال الجاني لكل ما أعده من وسائل وما أحاط به من ظروف، مما يفسر طرافة بعض الجرائم وغباءها.
فك لغز جرائم مجهولة
مع تزايد دور العلم في حل لغز الجرائم وتوظيف وسائل علمية عدة من أجل ذلك، تعود كثير من الجرائم القديمة للأضواء مجدداً ويتم حلها بعد أعوام طويلة، وهو ما حدث في الأردن على سبيل المثال، حيث فتحت ملفات خمس جرائم قتل مقيدة ضد مجهول وفكت السلطات خيوطها الغامضة، إحداها تعود لعام 1987، فتم الكشف عن قاتل أطلق الرصاص على حارس عمارة في العاصمة عمان وبقي متوارياً لـ35 عاماً.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يؤكد الرنتيسي أن أبسط الأشياء الموجودة في مسرح الجريمة كفيلة بالكشف عن الجرائم ولو بعد حين، مشيراً إلى أن إحدى الجرائم فك اللغز في شأنها من خلال نملة علقت في حذاء، إذ وجدت جثة لسيدة في فناء منزل وبتحليل مسرح الجريمة تبين أنها قتلت بواسطة الخنق، وخلال التحقيق مع زوجها وفحص مقتنياته تبين وجود نملة في حذائه، وبعدها قام المتخصصون في علم الحشرات الجنائي بدراسة هذه النملة وحددوا نوع المستوطنة التي تنتمي إليها وتبين أنها مستوطنة النمل التي وجدوا جثة الزوجة بالقرب منها قبل ثلاثة أيام، فتشكل لديهم دليل على وجود الزوج مع الضحية في مكان ووقت الجريمة.
وفي جريمة أخرى، يتابع الرنتيسي، استغل الجناة خروج الضحية منفرداً في يوم ماطر وأعدوا العدة وتجهزوا لجريمتهم مستخدمين أكثر من سلاح ناري بنية أن يتفرق دم الضحية بينهم فلا يعلم أحد على وجه التحديد القاتل الفعلي. لكن الخبراء كانوا لهم بالمرصاد، إذ إن المقذوف الناري استخرج من جسد المجني عليه، وجرت مطابقته مع البصمات على المقذوفات النارية التي استخرجت من أسلحة المتهمين داخل المختبر الجنائي.
لصوص ظرفاء
يشهد العالم سنوياً آلاف الجرائم التي يتسم بعضها بالطرافة أو الغباء ومن بينها إقدام شاب على سرقة هاتف أحد الصحافيين أثناء البث المباشر، الأمر الذي جعل الملايين يشاهدون جريمته لحظة بلحظة على الهواء.
أما اللص الأميركي أندرو هينيلز، فنشر صورة "سيلفي" له أثناء سرقة أحد المحال الكبرى وكتب عليها متفاخراً "لقد انتهت عملية تيسكو"، الأمر الذي مكن قوات الشرطة من القبض عليه بعد أقل من 15 دقيقة من نشر الصورة عام 2014 بحسب ما نشرته جريدة "ذا صن".
وفي إنجلترا دخل مجرم هارب في تحدٍ مع الشرطة ونشر نداء على "فيسبوك" لتعقبه والإمساك به، وكان هذا الرجل ويدعى لوغان جيمس آنذاك مطلوباً لخرقه شروط إطلاق سراحه بعد أن أمضى عقوبة بتهمة الاعتداء على شخص بسلاح أبيض أثناء سرقته والتسبب له في جرح غائر.