Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تونسيات يجمعن النفايات البلاستيكية لتوفير لقمة العيش

يباع الكيلوغرام الواحد من القوارير بحوالى نصف دولار والدولة تسعى إلى إيجاد حلول لتمكين المرأة اقتصادياً

تشكل النفايات البلاستيكية خطراً على الحيوانات والطيور البحرية (اندبندنت عربية)

ملخص

آلاف #النساء يعملن في جمع #النفايات_البلاستيكية ويساهمن في المحافظة على #البيئة في #تونس

الخالة فاطمة سيدة ستينية قلبها عليل وجسدها هزيل، تمشي بخطوات متثاقلة، تدفع عربتها، تقف بين الفينة والأخرى تدق أبواب منازل الأحياء القريبة من مسكنها لجمع القوارير البلاستيكية. تُفتح لها الأبواب عادة بابتسامة تضامن لا سيما أن الجميع يعرفها منذ سنوات، يجمعون لها القوارير كل يومين أو أكثر حتى تأتي لتأخذها وتبيعها مقابل بعض المليمات إلى شخص هو بدوره يبيعها إلى الشركات التي تستثمر في تدوير البلاستيك في تونس.

تقول الخالة فاطمة "ثماني سنوات وأنا على هذه الحال، أخرج من المنزل صباحاً لأعود عند الغروب، أجمع القوارير من أجل توفير دواء القلب الذي لا تعطيه الدولة مجاناً في صيدلياتها".

تقلّب الخالة فاطمة القوارير ثم تضغطها جيداً في جهد إضافي ليصبح حجمها أصغر وتستطيع جمع كمية أكبر. وهي تقول "هنا أهالي الحي يحترمون عملي وينتظرونني كل فترة لأخذ القوارير الفارغة ومنهم من يعرف حالتي الاجتماعية الصعبة فيحاول مواساتي أو مساعدتي مادياً".

تهديد للحياة

من جانبها، تقول عائشة، في الخمسين من العمر، إنها تجمع القوارير منذ سبع سنوات لتوفير قوت يومها، وهي تلقي اللوم على ولديها العاطلين من العمل، لأنهما يرفضان مساعدتها في ما تقوم به لضمان مدخول مادي.

وتعتقد عائشة أن الشباب اليوم يخجل من العمل في جمع النفايات، وتقول باستهزاء: "يفضلون مد أيديهم وأخذ مصروفهم اليومي من أهلهم لكنهم لا يشتغلون لتوفيره".

أما نجاة، أربعينية، فقد واظبت على جمع القوارير منذ سنتين، في الصباح تعمل في تنظيف المنازل وبعد الظهر تخرج لجمع القوارير في الحي الشعبي الذي تقطن فيه. وتقول "في حي ابن خلدون المتاخم للعاصمة هناك عشرة أشخاص تقريباً يعملون في جمع البلاستيك"، موضحة "كل واحد منا يهتم بمنطقة معينة يجمع فيها القوارير من المنازل أو المقاهي أو من نبش براميل النفايات".

ويباع الكيلوغرام الواحد من القوارير البلاستيكية بحوالى نصف دولار، وتقول نجاة إنها لا تستطيع جمع أكثر من كيلوغرامين يومياً.

وتشير التقارير إلى أن نحو 80 ألف طن من النفايات البلاستيكية في تونس ينتهي بها المطاف في القمامة كل عام، مما يشكل تهديداً للحياة البرية والنظم البيئية المحلية والصحة العامة.

نساء مهمشات

وعلى رغم عدم وجود إحصاءات رسمية، يقوم 15 ألف شخص في تونس، وفقاً لتقديرات منظمة الإنذار الدولي، بجمع ثلثي النفايات البلاستيكية المعاد تدويرها في البلاد.

وتشرف الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات التابعة لوزارة البيئة والشؤون المحلية على عملية جمع قوارير البلاستيك وإعادة تدويرها. كما تعهد الوكالة إلى 23 مجمعاً بين محافظات القيروان والقصرين وسيدي بوزيد، مهمة تجميع قوارير البلاستيك.

وتعطى الدولة الأولوية في إسناد التراخيص لبعث مشاريع تدوير النفايات إلى أصحاب الشهادات العليا. لكن من يقوم بجمع هذه القوارير البلاستيكية أغلبهم من النساء المهمشات، اللواتي أوصدت أمامهن أبواب الرزق المنظم.

في هذا الإطار، تسعى الدولة التونسية إلى إيجاد حلول لتمكين النساء اقتصادياً، وذلك من خلال برامج مختلفة اشتغلت عليها وزارة المرأة والأسرة والطفولة وكبار السن.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي السياق ذاته، أكدت وزيرة المرأة آمال الحاج موسى أن "تمكين المرأة هو أولوية للقضاء على الفقر والتهميش ونبذ كل أشكال التمييز، ودفع حركة التنمية الشاملة بمختلف أبعادها"، معتبرة خلال مؤتمر صحافي عقدته قبل أسابيع، أنه "لا يمكن تحقيق المساواة الفعليّة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، إلا من خلال تفعيل وتثبيت حقهنّ في امتلاك وسائل الإنتاج وضمان وصولهنّ إلى مصادر التمويل والتكنولوجيّات وتيسير نفاذهنّ إلى الأسواق".

كما لفتت الوزيرة إلى أنّ تغيير واقع المرأة التونسية وتمكينها هدفان وطنيان يستوجبان تضافر جهود جميع المتدخلين من هياكل الدولة ومختلف القوى الحية في البلاد، ومنها القطاع الخاص والمنظمات الوطنية.

لكن على أرض الواقع تفتقد النساء اللواتي يشتغلن في جمع البلاستيك إلى الحماية الاجتماعية والصحية، ويعملن في ظروف صعبة على رغم دورهن الأساسي في عملية تدوير النفايات وحماية المحيط.

غياب قانون يحميهن

في هذا الإطار، ترى منسقة لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في جمعية النساء الديمقراطيات رجاء الدهماني، أن "هؤلاء النساء يتعرضن إلى العنف الاقتصادي في غياب قانون يحميهن لضمان عيش كريم". وتابعت "يتعرضن إلى انتهاك حقهن من خلال العمل ضمن قطاع مهمش من قبل الدولة، ليس معترفاً به على رغم الخدمات الجبارة التي يقمن بها في جمع البلاسكيك وحماية البيئة من مخاطر صحية جمة وأثار هذه المادة السلبية براً وبحراً"، مضيفة "هن منقذات للبيئة من دون أن يعرفن قيمة ما يفعلن".

وتواصل الدهماني "المفارقة الكبيرة أن الدولة والشركات الخاصة تستثمر في قطاع تدوير النفايات بجميع أنواعها منها البلاستيك، لكن لا تعترف بحق النساء اللواتي يجمعن القوارير في ظروف صعبة وقاسية من دون أدنى حماية من الأمراض والعنف، لا سيما أنهن يعملن حتى أوقات متأخرة من الليل أو في الفجر".

وتابعت "للأسف هن لا يطالبن بحقوقهن لأنهن على قناعة أن ما يقمن به مزايا من الدولة"، مضيفة "هن غير واعيات بالخدمات الجليلة التي يقمن بها في المحافظة على البيئة".

وتدعو الدهماني الدولة التونسية إلى حماية هؤلاء العاملات اجتماعياً وضمان حقوقهن مادياً وإجبار من يشغلهن على تطبيق القانون معهن.

وتؤثر المواد البلاستيكية على الكبد والكلى وتؤدي إلى قصور وظيفي في كليهما، وذلك نتيجة احتواء القوارير والأوعية البلاستيكية على مواد كيماوية خطيرة وسامة، وفق الأطباء.

كما تتسبب النفايات البلاستيكية في تلويث البيئة وتشكل خطراً على الحيوانات والطيور البحرية، حيث أن 99 في المئة من الطيور البحرية معرضة لابتلاع جزئيات البلاستيك مع الغذاء حتى عام 2050.

المزيد من بيئة