ملخص
زيارة #نتنياهو #إيطاليا هي الأكثر انتقاداً بين زياراته إلى #فرنسا وألمانيا
تواجه الزيارات المتتالية لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو إلى الدول الأوروبية في ذروة التوتر الذي تشهده بلاده، وتصعيد الاحتجاجات ضد حكومته والتحذير من خطر حرب أهلية وعصيان في الجيش، بمعارضة شديدة وانتقادات لاذعة وسط تساؤلات عدة حول حقيقة دوافع هذه الزيارات وما إذا كانت ضرورية، حتى إن أهدافها، وفق ما عرضها نتنياهو، لاقت تساؤلات عدة.
زيارة نتنياهو إلى إيطاليا هي الأكثر انتقاداً بين زياراته إلى فرنسا وألمانيا، والزيارة المتوقعة بعد أسبوعين إلى بريطانيا، فقد جاءت في أكثر الأيام احتجاجاً على خطة حكومته "الإصلاح القضائي"، وفي اليوم ذاته الذي وصل فيه وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن إلى تل أبيب.
وطرح نتنياهو قبل كل زيارة الملف الإيراني وضرورة التجنيد الدولي إلى جانب إسرائيل، لمنع إيران من أن تكون دولة نووية، كواحد من أبرز وأهم الملفات التي سيبحثها مع مسؤولي الدولة التي سيزورها، لكن في إسرائيل لم يقتنعوا بتصريحاته، خصوصاً زيارته إلى إيطاليا التي احتج عليها الإسرائيليون واعتبروها زيارة استجمام احتفالاً بذكرى زواجه وترضية لزوجته سارة بعد محاصرتها، مدة ثلاث ساعات داخل صالون شعر.
خط أحمر
في زيارته إلى إيطاليا، اهتم نتنياهو أن يبعث رسالة للإسرائيليين، على رغم الاحتجاجات لعرقلة سفره، أكد فيها أنه عازم على جعل الملف الإيراني يتصدر أجندة زيارته في ظل خطورة حصول طهران على قنبلة نووية.
واعتبر خبراء وسياسيون أن زيارات نتنياهو لافتة وما يعلن عنه ليس حقيقة ما يحصل، وفي تقرير كتبت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن توجه نتنياهو إلى إيطاليا في هذه الظروف مسألة لافتة، لأننا أمام ثالث رحلة له إلى الخارج منذ عودته إلى رئاسة الحكومة، ففي شهر يناير (كانون الثاني) سافر بطائرة هليكوبتر للقاء الملك عبدالله الثاني في الأردن، والرحلة الثانية في فبراير (شباط) إلى باريس حيث التقى الرئيس إيمانويل ماكرون، والثالثة إلى روما، على رغم أن جدول اجتماعاته واسع للغاية، "وكل هذه الزيارات لا تخلو من محاولاته تبييض صورته في الخارج وسط التهم الموجهة ضده من قبل المعارضة والمحتجين ووصفه بالديكتاتور".
لكن نتنياهو خلال مؤتمر صحافي أعلن أن زيارته إلى إيطاليا كانت حافلة باللقاءات والمحادثات خصوصاً في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني. وأعلن مكتب نتنياهو أن رئيس الحكومة طلب اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد طهران والانضمام إلى العقوبات المفروضة عليها.
ووفق مكتب نتنياهو أيضاً فإن زيارته إلى إيطاليا لها أهمية كبرى، إذ إنها لم تقتصر على الملف النووي فحسب، بل طلب رئيس الحكومة نقل السفارة الإيطالية إلى القدس، ووجه دعوة إلى نظيرته الإيطالية جورجيا ميلوني لزيارة إسرائيل وعقد اجتماع مشترك لحكومتيهما في القدس، وسعى أيضاً إلى كسب مزيد من التعاون الاقتصادي بين إسرائيل وإيطاليا.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووفق مسؤول في مكتبه، فقد طرح رئيس الحكومة موضوع الغاز الطبيعي في محاولة لتوقيع اتفاقات لنقله إلى إيطاليا، كما دعا إلى تعزيز العلاقات مع إيطاليا في مجالات عدة تشمل المياه والأمن الإلكتروني والطاقة. وقال نتنياهو "إيطاليا تريد أن تكون مركزاً لتوريد الطاقة إلى أوروبا، وهذا ما نفكر فيه بالضبط ولدينا احتياطات من الغاز نصدرها حالياً، ونود تسريع تصدير مزيد من الغاز إلى أوروبا عبر إيطاليا". وبحسب نتنياهو فإن وزراء من إيطاليا وإسرائيل سيلتقون في تل أبيب خلال الأشهر المقبلة لإجراء محادثات ثنائية "سنتناول ربما 10 مجالات للتعاون المشترك بما يعود بالنفع على إيطاليا وإسرائيل على حد سواء".
وبحسب مسؤولين دبلوماسيين رافقوا نتنياهو في زيارته ستكون إيطاليا حذرة جداً في قراراتها، ولن تتسرع بتصوير نفسها على أنها معارضة داخل أوروبا في ما يتعلق بإسرائيل، ولذلك فإن احتمال التجاوب مع مطالب نتنياهو غير مؤكد، وفي حال سترد بالإيجاب على بعضها فلن يكون ذلك على الفور.
المطالبة بكشف التفاصيل
في إسرائيل تقدمت أكثر من جهة قانونية وناشطة في الحفاظ على النزاهة بمطلب الكشف عن تفاصيل عدة لزيارة نتنياهو إلى إيطاليا، منها ما إذا كانت هناك ضرورة لإقامته في الجناح الرئاسي في فندق "باركو دي برينسيبي" الفاخر في روما، وبأنه استأجر 60 غرفة لأعضاء الوفد وحراس الأمن.
وفي أعقاب هذه التوجهات والحديث عن أن هذه الزيارة باهظة الكلف، دعا نحو ألف كاتب وأكاديمي إسرائيلي، عشية زيارته إلى ألمانيا، السلطات المسؤولة في ألمانيا وبريطانيا إلى عدم استقبال نتنياهو وإلغاء زيارته، ووقع الكتاب والأكاديميون على عريضة نقلت إلى سفيري الدولتين في تل أبيب كتبوا فيها "إسرائيل تمر في مرحلة خطيرة من التحول من ديمقراطية مزدهرة إلى حكم استبدادي، ودفع إجراءات التشريع قدماً قد يؤدي إلى مساس خطير بحقوق المواطن، والقضاء على الحريات للكتاب والفنانين".
لغم "مجيدو"
في ألمانيا اتخذ الملف الإيراني، أيضاً، جانباً مهماً من محادثات نتنياهو مع المسؤولين الألمان، وكذلك التطورات على الساحة الإقليمية، لكن هدف هذه الزيارة بالأساس، ووفق مرافقي نتنياهو، المشاركة بمراسم ذكرى ضحايا المحرقة، وهي زيارة "كانت ضرورية ومهمة لرئيس الحكومة".
لكن إزاء ما كشف من تفاصيل حول التفجير عند مفترق "مجيدو"، واحتمال وقوف "حزب الله" خلف هذه العملية والأبحاث الأمنية المكثفة التي ما زال يجريها المسؤولون العسكريون والأمنيون والسياسيون، اضطر نتنياهو إلى اختصار زيارته والعودة ظهر أمس الخميس.
وزيارة ألمانيا هي الأخرى تعرضت لانتقادات وحملة معارضة واسعة وتم خلالها استجواب الصحافي أوري مسغاف الذي كتب تغريدة على "تويتر" جاء فيها "أدعو الديكتاتور وزوجته إلى إلغاء زيارته إلى برلين". وقال "نزلت مع زوجتي إلى التظاهرة. كان شرطيان في انتظاري وقالا إنهم أرسلوهما ليسألوني عن تغريدة برلين. قالوا لي إن الوضع حساس الآن وقد قدمت ضدي شكوى".
ما تشهده إسرائيل لن يجند الغرب ضد إيران
وفي زياراته حاول نتنياهو إظهار نفسه وحكومته كضحايا للمعارضة وأعمال الاحتجاج والتظاهرات، مدعياً أن أهداف هذه الاحتجاجات هو إسقاط الحكومة، وقد أثار حديثه هذا نقاشاً إسرائيلياً. وأوضح مسؤولون عسكريون وسياسيون أن الحملة الدولية لتجنيد الغرب إلى جانب إسرائيل ضد النووي الإيراني هي حملة ضرورية ومهمة، لكن ما تشهده تل أبيب في ظل سياسة الحكومة وأعمال الاحتجاج تحقق الهدف العكسي في أوروبا.
ويقول اللواء احتياط تمير هايمن "إيران تسعى إلى أن يعتاد العالم الغربي على أن توسيع المشروع النووي لا يصدم أحداً وأن العالم يسير كعادته، وهو أمر يتطلب تنسيق جهودنا مع الأسرة الدولية". وحذر هايمن من أخطار تقدم إيران نحو القنبلة النووية وقال "نحن ملزمون بأن ترغب دول الغرب في مساعدة إسرائيل، تعترف بأهميتها كجزيرة ديمقراطية ليبرالية في قلب منطقة شمولية وظلامية، بدلاً من هذا يبدو أننا نجتهد لأن نفعل العكس".
بالنسبة إلى المعركة بين الحروب والجبهة الشمالية. يقول هايمن "من شأن الأحداث في إسرائيل أن تؤدي بحسب نصرالله (الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله) إلى حساب مغلوط جديد. الذكريات من 2006 تتشوش، وخطاباته الأخيرة تطرح إمكانية أن يرغب في نقطة زمنية ما لأن يثبت بأنه بعد كل شيء لا تزال نظريته عن بيت العنكبوت قائمة. حذار أن نسمح له بهذا. وفي الوقت نفسه المعركة بين الحروب تتواصل أساساً في سوريا، وسيكون من الصواب لإسرائيل ألا تأخذ كأمر مسلم به مفاهيم الماضي. من الصواب إعادة فحص المعركة أمام أهدافها الأصلية، وعدم الافتراض أن انعدام رد الإيرانيين سيتواصل إلى الأبد".
واعتبر الخبير في الشؤون العسكرية سامي بيرتس وضع النووي الإيراني على رأس سلم أولويات نتنياهو أمر لا يمكن تنفيذه في ظل ما تشهده إسرائيل، وقال "من يسهم في تفكيك المجتمع خلال بضعة أسابيع لا يمكنه وضع قضية إيران على رأس سلم أولوياته، وإذا كان، وبحق لدى إسرائيل خيار عسكري لتدمير المنشآت النووية في إيران فسلوك نتنياهو يدل إلى أن هذا الخيار قد مات. خطر إيران ما زال قائماً، والآن أضيف إليه خطر لا يقل عنه وهو انقلاب النظام عندنا".