ملخص
المستثمرون #اليابانيون أكبر حاملي #السندات_الحكومية خارج #أميركا ويتملكون 10 في المئة من ديون #أستراليا و7 في المئة من ديون #البرازيل
يبدو أن الاقتصاد الياباني على موعد مع تغيير في السياسة النقدية للبلاد، فبعد أن غير محافظ بنك اليابان هاروهيكو كورودا التي ستنتهي ولايته في أبريل (نيسان) المقبل، مسار الأسواق العالمية عندما أطلق العنان لتدفق 3.4 تريليون دولار من الأموال اليابانية في عالم الاستثمار، فقد يفكك كازو أويدا محافظ بنك اليابان الجديد خطط سلفه تمهيداً لعكس الاتجاه، مما قد يرسل موجات صادمة إلى الاقتصاد العالمي وفقاً لـ"بلومبيرغ".
ويستعد المستثمرون إلى تغير دفة التعاملات في ظل سياسة نقدية متشددة جديدة للبنك المركزي الياباني خلال أيام قليلة، بعد أن كانت التعاملات تتم في ظل أسعار فائدة منخفضة للغاية، مما يسبب أخطاراً كبيرة، إذ إن المستثمرين اليابانيين أكبر الحائزين الأجانب لسندات الخزانة الأميركية، كما يمتلكون كل شيء من الديون البرازيلية إلى محطات الطاقة الأوروبية إلى مجمعات القروض الحكومية المحفوفة بالأخطار.
ارتفاع كلفة الإقراض
في المقابل تهدد السياسة النقدية المتشددة برفع كلفة الاقتراض في اليابان مع تفاقم التقلبات في أسواق السندات العالمية المهتزة نتيجة حملة الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) لمجابهة التضخم التي استمرت لسنوات، بناءً على تلك الفرضيات قد يرجح التشديد النقدي للبنك الياباني، في أعقاب الاضطرابات المصرفية الأخيرة بالولايات المتحدة وأوروبا إلى تكثيف الرقابة على مقرضي بلادهم.
من جانبه قال رئيس معهد "بلاك روك للاستثمار" في اليابان جان بويفين إن "تغيير السياسة النقدية في طوكيو يمثل قوة إضافية لا تحظى بالتقدير"، مشيراً إلى أن "اقتصادات مجموعة الدول الثلاث (اتفاقية تجارة حرة بين كولومبيا والمكسيك وفنزويلا، تمثل سوقاً تضم 149 مليون مستهلك بإجمالي ناتج محلي يبلغ نحو 486.5 مليار دولار)، ستعمل بطريقة أو بأخرى على خفض ميزانياتها العمومية وتشديد سياساتها"، مضيفاً أنه "عندما تتحكم في السعر وتخفف السياسة النقدية قد يكون الأمر صعباً وفوضوياً"، معتقداً أن ما سيحدث بعد ذلك يمثل مشكلة كبيرة.
في غضون ذلك قالت "بلومبيرغ" إن "انعكاس التدفق هو بالفعل قيد التنفيذ، إذ باع المستثمرون اليابانيون مبلغاً قياسياً من الديون الخارجية العام الماضي مع ارتفاع العائدات المحلية وسط تكهنات بأن بنك اليابان سيعيد السياسة إلى طبيعتها".
شبح تهاوي البنوك الأميركية
في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، صب محافظ بنك اليابان الوقود على النار عندما خفف قبضة البنك المركزي على العائدات بجزء بسيط، وبعدها بساعات قليلة انهارت سندات الحكومة اليابانية وارتفع الين، ومعه اختل كل شيء، بداية من سندات الخزانة إلى الدولار الأسترالي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهته قال مدير المحفظة "مان غي أل غي"، التابعة لـ"مان غروب" أكبر صندوق تحوط للتداول العام في العالم جيفري أثيرتون "رأيت بالفعل إعادة هذه الأموال إلى اليابان"، مضيفاً "سيكون من المنطقي بالنسبة إليهم إعادة الأموال إلى الوطن وعدم تحمل أخطار سعر الصرف".
وتلاشت قبل أيام قليلة الرهانات على تغيير سياسة بنك اليابان المركزي، بعد أن أدت الاضطرابات في القطاع المصرفي إلى زيادة احتمالية أن يعطي صانعو السياسة الأولوية للاستقرار المالي، كما دقق المستثمرون في الميزانيات العمومية للمقرضين اليابانيين وسط مخاوف من أنها قد تعكس بعض الضغوط التي سحقت عديداً من البنوك الإقليمية الأميركية.
الاقتصاد الياباني المتعثر
وتشير التوقعات إلى تسريع أويدا كأول أكاديمي على الإطلاق يقود بنك اليابان وتيرة تشديد السياسة النقدية في وقت لاحق من هذا العام، وقد يشمل جزء من ذلك مزيداً من التخفيف من سيطرة البنك المركزي على العوائد، وتفكيك برنامج شراء السندات الضخم الذي يهدف إلى خفض كلفة الاقتراض وتعزيز الاقتصاد الياباني المتعثر.
وكان البنك المركزي الياباني قد اشترى نحو 465 تريليون ين (3.5 تريليون دولار) من السندات الحكومية اليابانية منذ أن أدخل كورودا التيسير الكمي قبل عقد من الزمن، مما أدى إلى انخفاض العائدات وأظهر تشوهات غير مسبوقة في سوق السندات الحكومية، مما دفع الصناديق المحلية إلى بيع نحو 206 تريليونات ين (1.5 تريليون دولار) من الأوراق المالية خلال تلك الفترة بحثاً عن عوائد أفضل في أماكن أخرى.
هذا التحول جعل المستثمرين اليابانيين أكبر حاملي السندات الحكومية خارج الولايات المتحدة، فضلاً عن أنهم يملكون نحو عشرة في المئة من ديون أستراليا والسندات الهولندية، كما أنهم يمتلكون ثمانية في المئة من الأوراق المالية النيوزيلندية وسبعة في المئة من ديون البرازيل، وفقاً لحسابات "بلومبيرغ".
واستثمر اليابانيون نحو 54.1 تريليون ين (408.7 مليار دولار) في الأسهم العالمية منذ أبريل (نيسان) 2013، إذ تمثل ممتلكاتهم ما بين واحد في المئة واثنين في المئة من أسواق الأسهم في الولايات المتحدة وهولندا وسنغافورة والمملكة المتحدة.
هبوط الين
إلى ذلك تسببت أسعار الفائدة المنخفضة في اليابان بهبوط الين إلى أدنى مستوى له خلال 32 عاماً في 2022، بعد أن أصبح الخيار الأفضل للباحثين عن الربح لتمويل مشتريات العملات التي تشمل الريال البرازيلي والروبية الإندونيسية بالدولار الأميركي.
في غضون ذلك قال وزير سابق في حكومة المملكة المتحدة وكبير الاقتصاديين في شركة "غولدمان ساكس غروب إنك"، جيم أونيل عن سياسات كورودا، إنه "من شبه المؤكد أنها أسهمت في انخفاض كبير في الين وتسببت في خلل وظيفي هائل في سوق السندات اليابانية"، مضيفاً أن "كثيراً مما حدث في عهد كورودا سينعكس جزئياً أو كلياً".
بالنظر إلى خسائر السندات العالمية التاريخية في العام الماضي، أصبح لدى المستثمرين اليابانيين سبب إضافي للاندفاع إلى أوطانهم، وفقاً لما قاله المخضرم في السوق منذ 36 عاماً لأكيرا تاكي، مضيفاً "لقد مر مستثمرو السندات اليابانيون بتجارب سيئة خارج البلاد خلال العام الماضي، إذ إن القفزة الكبيرة في العوائد أجبرتهم على تقليص خسائرهم"، موضحاً "لذلك الأمر لا يرغب كثيرون منهم حتى في رؤية سندات أجنبية"، قائلاً "إنهم يعتقدون الآن أنه لا يجب استثمار جميع الأموال في الخارج، ولكن يمكن استثمارها محلياً".
من جانبه، قال الرئيس الجديد لشركة "داي-آيتشي لايف هولدينغ إنك" توشيياكي سومينو إنه "كان يحول مزيداً من الأموال من الأوراق المالية الأجنبية إلى السندات المحلية بعد الزيادات الشديدة في أسعار الفائدة الأميركية التي جعلت التحوط من أخطار العملة مكلفاً"، مضيفاً أن "قلة هم على استعداد لوضع ثقتهم في أويدا الذي يهز القارب بمجرد توليه منصبه، إذ أظهر استطلاع حديث أجرته بلومبيرغ أن 41 في المئة من مراقبي بنك اليابان يتوقعون تحركاً مشدداً في يونيو (حزيران) المقبل، ارتفاعاً من 26 في المئة في فبراير (شباط) الماضي، بينما قال نائب وزير المالية الياباني السابق إيسوكي ساكاكيبارا إن بنك اليابان قد يرفع أسعار الفائدة بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل".
كما أظهر ملخص للرأي من اجتماع بنك اليابان يومي 9 و10 مارس (آذار) الماضي أن البنك المركزي لا يزال حذراً في شأن إجراء تحول في السياسة قبل الوصول إلى هدف التضخم، وكان هذا حتى بعد تسارع التضخم في اليابان إلى أكثر من أربعة في المئة ووصوله إلى أعلى مستوى له خلال أربعة عقود، ومن المقرر عقد أول اجتماع للبنك المركزي ليكون الأول بقيادة أويدا في 27-28 أبريل المقبل.
في المقابل يمكن القول إن ريتشارد كلاريدا، الذي شغل منصب نائب رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي من 2018 إلى 2022، يتمتع برؤية أكثر من غيره، بعد أن عرف كورودا لسنوات وزن تأثير اليابان على السياسة النقدية الأميركية والعالمية.
وقال كلاريدا، المستشار الاقتصادي العالمي الآن في شركة "باسيفيك إنفستمنت مانغمنت"، إن "الأسواق تتوقع إلغاء التحكم في منحنى العائد بشكل تدرجي في وقت مبكر إلى حد ما في عهد أويدا"، مضيفاً أن "تشديد السياسة النقدية في اليابان سيكون لحظة تاريخية للأسواق، على رغم أنها قد لا تكون محركاً للسندات العالمية".
التحول التدرجي
في تلك الأثناء تعد توقعات بعض مراقبي السوق الآخرين أكثر تواضعاً لما سيحدث إذا تراجع بنك اليابان عن خطته التحفيزية، إذ ترى محللة السوق في "سوميتومو ميتوسي ترست بانك ليميتد"، أياكو سيرا، أن "فرق أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة واليابان مستمر إلى حد ما، إذ من غير المرجح أن يجري بنك الاحتياطي الفيدرالي تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة، إذا ظل التضخم مرتفعاً ومن غير المرجح أن يقوم بنك اليابان المركزي بعمل سعر فائدة كبير".
وقالت سيرا إنه "من المهم تقييم جميع التعديلات والتوقعات الخاصة بحزمة السياسة النقدية لبنك اليابان بالكامل عند النظر في تأثيرها في تدفقات الأموال عبر الحدود".
في حين يرى نائب المدير العام لمجموعة ترويج المنتجات في شركة "ميتسوبيشي يو أف جي كوكساي لإدارة الأصول" في طوكيو، ريوسوك أوشيما، أن "مستويات العائد محفز محتمل لتحول التدفقات"، مضيفاً أنه "قد تكون هناك بعض الشهية لصناديق السندات عندما ترتفع أسعار الفائدة، مثل واحد في المئة لعائد 10 سنوات"، مستدركاً "لكن إذا نظرت إلى البيانات فمن غير المرجح أن يعكسوا فجأة جميع استثماراتهم في الداخل".
أما بالنسبة إلى الآخرين مثل راغيف دي ميلو المخضرم في السوق، فربما تكون مسألة وقت فقط قبل أن يتصرف أويدا وقد يكون للعواقب تداعيات عالمية، إذ قال دي ميلو، مدير الأصول في "غاما لإدارة الأصول في جنيف" إنني "أتفق تماماً مع الإجماع على أن بنك اليابان قد يشدد سياسته النقدية، كما سيرغب في إنهاء هذه السياسة في أقرب وقت ممكن"، مضيفاً أن "الأمر يعتمد على صدقية البنك المركزي، فمن المهم أن يتم الوفاء بظروف التضخم بشكل متزايد الآن".