غرق الاقتصاد الياباني بشكل أعمق في أسوأ انكماش له بعد الحرب، في الربع الثاني، مما يبرز المهمة الشاقة التي يواجهها رئيس الوزراء الجديد لتجنب ركود أكثر حدة، حيث انكمش الاقتصاد الياباني بمعدل قياسي، وهو معدل أسوأ في الربع الثاني من أبريل (نيسان) إلى يونيو (حزيران)، مما كان متوقعاً في البداية.
قال مكتب مجلس الوزراء الياباني، إن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الياباني المعدل موسمياً انكمش بمعدل سنوي قدره 28.1 في المئة، بحسب ما أوردته شبكة "فوكس نيوز" الأميركية.
وأدت جائحة كورونا التي أجبرت الناس على البقاء في منازلهم لإغلاق المطاعم والمتاجر، كما أغلقت قطاعي السفر والسياحة بجميع اقتصادات العالم والعديد من الشركات، لكنها ضربت اقتصاد اليابان المعتمد على التصدير بقوة كبيرة.
وستكون استعادة النمو أولوية، حيث تستعد البلاد لاختيار زعيم جديد ليحل محل رئيس الوزراء شينزو آبي، الذي أعلن أنه سيتنحى لأسباب صحية، لكنه سيستمر في قيادة البلاد حتى يتم انتخاب خلف له. ومن المتوقع إجراء تصويت بين أعضاء الحزب الحاكم الأسبوع المقبل.
أظهرت بيانات أخرى صدرت يوم الثلاثاء أن الأرباح النقدية تتحسن إلى حد ما، ومن المتوقع أن ينتعش الإنفاق الاستهلاكي وأنشطة الأعمال الأخرى بعد الانخفاضات الحادة، حيث سعت الدولة للسيطرة على جائحة فيروس كورونا.
ومع ذلك، تظهر البيانات أن النمو يكافح من أجل زيادة السرعة، مما يشير إلى انتعاش تدريجي للغاية وطويل الأمد بعد الارتداد الأولي. وقالت أكسفورد إيكونوميكس في تعليق إن التوقعات على المدى القريب لا تزال صعبة.
وعلى أساس ربع سنوي تقلص الاقتصاد بنسبة 7.9 في المئة، وفقاً للأرقام المعدلة، انخفاضاً من 7.8 في المئة في البيانات الأولية. ويظهر المعدل السنوي ما كان يمكن أن يكون عليه الرقم إذا استمر لمدة عام.
الانخفاض هو الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية
قال مكتب مجلس الوزراء الياباني، إن الحكومة بدأت في الاحتفاظ بسجلات مماثلة في عام 1980. وكان أسوأ انكماش سابق، وهو انخفاض بنسبة 17.8 في المئة، في الربع الأول من عام 2009 أثناء الأزمة المالية العالمية، ولكن حسب الروايات يعتبر الانخفاض الأخير هو الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
وكانت اليابان قد انزلقت بالفعل إلى الركود في الربع الأول من هذا العام، حيث تقلصت بنسبة 2.3 في المئة سنوياً. وانكمشت بنسبة 7.0 في الربع الأخير من العام الماضي. يعرف الركود عموماً بأنه رُبعان مُتتاليان من الانكماش. وكان النمو ثابتاً في يوليو (تموز)، وسبتمبر (أيلول) من العام الماضي.
وانكمش الطلب المحلي بشكل أسوأ في الربع الثاني من هذا العام، حيث انخفض الاستثمار الخاص. كما كان أداء الطلب العام، المدفوع بالإنفاق الحكومي، أسوأ مما كان يعتقد سابقاً.
تراجع مبيعات السيارات اليابانية 12.2 في المئة
كانت المبيعات العالمية لشركات صناعة السيارات اليابانية قد تراجعت بنسبة 12.2 في المئة في يوليو مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، وهو الشهر الخامس على التوالي من الخسائر، مع استمرار تباطؤ الطلب على السيارات بعد إعادة فتح المصانع والوكلاء بعد عمليات الإغلاق المرتبطة بفيروس كورونا في وقت سابق من هذا العام.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وباعت شركات صناعة السيارات السبع الكبرى في البلاد، بما في ذلك "تويوتا موتور كورب"، و"نيسان موتور كورب"، 2.01 مليون سيارة الشهر الماضي، وفقاً لحسابات "رويترز" بناءً على بيانات المبيعات الصادرة عن الشركتين. وتباطأ الانخفاض في المبيعات الشهرية بشكل ملحوظ منذ انخفاض بنسبة 50 في المئة في أبريل، ومقارنة بانخفاض 21.3 في المئة في يونيو. بالمقارنة زادت المبيعات في الصين على مدار العام لمعظم شركات صناعة السيارات، بينما شهدت "تويوتا"، أكبر شركة لصناعة السيارات في البلاد، نمواً أيضاً في أوروبا.
من سيخلفون آبي سيتمسكون بسياسات "أبينوميكس"
ركز شينزو آبي في إدارته اقتصاد البلاد على سياسات "أبينوميكس" الخاصة به، والتي تتمحور حول الحفاظ على الاقتصاد، وتمر عبر عمليات إقراض فائقة السهولة وإلغاء الضوابط التنظيمية. واعتمد النهج في الغالب على التيسير النقدي من قبل البنك المركزي وساعد في إنهاء سنوات من الانكماش، لكنه لم يحقق معدلات النمو المستديم التي استهدفها آبي.
وبرنامج "أبينوميكس" هو مجموعة السياسات التي توصل إليها آبي عندما تولى السلطة في عام 2012. وكانت خطته هي إطلاق الاقتصاد الياباني للخروج من عقدين من النمو الراكد باستخدام "الأسهم" الثلاثة لـ"أبينوميكس"، والمتثملة في:
السياسة النقدية: تم وضع السياسة النقدية شديدة السهولة في اليابان على شكل أسعار فائدة سلبية قصيرة الأجل لجعل اقتراض الأموال والإنفاق أرخص للمستهلكين والشركات.
التحفيز المالي: ضخ الأموال في الاقتصاد، مما يعني أن الحكومة تنفق المزيد من الأموال على أشياء مثل البنية التحتية، أو تقديم حوافز مالية للشركات مثل الإعفاءات الضريبية.
الإصلاحات الهيكلية: إصلاح الشركات، وإضافة المزيد من النساء إلى القوى العاملة، وتحرير العمالة، والسماح لمزيد من المهاجرين بالانضمام إلى القوى العاملة للمساعدة في تخفيف ضغوط العمل وزيادة النمو الاقتصادي.
لكن التعهدات التي قطعها آبي في عام 2012 لم تتحقق. ويمكن أن ينسب الفضل إلى آبي في دفع "سهمي أبينوميكس" الأولين بقوة، لكن السهم الثالث للإصلاح الهيكلي - والذي يمكن القول إنه الأكثر أهمية - كان مفقوداً إلى حد بعيد، ولا يعمل برنامج "أبينوميكس"، بشكل جيد دون أن تعمل الأسهم الثلاثة معاً.
وعلى الرغم من ذلك يتوقع من جميع المرشحين الذين سيخلفونه الحفاظ على معظم هذه السياسات في مكانها.