ملخص
كيف ينظر المراقبون #العسكريون #والسياسيون إلى #المشهد_السوداني في ظل هذه التطورات؟
ما زال الخلاف بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان كبيراً بسبب عملية الدمج وهياكل القيادة العسكرية، وذلك منذ انطلاق ورشة الإصلاح الأمني والعسكري، نهاية مارس (آذار)، مما أدى إلى تأجيل التوقيع على الاتفاق السياسي النهائي من الأول من أبريل (نيسان) إلى السادس منه.
هذا الوضع المتوتر جعل كثيرين من السودانيين يخشون أن تؤدي هذه الخلافات إلى مواجهة وحرب أهلية داخل المدن، في وقت حذر المتحدث باسم العملية السياسية خالد عمر يوسف من محاولات تهدف إلى عرقلة وتخريب العملية السياسية والوصول بالبلاد إلى حرب أهلية، لكن كيف ينظر المراقبون العسكريون والسياسيون إلى المشهد السوداني في ظل هذه التطورات؟
أحداث سابقة
وقال الباحث في الشؤون العسكرية اللواء معتصم عبدالقادر "ما يحدث في المشهد السوداني هو في الأساس خلاف سياسي لكنه أخذ طابعاً عسكرياً، ومعلوم أن أي خلاف لا بد من أن يمر بمرحلة تفاوض لينتهي بحل، ولا أعتقد أن تحدث مواجهة مسلحة لحسم هذا الصراع القائم بين القوات المسلحة والدعم السريع، لأنه إذا نظرنا إلى الأحداث المماثلة التي تعرض لها السودان بعد الاستقلال في 1956، مثل الغزو الذي شنه معارضون سودانيون على الخرطوم، في يوليو (تموز) 1976، بمساعدة من نظام الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، وتم وصفه بالمرتزقة على أساس أنه تدخل خارجي، ثم الهجوم الذي قامت به حركة العدل والمساواة بقيادة خليل إبراهيم على العاصمة نفسها، في مايو (أيار) 2008، بدعم من النظام التشادي، نجد أن الجيش السوداني تمكن باحترافية تامة من حسم هذين الهجومين، ما يؤكد قدرته على السيطرة على أي تفلت مهما كانت القوة".
أضاف عبدالقادر "الخلاف بين القوات المسلحة والدعم السريع تم تضخيمه، وواضح أن هناك مآرب من قبل أحزاب سياسية بعينها تريد السيطرة على الموقف من خلال تأجيج الصراع، فالجيش السوداني يسيطر على مواقع انتشار القوات جميعاً وأسلحتها سواء قوات الدعم السريع أو غيرها، ومن المؤكد إذا حدثت أي تحركات فمن السهولة السيطرة عليها، لكن لا بد من إيجاد جيش قومي واحد، فضلاً عن إشراك القوى المدنية الأخرى في الاتفاق السياسي المرتقب حتى تشهد البلاد استقراراً حقيقياً ومستداماً".
وتابع الباحث في الشؤون العسكرية "في تقديري أن هناك مشواراً طويلاً أمام الاتفاق السياسي ليصل إلى غايته بالنظر إلى الخلافات بين المدنيين أنفسهم، لكن ما يخص خلافات الجانب العسكري فهي تتعلق بالفترة الزمنية للدمج وتشكيل هيئة القيادة، وهي قضايا من الممكن الوصول إلى تفاهم وحل في شأنها".
ضغوط ومناورات
في السياق، قال عضو تجمع قدامى المحاربين السودانيين اللواء معاش معتصم العجب "في الحقيقة، ما زال الموقف في البلاد قاتماً على الصعد كلها، لكن معلوم أن الثورة السودانية تم الالتفاف عليها من قبل اللجنة الأمنية لنظام الرئيس السابق عمر البشير للمحافظة على مكتسباته، وبالتالي العمل على إجهاض الثورة، وهذا ما ظل يمارسه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان مع بقية القيادات العسكرية، وأصبح الجيش يمثل الوكر لنظام الإخوان والإمبراطورية الاقتصادية التي ترعى مصالحه".
أضاف العجب "مؤكد أن الخلاف القائم بين القوات المسلحة والدعم السريع كبير، وبلغ درجة من الحدة والتباعد في المواقف، لأنه مس مصالح قادة الجيش، وذلك بإصرار قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) على المطالبة بتنظيف الجيش من الإخوان، وأن تؤول ولاية الشركات الاقتصادية التابعة للمنظومة العسكرية إلى وزارة المالية، لكن مسألة الدمج من الناحية الفنية ليست مشكلة كبيرة ولا يوجد خلاف حولها لأن الجيش السوداني له خبرة ودراية بكل ما يتعلق بهذه العملية وظل، لسنوات طويلة، يقوم بتدريب آلاف الضباط والجنود".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولفت عضو تجمع قدامى المحاربين السودانيين إلى أنه لا يرى أن تطورات الخلاف قد تؤدي إلى مواجهة بين الطرفين، "فهي مجرد ضغوط ومناورات لأن كلا الجانبين يدرك تماماً أن كلفة المواجهة لن تحسم الخلاف بل ستؤدي إلى كارثة، لكن، عموماً، لا بد من أن يعلم الجميع أن الهدف الرئيس من إثارة هذه المشكلات هو تعطيل المسار الديمقراطي بخاصة من جانب قائد الجيش، فهو درج على وضع العراقيل كلما كان هناك تقدم باتجاه استقرار الفترة الانتقالية، وما انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) إلا واحد من سيناريوهات إعاقة الانتقال".
لغة سلاح
من جانبه، قال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي كمال عمر "في تقديري، لغة كلا الطرفين سواء الجيش أو الدعم السريع هي لغة سلاح، وهذا يدل إلى أنه ليس لديهما إلمام عميق بالسياسة، بالتالي، يمكن أن يمضي هذا الصراع إلى حرب شعواء داخل المدن، ولا أريد أن أقول إنه احتمال راجح، لكن، في ظل العملية السياسية القائمة حالياً وما تشهده من حراك واتصالات بين مختلف الأطراف، مدنية وعسكرية، احتمال اندلاع مواجهة بين هذين الطرفين ضعيف للغاية لأنه من الناحية العملية حصل توافق كبير بين الجانبين حول كثير من القضايا، إضافة إلى أن هناك حراسة دولية لما يجري من عملية سياسية في البلاد، فضلاً عن وجود البعثة الأممية في الخرطوم".
وتابع عمر "السودان ليس بلداً فوضوياً، وهذا يفرض على القوات المسلحة والدعم السريع مراعاة حرمة الدم السوداني وثورته التي أسقطت أعتى نظام ديكتاتوري على مر التاريخ، فإما أن تكونا جزءاً من الانتقال والعمل على تسليم السلطة والعودة إلى ثكناتهما، وإلا ستكون هناك فوضى، وبالتأكيد لن تكون في صالحهما، لكن أستطيع أن أجزم، من خلال تواصلي مع هذين الطرفين، بأن هذه العملية ستذهب باتجاه توافق سياسي يقود إلى سلطة مدنية كاملة وتكوين جيش واحد".