Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"آمال عظيمة": مسلسل فاتر رغم كل الإثارة في هذا العرض الجديد لديكنز

الرغبة في جنسنة الحقبة الفيكتورية أمر متوقع ومتكاسل ودليل على افتقار غريب للمخيلة الإبداعية

تومي شلبي في أحد المشاهد (موقع المسلسل)

ملخص

#المسلسل الجديد "توقعات عظيمة" مأخوذ من رواية الكاتب البريطاني #تشارلز_ديكنز لكن هذه المرة بإنتاج مميز لل #بي_بي_سي وابتكارات جديدة مستخدمة فيه

منذ اختراع تحريك الصور - الأمر الذي حدث بعد عقود قليلة فقط من وفاة تشارلز ديكنز - وجد ما لا يقل عن 18 معالجة مهمة لقصته "توقعات عظيمة" Great Expectations. ها نحن نرى نسخة تلو الأخرى من البطل اليتيم فيليب "بيب" والآنسة هافيشام التي يعمل في منزلها والسجين الهارب آبل ماغويتش الذي يتصدق على البطل ويساعده الأخير في الهرب مرة ثانية. ممثلون كثر، من أليك غينيس إلى جوان هيكسون وروبرت دي نيرو ورالف فينيس، كانوا متورطين في المنظومة الاقتصادية التي خلقها ديكنز. الآن ومن دون سبب مفهوم، يحصل مشاهدو قناة "بي بي سي ون" على معالجة جديدة للرواية، يصوغها هذه المرة ستيفن نايت الذي ترأس فريق الكتاب في مسلسل "بيكي بلايندرز" Peaky Blinders.

يروي المسلسل مغامرات بيب (يؤديه توم سويت لما كان فتى وفيون وايتهيد في مرحلة الشباب)، شاب يتيم ألمعي ("كزهرة أوركيد تنمو في قذارة إسطبل") الذي يدخله القدر في محيط الآنسة هافيشام (أوليفيا كولمان) وحارستها إستيلا (جسدتها كلوي ليا لما كانت طفلة وشالوم برون فرانكلين في صباها). انطلاقاً من هذه المعطيات، ومن خلال لقاء مع مدان غامض، سيغرم بيب ويكتسب ثروته ويقاتل عدداً لا يحصى من الأشرار. إنها النموذج الكلاسيكي المحتذى لروايات تشكل الأبطال: قصة نضج شخص استثنائي. إنها أيضاً القصة المميزة لإرث ديكنز الأدبي وأكثر عمل تم نقله إلى الشاشة باستثناء روايته الصغيرة "ترنيمة الميلاد" A Christmas Carol (التي حولها نايت بالفعل إلى مسلسل تلفزيوني).

يوضح هذا ندرة الأدوار النسائية ما بعد سن الـ40، حيث باتت شخصية الآنسة هافيشام دوراً مطلوباً بين الممثلات اللاتي تجاوزن مرحلة الشباب، شيئاً يشبه شخصية الملك لير بالنسبة إلى الممثلين الرجال في سن معينة. صار تجسيد دور هذه العانس المنكوبة أشبه بطقس عبور للممثلات الرائعات أمثال جيليان أندرسون، هيلينا بونهام كارتر وشارلوت رامبلينغ. كانت مسألة وقت فقط قبل أن تجرب أوليفيا كولمان حظها (التي قدمت أداء رائعاً في السابق في شخصيات نساء مأساويات غير محبوبات مثل الملكة آن في فيلم "المفضلة" The Favourite و البروفسورة ليدا في فيلم "الابنة الضائعة" The Lost Daughter). تهمس إستيلا في أذن بيب "مرحباً بك في الشتاء الأبدي" وهما يدخلان مخدع الآنسة هافيشام حيث تتوارى الأم الحاكمة المهجورة التي تجسدها كولمان في المكان شبه المظلم. المشكلة هي أننا رأينا كل هذا من قبل: الياقات القوطية، وفستان الزفاف، والبشرة شديدة الشحوب، وساعات الحائط المتوقفة، كلها مألوفة للغاية لدرجة أن محاولة إضفاء لمسة جديدة على الأسطورة تشبه محاولة إعادة اختراع شخصية سانتا كلوز.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن في نواح أخرى، نجح نايت أكثر في محاولاته فصل نفسه عن مصدر المادة الدرامية. ستكتب مقالات مطولة لا داعي لها عن عملية اختيار الممثلين من دون أخذ خلفياتهم العرقية في الحسبان (وهي أداة تكون دائماً فعالة أكثر في الأعمال مثل هذه التي تمتلك وعياً اجتماعياً متعمقاً) والتعليق المقحم عن الإمبراطورية البريطانية.  لكن وبالقدر نفسه، هناك ابتكارات على هيئة كلمات بذيئة وإدمان المخدرات ولمسة خفيفة من السادية المازوخية. من المنطقي تماماً أن أكثر ما سيتذكره المشاهدون عن هذه النسخة من "توقعات عظيمة" هو كونها المعالجة التي تتعرض فيها مؤخرة مات بيري العارية للجلد بالسوط الذي تضرب به الأحصنة.

في النهاية، كل شيء متوقع للغاية. قد تكون حكاية "توقعات عظيمة" مألوفة للمشاهدين، لكن الرغبة في جنسنة الحقبة الفيكتورية متوقعة أيضاً. من "بريدجرتون" Bridgerton إلى "الأشرعة السوداء" Black Sails و"بيكي بلايندرز" و"تابو" Taboo اللذين شارك نايت شخصياً في كتابتهما، كلها مسلسلات أجبرت المشاهدين على تقبل فكرة أن الدراما التي تتناول فترة تاريخية محددة لا تقتصر على القمصان المنفوخة والياقات المنشاة. تقول إستيلا لـ بيب في عيد ميلاده: "سنؤجل الأخلاق لصباح الأحد" وهي تدخله إلى غرفة نوم بائعة هوى، بينما تضيف الآنسة هافيشام باقتضاب: "والعذارى لعيد الميلاد". كانت هذه التفاصيل ستبدو أكثر ثورية ومرحاً لو أنها لم تأت في سياق التوجه الساخر الذي تتخذه الدراما التاريخية في يومنا هذا. 

مع ذلك، هناك أشياء كثيرة يمكن الاستمتاع بها في هذه النسخة من "توقعات عظيمة". إنها في جوهرها قصة مسلية رائعة (يعود الفضل بأكمله في ذلك إلى السيد ديكنز)، تم تركيبها بشكل جميل على تصميم الإنتاج الذي وضعته سونيا كلاوس، وتصويرها بطريقة رائعة بفضل مدير التصوير دان أثيرتون. لم تبد أهوار مصب نهر الـ تيمز بهذا الجمال منذ، حسناً، مسلسل "ثعبان إسيكس" The Essex Serpent. كما هو الحال مع جميع المعالجات الأفضل لقصص ديكنز، فإن انتقاء فريق الممثلين الدامين كان ممتازاً، حيث شمل مواهب تتراوح من فنانين كوميديين مثل مات بيري وتيم كي، إلى الوجوه الراسخة في التلفزيون البريطاني مثل هيلي سكوايرز وجوني هاريس.

لكن الحقيقة هي أنه لم تكن هناك حاجة إلى هذه المعالجة الكسولة للرواية العظيمة. بالكاد مر عقد من الزمن منذ عرضت "بي بي سي" آخر صياغة فخمة للقصة، وعلى هذا النحو، من الصعب أن يشعر المشاهد بالحماس تجاه هذه المحاولة الجديدة على رغم إقحام الجنس والعنف ونظرية ما بعد الاستعمار. في ظل كل هذا الافتقار إلى الخيال الإبداعي أو الاهتمام بالأفكار الجديدة، يبدو أن ساعات الآنسة هافيشام المتوقفة ليست الشيء الوحيد الذي تعطل فيه الزمن.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة